دلالات الاتجاه نحو تسوية مشكلات المياه في المنطقة

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, يونيو 09, 2015, 10:02:16 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

دلالات الاتجاه نحو تسوية مشكلات المياه في المنطقة
07/06/2015


وحدة العلاقات الإقليمية


أوباما و«الإخوان»
"دواعش" الشرق الأوسط.. موجة تكفير أم غضب اجتماعي؟( ملف)
أسباب وتداعيات ظاهرة هروب المقاتلين من "داعش"
تتجه بعض دول الاقليم نحو تسوية الخلافات العالقة فيما بينها حول المياه، التي باتت أحد محاور التنافس والصراع في المنطقة، بشكل يؤشر إلى أن هذه الدول باتت تفضل الخيار الدبلوماسي في تصفير مشكلات المياه، لا سيما في ظل التطورات التي طرأت على الساحة الإقليمية خلال الفترة الأخيرة، وعلى رأسها سيطرة تنظيمات مسلحة إرهابية على روافد المياه لامتلاك أوراق ضغط جديدة في الصراع مع خصومها، فضلا عن انتشار الحروب الأهلية وبروز أنماط جديدة من الدول الفاشلة. ومع ذلك، يبقى تبني دبلوماسية المياه "Water Diplomacy" قيد التشكل في ظل عوائق مستقبلية قد تحد من فاعلية هذا الخيار.


أربعة مؤشرات:

كشف اتجاه بعض دول المنطقة إلى توقيع اتفاقيات خاصة بالمياه عن تزايد فاعلية الخيار الدبلوماسي في حل مشكلات المياه، ويتمثل أهمها في:

1-   اتفاق قناة "البحرين" بين إسرائيل والأردن، الذي تم توقيعه في 26 فبراير 2015، ويهدف إلى ربط البحرين الأحمر والميت بقناة بين إسرائيل والأردن، ويتضمن إقامة مجمع لتحلية المياه شمال مدينة العقبة الأردنية.

2-   اتفاقية إدارة وحماية المياه الجوفية في طبقة "الساق/ الديسي" بين الأردن والسعودية، التي تم التوصل إليها في 30 أبريل 2015، وسيعمل الطرفان بمقتضاها على مراقبة مستويات المياه الجوفية ونوعيتها وكميات المياه المسحوبة إلى جانب جمع البيانات وتحليلها وإرسالها إلى الهيئات المعنية في كلتا الدولتين.

3-   وثيقة "إعلان المبادئ" حول سد "النهضة" الإثيوبي، التي تم إبرامها في 23 مارس 2015، وتتضمن تحديد أطر استخدام المياه بعد بناء السد ووضع قواعد فنية يتوافق عليها خبراء الدول الثلاث لتجنب الإضرار بحصص الدول وإنشاء آلية للتنسيق والتشاور لتسوية الخلافات العالقة بين مصر وإثيوبيا.

4-   معاهدة ترسيم الحدود البحرية بين سلطنة عمان وإيران، في منطقة بحر عمان، التي تم توقيعها في 26 مايو 2015، خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى مسقط، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي بين الطرفين، لا سيما في مرحلة ما بعد الوصول إلى صفقة نووية بين إيران ومجموعة "5+1"، خاصة أن سلطنة عمان مارست دورًا بارزًا في المفاوضات التي جرت بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بهدف مواصلة المفاوضات لتسوية أزمة الملف النووي.

دلالات متباينة:

يطرح سعي بعض دول المنطقة إلى تبني "دبلوماسية المياه" في الإقليم دلالات عديدة: تتمثل الأولى، في تزايد تكلفة التعامل مع مشكلة ندرة المياه، حيث تعد دول منطقة الشرق الأوسط من الدول الفقيرة مائيًا مقارنة بمناطق أخرى من العالم، وقد كشف تقرير حديث للمجلس العربي للمياه، صدر في مايو 2015، عن أن 18 دولة عربية تعاني من مشكلة ندرة المياه، حيث يصل نصيب الفرد من المياه في 8 دول إلى 200 متر مكعب في العام، في الوقت الذي يصل فيه نصيب الفرد على المستوى العالمي إلى 1000 متر مكعب، وأشار إلى أن المياه النظيفة لا تصل إلى 84 مليون نسمة. ويبدو أن ذلك هو ما دفع ذلك دولا عديدة إلى اللجوء لخيارات أخرى على غرار المياه الجوفية وتحلية المياه، وقد أشار التقرير السابق إلى أن 50% من مشاريع تحلية المياه في العالم موجودة في المنطقة. لكن هذه الخيارات تواجه بدورها مشكلات عديدة.

وتنصرف الثانية، إلى وجود علاقة بين التطورات التي شهدتها دول الربيع العربي، وبعض المتغيرات البيئية على غرار ندرة المياه وتغير المناخ، فقد كشفت دراسة علمية نشرتها مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences (PNAS) في مارس 2015، أن هناك علاقة وطيدة بين اندلاع الثورة السورية وتغير المناخ، حيث أدت موجة الجفاف التي اجتاحت  سوريا بين عامي 2007 و2010، إلى نزوح عائلات كبيرة إلى المدن، بشكل دفع اتجاهات عديدة إلى الحديث عن ظاهرة "لاجئي المناخ".

وتتعلق الثالثة، بتعمد التنظيمات المتشددة، مثل تنظيم "داعش"، استخدام موادر المياه كأحد أدوات الصراع مع خصومها، حيث اتجه "داعش"، في أول يونيو 2015، إلى غلق سد الرمادي على نهر الفرات بهدف خفض منسوب المياه في نهر الفرات، وقطع المياه عن مدينتي الخالدية والحبانية، وذلك لتسهيل تنقل عناصره ومنع تقدم القوات العراقية والميليشيات الموالية للحكومة لتحرير مدينة الرمادي. وقد حذرت جهات عديدة من أن تكرار إغلاق السدود في تلك المناطق سوف يؤثر بشكل سلبي على ري المناطق الزراعية في المناطق الجنوبية على غرار الحلة وكربلاء والنجف.

عقبات مستقبلية:

لكن رغم تزايد الاتجاه نحو الوصول لتسويات بشأن مشكلات المياه، إلا أن ثمة عقبات عديدة تقف أمام تفعيل هذا الخيار في الفترة القادمة. إذ أن هذا الاتجاه لا ينفي أن هناك تنافسًا إقليميًا متصاعدًا حول السيطرة على المياه، حيث تتعمد بعض دول الإقليم إحكام سيطرتها على الموارد المائية ورفض أية مبادرات للتعاون مع دول الجوار في هذا الإطار، على غرار تركيا، التي قامت، في منتصف أبريل 2014، بإغلاق أحد سدود نهر الفرات، مما أدى إلى انخفاض منسوب المياه في بحيرة "الأسد" بنحو ستة أمتار، وهو ما يمكن أن يؤثر في المستقبل على حصة المياه لكل من سوريا والعراق. فضلا عن ذلك، فقد حذر تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، في 19 يوليو 2014، من إمكانية تحول قطاع غزة إلى "منطقة غير صالحة للعيش"، على خلفية مشكلة المياه والكهرباء التي تسببت فيها السياسات التي تبنتها إسرائيل.

خلاصة القول، يبدو أن ثمة اعتبارات عديدة دفعت بعض دول المنطقة، إلى السعى نحو الوصول إلى تسويات سلمية للخلافات العالقة فيما بينها حول المياه، إلا أن ذلك لا ينفي أن التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، ربما تفرض عقبات عديدة أمام تحول هذه الخطوات إلى اتجاه عام في المنطقة، خاصة في ظل تصاعد حدة الصراعات الإقليمية وضعف دور الدولة الوطنية، فضلا عن انتشار الميليشيات المسلحة التي باتت تسعى إلى السيطرة على مصادر المياه كأحد أدوات الصراع مع خصومها

http://www.rcssmideast.org/Article/3493/%D8%AF%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D9%87-%D9%86%D8%AD%D9%88-%D8%AA%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B4%D9%83%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9#.VXdfBNKqqkp
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة