العراقيون والالمان: هذه ديمقراطيتنا... وتلك ديمقراطيتهم!!

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, أبريل 06, 2012, 06:28:40 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

العراقيون والالمان: هذه ديمقراطيتنا... وتلك ديمقراطيتهم!!

بقلم د. ميرزا حسن دنايي

شهدت مدينة برلين يوم الاحد الماضي عملية انتخاب الرئيس الالماني الجديد (يواخييم غاوك)، بعد أسابيع من استقالة (كريستيان فولف) الذي لم يستطع ان يقاوم الضغط الاعلامي والانتقادات الشديدة بحقه. والقصة بإختصار أن الرئيس السابق قام قبل سنوات -أثناء فترة ولايته لرئاسة وزراء نيدرساكسون- بالحصول على تسهيلات من أحد معارفه الاثرياء، لقرض مالي بفوائد قليلة من أجل شراء منزل (بقيمة نصف مليون يورو)، كما قضى هو وزوجته اجازة أسبوع في بيت هذا الثري "مجانا". فهاجمت الصحافة الالمانية عليه بضراوة بالغة لمجرد "الاشتباه" بقضية فساد. بل هوجم حتى في مقابلة على التلفزيون الالماني قبل أشهر، حيث قالت له المذيعة "كيف تسمح لنفسك بقضاء اجازة اسبوع في بيت شخص أخر؟" فأجابها "هذا الشخص الذي تتحدثين عنه صديق والدي وصديقي منذ عشرات السنين، فهل يعقل أن أنام في غرفة بمنزل صديق ضيفا عليه وادفع فاتورة المبيت"، وكان رد المذيعة "نعم كان عليك على الاقل ان تدفع 80 يورو ثمن الماء الذي صرفته انت وزوجتك".

لكن الحدث الأكبر الذي جعل فولف يسقط وفتح أمامه أبواب الجحيم، هو ان جريدة (بيلد) ذات الشعبية الواسعة أعلنت انها بصدد نشر موضوع عنه، في وقت كان هو في زيارة رسمية خارج المانيا، فإتصل فولف برئيس تحرير الجريدة يطلب منه تأجيل النشر لحين عودته، فلم يذعن. ويبدو انه تعصب على الصحفي أثناء المحادثة الهاتفية. فما كان من الجريدة الا وجعلت فضيحة رئيس جمهورية المانيا "بجلاجل". وإنهالت على الرئيس الانتقادات القاسية، حيث إعتبر اتصاله الهاتفي في إطار محاولة تحجيم "حرية الصحافة" التي هي واحدة من أسس الديمقراطية. الى درجة إن إعتذاره الرسمي لأكثر من مرة لم يعد ينفعه وكانت نهايته الاستقالة.
وبعد أسابيع قليلة تم اختيار الرئيس الجديد (يواخييم غاوك)، وهو حقوقي وشخصية مستقلة ترجع جذوره الى المانيا الشرقية. إتفقت عليه المعارضة والسلطة في وقت واحد. وكان رأي السياسيين عنه: "أنه خير من يستطيع ان يدفع عجلة الديمقراطية الى أمام، لأنه عاش في عهد دكتاتورية ألمانيا الشرقية وبالتالي هو يفهم أهمية العمل الديمقراطي ويقدر الحريات".
أما ديمقراطية العرب، فهي ديمقراطية تكميم الافواه والذبح على الهوية والسجون والمعتقلات. الرئيس عند العرب معصوم من الاخطاء ومنزل من السماء. بل حتى المسؤول في الدائرة العادية في بلادنا يتصرف وكأنه نبي.

وإذا كان قرض من البنك، يشتبه ان يكون فيه فساد قد أسقط رئيس دولة عظمى مثل ألمانيا، فأن أصغر مدير عام في بلادنا "يبتلع" مليون دولار على توقيع واحد، وموظف مرتشي في وزارة النفط او التجارة يمكن أن يحصل على "إكرامية" من أجل تمشية معاملة تفوق راتب الرئيس مدى الحياة. أما المشاريع الوهمية التي تنتشر في كافة المحافظات من الموصل الى البصرة، فتبدأ بالأقضية والنواحي ورواتب عمال وموظفين وهميين، ومرورا ً بالحصص التي يأخذها بعض المسؤولين من المقاولين والشركات، وإنتهاءا ً ببناء مشاريع عملاقة على الورق، لا أحد يعرف مصيرها سوى في قوائم الحسابات والموازنة العامة. صحيح أن لدينا هيئة إسمها النزاهة، ولكن ماتفعله الهيئة هو جمع الملفات، فهي عاجزة عن المحاسبة. ولا أحد يعرف كيف سيتم حسمها. لأن حسم بعض الملفات يتم على طاولات بعيدة عن العيون، وأخرى تبقى في المجرات حتى يحين موعدها. 

وإذا كانت الصحافة قد أسقطت رئيس ألماني، فالصحفي في بلادنا إما أن يكون بوق لتمجيد المسؤولين أو يكون مغضوب عليه طول العمر لايجد من يشغله. ونموذج الصحفي في بلادنا هو موقف أحد الاعلاميين من قناة العراقية، حينما سأل أحد الضباط في عمليات بغداد سؤالا محرجا ً، فبدل الاجابة قام بتوبيخه قائلا ً له: "نحن –المقصود الحكومة- ندفع لكم الرواتب، لهذا ليس من حقكم ان تعرفوا المعلومات الامنية إلا منا".

وإذا كان الالمان قد إختاروا شخصية من "الشرق" لأنه عاش مظلومية "الحكم الدكتاتوري" لكي يحافظ على "الديمقراطية"، فالبعض في بلادنا حتى بعد 1400 سنة من قهر الاخرين لايستوعبون ان يكون رئيس الوزراء من الشيعة، بحجة "أن الشيعة لايعرفون أن يحكموا". وفي الوقت الذي يقبل الالمان أن يكون وزير خارجيتهم (كيدو فيستفيلا) من "المثليين جنسيا"، نقوم نحن المؤمنون بقتل مراهقينا الشباب رجما ً لمجرد انهم كانوا يلبسون ملابس سوداء وصور جماجم لايعرفون معناها. ولايزال حتى بعض السياسيين يستصعبون أن يكون وزير الخارجية كرديا ً، فيستغلون أبسط مناسبة للتهجم عليه، والبعض الآخر لايخفي امتعاضه أن يصبح رئيس الجمهورية من الكورد. بل حتى السيد طارق الهاشمي المحتمي-الضيف على إقليم كردستان هذه الايام كان يقول عقب الانتخابات "أن منصب رئيس الجمهورية يجب ان يكون محجوزا ً للعرب السنة حصرا ً".
فهذه هي ديمقراطيتنا وتلك هي ديمقراطيتهم ... وشتان بين أرض اؤلاءك الكفار وأرضنا نحن المؤمنين.
http://www.almowatennews.com/news.php?action=view&id=38405
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة