مزارات جديدة في بابل تبصر الاعمى وتلعن منتقديها ومسؤولون يرونها محال للتجارة

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, يوليو 25, 2012, 01:54:12 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي


مزارات جديدة في بابل تبصر الاعمى وتلعن منتقديها ومسؤولون يرونها محال للتجارة

احد المزارات الجديدة في محافظة بابل


السومرية نيوز/ بابل
في ظاهرة مازالت تثير دهشة الكثيرين، يتواصل تعرض بعض مواطني بابل، ومنذ فترة ليست قريبة لحالات غريبة، حيث تحل عليهم فجأة حالات "الرؤيا" من قبل بعض "الأولياء والسادة"الذي قتلوا في الماضي البعيد ودفنوا تحت تراب بيوتهم، وبصورة "ترغمهم" على اتباع تعليماتهم وأوامرهم بحذافيرها، ومن بينها بناء مراقد خاصة لهم، والسماح للناس بزيارتها والتبرك بها أو استخدامها لشفاء المرضى والعميان، فضلا عن قدرتها، كما يدعون، على إصابة كل من يشكك بها "بالشلل".

ويبدو، مع هذا، أن لشدة طلبات أولئك الأولياء، جانبا آخر مفيدا، وهو أنها أصبحت موردا ماديا جيدا للمصابين بحالات الرؤيا هذه، وفيما يعتبرون هذا الأمر نوعا من الثواب و"البركة" لخدمتهم الحريصة لمراقد أولئك الأولياء، يرى آخرون أنها ليست أكثر من وسيلة لاستغفال البسطاء وكسب الأموال والتبرعات منهم.

أخذني النعاس في حديقتي وظهر لي السيد المبرقع محاطا بالنور
ومن بين المصابين بحالات الرؤيا هذه، المواطن جواد كاظم حميدي 50 سنة، والذي بادر لرواية حكايته لـ"السومرية نيوز"، قائلا "قبل 5 سنوات كنت جالسا في حديقة منزلي وإذا بالنعاس يغلب علي، وتأتيني حينئذ الرؤيا، وأجد نفسي فجأة واقفا أمام رجل محاط بالنور ويقول لي "أنا السيد احمد المبرقع الموسوي من احفاد رسول الله، أتيت من ايران لزيارة جدي الحسين في كربلاء أيام العباسيين، وقد قتلت مع ابني وزوجتي ودفنت في حديقة منزلك هذه تحت شجرة السدرة".

ويضيف حميدي الذي يسكن في مدينة القاسم، 39 كم جنوب بابل، وهو يجلس امام المزار الذي بناه فوق شجرة السدرة وتعلوه قبة خضراء، وتبدو على وجهه علامات التأثر والاستغراب الشديد "لا أخفيكم سرا، كنت خائفا جدا، وازداد خوفي لأن السيد لم يتركني، بل وجه كلامه لي وقال لي بلهجة آمرة:عليك من الآن الشروع ببناء مرقد لي".

ويسترسل "وقد أمرني أيضا بأن أبلغ عنه هذا الأمر مكتوبا وبسرعة على الرغم من أني أمي ولا أعرف القراءة والكتابة وهذا دليل واضح على صحة الرؤيا"، وتابع "وقد ظهرت للسيد كرامات كبير في شفاء العديد من الناس من الأمراض".

أم ياسر: العلوية ظهرت لي في غرفة ابنتي وأحرقتها
ولا تقتصر الرؤيا على حميدي "أبو ياسر" بل أن زوجته وخادمة مرقد احمد المبرقع لديها رواية عن ظهور شخصية أخرى لها في "الرؤيا"، ولكن الأمر لم يحدث في حديقة المنزل هذه المرة، بل داخل إحدى غرف المنزل، وتتعلق بـ"علوية" تم قتلها على يد العباسيين ايضا عندما كانت قادمة من إيران، واسمها العلوية فاطمة.

وتسرد أم ياسر حكايتها بالتفصيل قائلة "في يوم من الأيام، وضعت ابنتي الصغيرة البالغة من العمر 4 سنوات، في غرفة تقع وسط البيت لكي تنام، ولكن حريقا كبيرا حدث في الغرفة بعد فترة قصيرة، وأدى لإصابتها بجروح وكذلك بعض أبنائي، ولأسباب غامضة".

وتوضح "لكنني فهمت الأمر بعد ذلك، حين رأيت في منامي امرأة تقول لي انا العلوية فاطمة وقد قتلت في زمن العباسيين عند قدومي لزيارة "جدي الحسين" ودفنت هنا تحت أرضية هذه الغرفة وعليك أن تحزمي امتعة ابنتك وتنظفي الغرفة للزوار وفرشها وتبخيرها"، وتتابع "وقد قمنا مباشرة بعد ان شاهدت هذه الرؤيا بالحفر تحت الغرفة لنجد قبرا تحتها وجثة صعد النور منها فور مشاهدتنا لها، وسمعنا حينئذ صوتا يقول لا تتركوني مكشوفة على الضريح".

وتلفت أم ياسر إلى أن "مرقد السيد احمد المبرقع والعلوية فاطمة أسهم في شفاء الكثيرين فقد شفى أشخاصا أتونا وكانوا مصابين بسرطان الجلد وأيضا ابنة جارتنا كانت لا تنجب فأنجبت "ببركة المرقد"، كما جاءت مرة امرأة مسنة عمياء فأبصرت بعد أن شربت ماء وربطت وشاحا أخضر (علك) كما يسمى"، مشددة بلغتها الشعبية "يابه السيد واصل يحل كل المشاكل".

وتتابع أم ياسر محذرة من التشكيك بـ"المقام"، وهي أن أحد الاشخاص كان يكذب هذا المزار ويقول إن السيد كاذب، وكانت النتيجة أنه قتل على يد الامريكان قتلة شنعاء، وجيء بيه في كيس وهو عبارة عن أشلاء متناثرة لأن السيد اراد أن يجعله عبرة لمن يعتبر".

زوجة نجل خادمة المرقد:الشلل حل بأمي وزوجي لأنهم أهانوا المبرقع
وتحكي زوجة نجل خادمة مرقد المبرقع سميرة علي حادثة وقعت لوالدها، وذلك بعد قيامه مباشرة بضرب المرقد وتدمير جزء منه، فقد تعرض لحادث مروري أصيب به زوجي وأمه وولداي بالشلل لكن صحتهما تحسنت بعد ذلك عندما زاروا المرقد".

وتضيف سميرة "وقد أتتنا العلوية في الرؤيا بعد ذلك وقالت لن أشفيها إلا بعد ان يقدم زوجك وأمك اعتذارهم لي، لكنهما على الرغم من تقديمها هذا الاعتذار لم يشفيا إلا بشكل جزئي لأنهما كانا يشككان بالسيد المبرقع".

السيّد شوّر بينا.. لأن ما احترمناه
وعلى مقربة من مرقد المبرقع وبمسافة 150 مترا قام أصحاب إحدى المنازل بتحويل منزلهم الى مرقد "سيد إسماعيل" والذي عرفوا بصحته بشكل مشابه للرواية التي تحدث بها مكتشف مرقد المبرقع إلا أن السلطات في بابل لم تمهل أصحابه طويلا وقررت غلقه.

ويقول خادم المرقد المغلق ابو جاسم أن المرقد اكتشف قبل عامين بعد أن قمنا بإنشاء مرافق صحية في حديقة المنزل فحصلت مشاكل عدة لأسرتي وأصيب إثرها اثنان منهم بإصابات خطيرة جراء حادث سير كما احترقت إحدى غرف المنزل.

ويواصل أحمد قائلا لـ"السومرية نيوز"، "وفي يوم ما، كنت نائما فإذا بشخص يأتي لي ويقول أنا السيد اسماعيل المدفون في منزلك وقد قتلت أنا وأسرتي هنا في زمن بعيد ولأنك أنشأت مرافق صحية عليها، عليك الإسراع بهدمها لكي لا يغضب الله عليك، وعليك أن تبلغ الناس بما قلته لك".

ويعلق إسماعيل على ما بدر منه ضمن حكايته، قائلا "أما الآن فقد تبت عن فعلتي هذه، وقد رضي لهذا السيد عني وانتهت الأزمة التي كانت تمر بها أسرتي، بعد أن شوّر بنا السيد لأننا لم نحترمه في البداية، لكن حكومة السلطات المحلية لم توافق على بناء المرقد واستقباله للزوار مما ادى الى غلقه أمامهم".

هناك 300 مزار لم يتحقق نسبها في بابل
ويقول ممثل الامانة العامة للمزارات الشيعية في بابل خالد الياسري إن محافظة بابل يوجد فيها 300 مزار لشخصيات من علماء الدين والموالين لاهل البيت.

ويضيف الياسري في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "هنالك مزارات تتوافد عليها اعداد كبيرة من الزوار ولم يتحقق من نسبها ولا توجد امكانية لتقويم جميع المزارات"، مشيرا الى "تشكيل لجنة عليا من المحافظة والأمانة العامة للمزارات للتحقق من المزارات التي تم الحديث عنها مؤخرا".

ويلفت الياسري إلى أن "دائرة المزارات ترفع موقع المزار المعني بطلب الى النسابة المعتدمين في محافظة النجف واحدهم هو الشيخ باقر القريشي وهو اقدم النسابين في النجف"، مبينا أن "هناك لجنة اخرى للتحقق في النسب والادلة ترفق لها بكتاب رسمي المزار موقعه في المكان المحدد.

ويشير الياسري الى "وجود مقومات في ضم المزار تتضمن حجم المكان وعدد الزوار والايرادات كي يتم تهيئة كادر له متخصص لخدمة المزار .

وبشان قرب المزارات من بعضها، يقول الياسري إن "مدينة الحلة كانت قديما تشكل تلك الاحياء وما موجود من مزارات هما يعودان الى العلماء الموجودين في تلك المناطق ولهذا هم قريبين بعضهم من بعض.

مختصون: المزارات التي تظهر في الرؤيا غير حقيقية وتثير الفتنة
ومن وجهة نظر بعض المختصين في قضايا الدراسات الدينية والتاريخية ، فأن إعلان بعض الاشخاص عن مراقد جديدة بناء على رؤية ما أمر غير واقعي ومرفوض من قبل رجال الدين فضلا عن أنه يزيد من حجم المشاكل بين أفراد المجتمع العراقي.

من جهته، يقول الأستاذ في جامعة الحلة للدراسات الانسانية والدينية سعيد حسن الحلي إن "الحقائق والمعلومات الخاصة بالمزارات في العراق درست وذكرت في كتب كثيرة كمقاتل الطالبيين ومعاهد المعارف وهي معروفة لجميع المتخصصين في هذا الشأن".

ويوضح الحلي في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "معرفة المراقد الدينية وتثبيتها لا يتم عن طريق الإعلان أو الرؤيا، كما يشاع وهو الذي ينطلي على الناس البسطاء"، مشيرا الى أن "زعماء الحوزة الدينية يرفضون هذا الامر رفضا قاطعا لأنه سيكون مثار فتنة باعتبار ان المرقد الذي سيبنى سيحتاج لأرض وطريق وما يترتب على ذلك من مشاكل كثيرة بين الناس".

ويحسم الحلي الأمر قائلا إن "الاعتماد على منطق الرؤية والأحلام في إثبات مسألة تاريخية يبنى من خلالها مرقد او حسينية قضية لا يعتمد عليها".

الوقف الشيعي: لانعترف بمزارات الرؤيا دون أدلة مادية
ويشدد ديوان الوقف الشيعي أن حب الجاه والمنفعة المالية هما من أهم الأسباب الرئيسة للإعلان عن ظهور مراقد جديدة من قبل البعض، ويؤكد أنه أغلق ثلاثة مراقد مؤخرا أهمها مرقد احمد فليته لعدم التأكد من صحتها.

ويقول مدير الوقف الشيعي في بابل احمد العبيدي أن المنفعة المادية وحب الجاه هي من بين الأسباب المهمة التي تجعل البعض يدعي اكتشاف مرقد جديد من خلال رؤية عابرة في المنام"، مشيرا الى أن "الاحلام والرؤية التي يتكلم بها هؤلاء بعيدة عن عقائد الاسلام ومذهب اهل البيت الذي يطالب بإتباع العقل في مثل هذه الحالات".

ويوضح العبيدي أن "حالات الاعلان عن مراقد تكررت في القاسم ثلاث مرات وفي قضاء المحاويل وفي مناطق اخرى من المحافظة"، مبينا أن الوقف الشيعي "أغلق ثلاثة قبور كان آخرها في غاية الشهرة داخل المحافظة وهو مرقد احمد بن فليته في منطقة الظاهرية، وثبت للقضاء أن المسألة هي مجرد دجل وشعوذة، من قبل شخص صدر عليه قرار بسجنه لستة أشهر".

ويتابع العبيدي ان "الوقف الشيعي لديه ثوابت تقول ان القبور لا يمكن التثبت منها عن طريق الرؤيا بل يجب وجود ادلة مادية وحسية تثبت من خلالها أن القبر يعود الى الشخصية الفلانية"، مبينا ان "المراقد المعروفة في العراق لم تكتشف عن طريق الرؤيا بل عن طريق الأدلة ونقل المعرفة من شخص إلى آخر عبر التاريخ".

مجلس بابل:هذه المزارات ستتحول لمحال تجارية إن لم يدرس المختصون أمرها
من جانبه، يدعو مجلس محافظة بابل لوضع دراسة مسؤولة من قبل دائرة المزارات الشيعية الموجودة في المحافظة للتأكد من الامر لكي لا تتحول هذه المزارات لمحال تجارية.

ويرى عضو مجلس المحافظة حامد الملي أن "من الضروري متابعة مثل هذه الاعمال مع الجهات ذات العلاقة وهي دائرة المزارات الشيعية وديوان الوقف الشيعي من خلال دراسة مسؤولة عنها.

ويقول الملي في حديث لـ"السومرية نيوز" ان كل مزار يجب ان تكون له قاعدة بيانات تتضمن تاريخه لكي نستطيع دراسته"، مبينا ان "الكثير من هذه المزارات التي يعلن عنها حاليا هي وهمية وتحتاج الى معالجة فورية حتى لا تتحول الى دكاكين للاسترزاق وعلى حساب الدين وتاريخ اهل البيت".

يذكر أن أبرز المزارات في مدينة الحلة مركز محافظة بابل هي كل من مزار السيد علي بن طاووس ، الحسن بن عبيد الله بن العباس ، أبو الفضائل، ظاهر ومظهر ، ابو درباش عبد الله بن زيد ، نبي الله أيوب ، عون بن علي ، احمد بن الكاظم ، محمد بن يحي، مقام نبي الله ابراهيم الخليل، وتنتشر هذه المزارات في اغلب مناطق المدينة وتم انشاء بعضها خلال القرن الماضي.

فيما تقع مزارات اخرى في خارج مدينة الحلة مثل مزار الامام بكر بن علي الذي يقع على بعد 6كم جنوب مدينة الحلة في قرية تسمى قرية الامام بكر وتبعد عن الطريق الرئيسي الرابط بين مدينتي الحلة والنجف نحو 300 متر.


http://alsumarianews.com/ar/iraq-insights/-4-45042.html
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة