غابات الموصل : تكشف عن الجمال في قلب الجمال / صور

بدء بواسطة جون شمعـون آل سُوسْو, يوليو 04, 2012, 11:59:53 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

جون شمعـون آل سُوسْو

غابات الموصل : تكشف عن الجمال في قلب الجمال  / صبحي صبري


   


    الغابات هي رئة الموصل , مرة أخرى دخلنا الغابات التي انحسرت بسبب التمدن والتوسع الحضري , دخلت محل أجزاء منها مدينة الألعاب والكازينوهات وخطوط النقل السريعة ومقتربات الجسور الحديثة والأحياء السكنية ... كنا في الماضي نسير على أرضها المغطاة بالأوراق المتساقطة ونمشي عليها وكأننا نمشي على اكبر بساط للطبيعية تتحلل دوريا لتصبح سماداً يجدد حيوية الأشجار ...

 


الأشجار كانت موجودة هنا بالآلاف وربما بالملايين .. أشجار من كل نوع وكان يقوم في منتصفها المخيم الكشفي الذي يستقبل طلائع الكشافة والمرشدات موسمياً لتقضي هذه الدورات أسابيع في حضن الطبيعة الساكنة إلا من أصوات آلاف الطيور وخرير المياه ... هنا يتعلم النشء الجديد طرق مواجهة الحياة بإرادة مستقلة وخبرة مكتسبة وعلاقات جديدة وناشئة في ظلال الأشجار.. وكانت توجد مناطق كثيفة تتشابك فيها نهايات الأغصان العليا للأشجار لتشكيل سقف كثيف يحجب الضوء والأمطار ويحيل فسحة تلك المناطق إلى ليل في قلب النهار حتى أن المرء يحتاج إلى مصباح ليخطو... إلى هذه الغابات كانت عوائل الموصل تزحف في العطل والمناسبات والأعياد متزودة بما تجود به مطابخها , كل عائلة تختار لها حيزاً بين الأشجار لتقضي فسحة يومها في تبادل الأحاديث وطهو الطعام بما تلتقطه من أخشاب صغيرة وأغصان يابسة توضع بين ثلاثة أحجار تثبت عليها القدور والطاوات على نار الطبيعة وكذلك تنصرف عوائل الموصل إلى إعداد الشاي على الفحم والتلذلذ بالكرزات الموصلية والتطلع إلى الأبناء والبنات في لهوهم البريء بكرة القدم والطائرة والريشة والتنس والألعاب الشعبية وغالباً ما يدب النشاط في أجساد الآباء والأمهات فيقومون إلى الساحات للعب مع أبنائهم حتى ينضج الطعام أو الشاي ... هنا كان يقوم الاختلاط بين العوائل ببراءة وقلوب صافية تقود إلى تعارف متين ومصاهرات ..

   

إذ غالباً ما تقوم الأمهات برصد واختيار العرائس لأبنائهن في هذا العرض الواسع الممتاز الذي يكشف الجمال في قلب الجمال ويطمئن الأم على سلامة وعافية ونشاط العروس التي تختارها بعينيها العارفتين ... ومع حلول المغرب نحمل ما تبقى معنا وننحدر إلى بيوتنا مشياً على الأقدام بانتظار عطلة أخرى أو عيد قريب ... وقد أصبحت غابات الموصل في فترة ماضية قريبة , مسرحاً جاهزاً لتصوير المسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية والأغاني العاطفية بوصفها مكاناً حقيقياً لا يحتاج إلى ديكور أو تجميل وكانت الفرق الفنية تعسكر في قلب الغابات للعمل والمبيت وذات يوم قال المخرج السينمائي الراحل صاحب حداد (هذه هي هوليوود العراق) وكان يقصد مدينة الموصل أم الربيعين في تنوعها بين النهر والغابات والوديان القريبة والسهول الممتدة والجبال المرئية واخضرار الأرض وصحوها الصافي وقد عمل في حضن الغابات وقضى فيها ليالي مخرجون وممثلون وفنيون كثيرون من العراقيين والعرب منهم المخرج الراحل صاحب حداد والمخرج الأردني محمد عزيزيه والمخرج المصري فؤاد عبد الجليل والمخرج العراقي صلاح كرم ..

هذه هي الغابات ... جنة الموصل التي تتحمل أذى حر الصيف وبرد الشتاء عنا