نهاية الجالوت (اليهود في العراق بعد الهجرة الجماعية 1951-1974)

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يناير 12, 2016, 11:47:23 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

  نهاية الجالوت (اليهود في العراق بعد الهجرة الجماعية 1951-1974)


برطلي . نت / متابعة
عنكاوا دوت كوم/اسراء خالد
صدر حديثا كتاب "نهاية الجالوت" لمؤلفة الدكتور نسيم قزاز اليهودي من اصل عراقي والذي يوثق به ما حدث لأبناء الطائفة اليهودية بعد الهجرة الجماعية من العراق، ختم المؤلف كتابة بالقول  ان التنكيل بيهود العراق لم يكن وليد حرب الأيام الستة فجذوره كانت قد زرعت منذ الثلاثينيات من القرن المنصرم عندما راجت القومية العربية في العراق ومعها الدعاية النازية التي تغلغلت فامتدت ورسخت جذورها في أوساط شرائح واسعة، وباختصار يبين المؤلف هنا ما حيك ليهود العراق من مؤامرات كان الهدف منها انهاء الوجود اليهودي في العراق والذي يعتبر احدى الأركان الرئيسية لتأسيس الدولة العراقية.
الفصل الأول من الكتاب يستعرض الانتهاكات التي لحقت باليهود والتهم التي الصقت بهم ويبدا بأعداد المتبقين من يهود العراق والسياسات التي مارستها الحكومة حينها للتضييق عليهم وتجريدهم من هوياتهم.
اما الفصل الثاني فناقش الباحث فيه كل ما جرى من احداث في عملية عزرا ونحيما والتي تهجر خلالها ما يقارب المئة وخمسة الاف يهوديا بعد ان اسقطت عنهم جنسيتهم، ويتطرق بعدها الى تجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة وما نص عليه  نظام مراقبة وإدارة أموال اليهود المسقطة عنهم الجنسية، وفي هذا الجانب يناقش الباحث ما حدث له ولطائفته بعد اصدار قانون التجميد، ليتحول الباحث بعدها الى استعراض تمثيل الطائفة في مجلس النواب والاعيان في العهد الملكي وما وضعته الهجرة من حد لتمثيل الطائفة الموسوية في المجلسين المذكورين، حيث امتلكت الطائفة قبل التهجير الجماعي ستة مقاعد في مجلس النواب ومعقد واحد في مجلس الاعيان، الا انه لم يبقى لليهود بعد التهجير من يمثلهم على اثر استقالة نوابهم وهجرتهم الى إسرائيل، ويتناول في الفصل نفسة معاملة السلطات العراقية لليهود المتواجدين في العراق حيث كانت هناك امال في تحسن الأوضاع بعد الانتهاء من الهجرة الجماعية لكن سرعان ما تبددت هذه الاحلام.
اما فيما يخص التنظيم الإداري تحدث الباحث عن تقليص تشكيلاته وابدال اسم الطائفة الى الطائفة الموسوية، وما حدث للطائفة في هذه الحقبة من استيلاء على ممتلكاتهم واموالهم من بينها مستشفيات ونوادي، إضافة الى الحديث عن المعاهد الدراسية والمستشفيات التابعة للطائفة، لينهي الفصل الثاني بالخلافات التي نشبت بين سائر الحاخامية والحاخام ساسون خضوري التي أدت الى استقالته من رئاسة الطائفة ليعود بعد فترة الى رئاسته ويستمر بهذا المنصب حتى وفاته في بغداد في 24 أيار 1971، إضافة الى تعليمات المجلس الإداري ليهود العراق حيث نشرت الجريدة الرسمية العراقية تعليمات المجلس بإمضاء وزير العدلية وترتب على المجلس تعليمات عليه القيام بها في جميع انحاء العراق، ليتناول بالفصل نفسة تأسلم بعض الشيوعيين اليهود.
اما الفصل الثالث فخصصه الباحث لحقبة عبد الكريم قاسم (العهد الذهبي) بالنسبة لأبناء الطائفة.
ويتطرق الكاتب الى أوضاع اليهود في الفصلين الرابع والخامس تحت عنوان يهود العراق تحت سلطة عربية قومية تحدث فيهما عن الأسباب التي دفعت اليهود الى الهجرة وهي فرض قيود السفر عليهم، إضافة الى ابدال هوياتهم الوطنية بالبطاقة الصفراء، وهو عبر عنه أنور شاؤل بـ" المدخل الى درب الدماء والدموع"، وذلك في كتابة في الفصل الذي تناول فيه شرح أحوال اليهود أواخر عام 1963
ويؤكد قزاز بهذا الموضوع عندما وزعت الهويات الجديدة على افراد الطائفة الموسوية في العراق وذلك في حقبة عبد السلام عارف في خريف عام 1964م ان لون بطاقة الهوية تحول من البني الفاتح الى الأصفر الواضح!!.
ينتقل الباحث الى الفصل السادس من كتابه والذي يغوص فيه بمعاناة الطائفة بعد حرب الأيام الستة، فقد جاء هذا الفصل ليبين حجم المأساة التي تعرض لها اليهود في ذلك الوقت والأساليب التي مورست ضدهم والتحريض الهمجي ضدهم وتأثر عامة الناس، إضافة الى القوانين المجحفة بحق اليهود العاملين في مجال الاقتصاد، يتطرق الكاتب في هذا الكتاب أيضا الى حقبة البعث وبفترة حكم البكر وصدام حيث يفتح هذا المحور من مذكرات ماكس سودائي بقوله " لم تكن لهم أي فكرة للتميز بين من هو احسن من الاخر او اقل من هو الأسوأ فلم يكن بوسعهم الا الانتظار لما ستأتي به الأيام" ويتحدث قزاز عن هذه الفترة التي عاشها اليهود تحت وطأة الظلم والاجحاف حيث مارس حزب البعث طريقة بسيطة ومقبولة اكثر للقضاء لأنهاء منافسيه وهي الصاق تهم التجسس لصالح إسرائيل والغرب وتقديمهم الى المحاكم ثم اعدامهم او سجنهم لسنوات طويلة، لينتقل الباحث الى مأساة أخرى بكل مقاييسها وهي المحاكمة الصورية التي حدثت في اليوم الأول من شهر كانون الثاني 1969 عندما أعلنت محطة إذاعة بغداد عن تقديم مجموعة من الجواسيس، لتنتهي هذه المحاكمة بعد مدة بنبرة احتفالية في الإذاعة وذلك في السابع والعشرين من كانون الثاني في الواحدة بعد منتصف الليل بفرض عقوبة الإعدام بحق المتهمين الذي كان من بينهم تسعة من اليهود، ليحتفل الجميع بساحة التحرير بعد إقامة اعواد المشانق واعدام المتهمين طيلة اليوم، ويبين الباحث ان هذه الحادثة لم تمر كسابقاتها فجاءت ردود الأفعال العربية والغربية ضد هذه الحادثة التي راح ضحيتها من باقي الطوائف أيضا.
ان هذا الكتاب القيم والموثق لكل الاحداث الاجتماعية والسياسية بتفاصيلها والتي غيبت عن الباحثين الشباب المختصين بالشأن اليهودي وذلك بسبب القومية الطاغية لبعض الكتاب والتي كان الهدف منها انهاء الوجود اليهودي تاريخيا او ذكر بعض الحقائق المزيفة والتي الصقت تهمة العمالة بكل يهودي عراقي على وجه الأرض، ان الباحث في تدوينه للتاريخ الشامل لليهود المتبقين بعد الهجرة الجماعية لم يغفل عن نقل مجريات ما حدث اثناء هروب اليهود من العراق وذلك في الفصل الأخير من كتابة حيث تحدث به عن هروب اليهود من العراق بصورة شرعية او غير شرعية والمعاناة التي واجهها اليهود اثناء سيرهم بالطرق غير الشرعية المحفوفة بالمخاطر لوصولهم الى بر الأمان، و لا يسعني في نهاية هذا الشرح البسيط والمختزل للكتاب عن التقدم بالشكر الجزيل للكاتب لما وضعة بين أيدينا من حقائق تاريخية دامغة غيبت عنا لأسباب متعددة.