الشبك في تأريخ العراق وحاضره / عباس الامامي

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أكتوبر 18, 2012, 10:42:28 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

الشبك في تأريخ العراق وحاضره

أصل وتأريخ الشبك

أحد المكونات القومية في الشعب العراقي


بقلم الأستاذ / عباس الأمامي


مقدمة :
قد يكون معظم العراقيين لا يعرفون كثيرا عن الشبك ولم يسمعوا عنهم إلا بعد سقوط النظام الذي حكم العراق طيلة 35 عاما باتجاه واحد، والذي مارس كل وسائل التعتيم الإعلامي والرسمي ضدهم، إضافة الى وسائل الترغيب والترهيب التي انتهجها النظام لتغييرهم ديموغرافيا غير القتل لرجالاتهم وشبابهم بتهم شتى من طائفية وقومية وغيرها، مما جعل إنعدام المعلومات عنهم شيئاً طبيعياً للقاريء العربي والعراقي بشكل خاص.
تسمية الشبك :
تتكون كلمة الشبك من مقطعين هما: كلمة شاه أي الملك بالفارسية، وبك أي السيد بالتركية، وأدمجتا وصارت بـ(شاه بكلر) أي سيد الملوك، [[ هنا ينبغي توضيح تداخل الكلمتين باللغتين الفارسية والتركية لأن القبائل التركمانية التي وصلت الى ايران قد تأثرت بالثقافة الفارسية قبل التأثر باللغة العربية نتيجة الاحتكاك المباشر بين القوميتين ولذلك نرى كلمة شاه بكلر هي مركبة من كلمتين من اللغتين]]، وعربت الكلمة الى [[ الشبك]] وصارت علما لهم بالثقافة العربية.
أصل الشبك :
هم من الأصول التركية العريقة حيث كان جنكيز خان الذي يسمونه بالخاقان الأعظم يختار الرجال الأقوياء والأذكياء من عشائر القره ناز للقرابة التي تربطه و إياهم، ويضمهم الى جيشه الخاص ويعتني بتربيتهم، وأطلق على هذا الجيش الخاص اسم القبيلة قره ناز، وكان يستعملهم بالمهمات الخاصة لا سيما في إدارة المناطق والبلدان التي يتم السيطرة عليها، وقد أرسل هولاكو حفيد جنكيزخان عشرات الآلاف من هؤلاء القره ناز الى منطقة الشرق الأوسط في غزواتهم، وهؤلاء المعروفين بالشبك في يومنا الحاضر في العراق هم من بقايا قبائل القره ناز التركمانية الأصيلة والذين أسسوا بعد ذلك دولة الآق قويونلو وقره قويونلو في العراق.
لقد إندمج هؤلاء التركمان و أصلهم من تركمان المغول بالمجتمع واعتنقوا الاسلام على المذهب الشيعي نتيجة إعتناق ملوكهم وقادتهم لذلك مثل السلطان الايلخاني بهادر خان أحمد ابو سعيد وآلاجاتيو محمد خدابنده، [[ وفي عهد السلطان ((آلاجا تيو أي الغول الكبير)) الذي بدل إسمه بعد إعتناقه الاسلام الى محمد خدابنده أي محمد عبدالله (703 – 716هـ) وبعد إسلامهم تم ضرب السكة والنقود بنقش الآيات القرآنية عليها وهي آية(محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود)، واول درهم ضرب في ذلك العهد في اواسط سنة 704 هـ.
وفي أيام السلطان الايلخاني بهادر خان الذي بدل إسمه بعد إعتناقه الاسلام الى أحمد أبي سعيد (716 – 736هـ) نقش آية (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل)على درهم ضرب ببغداد سنة 719هـ وأنه كان على مذهب أبيه آلاجاتيو]].
اذن فان عشائر الشبك الحالية هم من بقايا دولة الاق قويونلو وقره قويونلو الشيعيتين التركمانيتين ( وحكمت الأخيرة العراق في الفترة 1410- 1468م)، وبعد سقوط دولتهم استوطنت بقايا تلك القبائل في منطقة مرج الموصل وبمرور الزمن اختلطت وتصاهرت مع بعض العشائر العربية والكردية دون أن يفقدوا خصوصيتهم وهويتهم، لهم عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم ولغتهم التركمانية القديمة الخاصة بهم حيث تتميز بمفرداتها الخاصة ونغمتها وطريقة لفظها القريبة من اللهجة الجغطائية لأتراك آسيا الوسطى، تميزهم عن مكونات الشعب العراقي الأخرى، وحافظوا عليها عبر الزمن، إلا في حدود خصوصية المجتمع العراقي، وتمكنوا من امتصاص الضغط القومي والمذهبي والتعايش معهم في سلام ووئام رغم معاناتهم وتجاربهم المريرة مع الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق ومحاولاتها طمس هويتهم وفيهم مقومات القومية الأساسية المستقلة عن القوميات الأخرى.
وتحدث المؤرخ العراقي شاكر صابر ضابط في كتابه التركمان في العراق عن التركمان في كركوك وتلعفر، وحين ذكر الموصل قال بان الشبك هم جزء من تركمان العراق مستنداً على العقائد الدينية المشتركة بينهم، لكنه قدم قاعدة لغوية بان التركمان والشبك من اصل لغوي واحد وتقول هذه القاعدة ان التركمان هم الذين يتكلمون التركية القريبة من الاذرية (الاذربيجانية). والشبك يتكلمون اللغة التركية البعيدة عن اللغة الاذرية (الاذربيجانية).
ولكن الشبك وقياداتهم المحلية يؤمنون بانهم قومية ومكون خاص تحت عنوان الشبك ويرفضون كونهم جزءا من التركمان حتى لو كانت اصولهم من جنس واحد.
النسبة السكانية للشبك :
ليست هناك أرقام رسمية دقيقة تبين عدد الشبك في العراق بسبب قلة الاحصاءات الحديثة بهذا الخصوص، وهذا العامل يرجع لسياسة خاصة كانت تتبعها الحكومات العراقية في تهميش القوميات المكونة للشعب العراقي، والتركمان من ضمن من شملهم هذا القانون، إلا أن البعض يرجح ان يتراوح عدد الشبك بين 100- 150 الفاً يتوزعون على أكثر من ستين قرية متفرقة.
وفي عام 1960 أعتبرت الحكومة العراقية عدد نفوس الشبك عشرة آلاف نسمة في حين كان الانكليز في عام 1925 في إحصاءاتهم إعتبروا عدد نفوس الشبك عشرة آلاف نسمة، وبحسب الاحصاء السكاني الحكومي الرسمي في العراق عام 1977 فإن عدد الشبك بلغ 80 الف نسمة، فإذا نظرنا الى الإحصائيات بين عامي 1925 ـ و ـ 1960 هل يعقل خلال 35 عاما لم يتزايد الشبك ولو نفرا واحدا، وأما إذا نظرنا الى الإحصائيات بين عامي 1960 ـ و ـ 1977 نلاحظ إزدياد عدد نفوس الشبك حوالي 70.000 نسمة، هذا كله أدلة دامغة على عدم حيادية الحكومات العراقية المتعاقبة في نظرتها الى المكونات العرقية والطائفية في العراق.
وبعض من مثقفي الشبك يدعون أن نسبتهم 4% تقريبا من نسبة سكان العراق، أي حوالي مليون نسمة من أصل 25 مليونا، ونفس المشكلة السكانية موجودة عند كل المكونات المذهبية والعرقية في العراق.
فلأجل إنهاء هذه المشكلة النسبية لكل مكون فإن العراق بحاجة الى إجراء إحصاء سكاني كامل لإظهار حقيقة مجموع كل مكون بصورته الواقعية بصورة حيادية تامة.
ولكن وصلتني معلومة خاصة من الدكتور حنين قدو ممثل الشبك في مجلس النواب العراقي ما نصه:
ان عدد نفوس الشبك لايتجاوز النصف مليون نسمة .
مناطق تواجد الشبك في شمال العراق :
يتواجد الشبك في أطراف محافظة الموصل في عدة نواحي وقرى يصل عددها الى ستين منطقة بين ناحية وقرية حسب الترتيب الاداري لها، والمناطق تلك هي: علي رش، بازكرتان، عمركان، كورة غريبان، كوكجلي، زهرة خاتون، مفتية، قرقشة، ابو جربوعة، خرابة سلطان، النوران، باريمة، بدنة كبير، بدنة صغير، بازوايا، خورسباد، العباسية، دراويش، تليارة، الفاضلية، منارة شبك، جليوخان، اورطة خراب، جنجي، باشبيتة، ديرج، بلاوات، بايبوخت، شهرزاد، طهراوة، ترجلة، السادة، بعويزة، الموفقية، قرة تبة شبك، طوبزاوة، اللك، شيخ امير، خزنة تبة، شاقولي، عمر قابنجي، ينكجة، خويتلة، السلامية، باصخرة، بئر حلان، قزفخرة، السماقية، طواجنة، طويلة، طبرق زيارة سفلى، طبرق زيارة عليا، قرة شور، كانوتة، كبرلي، النجفية، قرة تبة عرب.
وبعد الخمسينيات من القرن الماضى كانوا يعيشون فى المناطق الزراعية المحيطة بمدينة الموصل ولكن خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات ترك الكثير من الشبك مهنة الزراعة ورعاية المواشى وانتقلوا الى الساحل الايسر من مدينة الموصل واستوطنوا بكثافة فى منطقة نينوى الشرقية في الأحياء: التأميم، والميثاق، والوحدة، وعدن، وحي الكرامة واحياء اخرى عديدة، وبقي قسما منهم في تلك المناطق المشار اليها مسبقا والمحيطة ضمن محافظة الموصل.
عقائد الشبك وكتبهم الدينية المعتبرة :
الشبك مسلمون يؤمنون بالله ربا وبمحمد نبيا وبالقرآن كتابا وبالكعبة قبلة الى آخر الاعتقادات التي يؤمن بها كل مسلم سوي، وينتمون الى مذهب أهل البيت عليهم السلام، وهم يصلون ويصومون ويزكون ويخمسون ويرجعون الى مراجع التقليد كبقية الشيعة لأخذ أحكامهم الشرعية منهم، باعتبار أن مراجع الدين هم نواب الامام صاحب العصر والزمان بصفة عامة.
ومن الكتب المعتبرة لديهم كتاب [بويروق] وهو مكتوب بلغتهم التركمانية الأصلية من زمن قديم و يتداولونه أبا عن جد، ومعناه [ كتاب الأوامر ] فيه مفاهيم الولاء لأهل البيت عليهم السلام ومقتل الامام علي والحسين عليهم السلام، وبعضا من أخلاق الأئمة وصفات أتباعهم وأوليائهم عليهم السلام، والكتاب في الواقع ترجمة لروايات أهل البيت في نواحي متعددة من الحياة العبادية للانسان المسلم وكأنهم يتخذونه أوامر ولائية لهم و مصدرا أوليا لتعلم مفاهيم الاسلام لكونه بلغتهم الأصلية ووسيلة لحفظ اللغة وسط أجيالهم، و قد اتخذوا مبدأ التقية كأصل يلزم إتباعه نتيجة الظلم الذي تعرضوا له لفترات طويلة وكعامل مقاومة لحفظ الانتماء العقائدي في نفوسهم وفي نفوس أجيالهم القادمة.
كانت أحد أبرز نتائج السياسات الظالمة لحكم حزب البعث في العراق هي تطبيق سياسة تهجير العوائل الشبكية من مناطقهم الأصلية التي كانوا يقطنون فيها الى أحياء داخل مدينة الموصل فاختلط الكثير من هذه العوائل بالعوائل الموصلية بالصهر الاجتماعي وفقدت الكثير منهم قيمها المذهبية والقومية، وتعتبر نتيجة حتمية لإجراء تلك السياسات الهادفة من قبل النظام البعثي والتي كانت ترمي تلك التغييرات القومية والمذهبية، إضافة الى ضغوطات قيم المجتمع الموصلى ذات الانتماء العربي السني، فتنكرت قسما من هذه العوائل بأصولها الشبكية القومية والمذهبية خوفا من توجيه الاتهامات العقائدية المشهورة باطلاق كلمة الرافضة والمذهب الخامس على الشيعة الاثنا عشرية ومن ثبتت عليه هذه التهمة حينها فكان حكمه في قانون الغاب البعثي الاعدام او القتل ما لم يقم المتهم بتغيير عقيدته ومذهبه الى مذهب السلطة، وحتى اطلق عليهم بانهم من الاصول الفارسية بل انهم خمينيون خلال الحرب العراقية الايرانية، وأنا اكتب هذه الحقائق من تأريخ أحد مكونات الشعب العراقي يأخذني العجب ممن يتهمون الشيعة بغزو المجتمعات السنية مستعملين الاعلام العالمي لإطلاق هذه التهمة لزرع فتنة كبرى بين المسلمين ولعمري ما هذه السياسة إلا إجراء حقيقي لسياسة حزب البعث وافكار ميشيل عفلق، لأن حزب البعث قد أجرى سياسة التغيير العقائدي والقومي للآلاف من ابناء الشبك من الشيعة الى السنة، ومن القومية التركمانية الى القومية العربية وبذل أموالا طائلة في هذا الصدد اضافة الى ما أرهقت النفوس البريئة بالالاف، فمن إتهم التشيع بغزو المجتمعات السنية تناسى ما عمله ابناء عمومته بحق الشيعة في العراق وكأنه ينطبق عليه مقولة: رمتني بداءها وانسلت.
الإضطهاد والتمييز العنصري للشبك في عهود الدولة العراقية :
لقد ظهرت في أوساط الشبك عادات وتقاليد خاصة كالدروشة وما شابهها أخذوها من مذاهب شتى نتيجة معاناتهم للظلم والسياسات التي إستعملت في العراق ضد الشيعة عموما من ناحية، ومن ناحية أخرى تخلف الشيعة في العراق ثقافيا من الناحية المذهبية في عقائده وأحكامه لقلة علماء الدين العراقيين في الكثير من مناطق العراق ولا سيما في وسط الشيعة القاطنين في شماله،، ولغاية في نفوسهم بخس الكثير من الكتاب حق الشبك في إنتمائهم الديني والمذهبي والقومي، فوصفوهم تارة بالبكتاشية وأخرى بالقزلباشية وثالثة بالصوفية وأخرى بالغلاة والبعض اخرجهم من الاسلام و ظهرت أخيرا محاولات إخراجهم من أصولهم التركمانية بدعوى انهم أكراد وهلم جرا.
وعانى الشبك من الظلم والتهميش منذ أمد بعيد، فمنذ تواجدهم في المنطقة بعد سقوط دولهم كان الولاة والحكومات المتعاقبة في العراق تمارس ضدهم أبشع أنواع الظلم والاضطهاد لإنتماءهم المذهبي والقومي، واستمر ذلك الظلم طيلة الفترات اللاحقة، خاصة في عهد النظام البائد الذي رفض الاعتراف بهم، واجبارهم بطريقة أو أخرى على تغيير قوميتهم لأحد القوميتين العربية أو الكردية في التعداد السكاني للسنوات 1977م وسنة1987م، فمن اختار منهم القومية الكردية كان نصيبه هدم مسكنه والترحيل إلى مناطق كردستان، ومن اختار منهم العربية كان نصيبه العيش في مناطق التهميش والاهمال مع الاتهام أحياناً بالأصول الأعجمية.
وبأوامر حكومية خاصة بتوقيع صدام حسين في عام 1977 تم قسريا تغيير قومية الشبك وتسجيلهم عربا بصورة رسمية في سجلات الدولة العراقية، ومع هذا التغيير الديموغرافي المبرمج والكامل ففي عهد صدام حسين تم في عامي (1988- 1989 ) تهجير قرى بكاملها الي مجمعات قسرية في سهل حرير بمحافظة اربيل وكذلك الى منطقة بازيان ومنطقة جم جمال، لغرض تغيير واقعهم القومي الى قومية أخرى وليس بالاكتفاء على ما تم تعريبهم في السجلات الرسمية.
ومن الجدير بالتوضيح بصورة اكثر دقة بأن عددا كبيرا من الشبك بسبب الضغوط السياسية والسياسة القمعية القاضية بتغيير القومية والظروف الاجتماعية خلال السبعينيات والثمانينات من القرن المنصرم من قبل حكومة حزب البعث بدأو يبحثون عن الجذور العربية للتخلص من الاضطهاد القومي، فلتوفير الحماية لهم ولعوائلهم من الملاحقة السياسية بدأ بعض ابناء الشبك يضعون لأنفسهم ألقابا لعشائر عربية كالجبور والطي والجحيش وهكذا، وبعد السقوط والتحرر من النظام السابق لازال هناك الكثير من أولئك بقي متمسكا بهذه العشائرالعربية.. وكانت هناك عدة عوائل شبكية اصيلة ومرموقة كعوائل العزير فى قرية اليارمجة وعوائل البو سلمان من قرية بارزكتان هذه العوائل وغيرها ربطت نفسها بعشيرة الجبور.. وتعتبر تطبيق سياسة التغيير الديموغرافي أحد سيئات حزب البعث العربي الاشتراكي أبان حكمه العراق وهي تطبيق بارز لاهانة أبسط حق من حقوق الانسان وهي تضييع أصله وقوميته وإجباره على تغييرها الى قومية لا ينتمي اليه الانسان لا من قريب ولا من بعيد.
إضطهاد الشبك من قبل المليشيات الارهابية :
لقد أوضح الدكتور حنين القدو الذي يشغل مناصب [[ الأمين العام لتجمع الشبك الديمقراطي، وعضو البرلمان العراقي عن الائتلاف العراقي، ورئيس مجلس الأقليات العراقية، وممثل الشبك الوحيد في الجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة]]، يوم الأحد الموافق 4 مايس 2008، اوضاع الشبك بقوله: إن ما تسمى بـ«دولة العراق الإسلامية» خيرت عوائل تنتمي الى الشبك بالرحيل من منطقة قراج الواقعة الى الشمال في محافظة نينوى، أو مواجهة القتل، مما أدى إلى حالة من الهلع والذعر للعوائل الشبكية في الموصل، ودعا الدكتور القدو القيادة السياسية في نينوى إلى التحرك بسرعة لحماية أبناء الشبك للحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم، كما دعا القوات الأمنية إلى السيطرة على المناطق من خلال إقامة دوريات دائمة لمنع تهجير الشبك والتركمان من المنطقة وإعادة المهجرين منها.
وأضاف بأن«هذه التهديدات التي تريد تهجير أبناء الشبك تهدف إلى إثارة الفتنة بين أبناء المحافظة الواحدة»، وطالب القدو «بالتعجيل بالخطة الأمنية في الموصل وإشراك أبناء القومية الشبكية في القوات الأمنية أسوة بالمسيحيين الذين تم تطويع أبناءهم»، وقد نشر في موقع الشبك الالكتروني اسماء 2639 عائلة مع أرقام بطافاتهم التموينية وعناوينهم الكاملة وعدد أفراد كل عائلة وتأريخ التهجير، حيث تم تهجيرهم من بيوتهم من قبل الارهابيين ومن يتعاونون معهم.
وهناك من الباحثين يعتقدون بأن ما يسمى بدولة العراق الاسلامية ليست سوى إطار تستعمله بعض الجهات لتمرير إستراتيجيات خاصة في المنطقة.
محاولات الإلتفاف على الوجود الشبكي في العراق الجديد :
تتعرض قومية الشبك اليوم وفي عهد العراق الديموقراطي الجديد الى عملية تغيير ديموغرافي لم تعهدها قومية من قبل، حيث يدعي الأكراد بأن الشبك ينتمون الى القومية الكردية، ومن عايش هؤلاء الناس من قرب سيرى غير واقعية مثل هذه إدعاءات التي تشكك في إنتمائهم الأصلي، ولو قدٌر لمختبر خاص بتحديد الجينات البشرية ان يقوم بعملية فحص وإختبار على قاعدة الاستقراء الناقص لجينات الشبك والكرد لظهر جليا عدم تطابق جينات الطرفين مطلقا، وحتى هناك إختلاف كبير جدا في الملامح الخارجية، إضافة الى الاختلاف في العادات والتقاليد الاجتماعية و الانتماء المذهبي.
فمن هذه المحاولات الجارية لتغيير ديموغرافية الشبك الى الكردية، فقد قال السيد خالد شواني النائب عن كتلة التحالف الكوردستاني في مجلس النواب العراقي يوم الأحد 6 أيلول 2008، لـموقع (اصوات العراق) الالكترونية إن « الشبك جزء أصيل من الشعب الكوردي، وهم من القومية الكوردية وليسوا قومية منفصلة عن الكورد »، وأعرب خالد شواني عن اعتقاده بأن « تمثيل الشبك يفترض أن يكون ضمن كتلة التحالف الكوردستاني أو داخل أي قائمة كوردية أخرى، بإعتبارهم قومية كوردية »، وأستدرك قائلا إن « على من يدعي خلاف ذلك أن يثبت بأن الشبك مكون ديني أو مذهبي ». ولفت النائب شواني إلى أن « كتلة التحالف الكوردستاني خصصت للشبك مقعدا واحدا في البرلمان ضمن المقاعد المخصصة لها ».
وهنا نلاحظ الالتفاف على الواقع بالتمسك بالدستور والمعروف بوجود ثغرات و عوائق حقيقية فيه تسببت في خلق الكثير من المشاكل السياسية في العراق طيلة الخمس سنوات الماضية ومن هذه المشاكل الحقيقية في الدستور هي المادة 140 المختلف عليها حيث وُضعَت لغايات واستراتيجيات خاصة معروفة للجميع بلا استثناء، وإلا هل يقبل أهالي محافظة الأنبار إرجاع الأقضية والنواحي المستقطعة من النجف وكربلاء اليهما استنادا الى المادة 140، وهل سيتم تغيير محافظة صلاح الدين كوجود إداري في الخارطة الإدارية للعراق تطبيقا للمادة 140، وماذا سيحدث سياسيا وأمنيا ما لو تم تطبيق الماة 140 بحذافيرها في كل العراق، أم أن المادة تشمل كركوك فقط بضمها الى اقليم كردستان وينتهي مفعولها بعد ذلك فضلا عن انها من المواد الميتة قانونيا وبنص الدستور العراقي نفسه كما يعلم ذلك الجميع و يسكت البعض عنها حفظا لبعض المصالح الوقتية.

حقوق الأقليات في قانون انتخابات المحافظات والأقضية والنواحي :
ان الغاء الكوتة للاقليات العراقية جاءت بسبب اعتراض الاكراد على تخصيص كوتة للشبك وقد تمسك الائتلاف بمطالب الشبك وكاد ان يفشل عملية التصويت على قانون الانتخابات ولتلافى المشكلة اقترحرئيس مجلس النواب الدكتور محمود المشهدانى بالغاء المادة 50 من القانون، وهناك محاولات جادة من قبل كتلة التحالف الكردستاني لتجيير مقعد الشبك ومقعد الايزيدية لصالحها، وحسب أحد تصريحات الدكتور حنين قدو قوله: ان التحالف الكردستانى غير جاد فى موضوع تخصيص المقاعد للاقليات ولكن سوف نحاول توضيح كل ما يقومون به في هذا المجال.. مضيفا الدكتور قدو: ان الاكراد بحاجة الى الشبك والى اليزيدية للسيطرة على سهل نينوى مع العلم ان الاكراد قبل سقوط النظام لم يدعوا يوما بان الشبك اكراد، لأن اليزيدية يمثلون الاكثرية فى سنجار وشيحان، والتركمان الاكثرية الساحقة فى قضاء تلعفر، اما المسيحيين فهم الاكثرية فى قضاء تلكيف والقوش وباطناية وقصبات كرمليس وبرطلة، اما الشبك فهم الاكثرية فى قضاء الحمدانية والاكثرية فى ناحية بعشيقة واقلية فى ناحية نمرود وقضاء تلكيف.
ولا ادري كيف ستتوافق الديمقراطية المدعاة في العراق من قبل البعض مع إجراء سياسة البعد الواحد ولوي عنق الدستور بتفسيرات مطاطة للتمكن من تغيير الواقع القومي لمكون ما بتناسي تأريخه ووجوده وثوابته والتزاماته العقائدية والقومية، إضافة الى استهداف وحدة العراق أرضا وشعبا. وبالنسبة للانتخابات هناك عدة مجالات يمكن تطبيقها في الواقع العراقي اليوم:
الأول: القائمة المغلقة كما كان في الانتخابات السابقة، وهذا قد تجاوزته الكتل السياسية بإيجاد بديل لها كما هو معروف للجميع.
الثاني: سيطرة الأقوياء على الضعفاء بالترغيب والترهيب، وهذا خلاف مدعى الجميع بمناداتهم المساواة بين مكونات الشعب العراقي وحفظ حقوقهم.
الثالث: تكوين كتلتين سياسيتين كبيرتين من بين الكتل السياسية تشترك فيهما كل مكونات الشعب العراقي بمختلف أطيافهم الدينية والمذهبية والسياسية والقومية حسب تمايل نفوس رؤساء الأحزاب والتجمعات مع الكتلة التي يرغب بالانضمام اليها، ويكون التنافس الانتخابي حسب البرنامج السياسي الذي تقدمه كل كتلة، ويراقب الشعب الكتلة الفائزة ليقرر لمن يصوت في الانتخابات القادمة حسب الأعمال التي قامت بها حكومة الكتلة الفائزة، وتبقى الكتلة الخاسرة في الانتخابات كتلة المعارضة البرلمانية وتراقب أداء الحكومة عن قرب، والظاهر هذا المجال غير مطروح في الوقت الحالي في الساحة السياسية عسى ولعل لاحقا. وأنني أؤمن بأن هذه الطريقة هي المثلى للخروج من كثير من الأزمات السياسية التي تضرب البلد لو طبقت بشكل معتدل وهادئ. فإنه لا يوجد في العالم بلد يدخل أكثر من مائتين حزب وتجمع في الانتخابات بشكل منفرد حيث راينا ذلك في الانتخابات الماضية ولربما قريب من نفس الشيئ في الانتخابات القادمة، وللا الكتل الكبيرة كائتلاف وغيرها لربما وصلت عدد الاحزاب قرابة 500.
الرابع: أن يعطى مجال لكل مكونات الشعب بالدخول الى الانتخابات، وبما أن مجلس النواب قد صوت سابقا لصالح نظام الكوتا للأقليات فينبغي حفظ هذا الحق لهم، ومن دون إستعمال القوة في تغيير واقع مكون من تلك المكونات وتركهم احرار في إتخاذ القرار الذي يناسبهم ويرونه صالحا لمستقبلهم ضمن العراق الموحد.
نقطة نظام في عد أصوات الأقليات في الانتخابات :
ينبغي ملاحظة عدد أصوات الناخبين الذين صوتوا لممثليهم الحقيقيين وتمييزهم عن عدد الناخبين الذي صوتوا لمن رشح ضمن القوائم الأخرى ممثلا عن الشبك كمثال، فلو كان عدد أصوات الناخبين الحقيقيين لممثل الشبك المستقل 30.000 صوت مثلا من الشبك فقط، وعدد أصوات الناخبين لمرشح شبكي ضمن قائمة لمكون آخر 40.000 ولكن عدد الشبك المصوتين اقل عددا من مرشح الشبك المستقل فيجب إعتبار المرشح المستقل هو الممثل الحقيقي لمكونه، وهكذا بالنسبة للمسيحيين واليزيديين وغيرهم، ويلزم تصويب هذا الأمر قانونيا ودستوريا من قبل مجلس النواب ومتابعته وتطبيقه من قبل مفوضية الانتخابات، وهذا لضمان حفظ الحقوق الأساسية للأقليات في تمثيلهم الحقيقي لكي لايقدم أي طرف بالالتفاف عليهم بشراء ضمائر مجموعة من الأفراد ضمن مكون ما والمتاجرة بأصواتهم وبالنتيجة صهرهم وتذويبهم من واقع المجتمع العراقي، وليكون العراق الجديد مثالا يقتدى في حفظ الأقليات من الاندثار وتقويتهم بحفظ حقوقهم دستوريا وواقعيا.

مقال بعنوان : الشبك في تأريخ العراق وحاضره وحقوق الأقليات في قانون إنتخابات المحافظات والأقضية والنواحي
بقلم الأستاذ
عباس الأمامي
منشور في شبكة النبأ المعلوماتية - الاحد 2/تشرين الثاني/2008 - 3/ذي القعدة/1429


http://www.banyoqail.com/vb/showthread.php?t=1282