تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

فهد يعود حاملا ذكرياته

بدء بواسطة يوسف الو, فبراير 12, 2016, 04:18:33 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

يوسف الو

عبد الجبار العتابي من بغداد: اصدرت جريدة (المدى) البغدادية وضمن ملحقها الاسبوعي (عراقيون) عددا خاصا عن يوسف سلمان يوسف الشهير بـ (الرفيق فهد) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، جاء على صدر غلافه المزين برسم له: (46 عاما على استشهاده / فهد.. النضال في سبيل الحرية والعدالة الاجتماعية) وهو امر لم تألفه الصحافة العراقية من قبل، تضمن سيرة حياته ومحطات مهمة منها بالاضافة الى العديد من الذكريات عنه.

       فقد كتب عبد الرزاق الصافي (خواطر سريعة: عن فهد باني الحزب الشيوعي العراقي) قال فيها: من المعروف ان رواد الفكر الاشتراكي في العراق الذين تحلقوا حول الفقيد حسين الرحال وأصدروا مجلة (الصحيفة) في كانون الأول من عام 1924 اكتفوا بمهمتهم التنويرية عن طريق هذه المجلة الرائدة في إشاعة الفكر الماركسي في العراق، المجلة التي لم تطق الفئة الحاكمة ومن ورائها سلطات الانتداب البريطاني استمرار صدورها فأغلقتها بعد صدور بضعة أعداد منها، واضاف: لم يكن فهد بين هؤلاء الرواد فقد كان آنذاك شاباً وطنياً ذا اهتمامات وطنية عامة يسعى للتعرف على واقع وطن وحياة ليس للشعب العراقي وحده، بل والعربي، فقد وجدت له صورة مذيلة بشرح ينعته بالسائح العراقي، وفي أواخر العشرينيات من القرن الماضي كان فهد من نشطاء الحزب الوطني الذي يترأسه الزعيم الوطني محمد جعفر أبو التمن، وكان آنذاك في مدينة الناصرية ومن ثم أنتقل الى البصرة ويبدو انه في تلك الفترة تعرف على الفكر الماركسي وراح يعمل على تشكيل حلقات تضم مناضلين يهتمون بهذا الفكر، وحرر في بداية الثلاثينيات بياناً وقعه بتوقيع (عامل شيوعي) قدم بسببه الى المحاكمة وأفرج عنه لانه لم يكن في القانون العراقي ما يحرم الشيوعية، واشار الى: غادر فهد العراق قبل الإعلان عن تشكيل الحزب الشيوعي العراقي الى موسكو وانتمى الى مدرسة (كادحي الشرق) وتابع أعمال المؤتمر السابع للأممية الشيوعية (الكونغرس) في عام 1935 الذي شكل انعطافة مهمة في الحركة الشيوعية العالمية من أجل توحيد قوى الطبقة العاملة وكل القوى الديمقراطية ضد الغاشية التي تصاعد خطرها بصعود الحزب النازي في ألمانيا الى السلطة، وذلك بإقرار المؤتمر للتقرير الذي قدمه القائد الشيوعي البلغاري جيورجي ديمتروف عن ضرورة إقامة الجبهات الشعبية المعادية للغاشية في البلدان الرأسمالية المتطورة او الجهات الوطنية في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة.



       وكتب هادي الحسيني عن (شجاعة فهد) قائلا: في كتاب ذاكرة النخيل لعزيز الحاج والذي يتحدث فيه عن ذكرياته وايام نضاله في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، يروي انه كان معلماً في إحدى المدارس بمدينة الكوت، ويقع خلف المدرسة تماماً سجن الكوت الذي يُعتقل فيه مؤسس الحزب (فهـــد)، وكان قد حكم بالإعدام إبان الحكم الملكي أواخر العام 1948 وبانتظار تنفيذ الحكم، واتفق رفاق فهد ومنهم عزيز الحاج ان ينقذوا رفيقهم من الإعدام الامر الذي جعلهم ان يفكروا بحفر نفق من المدرسة التي يدّرس فيها الحاج وبمساعدة بعض الطلاب وحتى زنزانة رفيقهم سكرتير الحزب العام، واستمروا في عملهم أياماً وأسابيع من دون ان يعرف احد بهم، في تلك الأوقات كان مدير السجن وفي أوقات فراغه يرسل احد الحراس ليأتي له بفهد ويجلسا معاً يلعبان الطاولة ويحتسيان الشاي ويدخلان في حوارات طويلة عن الكثير من القضايا، حتى ان مدير السجن الذي كان مبهوراً بشخصية فهد سأله ذات يوم قائلاً: لو اتيح لك الهروب من السجن بطريقة او بأخرى فهل سوف تهرب؟ وتجعلني اذهب الى السجن مكانك وافقد وظيفتي وعائلتي ستصبح فاقدة الاب؟، فرد فهد قائلا: اقسم لك بشرفي السياسي اذا أتيحت ليّ مثل هذه الفرصة فسوف لا اهرب ابداً وانتظر تنفيذ الحكم عليّ..، وبعد ايام تمت عملية استكمال حفر النفق والوصول الى زنزانة فهد، كان الوقت مساءً وكل شيء على ما يرام فثمة سيارة تنتظرهم في باب المدرسة لكي تقلهم الى مكان ما، فعندما دخلوا على رفيقهم قالوا له: السيارة بانتظارك في الخارج لتنقلك الى المكان الآمن ايها الرفيق، فقال لهم فهد: لقد أعطيت كلمة شرف بالقيم والمبادئ التي نحملها ونناضل من اجلها الى مدير السجن ان لا اهرب لو أتيحت لي الفرصة.
فآثر الذهاب الى المشنقة بشجاعة وقوة ورجولة قلّ نظيرها، وأبى ان يهرب ليترك مدير السجن عرضة الى الاعتقال وتحطيم مستقبله!!بهذه الأخلاق الراقية وبهذه الشجاعة النادرة استطاع سكرتير الحزب الشيوعي العراقي يوسف سلمان يوسف ان يعيش بضمير العراق وان يبني مجده ويشيده داخل قلوب الفقراء من الطبقة العاملة، لا ان يبني قصراً او جاهاً من أكتاف البسطاء ويفرضه بالقوة والجبروت الذي هو آيل للزوال لا محالة.



         كما تضمن الملحق موضوعا بعنوان (الخمسينيات فترة ذهبية في تاريخ العراق المعاصر: فهـــد والچـــادرچي كانا مثقفين عضويين بتعريف غرامشي ربطا بين الإبداع الثقافي والنشاط الفكري) للكاتب اريك ديفس، تقديم وترجمة/ حسين كركوش، جاء فيه: فهد والجادرجي مثقفان عضويان بتعريف غرامشي رغم أن مواقف الانتليجيسيا العراقية في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كان يغلب عليها التمرد ورفض النظام الاجتماعي والسياسي القائم، إلا أن من الصعوبة القول إن تلك الانتليجنسيا كانت تتألف من «مثقفين عضويين»، بالمعنى الذي يقصده غرامشي، وإحدى الصعوبات الكبرى التي وقفت عائقا أمام ظهور مثل هولاء المثقفين، تكمن في  غياب ذاك النوع من المثقفين الذين هم مثقفون وسياسيون، في آن واحد، وبالتالي يملكون القدرة على أن يكونوا جسرا يربط بين الإبداع الثقافي وبين النشاط السياسي. لكن هذا لا يعني عدم وجود استثناءات مهمة، وأحدى تلك الاستثناءات كان قد جسدها القائد الشيوعي الشهير فهد (يوسف سلمان يوسف)، الذي يعتبر أحد مؤسسي الحزب الشيوعي العراقي.



       وكتب د. كاظم الموسوي (تراث فكري ومنهج كفاحي للتحرر الوطني.. كشف الطابع العنصري للصهيونية ووصفها بالفاشية)، قال فيه: تأسس الحزب الشيوعي رسميا عام 1934،  وكان هو بين مؤسسيه، واضاف: كتب زكي خيري، وهو الآخر قائد شيوعي ورفيق مشارك معه، في تقديمه الطبعة الثانية لكتابات الرفيق فهد، ما يلي: هاكم جملة من تراثه الفكري، هذه الكراريس التي ألفها فهد قبل اكثر من جيل وما تزال جديدة أبدا، حتى أن شعبيتها تزداد يوما بعد آخر. وأضاف: «اكمل يوسف سلمان فهد دراسته الأكاديمية للماركسية اللينينية قبل أربعين سنة وعمل بعدها من جديد في بناء الحزب وقاده في ظروف بالغة الصعوبة لعشر سنوات ونيف. ومع ذلك لم نستطع، بعد، أن نجمع كل ما كتبه في هذه المدة. وهذه المجموعة التي نضعها بين أيدي القارئ (طبعة ثانية) لا تحتوي على كل ما هو بين أيدينا الآن من تراث فهد».، اكمل زكي خيري: إن هذه الطبعة الثانية للمجموعة (لا) تحتوي على كراس فهد الذي نشره تباعا في جريدة «العصبة» لسان حال عصبة مكافحة الصهيونية عام 1946، تحت عنوان: (نحن نكافح- في سبيل من وضد من نكافح) ورسم فيه خطة الحزب الشيوعي العراقي وعصبة مكافحة الصهيونية في النضال القومي الأساسي والعادل ضد الصهيونية، وكشف طابعها الإمبريالي والعنصري وقرنها بالفاشية، حيث قال: (.. فالأولى- الفاشية، بذرت الكره العنصري ونشرت الخوف والفوضى في أنحاء المعمورة وورطت شعوبها واولعت بهم نيران حرب عالمية لم تتخلص أمة من الأمم من شرورها. والثانية- الصهيونية بذرت الكره العنصري ونشرت الخوف والفتن والإرهاب في البلاد العربية وغررت بمئات الألوف من أبناء قومها وجاءت تحرقهم على مذبح أطماعها وأطماع أسيادها المستعمرين الإنكليز والأمريكان فتشعل بهم نيران الاضطرابات في البلاد العربية، وقد كان من نتائج أعمالها المجرمة أن حولت فلسطيننا العزيزة إلى جحيم لا ينطفئ سعيره ولا تجف فيه الدماء والدموع..)



                  كما تضمن  العدد حديثا مع رفيقه في السجن الفريد سمعان، سجله حسين رشيد،.حمل عنوان: (فهد: ستجدون الجواهـــري يتغنى بـــكم دون توصية)، قال فيه سمعان: - فهد مناضل كبير وإنسان ثوري اذ قاتل بضراوة من اجل انتصار الطبقة العاملة والفلاحين والفقراء وكل الكادحين الذين يعانون الظلم والجوع والفزع المستمر والسياط وكل وسائل التعذيب، كان (فهد) نموذجا عراقيا متفردا شامخا بما قدم لشعبه، والمجتمع الإنساني التحرري عامة وهو صورة للبطولة يتطلع له كل السائرين في دروب النضال، واضاف: - كان يقرأ بشكل متواصل ولا تفلت أي دقيقة دون أن يستفيد منها، ولذلك تميز بثقافته العالية كما كان جريئا بشكل استثنائي، في طرح أرائه على الشخصيات الوطنية الموقوفة معه اذ عمل على جمع شمل المنظمات والحركات الوطنية، كما كان يهتم بالثقافة والمثقفين بصورة كبيرة واذكر مرة حين سأله احد الرفاق لماذا لا نكسب الجواهري كعضو في الحزب؟، رد عليه (اعملوا بثبات وستجدون الجواهري يتغنى بكم دون توصية) وقال عن الطلبة حين قيل له أنهم ليسوا كادحين، فأجاب (أن الطلبة هم الزهور التي تأخذ مكانها على صدور الطبقة العاملة).



         وحمل العدد موضوعا حمل عنوان: يوسف (فهد) ورفاقه أمام محكمة الجنايات الكبرى.. الحكم بإعدام فهد تقرر مسبقاً) جاء فيه: ذكر عبد اللطيف الشواف، الشخصية الوطنية والاجتماعية ما رواه له القاضي المحترم أحمد طه رئيس محكمة الجنايات الكبرى في بغداد وهذا الحاكم معروف بجرأته وأمانته وصدقه، قال لصديقه الشواف بأنه تلقى نداءً هاتفياً من نوري السعيد رئيس الوزراء يقول أنه قادم لزيارته، فأجاب أحمد طه: باشا أنا متوجه لزيارتكم، أجاب نوري: كلا أنا أحب التمشي والمحكمة ليست بعيدة خطوات وأصلكم، وفجأة دخل نوري قاعة المحكمة فوجدني أتذاكر مع أحد أعضائها، فناداني أحمد تعال، تقدمت وسلمت عليه، قال: أسمع أحمد نحن القينا القبض على فهد رئيس الشيوعيين، وأضاف: ان كل الاضطرابات والإخلال بالأمن والمظاهرات والمصادمات هي من صنع هذا الشخص وعصابته، هذا يريد إسقاط الحكومة والعرش وتكوين حكومة شيوعية ضد الدين، وأطلب منك عندما تعرض القضية أمام محكمتكم.. الحكم عليه بالإعدام.



        وكتب يوسف ابو الفوز(فهـــد والصحـــافة) : (في مذكراته يتحدث الجواهري عن لقاء في عام 1942، هو الأول مع رجل لا يعرفه ويقول: قربته الى جانب وبعد تجاذب أطراف الحديث على فنجان قهوة أستل الرجل من جيبه حزمة أوراق قائلاً: هذه مقالة، ان رضيت عنها فبوسعك نشرها.. ولك الفضل، ورداً على هذا الرجل المتواضع ينادي الجواهري أحد العاملين في الجريدة ويطلب ان تكون المقالة افتتاحية لعدد اليوم التالي، ويتحدث الجواهري كيف ان الرجل حدق في وجهه بعجب قائلاً: يا أستاذ.. إلا تريد إن تقرأ ما فيها أولاً، ويرد الجواهري عليه بثقة لا، لن أقرأ ما تكتبه أنت، ويقول الجواهري بعد نشر المقالة: (إن العارفين من الطبقة المثقفة أعلنوا بصوت واحد أن المقال له: يوسف سلمان يوسف فهد...).



       كما كتب جاسم هداد موضوعا بعنوان (محطات: اعدمته الملكية.. واعتبرته الثورة شهيد الشعب): والرفيق فهد اول عراقي حكم بالإعدام لأنه شيوعي. وعند نقله من سجن الكوت الى بغداد قبل إعدامه قال لرفاقه: (ايها الرفاق: قد لا نلتقي بعد، انتم مسؤولون عن التنظيم وصيانة جوهركم الثوري)، وعندما فتح باب الزنزانة واقتيد لتنفيذ الحكم قال لرفاقه: (وداعا ايها الرفاق.. صونوا حزبكم).. (وداعا يا رفاقي وداعا) وكررها ثلاث مرات، وعندما سأله الجلادون من تريد رؤيته قبل الموت؟  طلب رفيقيه زكي بسيم وحسين محمد الشبيبي وأخيه المعتقل داود وإحدى قريباته، وأرسل الى أمه رسالة شفوية مع أخيه قائلا: (انك ستذهب اليها، فبلغها: ان يوسف قد عذبك كثيرا واتعبك، الا انه لم يكن ثمة طريق آخر سوى هذا الطريق، طريق النضال الوطني في سبيل التحرر من الاستعمار)، وقبل اعتلائه المشنقة قال قولته الشهيرة: (الشيوعية اقوى من الموت وأعلى من المشانق)، وبعد ثورة 14 تموز المجيدة تم رد الاعتبار للشهيد الخالد فهد ورفاقه، ففي 24/2/1959 أصدرت حكومة الثورة قرارا باعتبار الاعمال التي حكموا بسببها هي من اعمال الكفاح الوطني التي تستأهل التقدير واعتبارهم «شهداء الشعب». 
       وكتب ابراهيم عبد الحسن (صفحات من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي)، وكتب رياض النعماني مقالا بعنوان (هذا الكائن الخلاق) قال فيه: كانت فكرة فهد في الاهتمام بضرورة وحيوية الثقافة وانه اذا كان للسياسة وحتى الاقتصاد ان يتطورا فينبغي ان يدخلا السياسة في صميم فكرهم ونسيج رؤيتهم ونشاطاتهم.. هكذا توجه التيار الماركسي والشيوعي وعموم اليسار في العراق نحو ينابيع المعرفة الإنسانية بحب وفهم كبيرين جعلا من الثقافة العراقية ملمحاً شيوعياً- يسارياً- علمانياً اسهم في انفتاح فكر الإنسان العراقي على ريادات وإسهامات الفكر البشري العظيم، في هذا المناخ عرفنا أراغون وايلوار وستاندال وفيكتور هيجو وفلوبير وفرلين وماريو بوزمو وأريك فروم ويونغ، وفي هذا المناخ أيضاً صرنا ان نفهم أهميته وحساسيته إزاء حرية المثقف وضرورة تفرده حينما رأى إنه ينبغي ان يظل الشاعر الكبير الجواهري طائراً حراً رؤيوياً يتقدم السياسة والجماعة الى فضاء المستقبل.. ففي هذا السياق قال ذات مرة عندما سئل عن الجواهري: اصنعوا أحداثاً عظيمة كي يكتب الجواهري قصائد عظيمة تهز الحياة
- See more at: http://elaph.com/Web/Culture/2009/3/423377.htm#sthash.SotyI0ZG.dpuf