في ليلة رأس السنة.. المهجرين المسيحيين في عنكاوا: احتفالات خجولة وامنيات بالعودة

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يناير 04, 2015, 06:55:35 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

في ليلة رأس السنة.. المهجرين المسيحيين في عنكاوا: احتفالات خجولة وامنيات بالعودة / تقرير




برطلي . نت / خاص

اصبح الاحتفال بليلة رأس السنة تقليدا عالميا تحتفل به كل شعوب العالم على اختلاف انتماءاتهم الوطنية والدينية والفكرية ، بل اصبحت مدن العالم تتبارى فيما بينها في ابراز الصورة الاجمل لهذا اليوم من خلال التفنن في طرق الاحتفال ، اطنان من الالعاب النارية تُطلق في السماء لتبشر بانقضاء عام وقدوم عام جديد .

الا في ( عنكاوا مول ) فالاحتفال بليلة رأس السنة يختلف تماما او يكاد لا يكون له وجود الا من مظاهر بسيطة وخجولة . هذا المجمع التجاري الموجود في بلدة عنكاوا الغير مكتمل بناؤه والذي كان من المفترض ان يكون مركزا تجاريا ضخما ، اضحى في ليلة وضُحاها اكبر مركز لايواء النازحين من المهجرين المسيحيين من ابناء سهل نينوى . قُسِمت طوابقه الثلاثة بقواطع لتكون غرفا تأوي (  420   ) عائلة اي ما يقارب من ( 1700 ) شخص ، هكذا يقول ابراهيم شابا للو احد المشرفين على المركز .



مظاهر احتفالية بسيطة
مظاهر العيد هنا في هذا المركز لا تتعدى عن بالونات ملونة علقت هنا وهناك في الممرات بين الغرف ورسومات لبابا نويل وشجرة الميلاد وذكريات من البلدات التي هُجِّروا منها وعبارات تبعث الامل في النفوس بامنيات العودة الى الديار ، هذه الرسومات اخذت مساحات واسعة من جدران هذه الغرف ( قواطع ) لتكسر المنظر الممل لهذه القواطع البلاستيكية والتي توحي كانها زنزانات لاناس خارجين عن القانون .



فراس يوسف ... شابٌ من بغديدي قرة قوش واقف مع مجموعة من اصدقائه عند مغارة وشجرة للميلاد نُِصبتا في مدخل المركز ، تحدث الينا وفي كلامه غصّة والمٌ وحسرة على مشهد ليلة رأس السنة هنا وكيف لو كان الان في بغديدي ، انظر الى حالنا موجها حديثه لنا ، ليس هناك ما يُشغلُنا ، نحن هنا مقيدون لانك لست في بيتك ، لست في مدينتك ، حقيقة لا مكان للفرح في نفوسنا . يشخص بعينيه نحو السماء وكأني به يطلب من الرب الرحمة ويواصل حديثه ليقول بغديدي وبرطلي وكرملش وغيرها من مدن سهل نينوى التي كانت ستعج الان في مثل هذه الليلة بالنشاط والحركة والان هي مدن اشباح .



سمعتهم يقولون ان الليلة هي ليلة رأس السنة
فريدة حياة ... هكذا تُكنّى مهجرة من برطلة ، تكاد الحياة قد خانتها وهي في خريف عمرها ولا تذكر غير ليلة هروبها وترك كل ما تملك من اراض وبيوت واملاك وثمانون سنة من الذكريات وهي لا تدري ان كانت ستدفن في مقبرة الكنيسة في برطلي بجانب اهلها واحبابها اذا ما فارقت الحياة هنا ، اما عن ليلة رأس السنة ، فتقول اسمعهم يتحدثون ان الليلة هي ليلة رأس السنة .



( عكوبي ) يحتفل بليلة رأس السنة على طريقته
صباح هادي عيسى ( عكوبي ) له ما يُشغله في هذه الليلة ، ليس حضور احتفال او اطفاء شمعة رأس السنة واشعال اخرى بل سيُدوّن احداث هذه الليلة وصمتها وسكونها ومرورها مرور الكرام كأية ليلة اخرى ، سيكتب ذلك في دفتره الخاص الذي يسجل فيه مجريات الاحداث التي مرت به منذ يوم خروجه من بلدته بغديدي هاربا من بطش داعش . ويتسائل ؛ اين حقوق الانسان ؟ اين الدولة ؟ ستة وستون سنة ( وهي سنوات عمره ) من الكد والتعب حتى استطعت ان اسكن في دار حديثة ليكون مصيري هنا في هذه الزنزانة هكذا يوصف غرفته .



ام تبكي على احتفالات تلك الايام وابنة ترسم البسمة على وجوه الاطفال
يقول صباح شابا حيصا ... كل الذي افهمه عن الاحتفال بليلة رأس هذه السنة ، ان سنة ذهبت ولن نحصيها من بين سنوات عمرنا لما عانيناه فيها من مآسي ومتاعب .
اما زوجته رجاء بولص ... وهي تشير الى القدر الذي فوق المدفأة التي هي للطبخ وللتدفئة ، هذا هو عشاؤنا وليس للاحتفال بليلة رأس السنة ، احتفالنا سيقتصر على قالب كعك بسيط احضرته من السوق مع مجموعة من الشموع . آه لو كنا في بيوتنا ( تتحدث وهي تحاول اخفاء حزنها بابتسامة مصطنعة ولكن لا تستطيع اخفاء الدمعة التي بدأت تلمع في عيونها ) . ابكي على حالي ولكن ماذا افعل ، من كان يتصور اننا سنبقى مهجرين الى هذا اليوم ، تصور نفسك بلا كنيسة ، بلا قداس .
ينفتح باب بيتها ( البيت كله عبارة عن غرفة واحدة ) هو بيت وهو صالة استقبال وهو مطبخ وهو غرفة نوم .




تدخل فتاة هي ابنتها ( كارولين ) حضرت لتوها من مشاركة لها مع كروب ( ألبي بوم بوم ) وجدت فيها النشاط والحيوية ومحاولتها التكيف مع الواقع . تقول ( كارولين ) الى متى نبقى اسرى للحزن ، في هذا الكروب نحاول ان نعيد الابتسامة الى وجوه الاطفال واهاليهم بفعاليات نُشعرهم بان هناك أمل . نحن لا نستطيع ان نعوض عن ايام احتفالاتنا برأس السنة كما كنا في بلداتنا ، تجتمع العائلة حول صينية عامرة بما لذ وطاب من الاكلات نصفق ونغني احيانا ونصلي في احيان اخرى ، كنا ما ان نسمع صوت اجراس الكنائس معلنة نهاية عام وبداية عام جديد حتى تطلق النسوة الهلاهل والشباب والفتيات يرقصون ، لكن ليس من الصحيح ان يبقى الحزن في قلوبنا يجب ان نطرده ماذا سيفيد الحزن بالعكس يجب ان نفرح لاننا اذا ما عدنا الى بيوتنا تكون عودتنا قوة وشجاعة .




متي شابا .. مهجر من برطلة ضرير أصر على ان نزوره في غرفته التي قسمت عند مدخلها لتكون مطبخا ومخزنا والقسم الثاني هو مكان الجلوس والنوم . العائلة منهمكة في تحضير عشاء ليلة رأس السنة ، انتبهت اليَّ زوجته وانا ادقق النظر في ما يعدونه لتقول ، هذه التي تراها قد جاء بها احد المحسنين وقدمها لنا هدية بهذه المناسبة ، والا من اين لنا ان نأتي بثمنها وزوجي لم يستلم راتبه من الرعاية الاجتماعية منذ ثمانية اشهر ، هنا بدأ زوجها يتحسس بطاقته الذكية التي يستلم بها راتبه .


صور تتكرر لاستعدادات الساكنين في مركز عنكاوا مول لايواء المهجرين من المسيحيين من ابناء سهل نينوى ولكن مضمونها واحد ، سنة تمر وسنة تأتي وشيئا لم يتغير لديهم ، كانوا مهجرين في السنة السابقة ولا زالو مهجرين في السنة الجديدة وكل الذي لديهم امنيات بالعودة الى مدنهم وقراهم .












































المادة خاصة بمنتديات برطلي دوت نت . عند نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة ، يرجى الإشارة الى
" منتديات برطلي دوت نت "

ماركوس روني

حقيقةً صور مؤثرة من واقعنا المأساوي الذي لازلنا نعيشه حيث اننا لم نكن نتوقع ان تطول هذه المعاناة كل هذه الفترة ترى من فقد الامل نهائيا بالعودة وهاهم شباب وعوائل برطلي يشدون الرحال للسفر الى حيث لايعلمون فكثيرا ماحاولنا اقناعهم بالبقاء ولو لفترة لكي نرى ماستؤول اليه الامور بعد تحرير الموصل و...الخ ولكن بدون فائدة يبدو انهم قد إتخذو قرارا نهائيا...ومازلنا لانعلم مالذي ينتظرنا وكيف ومتى سنعود الى قرانا وبلداتنا,اقولها بمرارة فقد تكون قرانا شبه فارغة بسبب الهجرة ولكن يبقى هناك امل مهما كثرت ضيقاتنا.. :( :( :(