لماذا اتسعت الهوة بين الولايات المتحدة والخليج بشأن إيران؟

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, يونيو 03, 2015, 10:56:46 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

لماذا اتسعت الهوة بين الولايات المتحدة والخليج بشأن إيران؟


دوافع اهتمام الشركات الكبرى بتأثيرات الجغرافيا السياسية
سعى الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" إلى طمأنة دول الخليج العربي إلى أن أي اتفاقية نووية تُبرَم مع إيران لن تُعرّض أمنها ولا علاقاتها مع الولايات المتحدة للخطر، لكن خلال المحادثات التي جرت مؤخرًا مع الدول الست أعضاء مجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد لم يُقدم "أوباما" لهذه الدول ما كانت تريده بشدة، وهو معاهدة للدفاع المشترك، على حد قول "ولي نصر"، عميد كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية، في حوارٍ مع "مجلس العلاقات الخارجية" الأمريكي أجراه معه زكاري لاوب، كاتب ومحرر بالموقع الإلكتروني لمجلس العلاقات الخارجية.


وعلى الرغم من أن الدول العربية تخشى أن تكون الولايات المتحدة بدأت تُقلل انخراطها في المنطقة، وتميل نحو إيران؛ يقول نصر: إن التوصل بشكل مباشر إلى صفقة كبرى أو تطبيع بين طهران وواشنطن ليس من المرجح أن يحدث قريبًا. وفيما يخصُّ تهديدات السعودية بمضاهاة القدرات النووية الإيرانية، يقول نصر: "في الوقت الحالي هذا مجرد تهديد".

تاليًا نص الحوار:


هل نجح الرئيس "أوباما" في قمة كامب ديفيد في إقناع دول الخليج العربي بقبول المفاوضات النووية مع إيران؟

كان هدف الإدارة الأمريكية هو التأكيد على أنها أعطت تطمينات كافية لحلفائها، لكن من الواضح أن هذا لم يحدث. كان الحلفاء يريدون شيئًا أكثر من مجرد لقاء روتيني. كانوا يريدون بعض التطمينات الملموسة من الإدارة. وكان واضحًا لهؤلاء الحلفاء، حتى قبل مجيئهم إلى كامب ديفيد، أن هذا لن يحدث.

القضيةُ الأوسع ليست مجرد الاتفاقية النووية مع إيران؛ بل هي واقع أن هناك إدارة قطعت التزامًا بالرحيل عن المنطقة. العرب يبحثون عن مواثيق أمنية من شأنها أن تُعيد تأكيد التزام الولايات المتحدة تجاه المنطقة، ومن الواضح أنهم لن يحصلوا على ذلك. وهو ما سيجعل مستقبل العلاقة مع الولايات المتحدة موضع شك في أعينهم.

ما تفسيرك لموقف أوباما المتمثل في أن الولايات المتحدة ستوفر للدول العربية الخليجية الأمن الخارجي (ضمان أمني لا يرقى إلى مستوى وضعية حليف أساسي من خارج الناتو) وإن كانت أكبر التهديدات التي تُواجه الأنظمة الحاكمة هي تهديدات محلية؟

يوجد اختلاف في الرأي هنا. فالولايات المتحدة مستعدة للتصدي للتهديدات التي تتعرض لها حدود الدول العربية، مثل الاجتياح البري أو الجوي. ومعظم الدول العربية لا تتوقع اجتياحًا بريًّا أو بحريًّا من جانب إيران. الزعماء العرب يرون أن [أكبر] تهديد هو تدخل إيران في شئونهم الداخلية عندما ترى فرصًا سانحة، سواء أكانت هذه الفرص نزاعات على السلطة، كما في البحرين أو اليمن، أو شقاقًا آخر بين الشباب والقوى التقليدية، أو بين الفقراء والأغنياء.

وترى إدارةُ أوباما قضايا الشئون الداخلية كمواطن ضعف لا بد للعرب من أن يعالجوها بأنفسهم. وهي في حقيقة الأمر تقول لهم إنها غير مستعدة لحمايتهم، وهو ما يعتبرونه أكبر تهديد يواجههم.

وحتى فيما يخص التعهد بالدفاع عن العرب خارجيًّا، فقد كان العرب يريدون تكريسه في معاهدة، في حين أن ما وافقت الولايات المتحدة على إعطائهم إيّاه هو المزيد من الأسلحة ليتولوا أمرهم بأنفسهم. أي أنه لا توجد المادة 5 [مبدأ الدفاع الجماعي] من ميثاق الناتو هنا.

يريد العرب ضمانةً للعلاقة الخاصة التي تجمعهم بالولايات المتحدة، يريدون شيئًا من الولايات المتحدة يقول في مضمونه: "نحن نرى الشرق الأوسط كمنطقة استراتيجية مهمة بالنسبة للولايات المتحدة، ونحن نرى علاقتنا معكم باعتبارها ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لنا". إبرام ميثاق أمني هو الشيء الوحيد، في أعين العرب، الذي سيُظهر فعلا التزامًا من قبل الولايات المتحدة على هاتَيْن الجبهتَيْن.

على ما يبدو أن الخوف الكامن بين هذه الدول هو احتمال أن لن تكون الاتفاقية النووية معاملة واحدة وتمضي، بل أن تضع الأساس لصفقة كبرى بين واشنطن وطهران. فما مدى معقولية التقارب بين الولايات المتحدة وإيران؟

العرب يأخذون الأمر على محمل الجد، والطريقة التي يتصرفون بها تدل على أنهم يؤمنون بأن الاتفاقية النووية ستنجح، وأنه من الممكن أن تكون هناك آفاق لتعاون أمريكي أكبر مع إيران.

يمكن أن يكون هناك الكثير من موضوعات النقاش الأمريكية بشأن رؤية الولايات المتحدة وإيران، لا سيما مع آراء مختلفة في قضايا مثل سوريا أو اليمن. لكن هذه ليست هي الطريقة التي يرى بها العرب الصورة كما يتبين من سلوكهم. فإدارة التحالف تعني بالنسبة لواشنطن أن تدرك كيف يرى حلفاؤك مصالحهم، وما طبيعة هذه المخاوف، وكيف يرون الصورة، لا كيف ترى أنت هذه الصورة.

هل من المرجّح أن يترتب على إبرام أية اتفاقية نووية أن تعيد الولايات المتحدة ترتيب سياساتها في الشرق الأوسط؟

السبيل إلى تطبيع العلاقات الأمريكية الإيرانية حافل بالكثير من التحديات، لكن المفاوضات أزالت عائقًا كبيرا، حيث غيّرت بعض الحقائق الأساسية، ومنها أن الولايات المتحدة وإيران لن يدخلا في محادثات أبدًا، وأنهما لن يتفقا على شيء أبدا، وأن رجال الدولة الأمريكيين ورجال الدولة الإيرانيين لا يمكن أن تجمعهم علاقات عمل أبدًا.

لكن بعد الاتفاقية النووية، سيواجه كلا البلدَيْن بعض الشئون السياسية الداخلية الصعبة التي لا بد لهما من العمل على التغلب عليها. التنفيذ نفسه ربما يتعرض للكثير من العراقيل الصغيرة. وإذا كان يُفترض أن يكون للاتفاقية تأثير على النظام الإيراني -وهو ما يُمثّل افتراضًا غير مكتوب للتطبيع بين البلدين- فهذا لن يحدث بسرعة، ولن يحدث دون صراع.

الشرق الأوسط آخذٌ في الانهيار من حول إيران وتحت أقدام الولايات المتحدة. فسوريا في حالة من الانهيار التام، والعراق يترنح على شفا الهاوية، وليبيا تُوشك أن تنفجر. وأما اليمن فقد انزلق إلى هوّة تمرد وحرب مع جارته. ثم هناك الكثير من البلدان الأخرى ضعيفة البنيان. قد يكون هناك تعاون بين إيران والولايات المتحدة في مجالٍ ما وصراع في مجال آخر.

للمفاوضات النووية شأن كبير، بل وسيكون للاتفاقية النووية شأن أكبر. لكن هذا لا يُشير إلى وجود مسار مباشر يؤدي إلى صفقة كبرى، أو تطبيع للعلاقات. فقيام علاقة أكثر سلاسة بين الولايات المتحدة وإيران ربما يستغرق أكثر من نصف عقد من الزمان لكي يحدث.

ما تفسيرك لادعاء أن إبرام أي اتفاقية نووية من شأنه أن يجعل المنطقة أقل استقرارًا، بمعنى أن رفع القيود من على الموارد الإيرانية سيشجع ميلها إلى المغامرة، ويدعو إلى تدخلات متبادلة، أو استخدام الوكلاء من جانب منافسي إيران من الدول العربية؟

قد يحدث هذا وقد لا يحدث. فرفع القيود من على تلك الموارد سيتطلب أيضًا من إيران أن تبقى على المسار مع الولايات المتحدة. ضلوع إيران في هذه الصراعات لا يأتي نتيجة مقدار ما تملكه إيران من موارد فحسب، بل هو أيضًا نتيجة مدى اعتبار إيران هذه الصراعات حيوية لمصالحها القومية. فإذا صارت الاتفاقية النووية جزءًا من مصلحة إيران القومية، فهذا من شأنه أن يكون عاملا مخفِّفًا.

قد ترى بلدان في المنطقة هذه الصراعات كمسألة حياة أو موت، كشيء ستسعى إلى حله، إن لم يكن بأسلوب علني، فبأسلوب آخر. وسوف يظل بحوزة إيران سبيل للتدخل في سوريا أو العراق أو اليمن بغضّ النظر عما إذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات من عليها أم لا.

لقد أشارت المملكة العربية السعودية إلى أنها ستضارع أية قدرة نووية تحتفظ بها إيران، إذن فمن الممكن أن تساعد اتفاقية لمنع الانتشار النووي على انتشار القدرة النووية في الشرق الأوسط، على نقيض المراد منها.

هذا ممكن. لكن أي بلد يسير في تلك الطريق سيكون عليه أن يجري تحليلا للتكلفة مقابل المنفعة. هل سيكون مستعدًّا لأن يخاطر بأن تُفرض عليه عقوبات اقتصادية دولية؟ في نهاية المطاف، لو محّص السعوديون ما سيعنيه ذلك، وما سينطوي عليه من تكلفة، وكيف سيصلون إلى هناك، فربما يقررون أنهم لا يريدون فعل ذلك. فامتلاك المملكة العربية السعودية سلاحًا نوويًّا ستكون له مضامينه في أعين إسرائيل، وبالنسبة لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

في الوقت الحالي هذا مجرد تهديد. ما ليس مطروحًا على الطاولة هو ماذا سيكون رد فعل الولايات المتحدة؟. لقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على باكستان على خلفية برنامجها النووي على الرغم من أن الباكستانيين لديهم الحجة ذاتها، وهي أنه إذا كانت الهند تملك سلاحًا نوويًّا فلا بد من أن نملك نحن أيضًا هذا السلاح. وبوجه عام، لم يكن الرد الأمريكي على هذا النوع من القرارات هو قبول الحجج الاستراتيجية لامتلاك أسلحة نووية على عواهنها، وإعطاء هذه البلدان حرية التصرف المطلقة. ربما كانت إسرائيل هي البلد الوحيد الذي سمحنا له بذلك، لكن في حالات باكستان والهند وإيران وليبيا وكوريا الشمالية، تدخلت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بفرض عقوباتهم لمنع هذه الدول من امتلاك أسلحة نووية. لقد دفعت تلك البلدان ثمنًا لسيرها في ذلك المسار، بصرف النظر عما إذا كان لديها حجة استراتيجية مقبولة أم لا.

ترجمة وإعداد: طارق راشد عليان – باحث علوم سياسية.


http://www.rcssmideast.org/Article/3468/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A7%D8%AA%D8%B3%D8%B9%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86#.VW7MBfyUd9u
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة