تأخر الولايات المتحدة في الرد على سقوط الموصل منح إيران الفرصة لتعزيز نفوذها

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, نوفمبر 12, 2014, 05:43:29 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

تأخر الولايات المتحدة في الرد على سقوط الموصل منح إيران الفرصة لتعزيز نفوذها في العراق مع الشيعة والأكراد... وأرسلت سليماني ليحيي المليشيات الشيعية
إبراهيم درويش



لندن ـ «القدس العربي»: في الأيام الأولى للتقدم الحاسم لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في اتجاه مدن شمال العراق، اتخذت إيران قرارا استراتيجيا رغم الفشل الأمني الواضح برصد تحركات التنظيم الجهادي بالتحرك ووقف تقدمه نحو العاصمة بغداد.
ويرى محللون نقلت عنهم صحيفة «فايننشال تايمز» أن قرار الولايات المتحدة تأخير الضربة العسكرية ضد الجهاديين بعد تأكيد سيطرته على مدن الأنبار ومدينة الموصل في 10 حزيران/ يونيو منح الإيرانيين فرصة للدخول وتعزيز نفوذهم. ففي الوقت الذي كان فيه فلاح الفياض، مستشار الأمن القومي العراقي في واشنطن يحاول إقناع الإدارة الأمريكية بنشر طائرات مقاتلة لمساندة العراق والقتال ضد تنظيم داعش بدأت التقارير الإخبارية المرعبة تتدفق وتتحدث عن دخوله الموصل وتقدمه نحو بغداد.
وعندها قرر الفياض العودة للعراق حيث بدأ الكثير من سكان العاصمة يفكرون بالهرب جنوبا أو للخارج وخافت المصارف من نفاد ما لديها من أرصدة.
وإزاء هذا الوضع ناشدت الحكومة العراقية واشنطن وطلبت منها المساعدة وكان الرد حسب الفياض هو «نقوم بدراسة الموضوع» وألمحوا إلى انهم غير راضين عن الحكومة العراقية. وستأخذ واشنطن مدة شهرين لدراسة الموضوع وقبل أن تهب لنجدة الحكومة العراقية التي تغيرت.
وخلال فترة المداولات في أروقة الإدارة الأمريكية استغلت إيران الوضع وبدأت بإرسال أسلحة وذخائر ومعلومات استخباراتية وخبراء عسكريين، من اللحظة التي سقطت فيها الموصل.
وتنقل الصحيفة عن الجنرال قاسم عطا، مدير المخابرات العامة قوله «منذ اليوم الأول أرسلنا طلبات للأمريكيين لتزويدنا بالإسلحة والتدريب»، وكان مبرر الولايات المتحدة عدم إرسال المساعدات هو الانتظار حتى يتم تشكيل حكومة جديدة «ولم يكن أمامنا أي خيار بل الطلب من إيران.. كان علينا الدفاع عن أنفسنا» كما يقول عطا.

لماذا تأخر الأمريكيون؟

ورغم تسيد إيران الساحة العراقية منذ إطاحة الأمريكيين بصدام حسين عام 2003 إلا أن انتظار إدارة أوباما تنحي نوري المالكي المسؤول عن الأزمة وتشكيل حكومة جديدة أدى لتقوية ساعد إيران في العراق حسب مقابلات أجرتها الصحيفة مع مسؤولين عراقيين وإيرانيين.
ويرى هؤلاء ان التأخر الأمريكي أدى لتدخل إيران أكثر في شؤون العراق وإلى تعميق العلاقات الأمنية بين البلدين وأوقفت الجهود لإبعاد العراق عن الدوران في الفلك الإيراني. ويأتي الحديث عن الدور الإيراني في العراق في وقت تمر فيه العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية بمنعطف حيوي حيث يجري البلدان محادثات للتوصل لاتفاق حول الملف النووي الإيراني، وفي وقت ضاعفت فيه إدارة الرئيس باراك أوباما من عدد القوات الأمريكية وأرسلت يوم الجمعة 1.500 جندي إضافي.
وترى الصحيفة أن تردد أوباما في الرد على خطر داعش وفتحه المجال لإيران كي تشكل الرد الأمني على تنظيم الدولة الإسلامية يسهم إلى حد ما بإضعاف يد الأمريكيين في الازمة العراقية.
وتشير الصحيفة إلى ما قامت فيه طهران من إعادة تشكيل قوات الأمن العراقي بطريقة ستؤثرعلى مستقبل العراق وطبيعة الحرب ضد داعش التي تشمل كلا من سوريا ولبنان.
ويقول نقاد الإدارة إن ما قامت به إيران سيعزز دور الشيعة والمليشيات الموالية لطهران في مؤسسات العراق الأمنية.
وينقل التقرير عن نبيل يونس، المحاضر في العلوم السياسية ومستشار لأحد الساسة السنة «لم تتحرك الولايات المتحدة بالسرعة الكافية لمساعدة العراق في الوقت الذي غزا فيه داعش الموصل تاركة المجال أمام دول أخرى لتعزيز تأثيرها»، مشيرا إلى أن إيران تحركت بسرعة للحفاظ على تأثيرها داخل العراق.
ويرفض المسؤولون الامريكيون فكرة ملأ إيران للفراغ الذي تركه الأمريكيون، ويقولون إن الرئيس الأمريكي أوباما سارع بعد أربعة أيام من سقوط الموصل، لإرسال قوات خاصة وأربع طائرات بدون طيار للتجسس وقام الجنود بإنشاء مركزين للعمليات الخاصة في كل من بغداد وإربيل.
وفي اتجاه آخر دعا المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، أليستر باسكي لعدم المبالغة بدور وتأثير إيران على القادة العراقيين. وعليه فمن الباكر لأوانه الحديث عن أثر التدخل الإيراني في تقرير المعركة ضد داعش.
وترى الصحيفة ان اعتماد القوات الأمنية العراقية على المساعدات والمستشارين الإيرانيين بمن فيهم الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الجمهوري والذي يشرف على عمل المليشيات الشيعية العراقية قد يحدد من نفوذ السياسة الأمريكية في العراق.
وربما أثر التدخل الإيراني على مستقبل المفاوضات حول الملف النووي والحرب في سوريا حيث تجنبت واشنطن نظام بشار الأسد الذي يلقى دعما من طهران.
وقد ينبع تأثير إيران أكثر في العراق من خلال تفعيلها عمل الميليشيات الشيعية التي تعرف باسم «قوات الحشد الشعبي».
وبات سليماني يلعب دورا مهما في الأزمة، وتنشر صوره في الإعلام الإيراني وتصوره بصورة البطل. ووصف مسؤول عراقي لباحثة في معهد الشرق الأوسط دور الجنرال سليماني بأنه «قائد القوات المسلحة العراقية».

صدمة

وتقول الصحيفة إن سليماني سافر إلى العراق حالا لمساعدة الحكومة في الوقت الذي كانت تقلب واشنطن الموضوع وتبحث عن طرق للرد. فمثل بقية الدول شعرت إيران بالصدمة من هزيمة الجيش العراقي وسقوط الموصل، ولكن المسؤولين الإيرانيين اتخذوا قرارا لوقف تقدم داعش والتعامل مع الآثار لاحقا حسبما نقلت الصحيفة عن دبلوماسي بارز في بغداد. وفي الوقت نفسه جرى في طهران تبادل اتهامات حول الفشل الأمني رغم الشبكة الاستخباراتية الواسعة لإيران في العراق.
ومن أجل التغطية على الفشل الاستخباراتي الذريع والذي يعتبر قاسم سليماني مسؤولا عنه في النهاية تمت إعادة انتاج صورة الجنرال في محاولة كما قالت «فايننشال تايمز» في تقرير لها يوم السبت للتأكيد على حضورها في العراق وأنها تمسك بزمام الأمور هناك.
وتنقل الصحيفة عن إصلاحي إيراني قوله إن «سياسات إيران في المنطقة ليست مرتبطة بسليماني ولكن إيران كانت بحاجة للتغطية على فشلها، مشيرا أيضا إلى أن سليماني ينفذ السياسات التي يرسمها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي.

بدأت المكالمات

ومع سقوط الموصل بدأت المكالمات تصل تباعا إلى بغداد وإربيل، عاصمة إقليم كردستان من طهران يعرض فيها القادة الإيرانيون خدماتهم على الشيعة والإكراد.
وبحسب قاسم عطا «قالوا لنا نحن مستعدون إن أردتم»، ويضيف أن الإيرانيين عرضوا في الأيام الأولى إرسال قوات برية.
فبالإضافة للدبابات وقنابل الهاون قدم الإيرانيون معلومات أمنية. ويقول موفق الربيعي، مستشار الأمن القومي السابق، إن أول من حضر للمساعدة كان الحرس الثوري الإيراني «ووصلوا بعد يومين وهم من أنقذوا الوضع»، مقارنة مع الموقف «الأناني» للأمريكيين حسب سعدي أحمد باير، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني.
ولكن الموقف الأمريكي عقدته حقيقة بقاء المالكي في السلطة، فسياساته الطائفية ضد السنة كانت مسؤولة إلى حد كبير في صعود الجهاديين، وقد اعترف نائب مسؤولة الأمن القومي، أنتوني بلينكن بأن أدارة أوباما سعت لتشكيل حكومة جديدة حتى لا تظهر بمظهر من يقوم بمساعدة المالكي.
خاصة ان رحيل الأخير كان ضروريا لبناء دعم واسع للحملة العسكرية ضد داعش، «فلم نكن نتوقع مشاركة الأكراد والسنة ودول الجوار المختلفة الانضمام لقوة مواجهة داعش بوجود حكومة عراقية تتبنى أجندة طائفية صارخة».

عودة المليشيات

رغم موقف إيران المتشكك من نوري المالكي وقدرته على الحكم إلا أن الجنرال سليماني وصل إلى بغداد بعد يومين من سقوط الموصل. واجتمع مع قادة الحكومة ومع رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، الرجل الذي طالما شك بنوايا إيران في العراق.
ورغم ذلك تقول الصحيفة إنه تلقى سليماني بحرارة، وبعد سنوات من القطيعة مع طهران قربته الأزمة منها.
وتنقل عن مثنى أمين، عضو برلمان إقليم كردستان عن حزب الاتحاد الإسلامي الكردستاني قوله إن البارزاني كان على علاقة جيدة مع الولايات المتحدة والغرب ولكن عندما تخلى الغرب عنه اقترب من إيران.
وأهم ما قام به سليماني هو إعادة تجميع صفوف القوى الأمنية وإحياء المليشيات الشيعية التي دربها الإيرانيون.
ويقول الربيعي إن الايرانيين أرسلوا مدربين ومرشدين ومخططين للحشد الشعبي، وأسهموا في تحشيد الميليشيات الشيعية. وكان الإيرانيون حذرين في مشاركتهم في المعارك وتجنب أي مواجهة بالخطأ مع الأمريكيين، وهو ما يراه حسين شيخ الإسلام، المستشار البارز للبرلمان الإيراني نتاج تفاهم يتعلق بساحة المعركة.
ويشير تقرير الصحيفة لخطة مثيرة للجدل تقوم على التخلي عن المناطق السنية في غرب محافظة الأنبار مما يعزز الانقسام في البلاد، تماما كما يحدث في سوريا.
ويقول ديبلوماسي بارز «يرى البعض في إيران وأصدقائها في العراق أن هذا يشبه الوضع في سوريا». وكانت الخطة تقوم على الانسحاب من الأنبار والحفاظ على ما بيد الحكومة ومن ثم تجميع القوات من جديد وشن هجوم لاستردادها فيما بعد. وتعكس الخطة اهتمام إيران بحماية شيعة العراق. ويعلق شيخ الإسلام بقوله إن «داعش لن يختفي في عام أو عامين لأن الثقافة السنية معجبة بهذه الجماعات» وهو تعليق يعبر رؤية شوفينية للقادة الإيرانيين يحملونه تجاه العرب السنة.
ويرى بعض المحللين الإيرانيين أن طهران تصرفت بعقلانية مقارنة مع سوريا حيث أصرت على بقاء الأسد مما عقد علاقاتها مع جيرانها، والسبب يعود لخوفها على حدودها وتأثرها من خطر داعش. لكن محللا إصلاحيا يرى أن إيران خسرت في العراق وسوريا «فهي مثل الملياردير الذي أصبح مليونيرا في العراق وسوريا»، فلا يمكن لها التراجع عن دعم الأسد في الوقت الذي توسعت فيه الحرب ضد الجهاديين للعراق أي قريبا من حدودها. وترى الصحيفة أن تقدم قوات داعش والتدخل الإيراني المبكر سيعيد تشكيل الإطار الأمني في العراق للسنوات المقبلة.
فالحلف الذي أقامه الأكراد مع تركيا يبدو اليوم والذين حاولوا إبعاد أنفسهم عن الجمهورية الإسلامية واقاموا تحالفا مع الأتراك يعيش حالة من من الفوضى. فيما عادت المليشيات الشيعية التي اعتبرها البعض عام 2010 ميتة للظهور من جديد ولعب دور مهم في السياسة العراقية، وأعاد مقتدى الصدر تسمية جيشه المهدي باسم كتائب السلام.
وستلعب المليشيات الشيعية التي يتحمس قادة العراق لدمجها في القوى الأمنية العراقية دورا في تعزيز مصالح إيران.
ويرى نبيل يونس أن دور إيران في العراق سيكون على المدى البعيد سلبيا. وبالنسبة لإيران ومرشدها الأعلى فتأكيد مصالح الجمهورية في العرق يعود لأن «أمن العراق هو أمن إيران».

إبراهيم درويش


http://www.faceiraq.com/inews.php?id=3224750
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة