تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

الدواعش مرّوا من هنا

بدء بواسطة متي اسو, أغسطس 13, 2016, 06:52:42 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

متي اسو


الدواعش مرّوا من هنا
منذ نشوء الدولة الاسلامية قبل اربعة عشر قرنا والى الآن كان للدواعش مكانة  وحضور قوي  فيها على مر ‏العصور. وكان التاريخ الاسلامي الرسمي واضح كل الوضوح وهو يُشيد بالفتوحات الاسلامية ، ويبرّر ‏القسوة والتطرف كـ "مستلزمات " لفرض الايمان قسرا ( أسلم تسلم ) ، وكان يجعل من الدواعش أبطالا ومن ‏افعالهم قدوة ومن افكارهم عقيدة .‏
ففي غزوة بني قريظة التي قادها رسول الاسلام في السنة الخامسة للهجرة على يهود بني قريظة في المدينة ‏المنورة انتهت باستسلام بني قريظة بشرط التحكيم ، وجاء الحكم بـ  " قتل جميع الرجال  وسبي نساءهم ‏وذراريهم وتقسيم أموالهم وأراضيهم على المسلمين ".‏
‏ وفي حروب الردّة ، كان خالد بن الوليد هو اللاعب الأساسي على هذا المسرح الدموي ، فكان مثال السيف ‏الإسلامي المتوحش لقهر الآمنين ،  كان صورة للتوحش في قسوته ، حيث روي أن خالد بن الوليد كان يجمع ‏المرتدين منهم في الحظائر ثم يحرقها عليهم بالنار... ولعل إحدى القصص المشهورة عن دموية خالد بن الوليد ‏، هي قصته مع مالك ابن نويرة  بالبطاح ، فقد أمتنع مالك عن الزكاة ولكنه لم ينكر الإسلام ، وكانت له زوجة ‏في غاية الجمال ، أمر بضرب عنقه ، ووضع رأسه في النار تحت قدر الطبخ ثم دخل على زوجة المقتول في ‏نفس الليلة ... أغضب هذا الفعل الصحابي عمر ابن الخطاب وطلب من الخليفة ابو بكر معاقبته ، لكن الخليفة ‏أجاب : " والله لا اغمد سيفا سلّه الله !!! ".... أما الفجاءة السلمي، واسمه إياس بن عبد ياليل، وقد أسره طريفة ‏بن حاجز و عبد الله بن قيس الحاشي ، فلما قدم مأسورا أمر أبو بكر أن توقد له نار في مصلى المدينة ثم رمي ‏به فيها مقموطاً (أي مربوطا)......‏
في معركة أليس (نهر الدم) أصرّ خالد ابن الوليد على قتل " الاسرى النصارى " النهاركلّه حتى يجري النهر ‏دما !!! والغريب في الامر ان الذين كانوا ينفذّون القتل توسلّوا الى خالد مرارا ان يتوقّفوا بعد ان ملّوا من ‏القتل .‏
لم ينسَ  كاتبوا التاريخ  ان يُضفوا أقوالا وأفعالا ذات مسحة انسانية على اولئك الدواعش ليجعل منهم ‏مخلوقات مركبّة من " القسوة والرحمة " وهي صفتان متناقضتان لا يمكن ان تجتمعان في رجل واحد ... وإن ‏حدث واجتمعتا ، فإن حاملها " مزاجي خطر" لا يمكن التكهّن بما سيقدم عليه .‏
وفي الدولة العثمانية ، التي كانت مركزا للخلافة الاسلامية ، كانت مسألة قتل اخوة السلطان واولاده  مسألة ‏قانونية موضوع لها قانون ضمن القوانين التي وضعها الفاتح ‏!!! ,,, اما الاسباب الموجبة لهذا العمل الشنيع ‏فقد كانت لغرض  "درأ الفتنة وللحفاظ على الدولة " !!!!‏
http://ottoman-state.blogspot.ca/2013/04/blog-post_6.html
فإذا كان السلطان ( القدوة ) يرتكب مثل هذه الجرائم بحق العلاقات الاخوية الانسانية ، فما بالك مع الغرباء ‏؟!... اي درس شرير سيتعلمه الجيش  والناس من هذه الافعال ؟!‏
ولم يقتصر الامر على الدواعش من الرجال فقط ، فمثلا إن (الخيزران) ام (هارون الرشيد)، لم تتوانى عن ‏قتل ابنها ‏الاكبر(الهادي)... ام حنونة تقتل فلذّة كبدها  لانه حاول ان يحد من طموحاتها، لتأتي بدلا منه بابنها ‏الاصغر الذي شاركته السلطة.‏ ‏
يخبرنا الراحل د.فرج الفودة ( تم اغتياله من قبل الاسلاميين ) في كتابه " الحقيقة الغائبة " كيف ان العباسيين ‏اخرجوا جثث بني امية من القبور ليمثّلوا بها ويحرقوها !!! .... ثم يروي هذه الحادثة :‏
‏" الرواية  تبدأ بتأمين السفاح للأمويين الذين زاد عددهم هذه المرة إلى تسعين ، والمأدبة هي نفسها ، وما دام ‏المضيف هو الخليفة فالكرم وارد ، والطمأنينة لا حد لها ، وفجأة يدخل الشاعر ، ويستنكر اكرامهم ، ويدعو ‏للثأر منهم ، فيتغير وجه الخليفة ، ويقوم إليهم ثائراً ، و...وهنا نتوقف لأن هنا شيئا جديدا مفزعا ، فقد أمر ‏السفاح بضرب رؤوسهم بأعمدة حديدية ، بحيث تتلف بعض مراكز المخ ، ويبقى الجسد حياً ، مصطرعاً بين ‏الحياة والموت ، وما أن يرى السفاح أمامه تسعين جسداً منتفضاً ، تقترب مسرعة من الموت ، وترتفع ‏أصواتها بالأنين ، حتى يأمر بوضع مفارش المائدة فوقهم ، ثم يجلس فوق هذه المفارش ، ويأمر بالطعام ‏فيوضع أمامه فوق الأجساد ، ويبدأ في تناول عشائه بينما البساط يهمد هنا ويهمد هناك ، وبين همود وهمود ، ‏يزدرد هو لقمة من هذا الطبق ، ولقمة من ذاك ، حتى همد البساط كله ، ففرغ من طعامه ، وتوجه إلى الله ‏بالحمد "‏
هنا يطرح الكاتب الراحل تساؤله :‏
‏" نحن هنا أمام تساؤل تطرحه هذه الحادثة، وأمثالها كثير، قبل السفاح وبعد السفاح ، ربما ليست بهذه الروعة ‏في الإخراج ، أو الحنكة في التدبير ، أو السادية في التعبير ، لكنها في النهاية تحمل نفس الدلالة وتنقل إلينا ‏نفس الرسالة ، يتساوى في ذلك مقتل حجر بن عدي على يد معاوية أو الحسين على يد يزيد أو ابن الزبير ‏على يد الحجاج أو ( زيد بن علي ) على يد هشام .... ثم يمضي الكاتب في تساؤله فيقول : " وأين كان الفقهاء ‏والعلماء من ذلك كله ، أين أبو حنيفة وعمره وقتها قد تجاوز الخمسين ، وأين مالك وعمره وقتها قد تجاوز ‏الأربعين ، ولم لاذوا بالصمت ولم لاذ غيرهم بما هو أكثر من الصمت ، أقصد التأييد ، والتمجيد ، والأشعار ‏، ورواية الأحاديث المنسوبة للرسول والمنذرة بخلافة السفاح ومنها ما أورده ابن حنبل في مسنده مثل ( ‏يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن ، يقال له السفاح ، فيكون إعطاؤه المال ‏حثياً ) ".‏
والتساؤل عن كنه الخلافة التي يدعون أنها إسلامية وينادون بعودتها من جديد "......‏
والسؤال الآن هو : " أليست مواقف شيوخ المسلمين الآن هي نفس المواقف في تلك الحقبة من التاريخ ؟ " ‏أليس التاريخ يعيد نفسه ؟ ‏
تلك القسوة المفرطة والغير مبررة ، وذلك التفنّن في التعذيب كلما ذهب خليفة ( حاكم ) وجاء آخر .‏والقتل ‏الذي لا يهدأ لتصفية المعارضين او الطامعين في الحكم ، كل ذلك تم صناعته هنا ... على ارضنا...ولنا الحق ‏، كل الحق ، بتسجيله في " براءة اختراعنا " ....‏
الاجيال التي عاشت في القرن العشرين ، القرن الذي شهد سقوط دولة الخلافة الاسلامية عام 1924 ، لكنها ‏لم تسقط إلا بعد ان توّجت افعالها  بمذابح الارمن ومذابح سيفو بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى ( 1914 – ‏‏1918 ) ...هذه الاجيال لم تشهد مثل هذه الفضائع ( إلا في حالات محدودة جدا ) .. كان هذا العصر عصر ‏التعليم والثقافة والتنوير ... هذه الاجيال لم تقرأ إلا التاريخ المُبهرج الذي يتناسب وأفكار العصر ... ‏
لكن إصرار شيوخ المسلمين على احياء " الصحوة الاسلامية " والعودة الى تأسيس " دولة الخلافة الاسلامية ‏‏" تحت رعاية السعودية ، وبعد ان نجحوا ببراعة اموال البترول في أسلمة المجتمعات العربية ، تم ولادة ‏داعش...‏
لكن هذه الاجيال التي لم تشهد ، وفي معظمها لم تقرأ التاريخ المدوّن في امهات الكتب الاسلامية نفسها ، ‏تفاجأت بأعمال داعش !!! ... أخذت تخمّن وتتكهّن وهي مخدّرة ب " نظرية المؤامرة ".. أخذت هذه الاجيال ‏تضرب  " اخماسا بأ سداس " وهي تسمع الاعلام الفاسد ، الاعلام الذي يحاول ان يبرّر وأن يضلّل .. يضلّل ‏في محاولة لتبرأة الاسلام السياسي من كل هذه الافعال الشنيعة ... هذه الافعال التي كانت مألوفة وجذورها ‏ضاربة في اعماق التاريخ الاسلامي .... فالدواعش كانوا هنا ....‏