من العادات والتقاليد الاجتماعية في برطلي ( الزيارة إلى دير مار دانيال )

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, أكتوبر 21, 2011, 11:56:16 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

من العادات والتقاليد الاجتماعية في برطلي

( الزيارة إلى دير مار دانيال )


وهو من الأديرة القريبة والتي حرص البرطليون على زيارتها ، ويقع فوق قمة جبل يسمى باسمه ورسميا يسمى ب ( جبل عين الصفراء ) يبعد عن البلدة مسافة النصف ساعة سيرا على الأقدام . ومار دانيال هذا هو احد الرهبان الذين رافقوا مار متى الناسك في رحلته من جنوب تركيا إلى بلاد آثور جراء الاضطهاد الذي مورس ضد المؤمنين في القرن الرابع الميلادي فاتخذوا من كورة نينوى مكانا لنسكهم وتعبدهم لخالقهم .
يقوم البرطليون بزيارة أطلال هذا الدير في ذكراه التي تصادف في 20 / 10 من كل عام وتبدأ الزيارة بعد الانتهاء من مراسيم القداس الاحتفالي الذي يقام بهذه المناسبة في كنائس البلدة ، ومن ثم تبدأ الرحلة باتجاه جبل مار دانيال بعد أن مرّ الناس ببيوتهم لحمل طعامهم الذي سيتناولونه فوق قمة هذا الجبل المقدس .
رغم تعب الطريق لكن الناس على اختلاف أعمارهم تجدهم فرحين مبتهجين يتجاذبون أطراف الحديث طوال الطريق المؤدي من البلدة إلى قمة الجبل ، وفور وصولهم أطراف الجبل يتسلقون سفحه من جهة ذيله ومن المنطقة المسماة ( عين الصفراء ) ، وعين الماء هذه لها خصائص وهي أن الأشخاص المصابون ب ( داء الكبد الفيروسي ) والمسمى ( أبو صفير ) يقصدونها ليغتسلوا بمائها فيشفون من مرضهم ولازالت هذه العادة متبعة لحد الآن لدى الكثيرين من أبناء البلدة والقرى المجاورة .
يتسلق الزائرون سفح الجبل من هذا المكان كونه اقل انحدارا ووعورة وما أن يصلون مكان أطلال الدير فوق قمة الجبل يأخذون قسطا من الراحة وليكتمل الجمع لتبدأ بعد ذلك مراسيم صلاة التشمشت وأثناء الصلاة تخرج من شقوق أطلال الدير نوع من الخنافس حمراء اللون يقال أنها لا تظهر إلا في هذا اليوم فقط بل يقوم البعض من الزوار ولشدة إيمانهم بابتلاع هذه الخنافس التي يعتقدون بأنها تمثل رهبان هذا الدير الذي كان مأهولا بهم في فترة ازدهاره بل وحتى أصبح هذا الدير يسمى من قبل بعض الرحالة الذين زاروه من أمثال ياقوت الحموي بدير الخنافس .
بعد أن يعيش الزوار في جو روحي تخللته الصلوات والتراتيل الدينية السريانية الجميلة ينتشر الجميع على سطح الجبل كل وحسب ما يبتغي أن يحصل من خيراته فالرجال يتجولون في الجبل للحصول على فروع الأشجار التي يمكن أن يستخدمونها لصنع بعض ما تحتاجه أدواتهم الزراعية والشباب والفتيات لجمع البلوط المنتشرة أشجاره في الجهة الأخرى من الجبل والنسوة يتجاذبون أطراف الحديث في ما بينهم وهم يهيئون وجبة الطعام البسيطة أما الأطفال فيتخذون من سطح الجبل ملعبا لهم خصوصا وهو يساعد على ذلك كون سطحه عبارة عن ارض سهلية منبسطة حتى أنها استخدمت في فترة من الفترات لزراعة الحبوب .
لقد أصبح لهذا الدير أهمية كبرى لدى أبناء البلدة خصوصا بعد ما تم تسجيله والأراضي المحيطة به باسم كنيسة برطلة وقد جرى هذا بعد ما حاول احد الإقطاعيين الاستيلاء عليها ولكن بهمة ألخوري الياس شعيا البرطلي كاهن كنيسة مارت شموني في برطلة وبجهود الرجل الغيور الدكتور عبد الأحد عبد النور وبعد معركة قانونية في المحاكم العراقية تم الحصول على قرار من محكمة التمييز العراقية بتسجيل الدير والأراضي المحيطة به باسم الكنيسة ولإثبات حق الكنيسة الشرعي بذلك كان الأب ألخوري الياس شعيا قد أمر أبناء برطلة بالتوجه لزراعة سطح الجبل بالحنطة والشعير وفعلا ولغيرة أبناء البلدة على ذلك هب الجميع بحراثة الأرض بمحاريثهم اليدوية وزراعتها لعدة سنوات كما قام ألخوري الياس بشق طريق صخرية إلى سفح الجبل لتسهيل مهمة وصول وسائط النقل إلى الدير على أمل أن تبلط هذه الطريق لكنها بقيت على حالها لحد الآن .
قبل مغيب الشمس يأخذ الجميع طريق العودة إلى البلدة التي تبدو من على سطح الجبل على مرمى حجر وكأنها لؤلؤة في وسط هذا السهل المترامي الأطراف .فيكون الجميع قد أتم زيارة لا تتكرر إلا مرة واحدة في السنة .