إلى نحن ذاهبون: التأخر الحضاري منذ ما يقارب من 10،000 سنة

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, مايو 12, 2015, 02:44:40 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

إلى نحن ذاهبون: التأخر الحضاري


منذ ما يقارب من 10،000 سنة تعثّر الجنس البشري بنموذج اجتماعي جديد، والذي يشار إليه الآن بـ "ثورة العصر الحجري الحديث"، ويبدو في ذاك الوقت أننا قد بدأنا بالتحول من المجتمعات ذات الأغلبية المتساوية، المؤلفة من الصيادين والجامعين إلى الثورة الزراعية التي أنشأت مفهوم زراعة الغذاء، باستبدال المصادر الطبيعية لإيجاد الطعام؛ وبالتالي السماح بتحكم أكبر في الإنتاج.
في الوقت ذاته يبدو أن هناك دافعاً كبيراً في التطور، المسمى اليوم بـ "التكنولوجيا"، فقد كانت الأدوات الحجرية تتقدم مما أدى في نهاية المطاف لظهور العصر البرونزي، والذي استخدم النحاس الأكثر ليونة في الحدادة، وبعدها جاء عصر الحديد مع مزيد من القوة وهكذا...
أعتقد أننا نعرف تلك  الأنماط، والآن منذ بدء هذه الفترة يمكننا أن ننظر للوراء ونلاحظ معدل التزايد المستمر في تطور التكنولوجيا، ويبدو في الحقيقة أنه معدل ازدياد أسي، وهناك المخطط المصمم من قبل الباحث راي كورزويل يُظهر تزايداً أسياً في الاستخدام الكليّ للاختراعات بالتحديد تكنولوجيا الاتصالات والكمبيوتر، يرافقه مخطط آخر يظهر تاريخ الاختراعات التكنولوجية والنسبة المذهلة للتقدم، و بشكل عام أعتقد بأنه من الصحيح القول أن هذا التطور في التكنولوجيا وبالتالي في العلم كان وسيبقى المحفّز الأساسي للتقدم والتغيير،لإنه العامل الأساسي وراء تطورالحضارة الإنسانية بامتياز، ليس فقط لتسهيل تحقيق غايات محددة؛ ولكن أيضاً في إظهار دهاء أكبر في الأنظمة التي نؤمن بها والفلسفات والأطر المرجعية والطرق التي نفسر بها العالم من حولنا، فالطريقة العلمية بحد ذاتها أداة من الأدوات التكنولوجية التي طورت فهمنا باستمرار عبر تطبيقاتها في حاتنا ميسرة بذلك التغيّير المستمر.
و للأسف فمن النادر أن تكون معتقداتنا الحضارية (المعتقدات والتقاليد التي نتشاركها جميعنا) متوافقة مع الطبيعة التطورية الاجتماعية للعلم والتكنولوجيا، و نطلق على هذا اسم: "التخلف الحضاري" وهو نابع من قوقعة الهوية الاجتماعية بواسطة القيم التقليدية القائمة والممارسات المؤسساتية القائمة، وتحديد الهوية بهذه الطرق العاطفية هو مصدر ارتياح لنا في الحقيقة.
وهنا لدينا قصة عن الأميش (وهي جماعة دينية ترفض استخدام التكنولوجيا في منازلها باعتبارها أفسدت البشرية) وهم يعيشون في أمريكا، ولكنهم حين يقودون على الطريق في الظلام فيكون بحوزتهم مصابيح كهربائية ركبوها على أحصنتهم وعرباتهم، "ولكن مهلاً، هذا غش!".
الفكرة أنه من الصعب حقاً على أي مؤسسة تقليدية أن تتابع تقدمها بدون أن تستسلم في النهاية لجمال التقدم التكنولوجي والمزايا التي يقدمها لنا، و كمثال كلاسيكي معروف لهذه الظاهرة، أنه عندما قام الفيزيائي/الفلكي الإيطالي جاليليو أمام المؤسسة السياسية التي كانت سائدة في عصره ومنطقته، دليلاً متعلقاً بدوران الأرض حول الشمس، فقوبل آنذاك بتهديد ومعارضة شديدتين من المؤسسة الدينية- السياسية لشدة تعارض دليله مع نصوصهم الدينية، لذا مع ذلك التحديد التقليدي للهوية فقد منعت المؤسسة طبع أعمال جاليليو لمدة 76 سنة بعد وفاته.
في الواقع المؤسسات المنشأة أيّ المؤسسات ذات الفكر العرفي التقليدي والمؤسسات ذات السلطة على المجتمع، والتي تعني عقائد الفلسفة من جهة والتحالفات والحكومات من جهة أخرى، كل منهم لديه استعداد كبير للمشاركة في الإنكار والغش والفساد للبقاء في السلطة والاستمرار الذاتي، والعواقب هي التأخر الحضاري المتواصل، حيث أنّ التقدم الاجتماعي عن طريق دمج التطورات العلمية الجديدة المساعدة اجتماعياً يتم كبتها باستمرار، وهذا أشبه بمحاولة اختراق الجدار بينما تستمر المعتقدات التقليدية المسيطرة القائمة بتخليد نفسها من أجل مصالحها وفوائدها.


من محاضرة بيتر جوزف في جامعة مهاريشي للإدارة – ولا ية أيوا الأمريكية
ترجمة: رهف خضور
مراجعة لغوية: عيسى حسن


http://tzm-arabic.com/archives/4463
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة