بين الآشوري والكلداني، ضاع السرياني!

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, أكتوبر 06, 2012, 06:12:28 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

بين الآشوري والكلداني، ضاع السرياني!

لويس فرنسيس اقليمس


كنتُ قد قرّرتُ عدم الكتابة أو الردّ على كلّ ما يُكتبُ عن شيء اسمُه التسمية القومية لما يٌسمّى بشعبنا الواحد، باعتبارها أزمة مستفحلة بين أقطاب ترفض غيرَها على الساحة أو أقلّ ما يمكن أن يُقال، أنها تستصغر غيرها ولا تستسيغ أن يكون لغيرها شأنٌ في كعكة المحاصصة التي شملتنا بعدواها نحن أيضًا. ولِما لا؟ ألسنا جزءًا من نسيج هذا الشعب الذي تحكمه إقطاعيات المحاصصة في كلّ شيء؟

ولكن، عبثًا يحاول بعض كتابنا المسيحيين، ممّن أُصيبوا بزكام الادّعاء المطلق لأحقيتهم بتسمية قومية معينة يحبسونها لهم في الذهن ويريدون فرضها على غيرهم، والعمل على إثارة هذا الموضوع المحيّر بين الفينة والأخرى، رغم أن عصر القوميات قد انتهى في البلدانالمتحضرة.

وعجبًا، على بعض كتابنا، ممّن ركبوا موجة هذا الادعاء، في مناسبة وبدون مناسبة، في محاولة بعضهم التهجم أحيانًا على كلّ من لا يعترف لهمبهذه التسمية "الإشكالية" القائمة بين مختلف الطوائف المسيحية.

وعتبًا، على مثقفينا من الانجرار وراء هذا الصراع غير المجدي بين المتخاصمين على لا شيء، سوى آثارِ شيء من الحنين لأثيرٍ انتمائيٍّ لشيء اسمُه القومية تثيره هذهالطائفة أو تلك، تاركين أمرالمستقبل المسيحي"كمكوّن دينيّ أصيل في نسيج الشعب العراقي قبل كلّ شيء، في مهبّ الريح"، رغم كونه أهمّ من أيّ تمسّك ب"الديدن القومي". فخبرة السنوات العشر المنصرمة من الوضع الجديد الذي خلقه التغييرالدراماتيكي في العراق، علّمتنا أن التشبث بهذه القشّة، لم يعد فاعلاً ومؤثرًا، بعد تزايد الضغوط على المكونات الإثنية والدينية الأصيلة التي أحالها الزمن العاثر إلى طوائف قليلة العدد ومستضعفة، في محاولة لتحجيمها وصهرها، بما فيها المكوّن المسيحي. (وما الغزوة الأخيرة على النوادي الثقافية والاجتماعية، والمسيحية المقصودة منها بخاصة، خير دليل على استهداف بقاء المسيحية والمسيحيين في العراق.)

إنه صراعٌ محتدم تحت الرماد، يثور بين فترة وأخرى، أو بالأحرى يثيره مشاكسون من طرفي المعادلة المتخاصمين، سواءً من الطائفة الكلدانية أو الآشورية، وفي أواره يضيع في كلّ مرّة، إسمُ "السريان". فبعد أن حرَمَ الدستور الجديد، مكوّنَ السريان من تثبيت تسميتهم إلى جانب الكلدانوالآشوريين، لعدم وجود ممثل لهم في البرلمان آنذاك، في نسخته الأولى، وبالرغم من اعتراضنا ومطالبتنا بإنصافنا في حينها، إلاّ أن كلام بيلاطس كان الاٌقوى " ما كتبتُه،فقد كتبتُه"، رغم أن تسمية "السريان"، كمكوّن قوميّ، كان سيجمع جميع المسيحيين المشرقيين على اختلاف طوائفهم، استناداً للغة "السريانية" التي يفتخر الجميع بالتحدث بها. فالشعوب كما نعلم، تُسمّى على تسمية اللغة التي يتحدثون بها، كما العرب للعربية، والفرس للفارسية والأتراك للتركية والفرنسيين للفرنسية والألمان للألمانية وهكذا. ومن هنا، لم نسمع بلغة تسمى الآشورية أو الكلدانية، بل بطوائف تنتمي إلى كنائس آشورية وكلدانية وسريانية، تتحدث اللغة السريانية المشتقة من الآرامية التي تحدث بها السيد المسيح في بلاد اليهودية والسامرة. وهي ذات اللغة التي كانت قائمة في أطراف الجزيرة العربية وبلاد الشام وشنعار (العراق) وبلاد فارس التي اتخذها ملوكها لغة رسمية في التعاملات البروتوكولية لفترة طويلة ومناطق أخرى... إلاّ أن التحسس من هذه التسمية لدى نفرٍ متعصّب ركبته موجة إثارةالنعرات والمشاكل بين الطوائف، قد حالت دون تحقيق هذا الأمل. وأنا أعتقد جازمًا، لو أن هذه التسمية كانت قدأُقرّت في حينها، في هذا الدستور "الأعرج"، لكانت حلّت تلك الإشكالية من وقتها، ولكنّا بوحدتنا، فرضنا وجودنا المسيحي "السرياني المشرقي" على أصحاب القرار وقطعنا الطريق أمام المتصيّدين بالماء العكر والمتعصبين، بإثارة هذه المشكلة "الأزمة" من قبل من يدّعون أنهم شعبٌ واحد، ولكن، عندماتُتاح لهم فسحةٌ فائضةٌ من الرياح العكرة، تظهر منهم رؤوسٌ طافية من جديد، لتلعن هذا وتكذّب ذاك وتعتب على آخر.

قرأتُ مؤخرً، ما كتبه بعض"مثقفينا" من رواد المواقع الالكترونية، وبالذات موقع "عنكاوة"، عن فكرة إقامة "مؤتمر قوميّ" لأبناء شعبنا المسيحي، وعن كيفية تشكيل الهيئة التحضيرية وتوجيه الدعوات ونوعية المدعوّين والجهة المتكفلة بالمصاريف وتهيئة قرارات وتوصيات مسبقة ولمن ينبغي الإطراء والمديح وما إلى ذلك. وفي معظم هذه المداخلات والكتابات، لم ألحظ إشارة إلى مكوّن السريان،أؤكد "مكوّن السريان"، بعد أن غيّبه هذا البعض في نقاشاتهم وسجالاتهم وخصاماتهم الميتافيزيقية العقيمة. ولعدم ورود ردّ من أبناء هذا المكوّن لغاية الساعة، أرىلزامًا عليّ أن أدلو بدلوي، رغم أنه قد لا يعجب البعض. ولكنه قولٌ لا بدَّ منه.

أقول، إن الاحتفاظ بالاستقلالية أو الانفصال عن أيّ تجمّع، أمرٌ مكفولٌ وقائمٌ، لا يمكن إنكارُه، مهما كانت الظروف والوسائل والآليات لأنه ببساطة حق تكفله ديمقراطية آخر الأزمنة. وإنّي أرى أن من يسعى إلى ذلك، لا يمكنه بعد كلّ هذا وذاك، أن يتحدث عن شيء اسمُه الحوار، لأنه يكون قد حسم أمره بالانحياز إلى التكوين الجديد "المستحدث" الذي يدعو له منذ انطلاقة الأحداث بعدأول مؤتمر قومي حققه أبناء شعبنا في عام 2004. وهؤلاء الذين حسموا أمرهم من "المكوّن الكلداني"، استندوا في جزءٍ من ذلك الادّعاء، إلى مبدأ الأكثرية التي يشكلها أبناء هذه الطائفة بالتحديد وإلى انتماءات تاريخية غير مقنعة، مقارنة بالمقابل، مع إصرار الجانب "الآشوري "على اعتماد "الآشورية" في التسمية القومية لهم وفرضها على عموم المسيحيين، ضمنأجندة خيالية بعيدة الرؤية ترنو لإعادة إحياء أمجاد "بلاد آشور" ومجدها، (رغم أنّي أرى أن لا أحد نقيٌّ اليومَ، في أصله وقوميته ودينه وعشيرته)!. إذن، ما هو الجديد في توقعات هذه الشريحة من الانفصاليينالذين يمنّون النفس بالمشاركة في مؤتمر "قومي"



وردني بالبريد الألكتروني عن طريق السيد صديق توما جبوري
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة