نينا شيّا : عملية تطهير العراق من المسيحيين تدخل مرحلتها النهائية

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يونيو 17, 2014, 06:12:50 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

نينا شيّا : عملية تطهير العراق من المسيحيين تدخل مرحلتها النهائية

برطلي . نت / متابعة
عينكاوا كوم – نينا شيّا – ترجمة رشوان عصام الدقاق
نشرت نينا شيا مديرة معهد هدسون للحريات الدينية والمفوض السابق في لجنة الولايات المتحدة للحريات الدينية العالمية في صحيفة "ناشينال ريفيو" مقالا حول عمليات تظهير العراق من المسيحيين ننشرها مترجمة ادناه:

سقطت حكومة الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، لتصبح بين يدَي دولة العراق والشام الاسلامية (داعش)، التي تسمى أيضاَ دولة العراق وسوريا الاسلامية. نتيجة لذلك أصاب مسيحيي الموصل الخوف والذعر، جنباً الى جنب مع العديد من الآخرين، وهم يفرون الآن بشكل جماعي الى الريف في سهل نينوى – وذلك وفقاَ لوكالة فيدس من الفاتيكان. كذلك أصبحت المنافذ الحدودية مع اقليم كردستان مُغلقة بسبب تكدس العدد الكبير من السيارات وحوالي 150 ألفاً من الهاربين.
لدى السكان بصورة عامة والمجتمع المسيحي بشكل خاص مخاوف كبيرة بسبب قسوة داعش (التي تمثل فرع من تنظيم القاعدة) التي تتمثل بقطع الرؤوس والصلب وغيرها من الفظائع ضد المسيحيين، وكل من يختلف مع هذه الدولة ولايؤيدها في رؤيتها لدولة الخلِافة، فقد نفذت العديد من هذه الأعمال الفظيعة خلال بداية هذا العام في سوريا.
يمكن أن يتذكر القراء، في شهر شباط عمِل المتشددين من هذه الجماعة المتمردة في مدينة الرِقة الواقعة في شمال سوريا على إجبار الرؤساء المسيحيين في المدينة على توقيع "عقد الذمي" الذي يرجع الى القرن السابع الميلادي. وتتضمن الوثيقة التي وضعتها داعش على شروط معينة تحرم المسيحيين من الحقوق المدنية الأساسية، مثل المساواة والحرية الدينية، وتُرغمهم على دفع المال مقابل حماية حياتهم والحفاظ على هويتهم المسيحية.
هرب العديد من سكنة نينوى يوم الثلاثاء الى المنطقة التي يُسيطر عليها الأكراد في شمال العراق. ومنذ عام 2003 تُعاني الطائفة المسيحية في العراق من الإضطهاد الديني الشديد نتيجة للصراع الدائر مما سبب تقلصها وانكماشها بما يزيد عن 50%. وأصبحت الموصل، التي هي موقع نينوى القديمة التي سكنها الآشوريين وأعتنقوا المسيحية في القرن الأول الميلادي، أصبحت موطن الكثير من المسيحيين الذين بقوا على ديانتهم المسيحية. وتعتبر الموصل بالنسبة للمسيحيين الملاذ الأخير لهم داخل العراق. وأصبحت الموصل  وسهل نينوى المحيط بها في السنوات الأخيرة موطن العديد من المسيحيين الذين طُرِدوا من بغداد والبصرة. وتخدم جامعة الموصل والمستشفيات الجيدة في المدينة وأسواقها الكبيرة البلدات والقرى المسيحية في سهل نينوى. وسهل نينوى في حد ذاته الآن عرضة للخطر الشديد من الهجمات الجهادية المباشرة وإمكانية عزله عن المدينة الأساسية.

وفي مرة من المرات هرب بعض المسيحيين من الموصل الى سوريا، لكن أمامهم الآن القليل من الأختيارات، والأبعد من ذلك ستتخلى هذه الطائفة عن المنطقة بكاملها وتنضم الى المهاجرين في مشيكان وكاليفورنيا والسويد وغيرها من بلاد الغرب. ويُمثل سقوط الموصل ضربة خطيرة للدولة العراقية وآثارها ستكون مدمرة للمجتمع المسيحي في العراق. وداعش اليوم تسيطر على المنطقة المحيطة بكاتدرائية الموصل الكلدانية الكاثوليكية.

وأشار تقرير فيدس أن المطران أميل شمعون نونا ومطارنة الموصل الآخرين قد أطلقوا نداءً يوم الخميس يحث على إبقاء الكنائس والمساجد مفتوحة الأبواب للصلاة من أجل السلام. إن جهودهم في مواجهة هذه الأخطار مُفجعة جداً. وبطبيعة الحال سوف لن يسمع رجال داعش لذلك لأنهم ليسوا رجال سلام لكنهم يقتلون رجال السلام، تماماً كما فعلوا مع الأب باولو دالوليو في مدينة الرقة العام الماضي. لذلك يتوجب على هؤلاء الأساقفة ورعيتهم تحميل سياراتهم والتوجه دون تأخير الى المنطقة الكردية.

لقد تعهد رئيس الوزراء المالكي بأن الجيش العراقي سيستعيد السيطرة، ولكن ذلك قد يستغرق وقتاً طويلاً. تُسيطر داعش حالياً ومنذ الأشهر الست الماضية على أجزاء من الرمادي ( عاصمة اقليم الأنبار) ومعظم مدينة الفلوجة. وحين يتمكن الجيش في نهاية المطاف من السيطرة على الموصل سيكون ذلك متأخر جداً بالنسبة للمسيحيين، إذ حالما يهرب مسيحيي الشرق الأوسط الى الغرب فإنهم لايعودون، بمعنى آخريدخل التطهير الديني للمسيحيين من العراق دوره النهائي من اللعبة.

إن ذلك تطوّر عميق وخطير للكنيسة المسيحية التي مضى عليها ألفي عام من الوجود في المنطقة، ولكن ذلك سيكون له آثار على الأمن القومي على المدى الطويل بالنسبة للغرب. لقد فشلت القيادات السياسية الأميريكية حتى الآن في التمييز بين التطهير الديني والسياقات المحيطة بالإرهاب والصراع، وتغفل هذه القيادات حقيقة أن التعددية الدينية والتنوع هما من بين الضحايا اليوم. وكما ندبَ أحد أساقفة الكلدان، فذلك مُحزن للغاية وخطير جداً بالنسبة للكنيسة وللعراق، وحتى بالنسبة للمسلمين لأنه سيكون نهاية لتجربة قديمة وطويلة من التعايش معاً.