لغة السريان الشرقيين (الكلدان والآشوريين)/ موفق نيسكو

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مارس 10, 2016, 12:47:34 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

  لغة السريان الشرقيين (الكلدان والآشوريين)   



برطلي . نت / متابعة

موفق نيسكو


غالباً يُطلق السريان الشرقيين اسم اللغة الكلدانية أو الآشورية على لهجة لغتهم السريانية الشرقية التي يتكلمون بها، وهذا خطأ تاريخي ولغوي، لأن الكلدان والآشوريين الحاليين لا علاقة لهم بالكلدان والآشوريين القدماء فهم سريان شرقيين في كل التاريخ، وبسبب الانشقاقات الكنسية سُميَّا رسمياً بالكلدان في 5 تموز 1828م نتيجة كلمة تميزية أطلقها البابا أوجين الرابع سنة 1445م، وبالآشوريين في 17 تشرين الأول 1976م نتيجة اسم بعثة تبشيرية أرسلها إليهم رئيس أساقفة كارنتربري سنة 1876م.

إن اللغة الآشورية – البابلية القديمة هي لغة أكدية بدأت بالانقراض قبل سقوط الدولتين الآشورية والكلدانية، وأن هاتين الدولتين كانتا تتكلمان الآرامية، فمنذ القرن العاشر قبل الميلاد بدأت اللغة الآرامية تحل محل الأكدية التي أصبحت لغة هامشية في عهدها الأخير واقتصرت على الكهنة والمسائل العسكرية، وأصبحت  الآرامية في القرن الثامن قبل الميلاد اللغة الرسمية لبلاد آشور، ثم لغة الدولة الكلدانية (612–539 ق.م.) التي هي أصلاً دولة آرامية، ويذكرها كثير من المؤرخين بصيغة الدولة الكلدانية الآرامية، "فكلم الكلدانيون الملك بالآرامية" (دانيال 4:2) وكلدة قبيلة آرامية اشتهرت بالتنجيم، ومعنى كلدة بالسرياني مُنجِّم، ساحر (المطران منا الكلداني، دليل الراغبين في لغة الآراميين ص338)، وقد وجدت نقوش مكتوبة على طين بالآرامية إلى جانب المسمارية الأكدية، منها رسائل ملوكية آشورية إحداها موجهة من شخص يدعى سين– أدينا في مدينة أور إلى الملك سرجون الثاني يقول له: كتبتُ لك بالآرامية على رسائل ملفوفة، فيجيبه سرجون مؤنباً له: لماذا لا تكتب لي رسائلك بالأكدية على قطعة من طين (أ. د يوسف متي قوزي، محمد كامل روكان، آرامية العهد القديم ص 18)، واستناداً إلى نص الرسالة يذهب المؤرخون إلى أن سرجون كان يريد أن تأتيه الرسائل الخاصة من المناطق البعيدة بالأكدية لكي تكون سرِّية ولا تقرأ من قِبَلْ الآخرين بسهولة، وهناك آراميون كثيرون عملوا في البلاط الملكي وردت أسمائهم على منحوتات كانت تُزَيِّن القصور الملكية في عهد تغلاث بلصَّر وسرجون وسنحاريب وآشور بانيبال يظهر فيها شخصان آشوري وآرامي يقفان جنباً إلى جنب (اندريه بارو، بلاد آشور ونينوى وبابل، ترجمة عيسى سلمان، الأشكال 17،384)، كما عُثِرَ على رسالة مهمة بالآرامية تعود إلى عهد آشور بانيبال تُسمَّى صدفية آشور وجَّهَهَا موظف آشوري يدعى براتير إلى موظف آشوري آخر يدعى فيراور (أ. دوبون سومر، الآراميون، ترجمة الأب ألبير أبونا ص 108)، وتمَّ اكتشاف مصطلحات آرامية كثيرة تدل على استعمال اللغة الآرامية في آشور وبابل، منها قوائم بأسماء تسليم حصص النبيذ في مدينة نمرود، ونقوش على الأوزان وعقود البيع والشراء وغيرها، وعندما أرسل الملك الآشوري سنحاريب قائد جيشه ربشاقي إلى ملك اليهود حزقيا يطلب منه الاستسلام، أصرَّ ربشاقي على التحدث بالعبرية لكي يفهم الشعب اليهودي ويثور على قياداتهِ، لكن المسئولين عن قصر حزقيا اللذين تفاوضوا مع ربشاقي طلبوا منه أن يكلمهم بالآرامية التي كانت لغة الدولة الآشورية: "فقال الياقيم وشبنة ويوآخ لربشاقى كلم عبيدك بالآرامي لأننا نفهمه ولا تكلمنا باليهودي" (اش11:36).

   تُعد اللغة الآشورية – البابلية من أصعب لغات العالم، وكانت طريقة حل رموزها شاقة جداً، فهي لغة سامية أكدية بأبجدية مسمارية لا تمت بصلة إلى أي لغة معاصرة، وقد اقتبسها البابليون أصلاً من السومريين، وكانت كتابتها قريبة من الكتابة الصينية الصوَّرية حوالي سنة 3000 ق.م.، ثم تطورت من الصور إلى استعمال الأنماط المنحوتة الشبيهة بالمسامير، وهناك اعتقاد أن الكتابة وصلت إلى الصين عن طريق تُجَّار بلاد ما بين النهرين، وبحلول سنة 2400 ق.م. تم اعتماد الخط المسماري لكتابة اللغة الأكدية واستُعمل نفس الخط بعدئذ في كتابة اللغة الآشورية – البابلية التي يُسمِّيها المستشرقون الكتابة الأسفينية المثلثة أو المسمارية، ولم يكن بالإمكان كتابتها على الورق أو الجلود مثل اللغة الآرامية والهيروغليفية المصرية، بل على الطين فقط، ثم يتم حرقه بالآجر، لذلك فإن بعض الهواة وأوائل الرحالة والمنقِّبين عن الآثار في العراق عندما نقلوا بعض القطع المكتوبة بالخط المسماري إلى أوربا قبل القرن التاسع عشر، احتار الأوربيون فيها وظَنَّ البعض أنها عبارة عن نقوش أو زخارف (طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ص120)، وحتى مٌنقِّب الآثار الآشورية الشهير هنري لايارد (1817–1894م) لم يعرف في بداية اكتشافاته الأثرية في نينوى وضواحيها ما هي هذه اللغة، ففي رسالة أرسلها إلى والدته في نيسان 1846م يقول: يَسرني أن أقول لكِ بأني قد توصلت إلى بعض النتائج مثل أسماء المدن والأشخاص ولكن إلى الآن لم استطيع فك خطوطها، ولكن بمساعدة الميجر روالنصون، آمل أن أتوصل قريباً إلى حل أبجديتها، أمَّا بالنسبة للغة فهل هي كلدانية؟، أو هي واحدة من اللهجات المنسيَّة التي تعود لإحدى اللغات التي لم تزال موجودة ويمكن التوصل إليها بالبحث والمقارنة؟، أو هي لغة غير معروفة لا بد من إعادة بنائها من جديد؟ (نور أكوبي، الطريق إلى نينوى ص 269–270)، ولصعوبة هذه اللغة تم اختبار العلماء منفردين للتأكد بأنهم حَلُّوا رموزها، علماً أن لايارد لم يكن يُفرِّق في البداية بين بلاد آشور وبابل وبين النساطرة والكلدان، إذ يقول في بداية رحلته من بغداد إلى شمال العراق: "أجبرتني أحوالي الصحية للبحث عن مكان بارد ومنعش لأستريح فيه هرباً من حرارة الصيف، فقررت التوجه إلى الجبال التيارية المسكونة من قِبل المسيحيين الكلدان (هنري لايارد، البحث عن نينوى ص15).

    عندما بدأ علماء الآثار في القرن التاسع عشر، مثل جورج فريدريك جورتفند (1775–1853م)، إدوارد هنكس (1792–1866م)، هنري راولنصون أبو الخط المسماري (1810–1895م)، جوليس اوبرت (1825–1905م)، فريدريش ديلتش (1850–1922م)، وغيرهم، بدراسة آثار نينوى وبابل، واجهوا صعوبات كبيرة جداً في حل رموز هذه اللغة، وأخيراً استطاعوا التوصل إلى حل رموزها عن طريق مقارنة نص واحد مكتوب بلغات أخرى معروفة إلى جانب الخط المسماري المكتوب بالآشورية أو البابلية على نفس القطعة الأثرية، ثم مقارنة النصوص مع المصادر التاريخية وخاصة الكتاب المقدس، وأعلنوا أخيراً أنهم اكتشفوا لغة قديمة ميتة استطاعوا حل رموزها (حامد عبد القادر، الأمم السامية ص22). علماً أن مفتاح الحل كان حجر بهستون، واستطاع العلماء حل رموز خطه المسماري البابلي سنة1860م

في بداية الأمر احتار العلماء والمختصون ماذا يُسمُّون هذه اللغة فسَمُّوها لغة العصر الشبيه بالكتابي (Literate Proto)، ثم سَمَّوا الكتابة المكتشفة الأسفينية Cuneiform، لأنها ليست صورية بحتة كالصينية ولا ذات حروف كالآرامية، بل شكلها يشبه الأسفين (الوتد)، ويقول الدكتور أحمد سوسة: إن نَقَّاري الحجر في مدينة الموصل الذين كانوا يعملون في جامع النبي يونس (يونان) بإشراف هرمز رسام سنة (1888–1891م) هم أول من أطلق اسم الخط المسماري، لأنهم على بساطتهم لاحظوا أن الكتابة تشبه المسامير (أحمد سوسة، حضارة وادي الرافدين ص155)، وكان من الطبيعي على العلماء أن يطلقوا اسماً علمياً لغوياً على اللغة المكتشفة، ولأن أغلب الكتابات المسمارية اكتشفت في البداية في عواصم دولة آشور القديمة (نينوى وخرسباد ونمرود)، لذلك أطلقوا عليها في البداية اسم اللغة الآشورية، ولكن بعد أن انجلت آثار بابل لاحظ العلماء تشابهاً كبيراً بين اللغة البابلية والآشورية، واتضح لهم أن لفظة (آشور) لا تفي بالغرض، فأطلقوا عليها اسم اللغة الآشورية– البابلية، ثم استخلص العلماء المحدثون من النقوش المسمارية أن أهل بابل سَمَّوا لغتهم الأكدية، وأن منطقة بابل كانت تُعرف بأرض أكد، وأن عدداً من ملوك بابل لُقِّبوا باسم ملوك أكد وسومر، وهو مطابق لأسماء المناطق كما في التوراة (أ. ولفنسون، تاريخ اللغات السامية ص22 هامش1)، وبذلك استقر اسم التسمية الأكدية على هذه اللغة.

إنَّ اللغة التي يتكلم بها السريان الشرقيون (الكلدان والآشوريون) هي اللغة السريانية بلهجتها الشرقية (مدنحيا مدنحيا) وشرقية يعني شرق نهر الفرات، ولو كانت اللغة الآشورية – البابلية القديمة هي لغة الآشوريين والكلدان الحاليين لما احتاج العلماء إلى ذلك الجهد الشاق في حل رموزها إذ كان من السهل جداً استشارة كاهن أو مثقف آشوري أو كلداني لِحَلَّها، ويقول المطران أو الراهب السرياني الشرقي (النسطوري) ثيودوروس بركوني الذي عاش سنة 600م تقريباً في مدينة كسكر (قلعة سكر) العراقية وتحت عنوان (ما هو سبب بلبلة اللسان): لو قابلتَ اللغة البابلية القديمة مع السريانية، فإنك لن تجد فيها واحداً من مئة من السريانية (كتاب التأويل مج1(Scholion) باريس1910م، ص113 طبعهُ المطران أدي شير، ويرد اسمه أحياناً ثيودوروس كيواني أو ابن كوفي.، ويكتب الدكتور وليم ويكرام وهو من المساندين للآشوريين: إن الآشوريين يستعملون اللغة السريانية وإن اللغة الآشورية الحالية بلا شك هي لهجة من لهجات اللغة الآرامية (ويكرام، مهد البشرية ص220)، وجميع القواميس التي ألَّفَها السريان الشرقيون (النساطرة) بدأً من زكريا المروزي ومطران الحيرة حنانيشوع بر سروشوي وغيرهما، ألَّفوها باسم قواميس سريانية (لا آشورية ولا كلدانية)، وأشهرها قاموسا إيشو بر علي من القرن التاسع والحسن بر بهلول (قرن 10)، واللذان يُعَدَّان من أشهر قواميس اللغة السريانية في العالم ومرجعاً رئيساً للباحثين.
وفي اللغة السريانية هناك مذكر ومؤنث فيقال هذا الولد سرياني (سورييا سورييا) وهذه البنت سريانية (سورييتا سورييةا) بإضافة تاء التأنيث، وتلفظ التاء بثاء في كثير من كلمات اللغة السريانية لأن الثاء حرف ليّن وغير أصيل فيكتب تاء مع نقطة تحته (سورييتا)، لكنَّ كلمة (لغة) كمفردة غير موجودة باللغة السريانية الفصحى لأنها يونانية (لوغس)، ويقابلها كلمة (لسان)، فيقال بالسريانية بصيغة المذكر فقط! (أنا أتكلم اللسان السرياني لشنا سورييا)، ولا تستعمل بصيغة المؤنث مثل العربية (أنا أتكلم السريانية)، لكن عامة الناس تؤنثها باللهجة المحكية مثل العربية لسهولة النطق فيقال أنا أتكلم السريانية (سورييثا سورييتا) أو (سورث سورت)، والكلمة الأخيرة سورث معناها اللهجة السريانية المحكية، وهي اختصار كلمة (سوريثا بائيث)، ومعناها بحسب السريانية، أو هي السريانية، (دليل الراغبين في لغة الآراميين للمطران منا الكلداني ص487، وروض الكلم لبنيامين حداد ص486)، وينطبق هذا على تسميات اللغات الأخرى بإضافة الثاء أو التاء فيُسمُّون التركية (توركث) والكردية (قوردث) والمغولية (مغلث).
واللغة السريانية التي يتكلم بها السريان الشرقيون الكلدان والآشوريون تضم عدة لهجات محكية تُسمَّى تسميات محلية مثل، السوداوية أي لهجة سواد أو عامة الناس، فلّيحي أي لهجة الفلاحين، أو تُسمَّى باسم المنطقة مثل دشتايا أي لهجة السهل، أو باسم القرية مثل ألقوشنايا أو تلكبنايا أي لهجة ألقوش أو تلكيف، أو باسم العشيرة مثل جيلوايا أو بزنايا نسبة لعشيرتي جيلو وباز، وكَتبَ الكاهن القانوني الأنكلكاني آرثر ماكلين سنة 1895م يقول: إن عدد لهجات السريان الشرقيين تصل إلى اثنتي عشرة لهجة محلية، ولكل قرية أسلوبها الخاص في الحديث، ويُقَسِّم ماكلين اللهجات السريانية إلى أربع مجموعات رئيسة، مجموعة سهل أورميا والموصل، باستثناء ألقوش التي تشكل المجموعة الثانية وتمتد إلى زاخو وبوتان وتشترك معها قرية أشيثا، والمجموعة الثالثة هي مجموعة عشائر التياريين وباز وديز وطال ووالطو، والمجموعة الرابعة هي المجموعة الشمالية لسلامس وقوجانس وكوفار وجيلو، وهذه اللهجات السريانية لم يكن لها في يوم من الأيام قواعد أو وسيلة للكتابة، ويقول المُبشِّر القس بادجر: إن كافة الطقوس القديمة للنساطرة تتم كتابتها باللغة السريانية الفصحى المستعملة في الشرق منذ زمن طويل، أمَّا لسان العامية من سكان النساطرة في الجبال والكلدان في السهول، فهي لهجة سريانية تسمى (Fellehi فلّيحي) أو (سورث Soorith) (بادجر، النساطرة وطقوسهم أو الرحلة إلى ميزوبوتاميا وكردستان سنة (1842–1844م) طبعة لندن 1852م، ج2 ص146(انكليزي)، والخلاصة: إن كلمة سورث معناها (بحسب السريانية أو هي السريانية)، وتستعمل باللهجة المحكية العامة للدلالة على اللغة السريانية.
وكانت أكثرية الشعب المسيحي في مناطق شمال العراق لا تُجيد قراءة وكتابة اللغة السريانية الكتابية (كثوبونيا) أي الفصحى، وعندما قام المبشرون الغربيون في القرون الأخيرة بزيارة مناطقهم ولتسهيل مهمة المبشرين للتعامل معهم، أصبح هدف المبشرين هو تعريف وتوعية هؤلاء الناس البسطاء بوضعهم التاريخي والديني والروحي بهدف كسبهم كُلٌ لطائفته، لذلك قام قسم من المبشرين بإتقان اللهجات السريانية التي يتكلم بها مسيحيو هذه المناطق، ثم ألَّفوا عدة كتب وقواميس في قواعدها ونصوصها، وقبل سنة 1835م جرت بعض المحاولات البسيطة في ألقوش لكتابة اللهجة السريانية المحكية لكنها لم تنجح، وكانت أغلبها كتابات بسيطة باليد لا تتعدى بعض القصائد والقصص الشعبية، ويقول الأب يوسف حبي: لم يخلِّد لنا التاريخ أدباً قديماً للسورث لأن العقلية لم تكن تتحمل آنذاك تسجيل التراث الشعبي بشتى أصنافه، وكانت اللغة السريانية الكلاسيكية هي الرسمية في التدوين (مجلة المجمع العلمي العراقي – الهيئة السريانية، مجلد 16، بغداد 1996م، ص 98).
وأول من اهتم بهذا الأمر هو القس ديفيد تابان ستودارد فوضع أول كتاب قواعد للهجة السريانية التي يتكلم بها مسيحيو أورميا النساطرة واحتوى الكتاب على عشرة آلاف لفظة وطبع في لندن سنة 1855م بعنوان spoken in Oroomia and Kurdstan as language Syriac "اللغة السريانية المحكية في أورميا وكردستان"، ثم وضع زميله ألبرت لويس هوليداي كتاب قراءة في السورث، تَبعهُ ستودارد في وضع كتاب آخر في  قراءة السريانية المحكية، وواصل العمل بعدهما جوزيف كوشران (1817–1871م) الذي وصل أورميا سنة 1848م ووضع كتاباً في قواعد السريانية المحكية، بعد ذلك قام الألمانيان سوسين وادورد ساخو سنة 1896م وغيرهما بكتابة بعض الكتب في قواعد وخواص اللهجات السريانية المحكية في منطقة أورميا عموماً، والكتاب المهم الآخر في هذا المجال ألَّفَهُ آرثر جون ماكلين في سنة1895م واسمه:
Grammar of the dialects of vernacular Syriac as spoken by the Syrians of Kurdistan, north-west Persia and the plain of Mosul
(قواعد اللهجة العامية السريانية المحكية للسريان في كردستان وشمال غرب بلاد فارس وسهل الموصل)، وهذا هو أول كتاب يصدر بخصوص اللهجات السريانية المحكية من قِبَل السريان الشرقيين في تلك المناطق، ثم وضع قاموساً للهجات السريانية المحكية سنة1901م، واستعمل ماكلين كلمة Syriac لتدل على لغة السريان لأن الغربيين المتخصصون في اللغات وعلم الأجناس والقوميات وتلافياً للخلط بين السوريين والسريان استعملوا كلمة Syriac بدل Syrian للدلالة على السريان كشعب وقومية (وردت كلمة syriac لتدل على اللغة السريانية والسريان كأُمة قومية في قاموس longman، لندن1968م ص 1124، والمورد، بيروت1996م، ص941، وقاموس وبستر الأمريكي 2000م، وسبستيان بروك، اللؤلؤة المخفية في تطور اللغة السريانية، ايطاليا2001م، ج1 ص38. وغيرهم)، بعدها قام الأب جان (جاك) ريتوري الدومنيكي بتأليف كتاب:
(Grammaire de la langue soureth ou chladéen vulgaire selon le dialecte de la plaine de Mossoul et de pays adjacents)
"قواعد لغة السورث أو الكلدانية العامية اعتماداً على اللهجة المحكية في الموصل والمناطق المجاورة" وطُبعَ الكتاب سنة 1912م في مطبعة الدومنيكان في الموصل، وأعيد طبعه ثلاث مرات وتُرجم قبل سنتين إلى العربية، ويجب الإشارة أن الأب ريتوري له مخطوط من 370 صفحة غير منشور كَتبهُ سنة 1911م بعنوان  "قواعد السورث الشرقية الصحيحة"، ذكرته  مجلة Liasse عدد20، يؤكد فيه أن لغة الكلدان والنساطرة هي السريانية بلهجتها الشرقية ومكتوبة بألف باء سريانية.
والمهم في هذا الأمر أن المبشرين لم يكن هدفهم يتجاوز ترجمة الكتب المقدسة والطقوس باللهجة السريانية المحكية تسهيلاً للمؤمنين، وليس لإيجاد كلمة أخرى سوف تُستغل ويتم إخراجها من سياقها لتستعمل لإغراض أخرى، إذ أن قسماً من الآشوريين والكلدان المتشددين استغلوا كلمة (سورث) التي تعني اللهجة السريانية المحكية العامة وبدؤوا يستعملون بكثرة عبارة لغة السورث كتابةً أو نطقاً، ولا يستعملون اللغة السريانية محاولين  قدر الإمكان الابتعاد عن الاسم السرياني، علماً أن جميع مؤلفات المبشرين كانت تستعمل كلمة dialects أو vulgaire أي اللهجة المحكية أو العامية وليس الفصحى، وعندما سُئل كوشران ماذا كانت مساهمة المبشرين الأميركيين الرئيسة للشعب؟، قال بكل   بساطة: We wrote the grammar for their Syriac vernacular and translated the Bible for them, so they could read it in their own language
(نحن كتبنا قواعد لغتهم السريانية العامية وترجمنا لهم الكتاب المقدس ليتمكنوا من قراءته بلغتهم الخاصة).
ومنذ بداية القرن العشرين برز الاسمين الكلدان والآشوريين بقوة وسَرىَ على مثقفي الكنيستين ورجال دينها، فبدأ بعض المتشددين من الطرفين إطلاق تسميتهم الخاصة على اللغة السريانية، أي أن الكلدان يقولون إنهم يتكلمون اللغة الكلدانية، والآشوريون اللغة الآشورية، وبدون شك انطبع ذلك على غالبية الشعب الذي بقي يعتقد أنه يتكلم الكلدانية أو الآشورية، ونتيجة لهذا الأمر حدثت هُوَّة ثقافية بين سريان المهجر، حيث لاحظ الكلدان والآشوريون وجود جالية من أبناء جلدتهم السريان من مدن القامشلي وطور عبدين وماردين وغيرها، وإذا سُوئل آشوري أو كلداني ما هي لغة سريان القامشلي وهل تختلف عن لغتك؟، يُجيب هو يتكلم السريانية وأنا أتكلم الكلداني أو الآشوري، أمَّا إذا سُوئل سرياني من القامشلي ما لغة الآشوريين والكلدان؟، يُجيب هم يتكلمون اللغة السريانية بلهجتها الشرقية (لشنا سورييا مدنحيا)، وأنا أتكلمها بلهجتها الغربية (لشنا سورييا معربيا)، وهذا هو التعبير  الصحيح.

ويجب القول إن تَشدُّد الكلدان هو أقل من الآشوريين، والسبب هو المدارس التي أقامتها الإرساليات الكاثوليكية في العراق وأهمها مدارس الدومنيكان، حيث خرَّجت باقة ممتازة من المثقفين ورجال دين كلدان اشتغلوا في حقل الترجمة وتاريخ وأدب الكنيسة فوقفوا على حقيقة الأمور كما هي، أمَّا الآشوريين فكانت معظم كتابتهم ذات طابع سياسي أكثر مما هو كَنسي، ويتفاوت تَشدد الكلدان في هذا الأمر، فعندما أراد غبطة بطريرك الكلدان روفائيل بيداويد إعادة طبع كتاب دليل الراغبين في لغة الآراميين للمطران أوجين منا الكلداني، تَكفَّل ابن عم البطريرك واسمه متي بيداويد (مُقيم في فرنسا) بتمويل طبع الكتاب، ولكنه اشترط أن يُكتب عليه قاموس كلداني – عربي، فلَّبى البطريرك طلبهُ وطبعهُ وكَتبَ اسم قاموس كلداني – عربي على غلاف الكتاب، أمَّا الأب بطرس حداد والى حد أقل منه الأب يوسف حبي وغيرهما، فغالباً يستعملون اللغة الكلدانية بدل السريانية، (الأب حداد أحياناً يُترجم من لغة أجنبية إلى العربية كلمة السريانية إلى الكلدانية)، وفي أحسن الأحوال فإنهم يستعملون كلمة (سورث) أو اللغة الآرامية، ولا يستعملون كلمة اللغة السريانية إلاَّ عندما يكونون مُجبرين فيها لدواعي الترجمة أو البحث التاريخي أو اللغوي الدقيق، وبدون شك أن هناك من كانوا دقيقي التعبير مثل البطريرك الكلداني توما أودو الذي ألّف قاموساً رائعاً سرياني– سرياني سماه (سمة ا دلشنا سورييا كنز اللسان السرياني)، وكذلك الأستاذ بنيامين حداد الذي ألّف قاموساً سَمَّاهُ (روض الكلم، قاموس عربي– سرياني)، وأيضاً الأب ألبير أبونا الذي قَلَّما يستعمل اللغة الكلدانية بل اللغة السريانية وأحياناً الآرامية وحسب مقتضيات الموضوع، لأن السريانية قبل الميلاد تُسمَّى الآرامية، وألَّّف كتاباً مهماً في تاريخ الكنيسة الكلدانية والنسطورية سَمَّاه "تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية".

وفي محاضرة للأديب جميل روفائيل بطي أقيمت في النادي الثقافي الآثوري بتاريخ 16/5/1971م بعنوان "دور اللغة السريانية في الحضارة الإنسانية"، قال بطي: إن الآثوريين والكلدان المعاصرين يتكلمون اللغة السريانية وليس الآشورية أو الكلدانية التي كانت إحدى اللهجات الأكدية وانقرضت قبل أكثر 2500 سنة، مُثبتاً ذلك بالأدلة اللغوية والتاريخية من مصادر الآشوريين والكلدان أنفسهم، فنهض أحد الآشوريين المتعصبين وأصرَّ على أن اللغة التي يتكلم بها آشوريو اليوم هي الآشورية القديمة وعدّدَ له بعض الكلمات، فأجابهُ بطي: إن علاقة هذه الكلمات باللغة الآشورية هو كعلاقة اللغات السامية ببعضها، وفي نفس الوقت نهض أشوري آخر طالباً في قسم الآثار بكلية الآداب وبدأ يقرأ في ورقة كانت في يده وطلب من السائل الآشوري المتعصب أن يُبيّن له إن كان قد فهمها أم لا؟، فردَّ عليه أنه لم يفهمها، فقال له: إن هذه هي اللغة الآشورية، ولو كانت لُغتنا لَكُنتَ قد فَهِمتَ ما ورد في هذه الورقة جميل روفائيل بطي، أضواء على قرار منح الحقوق الثقافية للمواطنين الناطقين بالسريانية ص 64.
وبتاريخ 26/4/1972م أصدرت الحكومة العراقية قراراً بمنح الحقوق الثقافية للناطقين بالسريانية، فانهالت مئات من برقيات الشكر والثناء للحكومة من رجال الدين والمثقفين السريان والكلدان والآشوريين، وكثرت التصريحات الإعلامية لهم، منها تصريح بطريرك الكلدان بولس الثاني شيخو، وبرقية المطران يوسف حنا يشوع وكيل بطريركية الكنيسة الشرقية النسطورية والرئيس الأعلى للطائفة الآشورية في العراق، وبرقية رئيس وأعضاء مجلس الكنيسة الآشورية الإنجيلية، وعَمَّت الاحتفالات الشعبية والمسيرات كافة المحافظات العراقية التي يسكنها السريان والكلدان والآشوريين، وتناقلت الصحف وصفها كما يأتي: عبَّرَ آلاف المواطنين من الآشوريين والكلدان والسريان عن فرحتهم بقرار منح الحقوق الثقافية للناطقين بالسريانية وذلك في مسيرة جماهيرية انطلقت صباح 28/4/1972م من ساحة الطيران إلى وزارة الداخلية في بغداد، ثم تمَّ افتتاح قسم خاص في إذاعة بغداد تبث البرامج باللغة السريانية وتقول: لكا ايلا برت قلا دبغدد بلشنا سورييا (لخا إيلي برث قالا دبغدد بلشانا سوريايا) أي (هنا صوت بغداد باللسان السرياني)، كما قام عدد من المثقفين العراقيين بإصدار دراسات وتقارير تثبت أن الكلدان والآشوريين هم سريان، منها دراسة مالك منصور من قسم الدراسات والتقارير في جريدة الثورة العراق بعنوان "الأقليات السريانية في مسيرة الثورة الظافرة"، وغيرها.