كيف نتوقع عراقاً مزدهراً والمحاصصة قتلت كل مبادئ الديمقراطية؟

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, نوفمبر 30, 2015, 08:32:08 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

كيف نتوقع عراقاً مزدهراً والمحاصصة قتلت كل مبادئ الديمقراطية؟


ترجمة: سناء البديري*

في دراسة قام بها عدد من المراقبين لسير العملية السياسية في العراق خاصة بعد عام 2003 وما مرّ بالعراق من انتخابات ديمقراطية حسب ما وصفت به حينها توصلوا الى حقيقة مفادها إن « الطائفية جاء بها الاحتلال الأميركي للعراق من خلال مجلس الحكم الذي أسس على معايير طائفية وعرقية وجهورية.»
واضافوا إن « الأصل في العملية الانتخابية التي جرت في العراق على مدى السنين الماضية كانت استقطاباً طائفياً بحتًا , لان بعض الأطراف السياسية الديمقراطية لم تحقق حضوراً برلمانياً .»
موضحين بأن «الديمقراطية في العراق الآن كلامية فقط ليس إلا، وان بعض الوزارات عبارة عن اقطاعيات للحزب الفلاني وللوزير اذ يقرب ويبعد كيف يشاء والتي تعدّ هذه التوافقات والمقاربات الطائفية عرفاً سياسياً وهو المقتل الذي أصاب مشروع البناء الديمقراطي في العراق.»
كما اشاروا الى إن « وصفة بريمر في المحاصصة الطائفية في تشكيلة مجلس الحكم العراقي ، وصفة أميركية غير قابلة للاستعمال، الا خارج حدود الولايات المتحدة الأميركية، ولو كانت وصفة ديمقراطية حقيقية، فكان الأولى ان يتم تطبيقها على الأرض الأميركية، ففي الولايات المتحدة أبيضاً وأسوداً وأوروبياً وأفريقياً وهندياً احمر وعربياً وآسيوياً، كما على الأرض الأميركية مسلماً ويهودياً ومسيحياً وسيخاً.»
كما اكدوا ان « على الرغم من معرفة القوى الوطنية العراقية المشاركة في مجلس الحكم خطورة هذه الخطوة الا انهم رضوا بهذه القسمة التي كانت منطلقًا لترسيخ مفهوم المحاصصة في العملية السياسية العراقية والتي لازمتها لحد اليوم مع اختلاف التسميات مع مرور الوقت فالمحاصصة الطائفية تحولت الى حكومة شراكة وطنية والى التوافقية التي تعني فيما تعنيه ان تغض الطرف عن أخطائي وأغض الطرف عن أخطائك ويتحمل الشعب الأخطاء جميعًا ، الا ان هذه التوافقية احتفظت بمضمون المحاصصة نفسه الذي يفرض حصول الأشخاص والمكونات على مناصب على أساس الطائفة والدين والقومية بعيدًا عن الكفاءة والإخلاص والنزاهة ومفاهيم أخرى كثيرة كان من المفروض ان تتوفر بمن يتولون هذه المناصب لنضمن تقديمهم الأفضل للشعـب العراقي.»
كما شددوا بالقول ان « روح الطائفية في المجتمع العراقي تم أذكاؤها بفضل الدور الكبير لزعماء الطوائف الذين جاءوا لحكم العراق، نيابة عن الإدارة الأميركية وتنفيذًا لتعليمات الاحتلال وتحقيقًا لأهدافه، وهؤلاء العملاء لم يكن يعنيهم العراق والعراقيين، ولا يؤمنون بالديمقراطية ولا يفهمون أبجدياتها، بدليل أن كل ما اتصفوا به طيلة مدة الاحتلال هو النهب والسرقة والإجرام، حتى حولوا الحياة على ارض العراق إلى جحيم في وجه أبنائه، وأصبح العراق الدولة الأولى في الفساد، ودولة فاشلة في توفير الأمن والمتطلبات الأساسية لأبناء الشعب.»
ونوهوا بالقول ان « النظام الطائفي لن يكون نظامًا ديمقراطيًا، وكذلك الزعيم الطائفي لن يكن ديمقراطيًا، بل على العكس، فالنظام الطائفي من ألد أعداء الديمقراطية، والزعيم الطائفي اكبر مجرم في حق الديمقراطية، لأن الطائفي يؤمن بان طائفته فوق الجميع، ومن يؤمن بان حصته من المجتمع هي فوق المجتمع، أو هو زعيم فوق كل الزعماء، لا يمكن أن ينسجم مع المبادئ الديمقراطية، التي تعني أن جميع أفراد المجتمع متساوون في الحقوق والواجبات، وليس لأحد فضل على الآخر لا في العرق ولا في الدين ولا في الطائفة، والناس سواسية في انتمائهم الوطني، وليس هناك مرجعية تعلو على مرجعية الوطن الواحد والمجتمع الواحد.»
كما اوضحوا بالقول ان « ذلك يفسره ما يستشعره تجار السياسة والقيم والمقدسات في العراق من عناصر القوة في الحكم وعدم إقامة أي وزن للرأي العام ما دام انه منقسم ومعطل ومشوه المقاييس بنحو مرضي وعلى وفق ما يريده هؤلاء. يفسر ذلك أيضاً كيف تغيب المحاسبة: الدولة وأجهزتها معطلة. الناشط منها وفيها يعمل لحساب الكبار من ممثلي الجماعات والدويلات. كما ان المواطن لا يقبل أن يتعرض أحد لـممثليه طالما أنهم يعبرون عن «كرامة» ومصالح الجماعة أوالطائفة أو المذهب أو العشيرة.»
كما أكدوا ان « العراق في الوقت الحالي أمام شبكة محكمة متكاملة، برغم التنافس وبعض التناقضات بين أطرافها في مجرى الصراع على ما تسعى لأن توفره لنفسها من امتيازات، وما تقطعه من واردات، وما تختلقه من اوهام وعصبيات، وما تقيمه أو يُفرض عليها من علاقات وارتباطات والتزامات.»
كما اضافوا ان « برغم كل ذلك وبسببه، وبرغم التضليل والأوهام، فالأزمات أكبر والمخاطر أعظم، والمواطن تتفاقم معاناته من الخوف والعوز والخطر والضياع ولكن يبقى امرًا مهمًا وخطيرًا «لا يمكن خداع كل الناس في كل المسائل وفي كل الأوقات»
كما اختتموا قولهم « من أجل وقف مسلسل الفضائح التي سببتها تلك اللعنة على العراق يجب الذهاب إلى مصدرها الأساسي والتي تكمن في نظام المحاصصة نفسه. من اجل دفع ضررها وخطرها عن الوطن والمواطنين، ومن أجل دفع هؤلاء إلى التخلص منه والعبور نحو بناء دولة حصينة وموحدة وعادلة ومستقرة ومستقلة (ولو نسبياً!).»

*عن معهد الدراسات الاستراتيجية الأميركية



http://www.newsabah.com/wp/newspaper/67439
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة