تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

تاريخ المقاهي في برطلي / الجزء الخامس

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, يوليو 18, 2015, 12:40:23 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

تاريخ المقاهي في برطلي
الجزء الخامس


مقهى سعيد متي ال شدة ( سعيد شماشا )



صورة حديثة لمقهى سعيد متي ال شدة


بهنام شابا شمني

يعتبر مقهى سعيد متي المقهى الوحيد في البلدة الذي لازال يعمل ويقدم خدماته لزبائنه منذ افتتاحه في سنة 1962 وحتى يومنا هذا ، لذا فان تاريخه يمكن ان يعتبر ( تاريخ مدينة ) .
يدير هذا المقهى منذ بداياته السيد ( سعيد متي توما ال شدة ) المشهور ب ( سعيد شماشا ) نسبة الى جده الشماس توما فاخذ شهرته منه وهو من مواليد 1930 .
استغل السيد دانيال شمعون ال كتوثة الارض العائدة له والواقعة على الشارع الوسطي داخل البلدة  ( زوقاقا دكوري ) ليقيم عليها المقهى ، كان ذلك في شهر تموز من عام 1962 .
أخذ الشارع الوسطي الذي يخترق البلدة هذا الاسم ( زوقاقا دكوري ، زقاق الرجال ) كون رجال القرية كانوا يتخذونه مكانا للجلوس . تحت ظل جدران المنازل الواقعة على هذا الشارع صيفا ، وفي اشعة الشمس المشرقة على هذه الجدران شتاء يوم لم يكن للمقاهي وجودا في البلدة وفي هذا الشارع ، فكانت هذه من اوائل المقاهي التي اقيمت فيه .
وفي ( زوقاقا دكوري ) هذا كان يحرم على المرأة بل من العيب ان تمر فيه الا نادرا ، واذا ما حدث فكان يعتبر خرقا لعادات وتقاليد البلدة وقوانينها ، فدائما ما كانت النسوة يتخذن الازقة الفرعية للوصول الى مكانات محددة في هذا الشارع .
بناء هذا المقهى كان من الجص والحجر التي كانت المادة الاساسية التي تدخل في عملية البناء في معظم دور البلدة ومرافقها الاخرى ، حيث الحجر والجص من جبل مار دانيال القريب بعد ان كان يدخل الحجر الخاص لانتاج الجص في اكوار خاصة منتشرة حول محيط البلدة ، اما سقفها فكان من الكونكريت ومساحتها ( 50 ) مترا مربعا . يجاورها مقهى صيفي ، ومن الملاحظ انه دائما ما يكون لكل مقهى مساحة ملحقة به تستخدم للجلوس فيها صيفا ، وكان هذا ضروريا لعدم وجود اجهزة التبريد بل لخلو البلدة من الكهرباء في السنوات قبل سبعينيات القرن الماضي ، فتقام السرادق المغطات بالحصران او باغصان الاشجار ليجلس رواد المقهى تحت ظلها حيث ترش ارضها بالماء ليزيد ذلك من لطافة الجو فيها .
عمل صاحبها دانيال شمعون ال كتوثة ( دنا شوشي ) في ادارتها منذ افتتاحها مشاركا مع ( بينو يعقوب ال طراجي ) لمدة ستة اشهر ، ثم تركها بسب انشغاله في وظيفته في دائرة البريد .
بقي السيد بينو يعقوب طراجي يعمل فيه وحيدا لمدة ستة اشهر اخرى حتى دخل معه في العمل السيد ( سعيد متي توما شماشا ) وبقيا يعملان في المقهى سوية حتى سنة 1971 لينفرد بالعمل فيه السيد ( سعيد شماشا ) بمعاونة اولاده الى يومنا هذا . ويبدو من عدم استطاعة ادارته من قبل شخص واحد فقط يؤكد على ان هذا المقهى كان ولا زال يرتاده رواد كثيرون .
رواد المقهى كان في السابق من الرجال واعمارهم فوق الثلاثين ، فكان من العيب على الشباب والصغار الدخول الى المقهى ، بل من المخجل ان يجلس الشاب او الصغير في المكان الذي يجلس فيه الكبار وخصوصا من المعلمين منهم  .
لذا فان الطبقات التي كانت ترتاد الى المقاهي هم ( كبار السن ، المعلمين والموظفين ، العمال ) وقلة من الفلاحين لارتباطاتهم باعمالهم الزراعية التي تكاد تغطي طيلة ايام السنة .
من الرواد الدائميين لمقهى ( سعيد شماشا ) من كبار السن ( بهنام سليمان شلتان ، داود يوسف الخوري ، الياس اسحق ألو ، متي اسحق غالية ، نوري يعقوب طراجي ، شابا بهنام يوناني ، الياس شمعون ال سبتي ، دانيال بولص ال دانو ) .
ومن المعلمين الاوائل ( يعقوب سليمان شلتان ، زكريا شابا ، روفائيل يوسف جبوري ، متي شابا جونا ، يعقوب متي ال دانو ) ومن المعلمين الاوائل من مرتادي المقهى الذي بقي يرتاده حتى اخر ايام حياته في ايامنا هذه الاستاذ ( بتي حنا ال بتي  ) .
اما رواده من العمال والكسبة فكان ( شابا متي ألو ، قرياقوس رزوقي ، شمعون جونا ، عبدالاحد توما ال دكة ) .
والمقاهي يرتادها الرجال للتسلية وقضاء وقت الفراغ لذا فكانت تشمل على العديد من الالعاب ومن هذه الالعاب التي كانت موجودة في هذا المقهى يقول صاحبها ( سعيد متي توما ) :                                 
( الورق ، الدومينو ، الطاولي ) . ومن العاب الورق ( البوكر ، كونكان ، طرقة سبعة اوراق ) . اما العاب الطاولي فهي ( المحبوس والعادي ) . والعاب الدومينو ( الازنيف والعادي ) .
كانت تقدم في المقهى انواع مختلفة من المشروبات الساخنة والباردة . فمن المشروبات الساخنة ( الشاي والحامض ) وتقديمها مستمر الى الان واسعارها وقت افتتاح المقهى كان ( 10 ) فلوس للشاي والحامض وبقيت على اسعارها او ما يقارب اليه حتى سنوات الحصار تسعينيات القرن الماضي فاخذت تاخذ بالارتفاع حيث اصبح سعر قدح الشاي والحامض ( استكان ) في وقته ( 50 ) فلسا ، اما اسعارها في الوقت الحاضر فهي ( 250 ) دينار لكل منهما .
اما ما كان يقدم في المقهى من المشروبات الباردة فهي ( كولا ، بيبسي ، كوثر ، مشن ، سينالكو ، سفن أب ، فانتا ، سبرايت ، تراوبي زبيب ، تراوبي صودا ) . ويقول السيد سعيد متي صاحب المقهى ان وكلاء مختصين بكل مشروب يأتون بها من الموصل الى برطلي وهم :
وكيل مشروب الكولا ( متي بولص دانو ) ووكيل مشروب البيبسي ( نوري لاسوكا ) اما وكيل مشروب الكوثر فكان ( يعقوب يوسف كتوثة الاب يعقوب بعدئذ الذي خدم كنيسة بيت لحم في فلسطين ) . وجميع هذه المشروبات كانت معبئة في قناني زجاجية تعاد فارغة بصحبة الوكيل الى المعمل ليتم تعبئتها من جديد .
سعر هذه المشروبات في المقهى ( 20 ) فلسا ، وفي زمن رئيس الوزراء ( طاهر يحيى ) 1963 اصبح سعر المشروب البارد ( 25 ) فلسا حيث خصصت ال ( 5 ) فلوس المضافة الى سعر المشروب دعما لفلسطين .
في زمن الحصار الاقتصادي في التسعينيات من القرن الماضي ( 1991 ـ 2003 ) وبسبب النقص الشديد في المواد الغذائية وخصوصا المستوردة منها مثل ( السكر ) ، فاقفلت معامل المشروبات الغازية ، فتمت الاستعاضة عنها بالتي تصنع يدويا في المنازل وحتى في المقاهي نفسها . يقول السيد ( سعيد متي ) كنا نضيف السكر الى قنينة المشروب في المقهى بعد ان تصنع ( شيرة ) وتضاف الى قنينة المشروب البارد الذي كان خاليا من الغاز .
كانت المقاهي في البداية هي وحدها من تبيع المشروبات الغازية لان ذلك يحتاج الى خزن وتبريد واستبدال القنينة الزجاجية التي لم تكن تتوفر الى لدى صاحب المقهى ، لذا فمن يرغب بشربها عليه التوجه الى احد المقاهي ، اما اذا ما حل عليك ضيفا في البيت وتريد اكرامه ، فيكون باسقائه احد المشروبات الباردة وهي المذكورة سابقا . لذا كانت العوائل ترسل احد اطفالها وهو حاملا بيده اناء ماء  ( دولكة ) الى المقهى ليفرغ فيه محتويات قنينة المشروب البارد ويعود بها راكضا الى البيت ليقدم الى الضيف في اقداح زجاجية . 
من الاحداث الطريفة التي حصلت في المقهى يقول السيد ( سعيد متي ) ان مشاجرة حدثت بين ( شابا متي ألو ) و ( قرياقوس رزوقي ) ولقوة المشاجرة تدخل الحضور لحجز المتشاجرين لكن ذلك ادى الى انقلاب اباريق الشاي والسماور ( يستخدم لغلي الماء فيه ) عليهما وادى الى اصابتهما بحروق كبيرة تمت معالجتها لفترة من قبل المضمد الصحي ( متي حنا عتوزا ) وعلى اثر ذلك تصالح الاثنان وانتهى كل شيء .
شهد مقهى سعيد متي ايضا فكرة تاسيس جمعية الاسكان في برطلة حيث كانت تجري فيه لقاءات الاعضاء المؤسسين لها حسب ما ذكره لنا السيد كوركيس بهنام شابا دكة .
ويضيف السيد سعيد متي انه في ايام حكم القوميين 1963 ـ 1968 وفي ايام شهر رمضان كنا نقفل المقهى ليومين او ثلاثة ، بعد ان كانت تحضر الشرطة الى المقهى لاقفالها ولكننا كنا نحصل على رخصة بالعمل بعد ايام ، بينما لم يكن يحدث هذا في فترات الحكم الاخرى ، والذي كان يحصل ان نُبلغ بالاقفال لكن لا يتم تنفيذ الامر كون المسؤولين الاداريين والامنيين في البلدة يغضون عن ذلك لكون البلدة مسيحية . ثم عاد الامر ثانية في التسعينيات من القرن الماضي وخصوصا في ايام مدير الناحية ( مسلم علي ) ، كنا نجبر على غلق المقهى لاربعة ايام ثم نعود لمزاولة عملنا ثانية بعد امر الاقفال بايام . اما في ايامنا هذه فلم يحدث لنا ان اقفلنا المقهى في ايام شهر رمضان .
كان يعمل السيد ( سعيد متي شماشا ) في بداية حياته العملية وبالتحديد في سنة ( 1945) في مهنة الحياكة التي كانت المهنة الرئيسية لاغلب ابناء البلدة ، لكن بعد قيام الجمهورية في سنة 1958 توجهت الدولة الى استيراد المنسوجات التي كان الحاكة يقومون بصناعتها يدويا مثل ( المناشف والبرانس ) فانحسر العمل واخذت منتوجاتهم لا تلقى من يشتريها فترك الحياكة وتوجه للعمل في المقهى .




صورة للشارع الوسطي في برطلي حيث موقع مقهى سعيد متي ال شدة ( سعيد شماشا ) من ارشيف جورج شمعون كاكو



صورة لمقهى في كرمليس البلدة المجاورة لبرطلي



صورة لبعض حاويات ( صناديق ) المشروبات الغازية قديما