وعند مأساة مسيحيي سهل نينوى يصمت الكلام

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, أغسطس 16, 2014, 01:36:24 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

وعند مأساة مسيحيي سهل نينوى يصمت الكلام


يقولون لي تحدّث ! عن ماذا اتحدث ؟ هل اتحدث عن اناس تركوا دورا وقصورا وسكنوا الارصفة والشوارع والساحات والحدائق وجعلوا من الارض فراشهم ومن السماء غطاء لهم .
هل اتحدث عن اناس تركوا اموالا وعقارات وارصدة في بنوك وباتوا الان ينتظرون من يُحسن عليهم بوجبة طعام او يقفون في طابور للحصول على مساعدات لتأمين قوتهم لايام اخرى .
هل اتحدث عن اناس كان لهم اعمالهم ووظائفهم وانشطة لا تكاد تترك لهم فراغا ، حتى اصبح الان يومهم كله فراغا ، لا شيء يُشغلهم غير ملاحقة اماكن توزيع المساعدات والجلوس في حلقات او على دكات الحدائق يراقبون الاخبار بل احيانا ينسجون الاخبار من خيالهم ويتأملون العودة السريعة الى الديار . أناس لم يعد للمستقبل مجالا في تفكيرهم لان عند هؤلاء قد انتهى كل شيء ، الدماغ توقف عن التفكير بسبب الصدمة ، اصبحوا مجرد شبح انسان يتحرك .
لقد ذُبحنا بغير سكين ، الانسان يُذبح مرة ويموت ، لكننا نحن نُذبح كل يوم بل كل ساعة وكل دقيقة كلما تعود بنا الصور والذكريات الى الديار والى لحظة خروجنا ، هروبنا ، طردنا سمها ماشئت المهم لم نعد في ديارنا ، اصبحنا مهجرون في بلادنا ، عوائل تشتت في مدن وبلدات وقرى استضافتنا وفتحت لنا ابوابها ، قرى لم نكن نتخيل اننا سنزورها يوما ولكن قدرنا جعلنا لا نزورها فقط بل نعيش فيها ايام هجرتنا ، اصبحنا مشتتون نبحث عن اخ او اخت او قريب او صديق لم نكن نكاد يوما الا ونلتقي واليوم اصبحنا مفرقون .
لا زلت احسب ان الذي حصل هو حلم سأصحوا منه في الصباح لارى كل شيء في وضعه الطبيعي ، هل يمكن ان يحدث ذلك ونحن في القرن الواحد والعشرين ، هل عادت بنا عجلة الزمان الى الوراء والعالم يخطو كل يوم خطوة نحو الامام . هل عدنا الى زمن الغزوات وقوم يُغير على قوم فيأخذ الغنائم والسبايا ، انه شيء من الخيال ولكن ليس في مسلسل تلفزيوني بل حقيقة .
وضع بتنا نعيشه واصبح واقعا لا بد منه . عندما يأتي المساء تزدحم الغرف والقاعات بساكنيها ، اما وقت النوم فتتمدد الاجساد على الارض متراصة متلاصقة في تركيبة اشبه ما تكون بسجادة بشرية . صراخ طفل يرتفع من احدى الزوايا لم تترك امه حيلة حتى تجعله يخلد الى النوم ، بينما هو يُصرُّ الا ان ينام على نفس فراشه وفي نفس المكان الذي كان ينام فيه في دارهم . بالله عليكم كيف يمكن لهذه المرأة ان تُقنع طفلها الصغير هذا انه لم يعد بامكانه النوم في نفس الزاوية التي كان ينام فيها ، كيف يمكن لها ان تفهمه انهم لم يعودوا في دارهم انهم الان مهجرون .
طفلة في الخامسة من عمرها تراقب مشهد توديع لاهلها في مرآب السيارت المتوجه الى تركيا ، قبلات واحتضان ودموع وفراق وهي تسأل ما الذي يجري ؟ لماذا الجميع يبكي ؟ الى اين نحن ذاهبون ؟ افلا نعود الى بيتنا ثانية ؟ هل تعلم هذه الطفلة انها ساعة فراق اجباري ، سفر نحو المجهول ربما لن يتم اللقاء ثانية وان تم فسيكون بعد سنوات طوال .
في هذه الايام حتى الذي يفارق الحياة ( والظروف كلها مواتية لذلك ) لم يعد له مكانا يُدفن فيه وان وُجد ففي مقبرة الغرباء . ربما لن يكون هناك من يمشي خلف نعشه فاقرباؤه كلهم اصبحوا مشتتون .
في ليلة وضحاها يُقتلع شعب من جذوره ، وتُستبدل هوية منطقة ، وتاريخها سيشوه لانه سيُكتب بايدي غير سكانها . ومهما تحدثت عن مأساة هؤلاء الناس ( مسيحيي سهل نينوى ) فلن يستطيع الكلام ان يصور حجم الهول الذي اصابهم ، عندها سيصمت الكلام خجلا ، لانه لم يعطي حجم المأساة حقها .

بهنام شابا شمني
برطلي / سابقاِ
عنكاوا
16 / 8 / 2014


   


د.عبد الاحد متي دنحا

#1
شكرا عزيزي بهنام على الكلمات المعبرة, لقد ذكرت باننا في القرن الواحد والعشرين, اين ضميرالامم والتي تعتبر نفسها في قمة التحضر, الم كانت تعرف بتحركات هذه الاقوام الهمجية؟ اوانها اغمضت عيونها عما يحصل من قتل واغتصاب و سبي و تهجير؟ اوانها من مخططاتهم الجهنمية لضمان مصالحهم؟

مع تحياتي
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير

ARAMI

الايمان بأن كل شي من الله هو احد اسباب الامل لان الله ابانا وان سمح بوضعنا في محن فهو لن ينسانا
شكرا استاذ بهنام
تحياتي