تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

مملكة الشيطان / فلاح بينوكا

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يونيو 12, 2015, 12:30:36 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مملكة الشيطان



فلاح بينوكا


عندما سئل يسوع المسيح له المجد من قبل بيلاطوس( الحاكم الروماني) : أأنت ملك اليهود فأجاب : ليست مملكتي من هذا العالم .

إذن فماذا تمثل ممالك هذا العالم ؟.
-------------------------------
عندما نقرأ في الكتب الدينية ,كيف قتل قائين(أو قابيل) ,أخاه هابيل , سواءاً أكانت القصة حقيقية أم تعبيرية , نرى بأن الشر حكم العالم منذ نشأة البشرية , حيث أن الذي مات كان يمثل الخير , وأن الذي عاش كان يمثل الشرّ .
وإذا تمعنّا في أسباب القتل ,لرأيناها مبنية على الحسد والأنانية وإرضاء الشهوات وما الى ذلك مما يتعلق بالجسد , حتى لو تطلّب الأمر إلغاء الآخر أو تدميره نهائيا .
وبناءا على ذلك ,فإني أرى أن مابُني عليه العالم منذ البداية إستمر بوتائر متباينة الى يومنا هذا ,ولكن في الحصيلة فقد بني على العدوان , إذ أن كل الطامعين أفرادا كانوا أم جماعات , وصولا الى الدول والإمبراطوريات ; متى رأوا أنفسهم وصلوا الى مستو من القوة تؤهلهم للعدوان على غيرهم , لم يترددوا في فعل ذلك أبدا , مبررين أفعالهم بنظريات يزينونها لأنفسهم , فالبعض ينطلق من نظرية التفويض الإلهي , أي أن الله أمرهم (ألآلهة بالنسبة للقدامى) كي يفعلوا ذلك, منطلقين من نظرية التفوق العنصري , أي أن الله خلقهم واختارهم كشعبه ولخاصته لذا فإنهم يتميزون عن الشعوب الأخرى, وعلى تلك الشعوب أن تقدم لهم الولاء والطاعة. وبالنسبة لغير المؤمنين بالأديان يعتقدون بأنهم وجدوا على هذه الأرض وهم يمتلكون مواهب خاصة غير متوفرة عند غيرهم, عليهم استخدامها من أجل تعليم الشعوب الأخرى , وآخرون هم الطغاة الذين يفعلون ذلك إشباعا لرغباتهم ونزواتهم .
ولكن إجمالا فإن القاسم المشترك بينهم جميعا هو: كما يقال (حق القوة) , أي مادمت قويا فإنك على حق , ومن يعارضك ,يسحق تحت سنابك خيلك !.وفي الحقيقة ,فأن كل تلك الأفعال هي من الشيطان .

فمن هو الشيطان ؟ .
-------------------
بعد التطور المعرفي الذي حصل في العالم ,علينا أن نترك التفاسير القديمة التي كانت تُحشى بها أدمغتنا في السابق والتي كانت تصور لنا الشيطان بشكله البشع ,وقرونه المتشعّبة ,وذيله الطويل ! ,, فالشيطان يعيش في دواخلنا نحن البشر , الشيطان هو عبارة عن أفكار شريرة تعشعش في عقولنا ,, وعندما تتهيأ (الفرصة المناسبة) , تتحول تلك الأفكار الى أفعال على أرض الواقع

ماهي الفرصة المناسبة ؟
------------------------
(ألفرصة المناسبة) هي توفّر الأدوات الضرورية للقيام بتلك الأفعال , ومن وجهة نظري فإن أهم معيارين في تلك المعادلة هما :-
1- المال
2- السلطة
وغالبا ما يرتبطان ببعضهما إرتباطا جدليا , وهناك بطبيعة الحال معايير أخرى أقل شأنا , وعادة ما ترتبط هي الأخرى بهذين المعيارين .
من هم الضحايا ؟
----------------
ألضحايا في هذه المعادلة المأساوية هم , عامة الشعب , أي الناس الذين ينشدون السلام والطمأنينة , ويؤمنون بمباديء دينية أو دنيوية تنهرهم عن فعل الشرّ .
أما ردود أفعالهم فتتراوح بين السكوت والإحتجاج والإستنكار في أحسن الأحوال , وبين المقاومة والثورة في حالات أخرى .

ولكن لنسأل : هل أن جميع المقاومين والثوار يطبقون المبادئ النبيلة التي حملوها على أرض الواقع بعد نضالهم المرير ضد الطغيان في السلطة القديمة ؟ أم يعودون الى المربع الأول , أي يصبحون هم أيضا أحباب الشيطان ؟!.
نسمع كلاما عاما يتردد ,بمامعناه (أن أهل قبل كانوا أفضل) , ويقصد بذلك الأجيال التي سبقتنا بعشرات السنين أو أكثر . بتواضع أقول إني معارض لهذه الفكرة تماما , لماذا؟
لأن الإنسان هو نفسه على مرّ التاريخ , فقد قرأنا عن طغاة إرتكبوا على مرّ العصور أفعالا إجرامية ومشينة تقشعرّ لها الأبدان , لم يصل إليها القسم من البشر الأكثر إجراما وتطرفا في عصرنا هذا . وبناءا على ذلك سأطرح السؤال التالي :
هل تهيأت الفرصة لجميع البشر في السابق كي يحققوا أهدافهم ؟
----------------------------------------------------------
ألكثير من البشر عاشوا وماتوا , ولم تظهر آثار شرورهم بشكل جليّ , لأن (الفرصة المناسبة) لم تسنح لهم !
وعلى العكس فإن أناسا عاشوا وماتوا , ولم يستطيعوا أن يقدموا للبشرية المثل الجيد بشكل كامل مثلما كان في طموحهم , أيضا لنفس السبب أعلاه !
ومما تقدم أصِل الى استنتاج هو : أن الإنسان يقاس ((بالتطلّع)) , وسأضرب على ذلك أمثلة :

هناك قسم من الناس جاهدوا من أجل رفع الظلم الذي كان يمارسه الحكام على الشعوب كما يدّعون ( ولربما هي الحقيقة ) , ولكنهم عندما قفزوا على السلطة وتهيأت لهم (الفرصة المناسبة) , أصبحوا يمارسون الظلم بالشكل الذي لا يدانيهم به ظالم ! , فنستنتج من ذلك , بأن لبوس المظلوم الذي كان يظهره هؤلاء , كان مجرّد غطاءا سميكا يخفي به ما (تتطلّع) اليه روحه الشريرة , وما أن أزيح عنه ذلك اللباس ,حتى كشّر عن أنيابه , وظهر على حقيقته جلاّدا من الصنف الأول .

وأيضا فالعملية معكوسة بالنسبة للأشخاص الخيّرين الذين لم تسنح لهم (الفرصة المناسبة) , فلم يكن فعلهم بالمستوى المطلوب ,كي يعبّروا عن طيبتهم وانسانيتهم , رغم ما نسمع عن أعمالا جبارة أقيمت من قبل البعض,جلّها مبنية على خدمة الإنسانية ومحبة الآخر .

ولكن في رأيي (وأتحمل مسؤوليته), فإن نسبة الماسكين بالسلطة والمال من الأشرار هي أكبر بكثير منها الى الأخيار !, لايوجد شيء مطلق , ولكن معظم(وليس كل) تلك الفئة عادة ما تكون أقرب الى الأنانية والمصلحة الشخصية منها الى التضحية والإيثار .

لا ينكر بأن من حق أي إنسان أو مجموعة أن تكون لهم مصالحهم الذاتية المشروعة , وأن يتمتعون بامتيازات كباقي الناس كنتيجة لجهود بذلوها , ولكن العدالة تقتضي بأن الذاتي يجب أن يمتزج مع الموضوعي , أي أن تعطى للآخرين حقوقهم أيضا .

ولكن الذي يجري خصوصا في أيامنا هذه ,هو خلط للأوراق , فيدّعي أصحاب ممالك الشيطان بأنهم أصحاب مبادئ وقيم (حقّا هذا مدعاة للسخرية) , فهم يستخدمون كل الوسائل الخسيسة : يكذبون ويسرقون ويهينون كرامة الإنسان ويزهقون الأرواح !............, ويقولون أنهم يفعلون كل هذا من أجلك أو من أجل الشعب ,, لأن أبواق دعايتهم لا تنفكّ تصدع الرؤوس من قوتها ومن كثرتها , فهي مدربة تدريبا عاليا على التضليل والخلط بين الأبيض والأسود , وبالتالي تجعل المقابل (حسب اعتقادهم) يستسلم من شدة الضخّ الإعلامي ويؤمن بما يروّجوه.
وأودّ التذكير بأن هذا الكلام ينطبق على الأشخاص والمجموعات .

ماذا ينبغي لأبناء السلام فعله ؟
-------------------------------------
لنسأل :هل أن هذا الشرّ أعلن يوما وعلى مر التاريخ إنتصاره النهائي على الخير؟

إن هذا في رأيي هو صراع أبدي , لايمكن لأي من الفريقين أن يعلن إنتصاره الناجز على الفريق الآخر , لذا فعلى أبناء السلام أن لا يتوقفوا عن الإعلان عن صرختهم ضد الظلم , وأن لا ييأسوا ويستسلموا لمعسكر الشيطان ,بدعوى أن أولئك يمتلكون كل وسائل وإمكانات هذا العالم , بينما هم لا يمتلكون سوى أدوات لا قوة لها على الأرض , وعليهم أن لا يتصوروا أبدا بأن جهودهم ستذهب كَريحٍ في شبك , أو كأنها تتمثّل ب (صخرة زيزيف) * , إذ لا طائل من الإستمرار, بل على العكس ,فإن تلك الصرخات لها قوّة معنوية كبيرة ,تعبّر عن المبادئ العظيمة المتمثلة بالمحبة والمسامحة والتواضع والإحترام والرحمة والسعي الى السلام.... إلخ فالأمر يتطلب نشر تلك المبادئ من دون كلل أو ملل, كل حسب طاقته وأن أي توانٍ في نشرها , هو بمثابة تقوية لشوكة مملكة الشيطان بشكل غير مباشر .

نعم أيها الأحبة فهذه المبادئ قادرة باستمرار على مقاومة وإبطال مبادئهم .

ويستمر الصراع
فلاح بينوكا
نيسان 2015

* أسطورة إغريقية مختصرها: بأن الآلهة حكمت على الملك الذي قام بخداعها ,بدفع صخرة الى أعلى أحد الجبال ,وكلما ينتهي تتدحرج الى الأسفل ,ويعود يدفعها مجددا للأعلى ,وهكذا ..............