تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

يوميات السيول السوداء (6)

بدء بواسطة سعيد مقدم أبو شروق, مايو 08, 2019, 09:45:38 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

سعيد مقدم أبو شروق




مضى أكثر من خمسة وعشرين يوما والسيول المفتعلة ما زالت تجتاح الأهواز، بدأت المأساة من قرى السوس والشعيبية ثم قرى الحميدية والخفاجية حتى وصلت إلى قرى الفلاحية.
لم تسلم مزرعة ولا بيت من هذه القرى إلا وغمرتهما المياه، وأمسى ساكنوها يفترشون الأرض تحت خيمة بالقرب من بيوتهم.
ولولا دعم اللجان الشعبية، لما استطاع المنكوبون أن يصمدوا أمام السيول، ولهاجروا إلى مدن أخرى خارج الأهواز.
ومن بين هذه اللجان أعجبتني مبادرة قام بها أبو خالد في المحمرة وهي مبادرة الخبز لمنكوبي السيول.
وأبو خالد ورغم كبر سنه يتمتع بروح شبابية رياضية، أحضر أبو خالد سبعة تنانير من الأصدقاء ودعا الشباب ليحضروا أمام مقهى قاسم المعاوي والتي تقع على ضفاف نهر كارون وبالقرب من البنك المركزي. وتبرع المستطيعون بشراء الطحين وبدأ الشباب يخبزون...
يحضر أحد الخبازين عصرا ويهيئ العجين بالماكنة، وإن تأخر هيأه أبو خالد بنفسه؛ ثم يأتي الشباب عند السابعة عصرا ويبدأون بالخبز، اثنان منهم أو ثلاثة يجيدون الخبز، والآخرون يساعدونهم برفع غطاء التنانير وإخراج الخبز منها، أو قد يلصقون العجين داخلها.
ويستمر هذا العمل التطوعي حتى الواحدة من منتصف الليل.
يُحضر أحد الحاضرين العشاءَ للشباب الذين لا يقل عددهم العشرين، وقد يطبخه أبو خالد أو أحد شباب اللجنة بيده في البيت أو في المقهى.
وخلال عملية الخبز، يضع الشباب كل عشرة خبزات في كيس، ويجهزونها للذين يسيرون نحو القرى المنكوبة ليلا أو صباحا لتقديم المساعدات إلى المرابطين فوق سواتر السيول، أو إلى العوائل المنكوبة في المخيمات.
ليست هناك جهة مخصصة لاستلام الخبز وإيصاله، فقد تأتي لجنة إغاثة من المحمرة أو من عبادان فتستلمه لتوصله إلى القرى المنكوبة. ثلاثة آلاف وخمس مئة خبزة كل ليلة تذهب إلى المرابطين، أو إلى المخيمات.
ومن الجميل أن كل ليلة أو كل يوم تذهب سيارات لتقديم المساعدات؛ شباب كرسوا وقتهم لدعم أهلهم المنكوبين.
وقد تحضر النساء عصرا ليساعدن الرجال في هذه المهمة التطوعية. وهناك من لم تستطع أن تحضر، فيُرسل الطحين إلى بيتها تخبزه نهارا وتحضره إلى المقر ليلا.
ونحن نساعد الشباب في عملية الخبز، نذهب بين تارة وأخرى نطل على النهر والذي لا يبعد منا سوى بضعة أمتار لنرى إلى أي مدى ارتفعت مياهه!
وعلى الضفاف ترى الكثير من الرجال والنساء يراقبون المياه تخوفا ورعبا؛ هل ستحل بنا نائبة السيول كما حلت بأخوتنا في المدن والقرى الأخرى؟!
هل ستخرج المياه من مجراها لتحتل بيوتنا فنخرج منها قسرا ونسكن الخيام؟!
ويتكرر السؤال التالي الذي حير الكثير من المراقبين:
متى تفتح الحكومة مجرى نهر الكرخة لتجري المياه في مجراها الطبيعي؟!
متى تفتحون الهور العظيم؟!

سعيد مقدم أبو شروق - الأهواز
25-4-2019