هل يستطيع الشيوعيون تمثيل المسيحيين في العراق ؟؟

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, سبتمبر 16, 2014, 08:22:06 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

هل يستطيع الشيوعيون تمثيل المسيحيين في العراق ؟؟
===================================
أبرم شبيرا

توضيح:قبل كل شيء أود أن أوضح بخصوص أستخدام تسمية المسيحيين والتي في مضمونها وشكلها أعني بها بشكل عام الكلدان والسريان والآشويين ونفس الحال عند الإشارة إلى الأحزاب المسيحية. فالتسمية المسيحية فرضت علينا وبدت تطغي على التسمية القومية لأن في الحقيقة والواقع الحالي للعملية السياسية في العراق تسير برمتها وفق عوامل دينية وطائفية تستخدم كمعايير في تعامل القوى السياسية مع بعضها وتتسنم مناصب في هياكل الدولة على أساسها. فوفق هذا المعيار فالكوتا هي مسيحية وليست قومية كلدانية سريانية آشورية على الأقل من الناحية القانونية والرسمية، لذلك ليس غريباً وفق هذه المعايير أن نطرح موضوع الشيوعيين وتمثيلهم للمسيحيين في العراق ونحن نعرف مسبقاً موقفهم من الدين بشكل عام. وهذا ليس بعيدا عن العقلية العراقية في تقييم الأمور وقياسها بالمعايير الدينية، فالعقلية العراقية التقليدية تضع المسيحي العراقي مع المسيحي الإنكليزي أو البرازيلي أو جنوب أفريقي في خانة واحدة، فكلهم مسيحيون، إن لم يكونوا كفاراً حسب العقلية المتطرفة وما أكثرها في هذ الأيام. موضوع طويل سبق وأن فصلنا عنه في كتابنا المعنون (الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر- دراسة في العقلية العراقية تجاه الأقليات - من إصدارات دار الساقي، بيروت، 2001). من هنا أستوجب التوضيح والتأكيد بأن التسمية المسيحية هي في مضمونها إشارة إلى الكلدان السريان الآشوريين وألى أحزابهم السياسية القومية.
الحزب الشيوعي العراقي والكوتا المسيحية:في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة أستطاع الحزب الشيوعي العراقي التغلغل إلى الكوتا المسيحية عن طريق طرح قائمته "المسيحية" تحت مسمى  قائمة الوركاء الديموقراطية لتنافس بقية القوائم المسيحية، فأستطاعت قائمته أن تحصد مقعد برلماني كان من حصة السيد فارس يوسف ججو من بين خمسة مقاعد مخصصة ككوتا للمسيحيين، أما بقية المقاعد الأربعة فقد فاز بها بالتساوي كل من قائمة الرافدين التابعة للحركة الديموقراطية الاشورية (زوعا) وقائمة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري (المجلس) وهما أكبر الأحزاب المسيحية في العراق.  ففي خضم المناقشات والتحديات وغموض التحالفات والبيانات والتصريحات المتناقضة  بين رؤساء القوائم المسيحية وأحزابها قبيل أختيار رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي أعضاء كابنته الوزارية، حصل ما لم يكن في الحسبان، حيث أختير السيد فارس يوسف ججو وزيراً للعلوم والتكنولوجيا ومن خارج ترشيحات زوعا والمجلس مما أثار ردود فعل تراوحت بين قوية وإحتجاجية وتحديداً من زوعا التي خسرت كرسي الوزارة الذي كان من حصتها في الكابينة السابقة و مترددة وحائرة وتحديداً من المجلس لأن إختيار السيد فارس للكرسي الوزاري لم يكن ضمن الأشخاص المرشحة من قبله رغم تحالفه مع قائمة الوركاء الديموقراطية.

أن وصول الحزب الشيوعي العراقي عن طريق ممثله المسيحي إلى البرلمان ثم إلى مجلس الوزراء، سواء باركه البعض  وهلهل له أو أنتقده البعض الآخر وهاجمه، فأنه من الناحية السياسية الموضوعية يعتبر إنجازاً كبيراً ونجاحاً باهراً للحزب الشيوعي العراقي من جهة وتراجع ونكسة للأحزاب المسيحية "لكلدانية السريانية الآشورية"، والمقصود بهم تحديداً زوعا والمجلس من جهة أخرى. ومرد ذلك وبشكل عام يعود إلى سببين:الأول: ذكاء وحنكة الحزب الشيوعي العراقي وخبرته الواسعة والطويلة في الأمور السياسية وقدرته العالية في تقدير الأمور ورسم سياسات خاصة في معالجتها وبالشكل الذي يخدم فكره وإستراتيجيته. فقد أستطاع الحزب الشيوعي العراقي من إستغلال الكوتا المسيحية والتغلغل من خلال العيوب والثغرات الموجودة فيه بحيث وأن كانت الكوتا مخصصة للمسيحيين إلا أن هذا قانونياً لا يمنع غير الأحزاب المسيحية من تشكيل قوائم يكون أعضاؤها من المسيحيين  لغوض الإنتخابات على أساس الكوتا المسيحية. لقد سبق وأن شرحنا بالتفصيل في نظام الكوتا وقلنا بأنه أسلوب غير ديموقراطي لنظام غير ديموقراطي ولا نريد الإطناب فيه حفظاً على مضمون موضوعنا هذا. لقد أدرك الحزب الشيوعي وبفطنته وذكاءه بأن الوصول إلى هياكل الحكم من برلمان وحكومة عن طريق الكوتا المسيحية أسهل بكثير من تشكيل كتلة إنتخابية خاصة به أو دفع مرشحين من أعضاءه إلى الإنتخابات  مباشرة لأن منافسة القوائم المسيحية سيكون أسهل وإحتمال الفوز بمقعد أو أكثر وارد جداً طالما لا يتطلب مثل هذا الفوز أصوات كثيرة بل يكفيه بضعة مئات من الأصوات ويمكن توفيرها من خلال تصويت أعضاء الحزب الشيوعي المسيحيون منهم وغيرهم، لقائمته المسيحية أو لمرشحه المسيحي. في حين لا يمكن أن يضمن الفوز عند منافسته للأحزاب الكبيرة الشيعية والسنية والكردية وغيرها التي نزلت إلى ساحة الإنتخابات. وطبقا للعيوب والثغرات الواردة في الكوتا، لم يكن الحزب الشيوعي العراقي وحده الذي أنزل قائمته المسيحية إلى الساحة بل أيضا عملها الحزب الديموقراطي الكردستاني (البارتي) حيث دفع بقائمته المسيحية إلى ساحة الإنتخابات ولكن لم يستطيع أي واحد من أعضاء هذه القائمة الفوز بمقعد في البرلمان لأن البارتي كان أحوج بكثير إلى أصوات أعضاءه لضمان فوزه بمقاعد أكثر في البرلمان وتجنب التفريط بها لصالح قائمته المسيحية التي كان يعتبرها ضمنا ورقة خاسرة في منافستها مع بقية الأحزاب والقوائم المسيحية. وربما أكتفى البارتي بحليفه (المجلس الشعبي) الذي أعتبره الورقة الرابحة في الإنتخابات وواثقاً من فوزه بمقعد أو أكثر.

الثاني: من قرأ أو سمع ما جرى بين الحزبين المسيحيين الكبيرين زوعا والمجلس قبيل أختيار السيد فارس ججو لمنصب الوزير لأدرك على الفور التصرف "الصبياني" – أن صح التعبير – الذي تصرفا به.  لقد تصرفا زوعا والمجلس كصبيان يتصارعون على دمية  ساحباً كل واحد منهما من طرفيها مستنجدا بهذا وذاك ومن دون أي إعتبار للمصلحة العامة التي من أجلها أختارهم أبناء شعبنا حتى أنفلت من أيديهم وأنكسرت. ليس هذا فحسب، بل التصرف الذي قاما به كلا الحزبين أثناء فترة الترشيح لمنصب الوزير لا يتسق مع المنطق ولا يقبلها العقل. فالمجلس أتفق مع قائمة الوركاء الديموقراطية (الشيوعية/المسيحية) فرشحوا ثلاثة أشخاص لهذا المنصب في حين نرى بأن هذا المنصب ذهب إلى السيد فارس ججو الذي لم يكن من بين هؤلاء الأشخاص وهو الأمر الذي أثار حنكة المجلس مبيناً سعيه ورغبته في أن يكون المنصب من نصيب أحد أعضاءه. أما الحديث عن سلوك زوعا في هذا السياق فأنه أمر أكثر غرابة وحيرة. فسعياً لهذا المنصب وترسيخاً لما كان له في الكابينة السابقة (وزارة البيئة في عهد المالكي) فلم يجد من يتحالف معه إلا مع ممثل اليزيديين الوحيد في البرلمان وهو ليس بالأصل محسوباً على الكوتا المسيحية فله كوتته الخاصة بملته. وحتى هذا الأمر، أي التحالف مع اليزيديين، احيط بكثير من الغموض والتناقض خاصة عندما أنكر ممثل اليزيديين وجود مثل هذا التحالف مع ممثلي زوعا في قائمة الرافدين. تصرف زوعا والمجلس لا يمكن أن يوصف إلا بالتخبط والضياع في متاهات الركض وراء منصب وزاري ضاربين عرض الحائط كل القيم المطلوبة في تحقيق المصلحة القومية لأمتنا ولو في حدها الأدنى. أين قيم ومبادئ وأفكار "تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية" (التجمع) من هذا السلوك المتخبط في عالم المصالح الخاصة والإنانية، أليس كلاهما زوعا والمجلس الأخوة الكبار في هذا التجمع ويتحملون مسؤولية أكبر؟ أفهل لديهما أجوبة على تساؤلات شعبنا في تضيع هذه الفرصة من بين أيدي "ممثلي" شعبنا من جراء أنانيتهما ولهوثهما المستميت من أجل مجرد كرسي.؟ إلا يثبت هذا بأن التجمع هو مجرد تنظيم مهلهل وكارتوني لا يتفق أعضاؤه إلا على إصدار بيانات وإستنكارات لا قيمة لها وتأثير. أما عندما تفوح روائح كراسي البرلمان والحكومة فالخلاف بينهم يتجاوز كثيرا التنافس السياسي المعقول والمشروع ويصل إلى حدود الصراع وبأسلحة التخوين والإهانات والتجريح  ... حقاً أنه لأمر محير ويطرح على ساحتنا القومية مئات الأسئلة والإستفسارات التي لا أجوبة لها وبالتالي تترك أجواء غامضة ومريبة تكون مصدر لزيادة فقدان أبناء شعبنا ثقتهم بأحزابنا السياسية. لذلك وكنتيجة لكل هذا التصرف المتهور خرجا كلاهما، زوعا والمجلس، من الموُلد بدون حمص، فكانت ملعقة من الحمص من نصيب الحزب الشيوعي العراقي وكل صحن الحمص من نصيب السيد حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء الجديد، حيث أستطاع أن يضرب عصفورين (المسيحيون والشيوعيون) بحجر (كرسي) واحد. لقد صدق المثل العراقي القائل "اللي ما يعرف تدابيره حنطته تأكل شعيره" مثل ينطبق بكل حذافيره على مشهد تنافس زوعا والمجلس على كرسي الوزارة.

الأحزاب السياسية وتمثيلها لإرادة الشعب: لقد سبق وأن أكدنا مراراً وتكراراً وفي كل مناسبة متعلقة بأحزابنا السياسية وبحقوقها القومية في وطننا الأم بأن الأمة التي لا توجد فيها أحزاب سياسية نشطة سيكون مصيرها القومي ومستقبلها السياسي مرهوناً بإرادة الأمم الأخرى. فالحزب السياسي، على الأقل من الناحية النظرية، هو تكثيف لضمير الأمة ومعبر لمطامح أبنائها، أو هو "مثقف جمعي" ، حسب تعبير الفيلسوف أنطوني غرامشي، للجماعة المعبر عنها.  أي بهذا المعنى لا يمكن لأي حزب يمثل مجموعة معينة أن يكون ممثلا ومعبراً عن مجموعة أخرى مختلف عنها في طبيعتها القومية أو الاجتماعية أو الفكرية أو مختلف عنها في المصالح والأهداف والمطامح. إذن أن تواجد الأحزاب السياسية ضروري جداً لكل أمة أو شعب لكي تكون معبرة عن مصالحها وداعية لحماية حقوقها. فالأحزاب المسيحية هي لوحدها لها الحق في التعبير عن المسيحيين وعن مصالحهم القومية ولا يحق لأي حزب آخر غيرهم أن يدعي بمثل هذا الحق. غير أن هذا لا يمنع أحزاب أخرى غير مسيحية الصفة من الادعاء بمثل هذا الحق التمثيلي، فهناك أحزاب وطنية أو إقليمية أو شيوعية أممية تدعي بمثل هذا التمثيل والحماية لكل أبناء الوطن أو الإقليم  بدون أي تمييز عرقي أو ديني أو طبقي. ولكن هذا الحق يبقى ضمن إطاره العام يتعامل بالحق المسيحي/لقومي  كجزء من الكل بحيث لا يمكن أن يعبر تعبيراً عاما عن هذا الحق المسيحي لأنه ليس هو الجوهر الحقيقي الكامل لمبادئه أو استراتيجيته بل هو جزء منه وما على هذا الجزء إلا أن يكون متناسقا ومتوافقاً مع الكل. أو بعبارة أخرى، أن يكون تابعاً للكل ويتوجب عليه عدم التناقض أو التعارض معه بل يجب أن يكون متوافقاً على المسائل الوطنية العامة.. فمن الناحية النظرية قد يكون مقبولاً المنادات بالمساواة  بين الجميع لكن من الناحية الفعلية والواقعية لايمكن أن تقوم لهذه المساوات قيامة إذا كانت أحدى هذه المجموعات قد عانت إضطهاداً وقمعاً من جميع النواحي مالم تزال هذه المعاناة ويرتقي وضعها إلى مستوى بقية المجموعات "المحظوظة والمستريحة" وتكون هذه المجموعات مستعدة ذهنية وسياسية لتقبل الآخر المختلف للمشاركة معها في النظام السياسي والتساوي معها في الحقوق والامتيازات، أي مواطنون متساويون وليس مواطنون من الدرجة الثانية أو أدناه كما كان الحال مع شعبنا في العراق. من هنا نقول  بأن عدم وجود أحزاب مسيحية (قومية) نشطة تعبر عن طموحات الأمة ستكون إرادة هذه الأمة مرهونة بإرادة الأمم الأخرى. فالحزب المسيحي "الكلداني السرياني الآشوري" يحمل معه كل الحق القومي والسياسي ويتعامل معه كاستراتيجيته المبدئية العامة ويمثل ضمير الأمة نفسها ومعاناتها وطموحاتها، فهو العام في الإطار السياسي الديمقراطي وليس الخاص كما هو الحال مع بقية الأحزاب. وضمن هذا الإطار القومي العام يقيم علاقته السياسية مع بقية الأحزاب ويبني منظوره الوطني الديمقراطي معها. أي بصريح العبارة لا يمكن أن يتحقق المطلب الوطني ما لم يتحقق المطلب القومي، والحزب هو الأداة في تحقيق مثل هذا المطلب القومي والوطني معاً، وهذا ما نجده في شعار (زوعا) الذي يقول: (عراق ديمقراطي حر... تعزيز وجودنا وضمان حقوقنا القومية). فكانت زوعا رائدة في سياق الربط العضوي بين الحقوق القومية والوطنية من بين معظم أحزابنا السياسية.

من هنا نقول بأن انتماء شخص مسيحي (كلداني سرياني آشوري) إلى حزب غير الأحزاب المسيحية/القومية "الكلدانية السريانية الآشورية"، لا يمكن أن يكون ممثلا حقيقياً للمسيحيين ويطالب بحقوقهم القومية أو الدينية لأنه بالأصل تابع لحزب آخر ويعمل وفق أجندته وليس وفق أجندة الحزب المسيحي.، فإذا كانت له مطالبة بحقوقنا السياسية والقومية فإن هذه المطالبة لا تأتي إلا كجزء من مطالبته للحقوق الوطنية لجميع المواطنيين.  هذا من الناحية النظرية، والذي لا ينطبق  على الأحزاب القومية غير "الكلدانية السريانية الآشورية" وعلى الأحزاب الدينية والطائفية غير المسيحية،  بل ينطبق على الأحزاب الوطنية والإقليمية كالحزب الشيوعي العراقي والأحزاب الكردية أو "الكردستانية". فلو أخذنا الحزب الشيوعي العراقي، مضمون موضوعنا هذا، فهو حزب لا قومي ولا ديني. فهو يستمد فلسفته وإستراتجيته السياسية من الإيديولوجية الماركسية – اللنينية وتطبع بطابع أممي ولكن بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي تغييرت معظم الأحزاب الشيوعية في العالم  ومنهم الحزب الشيوعي العراقي، وأصبحوا أكثر "وطنيين" من كونهم أمميين فإنسجموا مع الحياة السياسية للبلد وبدأوا يشاركون في العملية السياسية ويسعون للوصول إلى السلطة عن طريق الوسائل المتاحة قانونياً، لا بل حتى أن بعضهم غير أسمه من الحزب الشيوعي إلى أسم آخر ينسجم من الوضع السياسي لبلده.  هكذا هو حال الحزب الشيوعي العراقي الذي أصبح "وطنياً" أكثر من كونه أممياً واضعاً موضوع النضال من أجل حقوق جميع العراقيين، ومنهم المسيحيين، في مقدمة أجندته. فلم يعد يحمل "المظلة عندما تمطر السماء في موسكو" بل أصبحت مظلته تكفي لتغطية مصالح وحقوق جمعيع العراقيين وتحديداً المظلومين منهم، وهل هناك مجموعة عراقية مضلومة وحقوقها مهضومة أكثر من المسيحيين الكلدان السريان الآشوريين؟؟ لذلك لا نستغرب أبداً أن نجد الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه فكرياً وتنظيمياً في العراق وحتى يومنا هذا مزدحماً باعضاءه المسيحيين، إبتداْ من أباء الحزب الأوائل  كبطرس فاسيلي (آشوري) و تلميذه يوسف سلمان يوسف – فهد (كلداني) مؤسس الحزب وأول سكرتير عام له، مروراً بالبطل التاريخي توما توماس (أبو جوزيف) و أبو عامل وأبو نضال، ووجدنا الروح الوطنية والقومية لهؤلاء في وجوه ونضال الكثير منهم أمثال هرمز الآشوتي و جونسون أغاجان وشميران مروكي وغيرهم كثر. عرفنا هؤلاء عن كثب ودخلنا معهم في نقاشات سياسية وقومية غنية ومفيدة ووجدنا فيهم بأن أفكارهم القومية لا تقل أهمية عن أفكارهم الوطنية والشيوعية... ولماذا نذهب بعيدا... ألم يكن المناضل التاريخي أبو جوزيف هو الذي أرشد زوعا على طريق الكفاح المسلح وهي في بداية مسيرتها القومية؟؟.

هل يستطيع الحزب الشيوعي تمثيل المسيحيين ومطالبة حقوقهم القومية؟إستناداً لما تقدم في أعلاه يأتي تساؤلنا: هل يستطيع الحزب الشيوعي العراقي  تمثيل المسيحيين (الكلدان السريان الآشوريين) ويطالب أو يدافع عن حقوقهم القومية والدينية عبر أحد أعضاءه المسيحيين الفائزين بمقعد في البرلمان أو المعينين في أحدى الوزرات من خلال الجزء الخاص (المسيحيون) من الإطار العام لسياسيته الوطنية والشيوعية (المواطنون). أي هل ستكون مطالبته ودفاعه عن حقوق المسيحيين من ضمن مطالبته العامة لجميع المواطنين العراقيين أم سيكون قادراً على التركيز على ماهو خاص بالمسيحيين. ومثل هذا التساؤل تأتي أهميته لأنه لا يملك الحزب الشيوعي أو ممثله في البرلمان أو الحكومة تجربة في هذا السياق لأنه لأول مرة في تاريخ العراق السياسي يصل شيوعي إلى أحدى هايكل الدولة العراقية ممثلاً عن المسيحيين. رسميا وقانونياً نعرف بأن هذا الكرسي هو لخدمة جميع أبناء الشعب العراقي وليس حصراً لخدمة المسيحيين ولكن رغم ذلك  نرى أن الممثلين المسيحيين في البرلمان كانوا يطرحون في أحيان كثيرة هموم ومشاكل شعبنا على البرلمان ويلتقون بأبناء شعبنا على أساس صفتهم الرسمية هذه. ولكن بالمقابل مالذي عمله هؤلاء لشعبنا المسيحي غير التباهي وملئ الجيوب وتعيين الأقارب كحاشية لهم... فالنظام السياسي في العراق كان فاسداً حتى العظم ومن شاركه أصبحت هذه الصفة لصيقة به سواء أكان ذلك حقيقة أم تهمة باطلة. وحتى بمجئ رئيس مجلس وزراء جديد (شيعي عربي) ورئيس جمهورية جديد (كردي سني) ورئيس برلمان جديد (سني عربي) فهذا لا يغير من النوع شيئاً طالما نظام المحاصصة قائم بكل حذافيره. فهذا النظام السياسي الطائفي والمحصص هو نتيجة طبيعية للنظام الحزبي الطائفي المهيمن على مقدرات البلاد  فهو بطبيعته المغلقة نظام فئوي لا مكان لبقية مكونات الشعب العراقي فيه أو للغير من الطوائف الأخرى. إذن ما الذي سيفعله كرسي يتيم لا حول له ولا قوة تجاه جبروت وإستبدادية نظام سياسي غارق في ظلام الطائفية والشللية؟؟ ماالذي يستطيع أن يفعله السيد فارس يوسف ججو وزير العلوم والتكنولوجيا في مجلس الوزراء أو أعضاء الكوتا المسيحية الفائزين بكراسي البرلمان؟؟ فهؤلاء رغم كل الجهود التي سيبذلونها فأنهم لا يشكلون غير موجة لقطرة ماء في بحر كبير هائج ملئه عقول طائفية وتحزبية لا تقر أصلاً بوجود المسيحيين في العراق وحقهم في نيل حقوقهم القومية. النظام الديموقراطي ليس بتوفير الكوتا للأقليات التي لا تستيطع الوصول إلى هياكل الدولة عن طريق الإنتخابات بشكل عام بل بوجود العقلية التي تمثل الأكثرية التي تقبل وتؤمن بحقوق الأقليات. في البلدان الديموقراطية الغربية الكثير من أعضاء البرلمان والحكومة يدافعون عن حقوق الأقليات من دون وجود ممثل لهم في هياكل الدولة.  فقبل سنوات عديدة جاء أعضاء من الحكومة المحلية في منطقة إيلنك في لندن إلى الآشوريين في النادي الآشوري وطلبوا منهم طبع الكراسات الخاصة بالإنتخابات المحلية والعامة في بريطانيا بلغتهم القومية (السريانية). وأيضا هنا العديد من أعضاء البرلمان البريطاني طرحوا معاناة شعبنا في البرلمان ودافعوا عنها. فهؤلاء ليسوا من أبناء شعبنا ولا ممثلين له وصلوا للبرلمان بالكوتا بل كانوا أنكليز يؤمنون بالديموقراطية وبحق الجميع في ممارسة حقوقه ؟؟ وهنا يجب أن لا نغفل السيد يلماز كريمو عضو برلمان السويد وكذلك السيدة أنا إيشو عضوة الكونكرس الأمريكي فلم يصلا إلى هذه المراكز عن طريق كوتا خاصة لشعبنا "الكلداني السرياني الآشوري" بل أنتخبهما السويديون والأمريكيون الذين يؤمنون بحقوقنا ويؤيدونهما في مطاليبهم القومية الخاصة بشعبنا سواء في بلدهم أم في موطنهم الأصلي، فالفرق شاسع جداً ولا يصح المقارنة إطلاقا بين طريقة وصول هؤلاء لمراكز في هياكل الدولة وقدرتهم على العمل لصالح شعبهم وبين طريقة وصول أعضاء الكوتا المسيحية لبرلمان العراق. فالعقلية الديموقراطية هي أولاً وأخيرا العامل الحاسم في النظام الديموقراطي وليس بعض السطور في قانون أو دستور لا يؤمن بها أصلا أصحابها أو ممثليهم الذين شرعوها. لهذا السبب قلنا ونقول بأن الكوتا أسلوب غير ديموقراطي في نظام غير ديموقراطي.
وأخيراً:ضمن كل تعقيدات الكوتا المسيحية وإرهاصات النظام السياسي العراقي ومهاترات فرسانه الطائفيين ... نعود ونتسائل مرة أخرى هل يستطيع السيد فارس يوسف ججو المنتمي إلى الحزب الشيوعي العراقي والحاصل على مقعد في البرلمان العراقي ومن ثم توزيره بمنصب وزير العلوم والتكنولوجيا على أساس الكوتا المسيحية أن يمثل المسيحيين وينجح في مساعيه في رفع بعض من معاناة شعبنا في وطنه الأم... وهل يستطيع البرلمانيون المسيحيون من تحقيق بعض من أحلام شعبنا؟؟؟ من المؤسف القول بأنه إستنادا إلى التجارب السابقة وإلى طبيعة النظام في العراق، أشك في تحقيق خطوة واحدة في هذا السياق مالم تتحق معجز في العراق وأن يتحول الطائفيون إلى ديموقراطيون هو أمر سنتركه للسنوات الأربعة القادمة ولا نقول للألفية الرابعة. ولكن مع كل هذا الأسف والعجز فأن الأكثر أسفاً وألما هو أن نرى "ممثلي" أمتنا في البرلمان والحكومة، وهم نفر قليل جداً لايستطيعون أن يتكاتفوا أو حتى أن يبتسوا في وجوه بعضهم البعض. إننا لا نريد من ممثلي زوعا والمجلس في البرلمان ولا من السيد الوزير فارس ججو تحقيق المعجزات بل نطلب منهم ماهو أبسط بكثير وهو أن نراهم متكاتفين بعضهم بالبعض مرتبطين كالأصابع الخمسة لكف اليد ونشر صورة التكاتف هذه في وسائل الإعلام حتى يراه أبناء شعبنا وتبرد قلوبهم المكتوية  بنيران الظلم والإستبدادي وحتى تظهر صورة وحدة أمتنا في صورتهم... مطلب بسيط جداً وتحقيقه سهل جداً أيضا لو تجردوا من الإنانية والتحزبية... حققوا هذا الحلم وسوف نرفع قبعاتنا أحتراماً لكم.   
http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=753325.0
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير