المونيتيور : مسيحيّون في كردستان العراق يشتكون من الاستيلاء على أراضيهم

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 07, 2016, 11:36:44 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

    المونيتيور : مسيحيّون في كردستان العراق يشتكون من الاستيلاء على أراضيهم

   
      
برطلي . نت / متابعة

بغداد /المونيتيور / عمر الجفال
يوليو 6, 2016

في 15 حزيران/يونيو الماضي، اشتكى عدد من المواطنين المسيحيّين في إقليم كردستان العراق من تعرّض قراهم الواقعة في محافظتي دهوك وإربيل إلى اعتداءات والاستيلاء عليها على يدّ سكّان كرد، متّهمين في الوقت ذاته حكومة إقليم كردستان بتجاهل قضيّتهم. ويعدّ هذا الموضوع ذات سابقة في الإقليم، وهو ما زال قائماً ومحلّ شكوى المواطنين المسيحيّين من دون أن يحصل على معالجة جادّة من قبل حكومة الإقليم.

وفي 13 نيسان/إبريل الماضي، منعت حكومة الإقليم سكّان 8 قرى مسيحيّة من منطقة "نهلة" في محافظة دهوك من الوصول إلى مبنى إقليم كردستان للاحتجاج والمطالبة برفع تجاوزات عن أراضيهم يقوم بها أفراد وعشائر من الكرد، إلاّ أنّ بعضهم استطاع الوصول والتظاهر، وقد رفعت لافتة بدت عميقة الحزن ممّا حملته من معانٍ، ولخّصت الأسى الّذي يشعر به المسيحيّون في الإقليم إذ قالت: "أينما يتواجد شعبنا (المسيحيّ) في الإقليم هناك تجاوز على أرضه".

وفي 22 نيسان/إبريل، عرض تقرير لمنظّمة "هيومن رايتس ووتش" المشاق الّتي تقف أمام المواطنين المسيحيّين في إقليم كردستان من استعادة أراضيهم، فضلاً عن تضييق السلطات الكرديّة عليهم في حقّهم بالمطالبة، بطرق سلميّة لاستعادة هذه الأراضي.

وتعود أزمة استيلاء أفراد وعشائر كرديّة على أراضي وممتلكات تعود مكليّتها إلى مسيحيّين لعقد الثمانينيّات. ففي عام 1986، هدم نظام صدّام حسين هذه القرى وشرّد سكّانها، إلاّ أنّ السكّان الكرد، بعد انتهاء العمليّات العسكريّة للنظام السابق عادوا إليها، واستولى الكثير منهم على أراضي المسيحيّين مستغلّين غيابهم القسريّ، وفقاً لمذكّرات وشهادات مسيحيّين من سكّان تلك القرى، لكنّ أمر الاستيلاء على أراضي المسيحيّين لم يتوقّف عند ذلك فحسب، فالأمر الّذي دفع بسكّان قرى نهلة إلى التظاهر هو تعدّيات جديدة قام بها مواطنون كُرد على أراضيهم، حيث تمّ تشييد منازل على هذه الأراضي في منطقة نهلة مطلع العام الجاري.

ويبدو أنّ حكومة إقليم كردستان العراق على اطّلاع بالمشكلة، إذ طرحت مبادرات عدّة منذ عام 2001 حتّى عام 2010 لحلّ أزمة التعدّي على أراضي المسيحيّين، "إلاّ أنّ شيئاً لم يتغيّر"، وفقاً لمدير مركز نينوى للدراسات ميخائيل بنيامين.

وميخائيل بنيامين هو ناشط مهتمّ بقضايا الأقليّات والشعوب الأصليّة، ولا يكلّ عن دراسة وإحصاء ومتابعة قضيّة أراضي المسيحييّن في إقليم كردستان، وقد قدّر بنيامين أراضي المسيحيّين المستولى عليها في مختلف مناطق وبلدات وقرى محافظتي دهوك وإربيل بـ"آلاف من الدونمات".

وشرح بنيامين خلال مقابلة مع "المونيتور" في 29 حزيران/يونيو جغرافيّة الأراضي المستولى عليها، والّتي يدور حولها النزاع، وقال: "في محافظة دهوك فقط هناك قائمة بـ56 قرية تقدّر مساحة الأراضي المتجاوز والمستولى عليها بما يقارب الـ47000 دونم".

أضاف: "هذه القائمة تشمل فقط القرى الّتي لأصحابها شكاوى في المحاكم". وتابع: "هناك قرى اضطرّ أصحابها منذ بداية ثلاثينيّات القرن الماضي إلى هجرها وتركها بسبب ظروف اللاّاستقرار والاضّطهادات والتعدّي على حقوقهم". وتشمل هذه الأراضي "حقولاً زراعيّة ومراعي وعيون مياه وعقارات وغيرها"، كما أشار بنيامين.

وبدوره، لا يتوانى رئيس كتلة الرافدين المسيحيّة البرلمانيّة في البرلمان العراقيّ الإتحاديّ يونادم كنا عن القول: "إنّ الإستيلاء على أراضي المسيحيّين يُعدّ جزءاً من عمليّات التغيير الديموغرافيّ". أضاف خلال حديث مع "المونيتور" في 27 حزيران/يونيو: "هناك أكثر من ستّين قرية للمسيحيّين في مناطق الإقليم سكنها غير المسيحيّين، وهذا جزء من عمليّات التغيير الديموغرافيّ، ونحن طالبنا بضرورة استعادة تلك القرى والممتلكات، لكنّ إجراءات حكومة إقليم كردستان لم تكن جادّة، ممّا أخّر الموضوع".

وهنا، أشار بنيامين إلى دور "العلاقات الحزبيّة والعشائريّة"، وقال: "في هذه الحال، لا بدّ أن تنتهك الحقوق، وخصوصاً حقوق المجموعات الصغيرة والأقليّات الّتي تعدّ الحلقة الأضعف كون لا ظهير قويّاً لها، لا حزبيّاً ولا سياسيّاً ولا عشائريّاً". ومن جهته، قال يونادم كنا: "إنّ وفداً مسيحيّاً التقى أخيراً رئيس إقليم كردستان العراق مسعود برزاني، وطلب الأخير تفاصيل القضيّة، ووعدنا باستعادة أراضي المسيحيّين". وقال بنيامين: "إنّ انتزاع حقوق الملكيّة للكلدواشوريّين والمسيحيّين من دون وجه حقّ ومن دون وضع حدّ لهذه المشاكل لما يقارب الـ25 سنة بعد تأسيس الإقليم الكردستانيّ يعدّ من الأسباب القويّة ليشعر المواطنون من هذا الشعب الأصيل في منطقته بالغبن وفقدان الثقة ممّا يضطرّه إلى التّفكير بالهجرة".

أمّا المتحدّث بإسم وزارة الأوقاف في إقليم كردستان ميروان نقشبندي فأعاد الأزمة أساساً إلى الهجرة، وقال في اتّصال مع "المونيتور" في 26 حزيران/يونيو: "عندما قصف صدّام مناطق الإقليم بالكيماويّ في ثمانينيّات القرن الماضي، هربت العوائل المسيحيّة من قراها ومنازلها". أضاف: "عندما عاد المسلمون إلى المناطق المقصوفة لم يعد المسيحيّون، وإنّما سافروا إلى خارج العراق".

وأشار إلى أنّه حتّى بعد تغيير النظام على يدّ الإحتلال الأميركيّ في نيسان/إبريل عام 2003 "لم يعد الكثير من المسيحيّين، ممّا سمح للعوائل المسلمة ببناء المنازل فيها وزراعتها". وشخّص ميروان نقشبندي عودة المسيحيّين في الأعوام الأخيرة القليلة الماضية، وقال: "طالبوا بقراهم ومنازلهم، لكنّ المسلمين يقولون نحن لن نخرج منها ما لم يتمّ تعويضنا لأنّنا زرعناها وطوّرناها". وعلى هذا الأساس، وبعد أن تمسّك المواطنون الكرد بالأراضي الّتي استولوا عليها، اضطرّت "وزارة الأوقاف إلى إصدار فتوى بتحريم التمسّك بهذه العقارات"، كما لفت نقشبندي.

بيد أنّ بنيامين ردّ على الفتوى بالقول: "لا أعتقد نهائيّاً أنّها أفادت أو ستفيد في استعادة المسيحيّين لأراضيهم". وعلّل ذلك بالقول: "إنّ القضايا كثيرة ومعقّدة وتمتدّ لسنوات طويلة وذات علاقة بأكثر من جهة ووزارة. ومع جلّ تقديرنا، نعتقد أنّ الفتوى لن تتعدّى حدودها النظريّة، من دون وجود إرادة سياسيّة وقانونيّة حقيقيّة من أعلى الجهات لتطبيق القانون والعدالة وضمان حقوق الأقليّات في الإقليم".

والحال، فإنّ الاستيلاء على الأراضي، لا سيّما إذا ما ترافق مع القوّة العشائريّة، الّتي تحكم العلاقات الإجتماعيّة في إقليم كردستان، لا سيّما في محافظتي إربيل ودهوك المعروفتين بمحافظة السكّان على التقاليد القبليّة، قد يجرّ المسيحيّين أيضاً إلى الهجرة، كما حصل معهم في بغداد وبقيّة محافظات العراق.