لماذا لا يتم تحرير #الموصل؟ وجهة نظر موصلية

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, يناير 11, 2016, 09:00:24 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي


لماذا لا يتم تحرير #الموصل؟


وجهة نظر موصلية

تقول الصحفية Rukmini Callimachi مراسلة النيويورك تايمز بعد زيارتها لسنجار في ديسمبر 2015 :
"كنت قريبة جدا من الموصل، كنت ارتدي احذية رياضية لدرجة انني كنت استطيع الركض الى الموصل ثم اعود".

واحدة من الاسباب التي تؤدي لتأخير تحرير الموصل هو عدم وجود فهم او وعي بخطورة وجود داعش في الموصل، اضافة الى الاعلام وما يروجه عن سكّان الموصل بانهم يستطيبون العيش تحت سلطة داعش، يدفع ذلك اي قوة تنوي تحرير المدينة للتفكير الاف المرات قبل التقدم نحو تحرير المدينة.

ونبدأ من القوات المحلية :

#البيشمركة : لا ترى البيشمركة انها قوة مرحب بها في الموصل، فقوات البيشمركة تعتقد ان مدينة الموصل (التي اخذت لنفسها الهوية العربية) لا يمكنها ان ترحب بالقوات الكردية، وستعتبر دخول الاكراد هو بمثابة احتلال جديد للاراضي العربية، هذا له سياقات قديمة في التاريخ، والصراع العربي الكردي جرى التأسيس له منذ وقت طويل.

كان نموذج تحرير سنجار وربيعة احد اهم العوامل التي أسست لفكرة الخوف من احتلال كردي لأرض عربية، واستخدمت وسائل الاعلام قضية الصراع العربي الكردي في مجال واسع لزيادة الشرخ بين الطرفين، الموصليين كذلك يرون (نتيجة لسياسة عربية لها جذورها في تاريخ الموصل) ان اي تقدم كردي نحو الموصل هو "احتلال"، حدث ذلك ابان دخول القوات الامريكية للموصل وبرفقتها البيشمركة، حدثت مصادمات كبيرة جدا واشتباكات بالاسلحة استهدفت قوات البيشمركة قبل القوات الامريكية، الصراع الكردي العربي عميق جدا في مخيلة الموصل، لا اريد العودة الى زمن ابعد لفهم تاريخ النفسية والمخيلة الموصلية فيما يتعلق بالأكراد، فما يجري الان كاف لفهمها، لذلك واستنادا الى وجهات نظر الموصل فان القوات الكردية تعتبر "قوات غازية" طامعة في احتلال اراضي عربية، ولن تتمكن من القوات الكردية بمفردها دخول الموصل، لانها لن تجد لنفسها ارض خصبة تتقبلها، على الأقل في اطراف الموصل والقرى العربية، ولا أنسى ان اشير الى ان داخل الموصل (الموصل بحدودها الادارية كقضاء) كانت منذ 40 عاما تحت سطوة النفوذ العربي - العشائري، وكان يحكمها هذا النظام الذي أسس للهوية العربية اضافة للهوية السنية المركزية.

تصريحات البيشمركة واقليم كردستان بشأن تحرير الموصل واضحة منذ الايام الاولى وتختصرها عبارة "لايمكننا ان ندخل اراض يعتبرنا سكانها محتلون غزاة"

قوات البيشمركة تبعد عن الموصل بضعة كيلومترات، ولديها القدرة العسكرية الكافية على قتال داعش ودحرها، لكن لماذا لا تدخل ولا تتحرك البيشمركة؟ هذا السؤال لكم ايها الموصليون، اسألوا انفسكم لماذا؟

#الحشد_الشعبي:
الشيعة، التشيع، السنة، السلفية، الاخوان، الحزب الاسلامي، الصراع السني الشيعي، التمثيل السني في العراق، تكريت.

عقدة وجودية هي عقدة السنة والشيعة في العراق، حين يتعلق الأمر بالمذهب يكون هينا على التلقي، يصبح الأمر مجرد مناكفات مذهبية بين اتباع مدارس فقهية مختلفة، ليت الامر يتوقف هنا فحسب، مثله مثل أي خلافات دينية مذهبية في العهود القديمة، المدارس الفقهية تختلف، تتنافر كثيرا، لكنها في النهاية تقف عند حد معين من التعامل والتواصل فيما بينها، لم تكن لتصل الى مرحلة الصدام المسلح الا في حالات نادرة، هذا قبل عهود طويلة، قبل نشوء فكرة الصراع المذهبي في عهد الدولة العثمانية، والذي كان شكله ليس سنيا شيعيا، بل حنفيا جعفريا في غالب مصادماته المذهبية. وحتى لو كان الصراع السني الشيعي مجرد صراع على النفوذ داخل العراق، سيكون الامر قابل للحل، ويمكن حينها الوصول الى نقاط اتفاق ترضي جميع الاطراف، لكن الامر ليس كذلك.

فكرة "السنة، الشيعة" هي جزء من تكوين العقل العراقي، نشأت مع الاجيال، تطورت وادخلت عليها ملايين الافكار والتحديثات، وهي "الفكرة" تستقبل كل يوم تطورا جديدا، يصبع من الصعوبة بمكان معرفة وجود أي صلة بين فكرة "السنة الشيعة" اليوم مع الامس، لانها خلال ايام بل ساعات تتداخل فيها الاف الافكار والتاثيرات، انها حاضرة في كل لحظة، تنمو مع نمو الشعر والاظافر لدى الانسان، بل حتى انها تشكل جزء اساسي رئيس من التكوين البيولوجي لعقل العراقي، متدين، غير متدين، بل حتى الملحد نفسه، لكل شيء في العراق اعادة لجذور فكرة "السنة والشيعة".
يتعلق الأمر ايضا – لملاحظة تشعبه وجذوره العميقة – حتى في الطعام، هناك تصورات بين السنة والشيعة حول جواز الأكل من احدهم الآخر، انه يتعلق بجذور الانسان العراقي ذاته.

وعلى هذا الأساس تشكلت هوية المدن العراقية، على أساس طائفي متين، منذ سنين طويلة جدا، ولان التغيرات الاجتماعية لا تظهر بشكل مباشر، لانها عبارة عن ممارسات، عادات، تقاليد، الخ من التمظهرات للتغير الاجتماعي، في مفاهيم علم الاجتماعي لا يكون التغير شيئا ملموسا للانسان، انه نمط حياة يمكنك ان تعيشه دون ان تشعر بوجوده، حتى انك تستغرب حين تسمع او تقرأ عن وجود ظاهرة اجتماعية في مجتمعك، تسأل نفسك انها شيء غير موجود، لكن الحقيقة ان طبيعتك ونمطك قد اعتاد عليها دون ان تدري.

هكذا اذاً، تشكلت هوية الموصل، ولان الأمر متعلق بوجود قوة شيعية مسلحة، فان القضية تتعلق بكل الافكار القديمة والصراعات الوجودية بين السنة والشيعة، انه تفكير يستحضر كل ما ذكر سابقا. و مثلما ينطبق الأمر على النجف يستقيم على الموصل ايضا، الامر لا يتعلق بالسنة وحدهم، الامر يتعلق بثنائية "السنة الشيعة"، لا يمكن باي حال ان يتقبل وجود قوات سنية مسلحة تمتلك سلطة ان تحوز نفوذ داخل بيئة اجتماعية شيعية، ولهذا نشأت داعش في بيئة سنية، بينما نشأ الحشد الشعبي والمليشيات في بيئة شيعية.
ولان الامر بهذا الشكل، فلا يمكن ان يقضي على التطرف السني الا السنة انفسهم، يقابله التطرف الشيعي.

#الامريكان: عانت امريكا خسائر فادحة في الارواح والاسلحة والاموال اثناء وجودها في الموصل، كبدتها حركات الارهاب الجهادية خسائر كبيرة خلال سنوات قليلة، كان اعلى شكل لمراحل التطرف في الموصل، ونشأت فيها اخطر الجماعات الارهابية، بل انها كانت تعتبر في مخيلة الجهاد العالمي احد اهم المدن التي يمكن فيها التأسيس لنظام جهاد دائم، وفعلا منذ عام 2008 وحتى عام 2013 (دورة حياة داعش الاولى) كانت في الموصل واطرافها، ان هذه المدينة كانت تنتج بطريقة ما الارهاب الذي يتأسس على عقيدة دينية صارمة، تنطلق من التصور بان هذه المدينة هي آخر حدود دولة الاسلام، او انها حصن دار الاسلام مقابل دار الكفر، لذلك فان القوات الامريكية تفكر كثيرا قبل ان تقدم على أي توغل عسكري بري في المدينة، لان الامر لا يتعلق بداعش، الامر يتعلق بتاريخ المدينة.

#الاتراك : لا يشعر الموصليون – رغم ما ينتشر في الاعلام – بان للاتراك قدرة على تحرير مدينتهم، الاتراك مرتبطون بمخيلة سكان الموصل بموضوع تلعفر، الصراع الموصلي (العربي – الكردي) مع التركمان صراع لا يقل خطورة عن الصراع السني الشيعي، او الصراع العربي الكردي، او الصراع المسيحي الاسلامي، او الصراع العربي الشبكي، او الصراع الاسلامي الايزيدي، او الصراع الشامل بين كل هذه المكونات، اضافة ان الاتراك محكومين بصراع اقليمي، لن تتمكن تركيا من فرض سطوتها على الموصل، يمكن ان تتعرض تركيا لضغوط كبيرة كردية في جنوبها، ويمكن ان تشكل الموصل بطبيعتها الاجتماعية هاجسا مرهقا ومخيفا لتركيا، تركيا ستفكر فقط في الاستحواذ على بعض اطراف الموصل، لكنها لن تجازف في مصادمة داعش، لانها تدرك جيدا ان صراعها – مثل امريكا - ليس مع داعش وحدها، انما صراعها مع المدينة.

#الحكومة_العراقية: الحكومة عاجزة عن ايجاد تصور لشكل ونظام الحكم، فكيف بايجاد وسيلة وحلول لتحرير الموصل؟ لا تمتلك الحكومة لغاية الان رؤية واضحة قريبة او بعيدة لتحرير المدينة.

#الصراع_الداخلي : اضافة الى كل الصراعات والمقدمات السابقة، هناك صراع آخر داخل الموصل، انه صراع المكونات الاجتماعية، الحضرية – الريفية، صراع الطبقات، صراع المفاهيم، صراع التاريخ، صراع الثقافة، غياب الثقافة السياسية والوحدة الاجتماعية، غياب القيادات المبادرة، وغياب روح المبادرة داخل المدينة، لايوجد شعور مدني، هناك شعور ديني غالب، يختلط احيانا بالمدينة، والحزب الاسلامي هو المؤسس له، وهناك صدام سلفي – اخواني يشتد كثيرا في الايام الأخيرة، وقد أخذ الصراع المدني – الحضري شكله الطبيعي والواضح في الصراع على منصب المحافظ، بعد فصل اثيل النجيفي الذي يمثل التيار الحضري، وصلت الورقة للتيار الريفي، وسيستمر الصراع حسب تجاذبات هذه الاطراف، ولن يصلوا الى نتيجة في الوقت المنظور.

الان لماذا لا يستطيع احد التحرك لتحرير الموصل؟
1. عدم وجود رؤية مستقبلية لشكل مدينة الموصل (رؤية اقتصادية، سياسية، اجتماعية).
2. عدم وجود جبهة سياسية موحدة تمثل مدينة الموصل.
3. عدم اقتناع القوى الدولية باهمية تحرير الموصل.
4. عدم اقتناع القوى الدولية والاقليمية بان داعش مرفوضة في الموصل، الاعتقاد الشائع في الصحف الدولية يقول ان الموصل لا تجد مشكلة كبيرة في التعاطي مع داعش، وكانت بروباغاندا داعش ذات تأثير كبير في هذا الموضوع، اذ اوصلت صورة للعالم بان الموصل مدينة سعيدة للغاية بوجود تطبيق الشريعة الاسلامية.
5. عدم قدرة الموصليين (الداخل، الخارج) على تبني قضايا مدينتهم، وعجزهم عن فتح جبهات لدى القوى العالمية للضغط عليهم لتحرير المدينة، ما يزال الموصليين يفكرون في كيفية تبرئة الاسلام مما الحقه داعش فيه، لا يتجاوز تفكيرهم حدود الدفاع عن نقاء وبراءة الاسلام.
6. عدم تحرك الموصليين لاعادة كسب ثقة الاقليات (الايزيدية، المسيحية، الشبكية، الشيعية) مرة أخرى.

ماذا يلزم لتحريك ورقة الموصل؟
1. ايجاد جبهة سياسية مدنية موحدة في واشنطن والاتحاد الاوربي تعمل على توضيح اهمية تحرير الموصل، ووضع برنامج عمل حقيقي قابل للتطبيق لاعادة تأهيل الموصل بالاعتماد على القوى العالمية اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.
2. التحرك في وسائل الاعلام والضغط عليها للتركيز على الموصل والكتابة والنشر عن كل مفصل من مفاصل الحياة في الموصل تحت ظل حكم داعش، والتركيز على قضية الاطفال والنساء، واقناع العالم بان ما يجري في الموصل هو احتلال دموي ينوي القضاء على سكان المدينة.
3. مواجهة الاعلاميين الذين يروجون لفكرة "الموصل مدينة سعيدة بداعش" من امثال اعلاميي الجزيرة وغيرها الذين اوصلوا فكرة للعالم بان داعش نظام حكم مثالي.
4. فتح قنوات اتصال مع الشيعة في بغداد، والوصول الى السيستاني واقناعه بقضية الموصل وحساسيتها الكبيرة في وجود قوة عسكرية شيعية في المدينة.
5. الاتصال مع الاكراد وسحب البساط من النجيفي، العمل على اقناع البيشمركة بالمساهمة بتحرير الموصل بعقد اتفاقيات اقتصادية تمنح الطرفين ثمار مرضية.
6. الضغط باتجاه التأسيس لاقليم نينوى والعمل على رسم كل الخطط والمقدمات للاقليم، ورسم المخطط بشكل كامل لا نقص ولا لبس فيه، وعقد اتفاقيات ومعاهدات دولية لاستثمار الموصل بالشكل الامثل لسنوات طويلة، وتسليم المدينة للاستثمار الدولي بعقد لا يقل عن 25 عام.

اذا تحققت نصف هذه الشروط، يمكننا حينها نحن الموصليين ان نصدق ان التحرير ممكن.

وأقول : بدونكم ايها الموصليون فان تحرير المدينة غير ممكن، عليكم ان تحرروا انفسكم بانفسكم، عليكم اولا التخلي عن فكرة المركزية السنية للموصل، لكن هذا لا يعني ان تتخلوا عن هويتكم التاريخية، يمكنكم الاحتفاظ بها، لكن في الوقت ذاته يمكن الوصول الى حلول وسط في التعامل مع الازمات.

ما ينتظركم بعد داعش اهم من داعش، لذلك عليكم التفكير بطريقة واقعية لتخليص انفسكم من داعش، لتكون لكم المبادرة في مرحلة ما بعد داعش.
لدينا في الشرق ايران، في الشمال تركيا وكردستان، في الجنوب الفرات الاوسط، في الغرب السعودية.

فكروا جيدا


https://www.facebook.com/552514844870022/photos/a.552572524864254.1073741828.552514844870022/843468369108000/?type=3&theater
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة