تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

المسيحيون لا يساعدون أنفسهم

بدء بواسطة متي اسو, يوليو 19, 2015, 08:07:40 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

متي اسو

المسيحيون لا يساعدون أنفسهم
عنما يصيب الانسان مرض خبيث ، عليه ان يقاتله بكل الوسائل الطبية . لكن ، إذا كان المرض مستعصيا ولا رجاء من الشفاء منه ، عليه ان يتقبله بكل شجاعة وكأن المرض لا يعنيه فلا يسمح له ان  ينغّص البقية الباقية من حياته ...
الأمر يختلف عندما يواجه شخص ما مصيبة خارجية ، خاصة إن كانت تهدد حياته ، عليه ان يعمل ما بوسعه لدرأ الخطر عنه ولا يستسلم " للقدر المكتوب !! " ، لأن الاذعان والاستسلام لا يعني غير الامعان في تعذيبه والتعجيل في قتله.
وعندما يواجه الموت جماعة من الناس ( دينية أو عرقية ) ، فإن أول عمل على هذه الجماعة أن تقوم به هو التضامن ووحدة الرأي والكلمة  وتناسي كل الخلافات الاخرى ... تلك الخلافات ستكون تافهة وهي تواجه الاستهداف الذي يرقى الى مستوى التطهير العرقي ... ويؤسفني ان اقول ان الذي يصرّ على مثل هذه الخلافات وهو يرى بأم عينه الخطر المميت المحدق بكل الجماعة لا يمكن ان يكون له هدف  في الحياة أكثر من " التفاهة " نفسها....
المسيحيون لا يستطيعون الى الآن تشخيص اعدائهم ... طبعا الكل يعلم ان المسيحيين لم يختاروا القتال ولا التحزّب لأية جهة متورطة في الصراع ليكون لهم أعداء ... لكنهم ، بإنتمائهم الديني ، هم أعداء لكلا الطرفين ، ببساطة لأن كلا الطرفين لهما مرجعيات تخيّم في الجوامع والحسينيات ، ولهؤلاء الشيوخ والملالي " قرآن وأحاديث " ، يضاف اليها حقد مستعصي الشفاء منه ، والنتيجة هي ان المسيحيين اعداء وإن لم يقاتلوا احدا .... رجال ديننا لا يريدون ان يشخصّوا العدو ، عدا القلّة منهم في الآونة الاخيرة وبعد " خراب البصرة " كما يقولون . هناك مسيحيون يأبون بإصرار تشخيص العدو ، ولا زال هناك الكثير منهم ... للأسف كان لى حوارات غير مستحبّة معهم . كيف تعالج مرضا لا تستطيع تشخيصه ؟ ... كيف تواجه عدوّا لا تريد ان تعرفه ؟ .. يا أخي ، اني لا اطالب بالمواجهة العسكرية الغير متكافئة ... ألا يقول لنا الانجيل " صلّوا من اجل اعدائكم " ؟ فكيف نصلّي الى عدو لا نعرفه ؟ ... طمس رؤوسنا في الرمال كما تفعل النعامات ، وإنكارنا للأخطار المحدقة بنا ، وتزييف اسم العدو الذي يتربص بنا ، جعل المجتمع الدولي لا يأبه لما يحدث لنا .. بل انه يشك في نوايانا ونحن نبريء بإصرار المجرمين الذين يستهدفوننا ... المراهنة على شيخ جامع طيب القلب وملّا الحسينية نقي السريرة رهان خاسر ... المتعصبون منهم هم الاكثرية وأصحاب سطوة ، هم الذين يوجهون المليشيات والتنظيمات الارهابية ... المراهنة على الحكومة ؟ لو كنت بمزاج رائق لقهقهتُ ... المراهنة على العلمانيين ؟ والنعم ...اني اتحدى أي واحد يقول انه لا يشعر بالسرور والأمان وبالأخوة في رفقتهم ، ولكن اين هم الآن ؟ الحملة الخمينية والصدامية كادت ان تفرّغ العراق منهم ...
بعض المسيحيين ، رغم الأخطار، لا زالوا يصرون على العيش في خضم المشكلة " التافهة " ، العيش في بيت من الانعزالية ، يحاول تضخيم هذا البيت ، ولو في ذهنه ، ليصبح البيت مقرّا لسيادته ويدعو كل المسيحيين الآخرين للعيش في حالة من " التبعية " له !! ... ولما كان هناك من  يحمل نفس الحماس لافكار متضادة معه ... فتصور حالة الانقسام المسيحي .... " البيت القومي " مسمار كبير في النعش المسيحي .... يقتلوننا لأننا مسيحيون ، ليس في العراق وحده ، بل في جميع الدول التي صعد " مقياس الايمان " فيها ... يقتلوننا فقط لاننا مسيحيون .. لكن " القومي " البطل يصرح : يقتلوننا لأننا آشوريين أو كلدانيين !!! أهناك كذب وتدليس صريح أكثر من هذا ؟  أقترح عليهم ان يدفعوا بعض المال للأرهابيين كي يقولوا – قتلناه لأنه آشوري أو كلداني – حتى تكون لهم حجة في التصريح " القومي " ... لكني أشك ان الارهابي  سيقبل أن يخون عقيدته التي تفرض عليه قتل غير المسلم ، سيكون من الصعب عليه ان يقبل وصف جرائمه بالتسمية القومية لأن العقيدة واضحة لا تقبل التأويل .
خلف شعار " القومية " هذا يعيش أشخاص يريدون ان " يشعروا بأهميتهم " عبر هذا الشعار ، أن يحققوا بعض المكاسب السياسية الـ " تافهة " في أحوال تحيط الاخطار بنا من كل صوب ... أشخاص يريدون ان يصبحوا " شيئا ما " ... لا يهمهم أمر المسيحييبن ( الذين هم جزء منهم ) ولا ما الذي سيحدث لهم ( خاصة اؤلئك الذين يعيشون في الخارج ، والمثل يقول : بعيد عن النار ليس مثل الذي يده بالنار) .... خلف هؤلاء يمشي أناس بسطاء يطيب لهم ان يشعروا بلذة " الشعور القومي " الذي يميّزهم عن اخوانهم من المسيحيين الآخرين ، في هذا الظرف وأمام هذا الخطر!!! .... حالهم حال " شارلي شابلن " في احد افلامه ، إقتلعه عملاق وأخذ بخناقه ، وهو على حافة الموت حرّر شابلن يده ليحكّ قدمه !!!
ايها الاعزاء القوميون ، يا احفاد بسمارك وغاريبالدي ( قوميا) تريثّوا بالله عليكم حتى تنتهي المحنة  ، ليكن الصف المسيحي الآن واحدا امام المخاطر ... الاموات لا تبني اوطانا قومية ولا غيرها ....
تجولّوا في المواقع المسيحية وسوف ترى العجب العجاب من هذه النماذج ... توسّع في بعضها ليتحزّب مذهبيا او حتى داخل  الكنيسة الواحدة .!!! .. إننا نعيش في بحبوحة لا ينقصنا إلا " حك اقدامنا " .
بعض المسيحيين ينظر الى حالة المسيحيين بعين حزبه او ولاءاته السابقة أو اللاحقة ... مشكلته ليست في مشكلة المسيحيين عامة ....لا يهمه إن فقد المسيحيون نصفهم .. المهم عنده هو " كيف نوّظف هذا الفقدان في مصلحة حزبه !!!" ولا استبعد ان يشعر بالراحة إن كان هذا في مصلحة الحزب ... كل مصائب الناس في جهة ، كل مصائب المسيحيين في جهة ، الذين قُتلوا أوهُجروا ، والذين قضوا وهم في الطريق أو على قوارب الرحيل , الذين تم سبيهم او  إختطافهم عنوة... يا عزيزتي كريستين ذات الثلاث سنوات ( طفلة من بغديدا إختطفها المؤمن باله السبي بعد ان ضرب امها ) ... إن كان هذا لا يوحّدنا ، فما الذي يوحدّنا ؟؟؟ ... ربما انتم مغرمون بمقطع من اغنية أم كلثوم " إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر "... رددوها كما يحلو لكم  ، رغم يقيني بأنكم لستم ظماء ....
لا قوميون ولا مذهبيون ولا حزبيون في هذا الظرف ونحن نواجه المخاطرفي هذا الوقت... لنكن واحدا في يسوع المسيح له كل المجد .