نواب الرئيس في العراق.. خلافات مذهبية وتوافق قومي

بدء بواسطة anmar_87, فبراير 12, 2011, 08:34:59 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

anmar_87

نواب الرئيس في العراق.. خلافات مذهبية وتوافق قومي






الشرق الاوسط

الجميع يعمل وفقا لثقله الطائفي والعرقي والانتخابي

لم يعد أحد في العراق يسمع صوتا للجنة التعديلات الدستورية التي كان يتوجب عليها بموجب المادة 142 من الدستور العراقي تعديل الدستور في غضون 4 أشهر من تاريخ الاستفتاء عليه الذي كان قد جرى أواخر عام 2005. اللجنة التي عقدت عشرات الاجتماعات في غضون السنوات الخمس الماضية وجدت نفسها أمام جدار صلب من الخلافات شبه المستعصية بل ويبدو بعضها مستعصيا فعلا بسبب الخلافات متعددة الجوانب بين المكونات والأحزاب والكتل والقوميات والأديان والمذاهب في العراق. لذلك بقي الدستور من دون تعديل حتى الآن.

وطبقا لما بات عرفا فإن ما يحكم قاعدة التوازن السياسي والاجتماعي في العراق اليوم هو ما يسمى بـ«التوافق السياسي». فكل شيء يخضع للتوافق والذي يصل في كثير من الأحيان حدود الترضيات والتي تمثلت بشكل جلي في الوزارة الجديدة التي كلف بتشكيلها نوري المالكي بوصفه مرشح الكتلة الأكثر عددا حسب تفسير المحكمة الاتحادية العليا. فهذه الوزارة وباعتراف المالكي نفسه ضمت ما يقرب من 8 حقائب وزارية لأغراض الترضية لا أكثر. ومع أنها تضم 42 حقيبة وزارية بمن فيها وزارات دولة فضلا عن 3 نواب لرئيس الوزراء فإن أهم الوزارات التي تهم الناس وهي الوزارات الأمنية الثلاث (الدفاع والداخلية والأمن الوطني) ووزارة الكهرباء لا تزال شاغرة. الوزارات الأمنية يديرها المالكي بالوكالة والكهرباء منوطة بنائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة بالوكالة أيضا، حسين الشهرستاني، بينما الخلافات لا تزال قائمة والبحث لا يزال جاريا عمن هو الأصلح الذي ينتظره الجميع لكي يحل مشكلة الأمن والكهرباء في العراق دفعة واحدة في وقت لم يعد الزمن يعمل لصالح أحد خصوصا مع انتقال عدوى المظاهرات والاحتجاجات من تونس ومصر إلى العراق.

والعلاقة بين قضية التعديلات الدستورية التي لم تحصل بعد وبين منصب نواب رئيس الجمهورية الذي لا يزال عالقا ومختلفا عليه أيضا تتمثل في أن الدستور العراقي نص على أن تكون هناك هيئة رئاسة مكونة من رئيس وعضوين لكن ثلاثتهم يتمتعون بحق النقض (الفيتو) لكن لدورة واحدة فقط. والآن وقد انتهت الدورة الأولى التي كان فيها الرئيس جلال طالباني رئيسا لهيئة الرئاسة المؤلفة، طبقا لقاعدة التوافق السياسي وهي البديل المحسن للمحاصصة، من عضوين شيعي «عادل عبد المهدي» وسني «طارق الهاشمي» فضلا عن مام جلال «كردي». والآن وقد انتهت تلك الدورة ولم يعد هناك غير رئيس واحد ولكن هذه المرة بلا فيتو وهو ما يعني بالقلم العريض بلا صلاحيات. الإشكالية القائمة أن الدستور لم يعدل حتى الآن بما ينسجم مع هذه الحالة التي يصبح فيها الرئيس رئيسا بلا صلاحيات تنفيذية إلا على أضيق نطاق بينما لا تزال المادة 76 من الدستور تشير إلى أن السلطة التنفيذية تتكون من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء. الإشكالية هنا أن كلا من رئيسي الجمهورية والوزراء لا يتمتعان طبقا للدستور بصلاحيات منفردة بل إن الصلاحية هي لمجلسي الرئاسة والوزراء. وكان هذا الموضوع واحدا من القضايا التي ظلت عالقة بسبب عدم تعديل الدستور. مع ذلك هناك نوع من «المسكوت عنه» بين رجال الطبقة السياسية العراقية بشأن هذه القضايا، وبالتالي فإن القاعدة المعمول بها تكاد تكون أقرب إلى العرف منه إلى المواد الدستورية الواضحة. فالجميع يعمل وفقا لثقله الطائفي والعرقي والانتخابي. ولكن طبقا لقاعدة التوازن الاجتماعي والقومي والمذهبي في العراق فإن القاعدة الاجتماعية والسياسية غالبا ما تتماهى مع نتائج الانتخابات بحيث يصير المكون الأكبر عددا من حيث السكان هو الأغلبية السياسية أيضا. وعندما شذت القائمة العراقية عن هذه القاعدة عند حصولها على الأصوات الأكبر التي أهلتها لأن تكون القائمة الأكثر عددا والمؤهلة لتشكيل الحكومة ظهرت «صفح» قاعدة التوازن المذهبي والاجتماعي فأقصت «العراقية» من قاعدة الأغلبية الانتخابية وأعادتها إلى أصلها الاجتماعي بوصفها ممثلة للمكون السني. مع ذلك ووفقا لقاعدة الترضيات التي غالبا ما تظهر في الأزمات الحادة فقد تم الاتفاق على تشكيل المجلس الوطني للسياسات العليا لاستيعاب ما يمثله إياد علاوي من ثقل سياسي بوصفه قاد قائمة غالبية مرشحيها من السنة لتحتل المركز الأول. كما برزت قاعدة أخرى تتمثل في ضرورة احتواء المكون التركماني في المناصب السيادية العليا وفي المقدمة منها منصب نائب رئيس الجمهورية. عند هذا الحد دخل الجميع في متاهة تتمثل هذه المرة في ضرورة تحقيق نوع من التوازن بين ما هو انتخابي وما هو قومي. فالمقاعد التي حصل عليها التركمان الموزعون مذهبيا على قوائم السنة والشيعة والأكراد لم تؤهلهم للحصول على منصب سيادي كبير. وكحل لهذه المشكلة ظهرت قضية الاستحقاق القومي وهي القاعدة التي انسحبت حتى على الوزارات الأمنية حيث طالب الأكراد بأن تكون إحدى الوزارات الأمنية الثلاث الدفاع والداخلية والأمن الوطني أو جهاز المخابرات لهم وفقا للعرف الجديد وهو الاستحقاق القومي. لم تمض الجهود التي بذلها الرئيس العراقي جلال طالباني الذي أصر على وجود نائب تركماني ثالث له نحو النجاح حتى الآن. فلقد ظهرت إشكالية جديدة داخل التحالف الشيعي تمثلت في الأغلبية الانتخابية التي جعلت مرشحي الشيعة لمنصب نائب الرئيس اثنين وليس واحدا. عند هذا الحد توجه طالباني من جديد إلى البرلمان لكي يحصل على موافقته بتعديل القانون بجعل منصب نواب الرئيس أربعة بدلا من ثلاثة لكي يتم حسم الجدل بين ما هو انتخابي وما هو قومي وما هو مذهبي داخل المكون الواحد وهذه واحدة من الإشكاليات الطريفة في الحالة العراقية.. وهو ما ينطبق على العرب والأكراد والتركمان.. فلدى كل مكون منهم سني وشيعي. وكثيرا ما يكون الاختلاف داخل كل مكون من منطلق مذهبي عندما يكون العائق قوميا أو منطلق قومي حين يكون العائق مذهبيا.








http://www.ishtartv.com/viewarticle,34173.html