• Welcome to منتديات برطلي.
 

أعور نوتردام

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, مارس 21, 2012, 09:09:05 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

أعور نوتردام (1)



طفق (كازيمودو) حزينا تنتابه العبرات..  فنوتر دام.. تلك الكاتدرائية المهولة ، قد أصبحت خاوية قفراء .. لا يؤمها سوى الخيال والحمام .. فسئم المدينة والمدنية .. حيث تناثرت حملان المسيح متقافزة مرحة خارج أسوار الكنيسة .
تذكر أصالة الشرق .. حيث البذرة الأولى .. التي لاتزال فيها أنفاس حيوانات غار حراء دافئة .. وما برحت دماء المسيح تسري من جنبه المنزوف إلى عروقهم . وتساءل لم لا ارتحل صوب الرجاء ؟ .
فولج البحر بقاربه المصنوع من خشب الجليل .. ونشر أشرعة أنفاسه نحو الضياء ..هو قارب  مهتريء برمته تملأه الشقوق ، ولكن ماء البحر لم يتجراْ بالولوج أليه لشدة إيمانه بالكلمة .. لم يحمل معه الزاد والماء فتلك ( الكلمة) تكفيه مؤونة العمر بطوله .
وإذ بومضة عين واحدة وصل إلى مراده .. استقبلته الجموع بالتهليل وتقاذفته الأيادي مرحبة بمقدمه .. تسارع الفرحين إليه .. كل  ينشد أليه قضاء الليلة في ضيافة كوخه البسيط .. حتى أشار إلى رجلا ضئيل الهيكل قائلا له : يا زكا انزل من على الشجرة قد قبلت  بضيافتك الكريمة .. اغتبط زكا .. وجمع على مائدة التشريف الجميع .
قال المضيف لضيفه: حضورك اليوم زادنا سرورا .. لحسن الحظ يوم الغد تدق أبوابنا ذكرى عزيزة على قلوب الأطهار .. غدا يقوم المخلص لتتدفق دماءه الزكية راوية حقولنا الخضراء بمحبته ، طربت آذان الضيف بمسمع القيامة.. وما أن كان الغد المنتظر حتى انبلج المساء عن الأفراح وباشر الجموع بالترتيل والرقص والغناء .. كأنه عرس قانا .. سمع قرقعة الكوؤس فانتشى معهم وسكر بالمحبة .. ولم ينفذ الخمر .. لأن المسيح كان معهم .. والماء جم لا ينضب.. ثم انشد الحضور ترانيم القيامة .. وحمائم الروح القدس تطوف فوق الروؤس .
اختير (كازيمودو) ملكا لجمال الروح .. أسكن  تاج الشوك على رأسه .. فتساءل مع نفسه قائلا: يالهم من قوم طيبي العشرة ، مساكين الروح، بسطاء العيشة .. ألا تجول القداسة بينهم طارقة أبوابهم .. وألا يقتطف سكان السكينة هنا ثمار الرجاء .. وفيما هو يجول في أفكاره الجميلة ، انبرت من الجموع فتاة فائقة الحسن ترقص .. هي اجمل من ( الازميرالدا) ملأت برقتها قلوب الفرحين.
لم يزل فرحا مع الرجاء .. حتى قدم أليه كهلا يدعوه ليحل عليه ضيفا كريما في داره الكائن في القرية المجاورة .. فوعده خيرا .. هكذا انتهت ليلة عاشها الرجل ملؤها.
مع مقدم ضياء الصباح جاءه الشيخ بوجهه البشوش مذكرا إياه بوعد الأمس .. ثم اركبه حماره مصرا .. باشر بالمسير متهاديا صوب التلة المطلة على القرية المقصودة .. فأستقبلهم الجموع رافعين بأيديهم أغصان الزيتون .. فارشين الأرض ورودا ورياحين ، لكن دون أن ينبسوا بكلمة ؟ .. الكل كان السواد رداءهم .. الجميع حزانى .. من على ظهر الدابة ، نظر إلى يمناه .. وجد رجالا يحملون صلبانا ثقيلة ينوؤن بحملها .. متأرجحين متجهين صوب التلة التي تركوها خلف ظهورهم .. جال بصره يسارا وجد نساءا ملأن السماء  عويلا وصراخا .. فترجل المذهول من على ظهر الصبور متسائلا :يا عم ، ما بال أهل القرية ، هل حلت عليكم لعنة ما ؟
دلدل الشيخ رقبته نحو التراب .. وكأنه يقر بأن التراب ديدنه  المجبول منه .. أجاب بصوت تملأه الحسرات والعبرات : هي ذكرى تهشمنا بمطرقتها كل سنة .. مثل هذا اليوم .. فقدنا عزيز علينا هو المخلص . رد عليه ( كازيمودو) : أو هل، أهل القرية الأخرى من غير ديانة ؟ . نفى الشيخ ذلك . حينها علم المضيف لم  طأطأ المحدث برأسه فأردف : إذن لم لا تلموا الشمل .. وما بالكم تتناوبون على إغماد الرمح في جنب المسيح .. ما بالكم تسقونه خلا ؟
رد المحدث: الذنب ليس ذنبنا .. أنما على من لديه سلطة الأمر والنهي .. فنحن لسنا سوى خراف نسير حيثما يقودها الرعاة .. الآ يفترض أن نقاد حيث خصب المراعي ..إن طلبنا حفنة أعشاب .. نعطى حجرا؟.



رد ( كازيمودو) والأسى ينطق معه : إلى متى يا أصحاب القرار .. إلى متى يبقى القلق معشعشا على متاكيْ الكراسي .. ؟ فالجراح كي تندمل لا يكفيها إكسير الكلمة .. متى تطعمون الجياع ، .. يا عم ليس اللوم كله عبئا على أكتاف الغير .. بيمناكم الإبرة ويسراكم الخيط .. لا ترتق الشقاق  آلا بتعاون الأيادي .. وما نيل التآخي بالتمني..غري غوري أم شرقي هي تواريخ لفرقتنا .
ثم أقفل ( كازيمودو) عائدا إلى دياره .. تاركا العشاء الأخير على الموائد ساخنا .. ولسان حاله يقول (( حقا الأعور في بلد العميان ملك )) (2)
(1)عن أحدب نوتر دام لفكتور هيجو.
(2) قالها ج ه ويلز في كتابه ( بلد العميان ).
ملاحظة : المقالة تتحدث عن وحدة الأعياد عند المذاهب المسيحية
                   
                                                                           
                                                                             ماهر سعيد متـــــــــي
                                                                       
                                                                           كتبت في 24/1/2000
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

hasson_natalia

مسيحنا يذرف الدم بدل الدموع لحال كنيسته التي هي أمانة في اعناقنا كلنا؟
لانريد تسميات ولا انقسامات ولا عقول منغلقة عن رؤية حق كل مسيحي بتوحيدنا في المسيح .
بوركت استاذ -ماهــر- على المقال الذي يطلق الصرخة من قلوب وعقول وافواه كل المسيحيين
ما احلى أن نجتمع معـاً  بالحبِ يقول الربُ لنا ما إجتمع بأسمي إثنان معـاً إلا وهناكَ أكون أنا.

ماهر سعيد متي

 
شكرا على المرور والتعليق الجميليين
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

dr_waseem

#3
السيد ماهر سعيد متي

اسمح لي ان ابدي اعجابي بمقالتك مرتين
الاولى لانك تناولت فيها موضوعا مهم ومهم جدا نتمنى ونصلي جميعا ان يتم حله.
والثانيه لانني اعجبت جدا باسلوب كتابتك وطريقة سردك للصور والمقارنات.

تحياتي

ماهر سعيد متي

 
الشكر كل الشكر لك د وسيم
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة