اليوبيل الذهبي لآولّ تحليق في الفضاء

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 12, 2011, 08:59:24 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

اليوبيل الذهبي لآولّ تحليق في الفضاء

د . م. يوسف شيت

الأرض - مهد البشرية , ولكن لايمكن العيش في المهد الى الأبد - ( تسيالكوفسكي قسطنطين إدوادوفيج ) ء

في الساعة التاسعة وسبع دقائق بتوقيت موسكو من يوم 12 نيسان 1961إنطلق أول إنسان الى الفضاء من أراضي الإتحاد السوفييتي من قاعدة إطلاق الصواريخ " بايكانور " في جمهورية كزاخستان , وهو المواطن السوفييتي يوري ألكسييفيج غاغارين على متن المركبة الفضائية " فوستوك " , وتعني الشرق بواسطة الصاروخ الحامل "فوستوك" . وفي الساعة العاشرة و55 دقيقة   عاد سالما الى الأرض بعد أن دار حولها دورة كاملة ,إستغرقت 108 دقائق,منها 50 دقيقة خارج نطاق الجاذبية الأرضية . ء

من هو يوري غاغارين ؟

ولد غاغارين في 9 آذار 1934 في قرية كلوشينو , في مقاطعة سمولنسك غرب روسيا الإتحادية من عائلة فلاّحية . بعد إحتلال القرية من قبل الألمان عام 1941 إنقطع عن الدراسة وهو في السابعة من عمره وحتى تحريرها من قبل الجيش الأحمر عام 1943 . في عام 1949 دخل إحدى المدارس المهنية , وفي نفس الوقت درس في مدرسة "الشباب العامل" المسائية .عام 1951 حصل على إختصاص السباكة بدرجة إمتياز . في أكتوبر 1954 إنتمى غاغارين الى نادي ساراتوف للطيران . في أكتوبر 1955 أستدعي غاغارين الى الجيش وأرسل الى أكاديمية فوروشيلوف الأولى للطيران . وفي أكتوبر 1957 أنهى دراسته بإمتياز . وفي هذه السنة تزوّج غاغارين من فالنتينا إيفانوفنا غورياجيفيا وأنجبت له بنتان. بعد الدراسة مباشرة نسّب غاغارين الى الأسطول البحري الشمالي وعمل في كتيبة لطائرات ميغ المقاتلة برتبة ملازم أول . حتى أكتوبر 1959 نفذّ غاغارين 265 ساعة طيران . ء

في 9 أكتوبر 1959 قدّم يوري غاغارين طلب الإنتماء الى"فصيل روّاد الفضاء" . حينها كان الفصيل قيد التشكيل تنفيذا لقرار الجنة المركزية للحزب في 5 كانون ثاني 1959 وقرار الحكومة السفييتية في 22أيار 1959 . وبعد أسبوع أستدعي غاغارين الى موسكو لإجراء مختلف الفحوص الطبية في المستشفى المركزي للبحوث التابع للقوّة الجوية , ثمّ إجتاز فحوصات طبية إضافية من

قبل لجنة خاصة . 

         3                                                   2       أول رائد فضاء في العالم يوري غاغارين                         9/3/1934 - 27/3/1968     




الإعداد للطيرن الكوني , والإنطلاق

في الثالث من آذار 1960 أصدر قائد القوة الجوية السوفييتية المارشال فيرشينين أمرا بضم النقيب يوري غاغارين الى فصيل رواد الفضاء . كان هذا اليوم حاسما في حياته وعمله , حيث إنتقل مع رفاقه الآخرين الى مركز إعداد رواد الفضاء للتدريب وفق برنامج أعدّ لذلك . وتمّ إختيار عشرين شخصا لهذه المهمة من قبل مصمم السفن الكونية السوفييتية والعالم الكبير سيرجي بافلوفيج كوروليوف (صورة رقم 3) وفق مواصفات خاصة , أهمّها أن يكون طيارا مقاتلا يتميّز بلياقة بدنية عالية , ذو خبرة في تحمّل الإجهاد والتوتر , يتكيّف لإجتياز طبقات الجو العليا ومنطقة الستراتوسفير , له ردود فعل سريعة , وتوازن عقلي ونفسي جيّدان , أن يكون عمره بين25 و 30 سنة , لايزيد وزنه عن 70 كلغ ولايزيد طوله عن 170 سم . والشرطان الأخيران فرضتهما قياسات المركبة الفضائية وقدرة الصاروخ "فوستوك" الحامل لها

من بين العشرين طيّارا من الفصيل, نمّ إختيار ستة منهم , ومن هؤلاء الستة تمّ إختيار يوري غاغارين وغيرمان تيتوف .وأخيرا أختير يوري غاغارين لمواصفاته الأكثر تطابقا لتلك التي وضعها المصمم كوروليوف بالإضافة الى تمتعه بنشاطات إجتماعية وسياسية أكثر من رفاقه الآخرين . وكان البديل الأول ليوري غاغارين هو غيرمان تيتوف , الذي أطلق بعد يوري غاغارين يوم 6 آب 1961 وعاد الى الأرض بعد أن قام ب17 دورة حول مدارها إستغرقت 25 ساعة قطع خلالها 700 ألف كلم . ء

إنّ إطلاق أول إنسان الى الفضاء , كان حصيلة عمل شاق وطويل , بدأ قبل آلاف السنين منذ حلم الإنسان في الطيران سواء في تقليد الطيور أو الوصول الى القمر والنجوم , وعبّر الإنسان عن ذلك بالأساطير والقصص الخيالية , وحاول البعض تقليد الطيور بإرتداء أجنحة إصطناعية ولكن بدون جدوى . وبمرور الزمن وضعت ,من قبل العلماء , نظريات وفرضيات وتجارب للطيران ضمن المجال الجوي للأرض (المناطيد ثم الطائرات بإختلاف أنواعها ومواصفاتها ومهامها ) أو الى الفضاء الخارجي (الأقمار الصناعية والسفن المأهولة وغير المأهولة والتلسكوبات , المختلفة الأنواع والمهام ). كان إسحاق نيوتن من أبرز العلماء الذين وضعوا نظرية الحركة المعروفة ب"قوانين الحركة الثلاثة" , وألبرت إنشتاين مؤسس النظرية النسبية وعشرات غيرهم . ومن ضمن عشرات العلماء من مؤسسي نظرية الطيران الكوني ومصممي السفن الكونية والصواريخ في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين :                                                          ء

عالم الرياضيات الروسي قسطنطين تسيالكوفسكي -1857 -1935, وضع نظرية الدفع النفّاث عام 1896 على أساس المعادلة بين سرعة الصاروخ وكتلته وكمية الوقود المستخدمة , وسمّيت بمعادلة تسيالكوفسكي وفي عام 1926 إستطاع حلّ مسألة كمية الوقود التي يحملها الصاروخ كي تؤهله لترك الأرض, وعلى أساس هذه النظرية دار أول قمر إصطناعي سوفييتي حول الأرض , ثمّ تبع ذلك آلاف الأجهزة التي أطلقت الى الكون

العالم الفرنسي أسنو- بيلتري   1881 - 1957

العالم الأمريكي روبرت غودّارد 1982 - 1945

العالم الروسي فريدريك تساندر 1887 - 1933

العالم الألماني أوبرت غيرمان  1894 - 1989 مصمم الصاروخ الألماني "فاو" , وقد ألقي القبض عليه من قبل القوّات الأمريكية أثناء إحتلال ألمانيا عام 1945, وأدخل معسكر الإعتقال في فرنسا وبلجيكا ثمّ في أميركا . وفي بداية خمسينات القرن الماضي أخذ يعمل في مجال تصميم الصواريخ والسفن الكونية الأمريكية لدى "ناسا" .                     ء

العالم الرروسي يوري كوندراتيوك 1897 - 1942 وعشرات غيرهم .                   ء

تمهيدا لإطلاق أول إنسان الى الفضاء قام الإتحاد السوفييتي بإطلاق مجموعة من الأقمار الصناعية ومركبات غير مأهولة ومأهولة على متنها حيوانات ونباتات لدراسة كافة المؤثرات عليها من حرارة وضغط ومكوّنات الهواء داخل الكبسولة , التسارع أثناء الإنطلاق فقدان الجاذبية والحالة البيولوجية . وكذلك مدى نجاح عمل الأجهزة داخل المركبة وكمية إستهلاك الوقود والتحكّم بسرعة المحرك الدافع وتأثير الحرارة والأشعة على غلاف المركبة , أقصى وأدنى نقطة تصلها المركبة عن سطح الأرض . بالإضافة الى الأخذ بآراء علماء النفس في حالة طيران الإنسان الى الفضاء ,وغيرها من المسائل المتعلقة بسلامة الإنسان إثناء الطيران . وكان الإتحاد السوفييتي أول من دشّن , عمليا , دراسة الفضاء الكوني بإطلاقه أول قمر صناعي في 4 إكتوبر 1957 وعاد (سقط) الى الأرض يوم 4 نوفمبر 1958 , وكان يزن 83,6 كلغ . وبلغ عدد الأقمار والمركبات الفضائية حتى ساعة إنطلاق غاغارين 10 , منها خمسة مركبات , نجحت ثلاث , ومنها التي حملت الكلبتين " ستريلكا وبيلكا " يوم 19آب 1960. كما فشلت محاولات مات خلالها عدد من الحيوانات , منها ثلاثة كلاب . والسبب الرئيسي في هذا الفشل هو زيادة سرعة المحرك الدافع , حيث تندفع المركبة الى مدار أعلى وتفشل قيادتها من الأرض وتبقى أشهر أو سنين تائهة في الفضاء حتى سقوطها على الأرض , وكذلك عدم مقاومة الحيوانات درجات حرارة عالية . وأطلق الإتحاد السوفييتي ثلاث مركبات الى القمر وهي : لونا -1 أطلقت يوم 4 كانون أول 1959وإقتربت من سطح القمر لمسافة 6000 كلم ثمّ إختفت بين كواكب المجموعة الشمسية . تلتها لونا -2 أطلقت يوم 14 أيلول نفس السنة وحطّت على سطح القمر ووضعت شعار الإتحاد السوفييتي على سطحه .. وتلتها لونا -3 أطلقت يوم 4 تشرين أول 1959وصورت لأول مرة الجزء الغير المرئي من القمر , كما قامت المركبة بمناورة تحت تأثير جاذبية القمر , أي عملية تباطؤ وتسريع أو تغيير إتجاهها .. وآخر مركبة أطلقت قبل إنطلاقة غاغارين كان يوم 25 آذار 1961 . ء

المركبة التي حملت النقيب الطيّار غاغارين الى الفضاء تتكون من جزئين : قمرية الطيار (الصورة رقم 1) , وهي عبارة عن كرة , قطرها الخارجي 2,3 م ووزنها 2460 كلم ووزن الغلاف الذي يحميها من الحرارة المرتفعة ( 2000 - 3200 درجة مئوية ) حوالي 1300 كلم ووتتكون من سبيكة الكربون والسيراميك , وتحتوي على كرسي الطيّار المعدّ لتحمّل الإهتزازات الناتجة أثناء الإقلاع والهبوط وفترة الطيران وجهاز قذف الطيّار وزورق مطّاطي في حالة نزول المركبة في المياه , وأجهزة الإتصالات وأجهزة بصرية لرؤية أجزاء من الكون بالإضافة الى الكوّة المثبّت عليها زجاج خاص أقوى من المعدن ومزودة بستائر واقية من مختلف الأشعة , وحافظة الطعام والماء .. والجزء الثاني هو
المرحلة الثالثة للصاروخ الحامل الذي يحتوي على محرك نفّاذ يعمل بالوقود السائل وأجهزة ضبط عمله وأجهزة توجيه المحرك . وربط الجزئان بشريط معدني وقفل حراري مؤهلان لفصل المرحلة الثالثة أثناء هبوط المركبة الى الأرض . وجعل الجو داخل الكبسولة من درجة الحرارة وضغط جوّي والرطوبة كما هو على الأرض . كما أنّ الأجهزة عملت بشكل اوتوماتيكي , أمّا في حالة التشغيل اليدوي من قبل غاغارين عليه قراءة الكود (المفتاح السرّي) الموجود في ظرف داخل المحطة ضمن تجهيزاتها .                                              ء

لماذا أختير يوم 12 نيسان؟ حصلت المخابرات السوفييتية " لجنة أمن الدولة " بأنّ الأمريكان أصبحوا مستعدين لإطلاق الإنسان الى الفضاء يوم 20 نيسان 1961 . لذلك طلب كوروليوف الإستعجال بالموضوع وإقترح أن يقوم الإتحاد السوفييتي بذلك في الفترة بين 11 و 17 نيسان 1961 . وبعد أن تقرر أن يكون يوم 12 نيسان هو موعد الطيران تمّ إعداد ثلاثة أخبار لثلاث إحتمالات تقوم وكالة تاس بنشر أحدها . أولها في حالة نجاح مهمّة غاغارين , والثاني في حالة سقوط المركبة في أراضي بلد آخر أو في المحيط , حينها توجّه الحكومة السوفييتية طلبا الى ذلك البلد للمساعدة في إنقاذ حياة الطيّار , والثالث في حالة وقوع كارثة تؤدّي الى موته بعد الرجوع الى الأرض . ء

قبل طيرانه بدقائق , وجه غاغارين رسالة الى المواطنين السوفييت وشعوب العالم أجمع يعبّر فيها عن فرحته في المهة التي اؤكلت إليه وسعيد بها كونه يحقق حلم البشرية منذ قرون في الطيران الى الفضاء , وهي مسؤولية كبيرة أمام الشعب السوفييتي وشعوب العالم من أجل حاضرها ومستقبلها , لأنّ السعادة لدى الناس هي عندما يشتركون في الإكتشافات الجديدة . ويضيف : إني قررت القيام بهذه المهمة لأنّي شيوعي , وخلف ظهري تقف المآثر البطولية للناس السوفييت . الى اللقاء أيّها الأصدقاء أنا سائر في طريق بعيد , وكم أنا مشتاق لأحضن الكلّ القريبين مني والبعيدين عنّي , والذين أعرفهم أو لا أعرفهم . وإلى لقاء قريب .. ء

قبل الصعود الى منصّة الإطلاق توجه غاغارين الى رئيس لجنة الطيران الكوني كوروليوف ووقف كأي جندي أمام الظابط ليطلب منه السماح بالطيران بعد أن أكّد إستعداده لذلك , فردّ عليه الرئيس بالموافقة . وبعد إنطلاق الصاروخ بثواني تمنى كوروليوف لغاغارين النجاح في مهمّته , فردّ عليه بكلمته المشهورة والتي يرددها رجال الفضاء قبل الإنطلاق " لنسافر !
"        ء

بدأ إنطلاق المحطة من مطار بايكانور بإتجاه سيبيريا ثمّ فوق جزر كيريل وشرق اليابان فوق المحيط الهادئ ثمّ غرب ساحل الأميركيتين وفوق جزر الفوكلاند, بعدها فوق المحيط الأطلسي بإتجاه كونغو وفوق مصر وتركيا , وأخيرا الهبوط لمسافة 110 كم من مدينة  فولغاغراد وعلى بعد 1,5 كم من ساحل نهر الفولغا .     ء

منذ لحظة إنطلاق غاغارين حتى هبوطه على الأرض كان كوروليوف يتابع طيرانه دقيقة بعد دقيقة ويسأل مختلف الأسئلة سواء التي تخص حالته أو عمل أجهزة المحطة وموقعها فوق سطح الأرض . قطعت المركبة حوالي 50000 كم في 108 دقائق , وسرعتها تعادل 7,8 كم/ثا , وهي السرعة الكونية الأولى التي وضعها العالم تسيالكوفسكي . كانت أعلى نقطة عن سطح الأرض وصلتها المركبة 327 كم وأدنى نقطة 181 كم , لكنّ المركبة خرجت فوق المدار المطلوب ب 100 كم بسبب إستخدام كابح - ديناميكية الهواء , وهذا ربما يجعل المركبة مستمرة في الطيران لمدة عشرة أيّام إذا إتّجهت أكثر الى الأعلى . على هذا الأساس أعدّ كل شيئ في المركبة للعيش في الفضاء لمدة 10 أيّام .. عندما بدأت المركبة بالتحليق فوق أفريقيا أخذت تدور حول محورها بشكل سريع وغير متوقع (دورة واحدة في الثانية) , ولم يستطع غاغارين عمل شيئ الى أن إستقرّت ولم يبلغ مركز التوجيه على الأرض بذلك لتفادي إرباكهم . عندما بدأت المركبة بالهبوط ودخلت الغلاف الجوي للأرض إحترق جزء من غلافها بسبب الإحتكاك به, ولم يتم تبليغ  غاغارين  بذلك من قبل القيادة . وعندما توغلّت المركبة في الغلاف الجوي الأكثر كثافة إنصهر الشريط المعدني الرابط بين المركبة والمحرك وانفتح القفل الحراري وانفصلت الكبسولة عن بقية المركبة .. وعلى إرتفاع 7000م إنفتح باراشوت الكبسولة  . في هذا الأثناء تأخّر غاغارين في غلق بدلة الفضاء , مما كان قد يؤدي الى إختناقه . وعلى إرتفاع 4000 م إنقذف غاغارين من الكبسوله وفتح باراشوته الشخصي ونزل الى الأرض بشكل سلس وبطيئ .     ء

بعد مرور 50 دقيقة من إنطلاق غاغارين الى الفضاء نشرت وكالة أنباء تاس السوفييتية الخبر في جمبع أنحاء العالم عن طريق الراديو والصحافة والبعثات الدبلوماسية , وعمّت الفرحة المواطنين السوفييت وكافة شعوب العالم , ولكن الحكومة الأمريكية صعقت بالخبر , وخاصة الرئيس جون كندي , لأنها في سباق غزو الفضاء مع الإتحاد السوفييتي منذ أن أطلق الأخير أول تابع للأرض في 4 تشرين أول 1957 . لهذا الغرض أسست أمريكا وكالة الفضاء " ناسا " وتمّ رصد مبالغ إضافية لدراسة الفضاء الكوني من كلا المتنافسين , حتى إلتقيا في الفضاء في 15 حزيران 1975 , عندما إلتحمت المركبة السوفييتية "سويوز 19" مع الأمريكية "أبولّون 18"  . وكان الإتحاد السوفييتي قد تقدّم على أمريكا في مجال الفضاء بسنتين وقام الإتحاد السوفييتي بإطلاق العديد من رجال الفضاء من مختلف دول العالم , ومنهم رجل الفضاء السوري المقدّم فارس محمد أحمد .   ء

بعد تسلّم بريجنيف قيادة الدولة والحزب في الإتحاد السوفييتي عام 1964 لم يتمكن من حلّ المشاكل التي كان يعاني منها , وخاصة الإقتصادية , بل تفاقم الوضع ودخل الإقتصاد السوفييتي مرحلة الركود حتى إنهياره عام 1991 . واستطاعت الأمريكان تجاوز السوفييت في مجال إكتشاف الفضاء .     ء

أشرنا الى الصعوبات التي صادفت رحلة أول رائد للفضاء , لقد كانت مهمّتة خطرة جدا , ليس لأنه من المكن أن يفقد حياته , ولكن لكانت نكسة لعلم الفضاء السوفييتي وسمعته الدولية لأنّها أول تجربة فريدة في العالم . وبهذا الصدد يقول ا أحد مصممي السفن الكونية السوفييتية باريس جيرتوك : " لو وضعنا المركبة سويوز 1 الى جانب المنجزات العصرية ونظرنا إليها , إنّ أحدا لم يصوّت لإطلاق مثل هذه المركبة الغير موثوق بها . ولكن أنا أيضا وقّعت حينها الوثائق بأنّ كل شيئ عندي على ما يرام , وأضمن سلامة الطيران . لقد حصلت على تجربة وفهم كبيرين , كيف خاطرنا الى حدّ كبير " .    ء

أثناء إستقباله من قبل قيادة الدولة والحزب الشيوعي السوفييتي , وفي مقدّمتهم نيكيتا خروتشيف قدّم غاغارين تقريره : " الرفيق السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي أقدّم تقريري : الطيران الكوني الأول في العالم على متن السفينة الفضائية سويوز 1 يوم 12 نيسان 1961 نفّذت بنجاح . كلّ الأجهزة والأنظمة على متن السفينة عملت بدقة وبدون توقف . الشعور ممتاز . مستعد لتنفيذ أي مهمة جديدة للحزب والدولة . المقدّم يوري غاغارين . " وعندما سأله أحد الصحفيين الغربيين كم هو سعيد بنجاح مهمّته , أجابه غاغارين : "إني جدا سعيد , ولكن كانت سعادتي أكبر عندما نلت عضوية الحزب الشيوعي السوفييتي .  ء

بعد مأثرته هذه أصبح يوري غاغارين شخصية عالمية كبيرة , أستقبل من قبل الكثير من رؤساء الدول  , ومنهم جمال عبد الناصر , وسلمّ المفاتيح الرمزية لعدد من المدن , ومنها القاهرة والإسكندرية . إلتقى أعدادا من الفنانين والرياضيين والكتّاب والسياسيين وغيرهم من مختلف دول العالم . كتب عنه الكثير في الصحافة , وصدرت العديد من الكتب عن حياته ومأثرته , غنى له العديد من المغنين المشهورين في العالم , منح شرف عضوية الكثير من المؤسسات العلمية العالمية , وسميت الكثير من شوارع وأحياء في بعض دول العالم بإسمه , وأختير مواطنا رمزيا لبعض مدن العالم ,مثل اليونان وفرنسا وبلغاريا وجيكوسلوفاكيا وغيرها وأصبح غاغارين رمزا للسلام العالمي , حيث كتب بعد أيّام من تنفيذ مهمّته : " عندما نظرت الى الأرض من المركبة الفضائية , رأيت كم هو جميل كوكبنا . أيها النّاس , لنحافظ عليه ونتقاسم هذا الجمال , لا ندمّره ، غاغارين " .   ء

كان لغاغارين موعدا للطيران مع مدربه المهندس - العقيد فلاديمير سيريوغين . بعد 20 دقيقة من الطيران على متن المقاتلة ميغ 15 وفي الساعة العاشرة والنصف أبلغ القيادة في القاعدة الجوية بإنتهاء المهمة والسماح له بالعودة , وانقطع الإتصال مع القيادة . بعد ثلاث ساعات من التفتيش عثرت إحدى الطائرات السمتية على حطام الطائرة على بعد 90 كم عن موسكو . وضع رفاة غاغارين في جدار كريملين بجانب القادة السوفييت في الساحة الحمراء . وإعلن يوم حداد عام        ء

إنّ كوكبنا يتعرض الى تغيير تدريجي سوءا من قبل سكنته أو بفعل العوامل الطبيعية . فالأرض منذ نشئتها في تغيّر دائم بسبب العوامل المناخية والجيولوجية والبيولوجية والتأثيرات من قبل منظومتنا الشمسية , بالإضافة الى التغيير الحاصل على سطحه الذي يقوم به الإنسان من أجل ضمان عيشه . ولكن هل يستطيع الإنسان من درء المخاطر التي يتعرض لها كوكبنا , سواءا بفعلته أو بفعل الطبيعة ؟ وكيف يستطيع حمايته والكثير من الدول تستثمر مبالغ هائلة لإنتاج مختلف الأسلحة التي لا مبرر لها ( سمّيها ما شئت دفاعية , هجومية , كلاسيكية , عصرية , دمار شامل ,دمار محلّي , خفيفة , ثقيلة ) فهي أسلحة لقتل البشر وهي التي تشجّع على الحروب , والحروب تشجّع إقامة الديكتاتوريات , والديكتاتوريات تقتل وتسجن وتغتصب وتسرق لأنها عديمة الأخلاق والضمير . ماذا لو صرفت هذه الأموال الطائلة على صحة الإنسان وتعليمه وتغذيته وسكنه بشكل أفضل وإضافة مبالغ لدراسة الفضاء الكوني وتمكين الإنسان من الإنتقال الى كواكب أخرى بعد ,لاندري , من السنين أو , يتنبأ بالكوارث الطبيعية , ومنها الكونية قبل وقوعها ؟ لقد مهّد يوري غاغارين الطريق أمام البشرية لمواصلة حلّ هذه الأسئلة , هل ستبقى في مهدنا حتى يهترئ ؟؟؟   



  8نيسان 2011