استراتيجية أوباما الجديدة لمواجهة داعش

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, سبتمبر 11, 2014, 08:43:19 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

استراتيجية أوباما الجديدة لمواجهة داعش

بقلم نصير المهدي


وكأن أميركا قد تفاجأت بداعش ولا تعرفها ولم تلتق بها ولم تسمح لها بالسيطرة على الموصل ونقل الكميات الضخمة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بما فيها الدبابات والصواريخ والناقلات المصفحة التي يحتاج نقلها الى جهد وقاعدة خلفية تزود بالوقود اللازم للنقل فضلا عن تأمين الطريق على طول خمسمائة كيلو متر ما بين الموصل في العراق ودير الزور في سورية .. وقد كانت هذه المهمة صعبة جدا قبل عقود من الزمن حينما لم تكن أجهزة المراقبة والرصد قد بلغت التطور الذي بلغته الآن وأتذكر أثناء الإعداد للحرب على العراق عام 1991 كانت وسائل الإعلام الغربية تتحدث عن قدرة الأقمار الصناعية وأجهزة التجسس على معرفة ماركة الملابس الداخلية لصدام .. فضلا عن ذلك فقوات داعش التي تتحرك على مساحة أرض واسعة لا قبل حتى للدول ذات التاريخ الطويل في بناء جيوشها وتقاليدها تمتلك شبكة متطورة من الاتصالات لتوجيه الأوامر والتنسيق بين مختلف قواعدها وإدارة المعارك .. وفي الغرب اليوم يشكو الناس من أن الحكومات تتدخل في مراقبة وسائل الاتصال بين الناس حتى بدون إعلان رسمي فتنتهك بذلك الخصوصيات .. ولنسأل هنا كيف تغيب حركة داعش في كل هذه المساحة الواسعة عن رصد أجهزة التجسس الأميركية والغربية عموما ؟..

تجارب حركات التحرر التي نشطت في القرن الماضي كانت تشير الى حياة مرهقة وشاقة يكابدها المناضلون ويذكر الثائر المعروف جيفارا في مذكراته كيف أن شبابا كثيرين لم يتحملوا شظف تلك الحياة التي اندفعوا نحوها بحماس فانسحبوا منها خائبين مع أن التجربة يومذاك تشكل حافزا للشباب المتطلع الى المشاركة في الثورات عبر القارات .. مقاتلو داعش يتنقلون اليوم بأحدث وسائط النقل ولديهم آخر ما أنتجت التكنولوجيا العالمية من منتجات ويعيشون في مقرات مكشوفة أو على الأقل مناطق محددة ومعروفة ..

القضاء على داعش التي تمثل إستغلالا للفكر الديني في تعبئة الشباب يقتضي ببساطة لا تحتاج الى مؤتمرات وخبراء وأموال تنفق ودماء تهدر وأعراض تنتهك وإستقرار دول يهدم وسيادة أخرى تستباح .. يحتاج الى وقف مؤآمرات الغرب و " إسرائيل " على المنطقة من أجل إغراقها في المشاكل والحروب والنزاعات وتفكيك دولها وتفتيت مجتمعاتها وتدمير جيوشها .. و تجفيف مصادر الدعم التمويل وهي معروفة .. ومنع المقاتلين من التسلل الى العراق وسورية ولبنان من بلدان معلومة أيضا .. ووقف توريد السلاح وذخائره الضخمة التي تضاهي ما لدى جيوش كبيرة .. وإعتماد حملة توعية دينية في المنطقة لتخفيف التوتر الطائفي وتصعيد خطاب الإعتدال وأول خطوة إغلاق فضائيات التنابز الطائفي والمذهبي ووقف السعودية الحليف المطيع لأميركا في المنطقة لإثارتها الفتن في البلاد الإسلامية وإنتاجها لأفكار التكفير والتضليل .. بعد هذا محاصرة نشاطات داعش ومسمياتها الأخرى وأخواتها .. وتوجيه الضربات المناسبة الكفيلة بشلها عن الحركة بل وحتى إنهائها .. أميركا تعلم أنها وحلفاءها في العالم وتوابعها في المنطقة هم أصل الداء والمشكلة .. مع ذلك سيحاول الرئيس الأمريكي إختراع قصص أخرى وتسويق أمر آخر وإشغال الناس بخطاب مختلف .. وسيصدقه غالبية الناس وتتماهى أفكارهم مع ما يريد نشره بين الناس ..

حلف جديد لملاحقة داعش التي تهدد الأمن والسلام العالميين .. الطريف أن فيه تركيا وقطر والسعودية والأردن .. الأطراف المباشرة في صناعة وتصدير الإرهاب الى دول الجوار وخاصة العراق وسورية .. وهذا الحلف يحتاج الى تمويل .. وهي طريقة الغرب في تدوير الأموال العربية كل عقد من الزمن بإفتعال مشكلة أو أزمة في مكان ما في المنطقة ..

ومن أجل أن يمارس هذا الحلف دوره لابد للمنطقة من أن تدفع الثمن .. ماذا عن العراق .. هناك مؤشرات قوية وكبيرة الى أن الصيغة التي سرت في السنوات العشر الماضية في العراق سيعاد إنتاجها بعناوين مختلفة ..

كان إضطهاد الشيعة في السنوات التي سبقت الاحتلال عنوان البناء السياسي في سنوات ما بعد الاحتلال .. الذي أنتج صيغة المحاصصة الطائفية المدمرة .. تهميش السنة اليوم هو عنوان البناء السياسي لإنتاج طبعة جديدة من المحاصصة الطائفية المدمرة ..

لن يكون هدف الصيغة الجديدة إنتاج أو تأسيس دول على أسس تختلف عما قام في العقد الماضي ويستفيد من أخطائه وثغراته .. فتقوم دولة مدنية على أساس سلطة القانون وتستهدف بناء الوطن وتأهيل المواطن وتحقيق الإندماج الوطني المفقود من خلال مبدأي العدالة والمساواة .. بل ستتخذ منحى خطيرا تقسيميا بحجة إنصاف السنة في العراق وسورية معا ..

دخول داعش الى الموصل لم يكن غفلة حارس ولا غلطة شاطر من كل الأطراف بل هي المقدمة التي تكرس واقعا سياسيا جديدا بعد أن مهدت له خلال عشر سنوات من خلال ممارسات الطبقة السياسية المرتبطة بمخططات أميركا على إختلاف تكويناتها .. ذهبت عشر سنوات في الفوضى الخلاقة وفقا لتصنيف وزيرة الخارجية الأميركية السابقة الدكتورة رايس كما يحب إبراهيم الجعفري تسميتها مع أنه ليس في علم السياسية مصطلح بهذا الاسم .. ورايس خبيرة أكاديمية وسياسية في هذا المضمار .. إنما هي الفوضى لنا والخلاقة لهم وهي لذلك تعني إستمرار الحياة والهدوء والإستقرار في الغرب و " إسرائيل " ضمنا .. وتواصل الموت والحروب والتوترات في المنطقة ..

مواجهة داعش ستكون طويلة وتمتد الى سنوات كما عبر الرئيس الأميركي أوباما منذ أيام .. إذا عقد دموي جديد في المنطقة .. الطريف أن تشكيل الحكومة العراقية بعد التغيير هو المدخل لترتيبات مقاومة داعش .. إذا على العراقيين أن يدفعوا الثمن الأكثر كلفة وكالعادة بدمائهم وأموالهم وفرص الحياة والتطور التي يمكن أن تتاح لهم .. بإنتظار أن يعلن أوباما استراتيجيته الجديدة .. لنفكر مليا ولن نجد فيها أمرا جديدا سوى أن الغرب بخبرته يستطيع أن يسوق في عقولنا وتفكيرنا ما يشاء .. وبدءا من الغد سننشغل بجديد أميركا وحلفائها مع أنه لا جديد في هذا الجديد .


http://www.albadeeliraq.com/article24176.html
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة