هزيمة الإرهاب الداعشي وتفرعاته مهمة وطنية ملحة ومباشرة / فخري كريم

بدء بواسطة matoka, يونيو 28, 2014, 07:55:46 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

هزيمة الإرهاب الداعشي وتفرعاته مهمة وطنية ملحة ومباشرة




فخري كريم

الاختلاف والتباين لا ينتهيان بالدعاء والدعوات، بل بالعمل المشترك، دون التخلي عن الثوابت، والاستحقاقات. وقد بات واضحاً، وصريحاً، ومتوافقاً عليه بإجماعٍ وطني، إلا استثناءً، مفهوم الدوافع والأغراض. ولا أحد من حقه أن يضع عصا الطاعة لمن لا طاعة له، ولا شرعية تحميه، في طريق التغيير المطلوب الذي يستهدف إنقاذ العراق من قاعٍ لا قرار ولا مستقر له.
لكن اعتبار مواجهة الإرهاب وإلحاق الهزيمة بقطعان داعش والقاعدة والزمر الداعمة لها، مهمة وطنية ملحة، لا تتعارض أو تخل بالمطالب والتوجهات الوطنية، وإنما تخدم أغراضها، وتعزز أرضيتها. وليس صحيحاً أن الانتصار على قطعان الإرهاب المنفلت والمدعوم، يمكن أن يُجيّر لصالح من كان في أساس الهزيمة، وشكل لها حاضنة تغطي على أهدافها وتمكنها من اختراقٍ لا سبيل الى تبريره تحت أية حججٍ واهية أو ادعاءاتٍ بالكيد للغير وتحميله المسؤولية، سياسية كانت، أو عسكرية أو أخلاقية ، فكل هذه، عوامل متفرعة عن نهج سياسي، وتطبيقات لا دستورية، مجافيةٍ للعقل وما ينطوي عليه من حكمة وبعد نظر.
إن كل وطني عراقي، بغض النظر عن هويته ومضانّه، مستهدفٌ بالإرهاب وبما تريده له داعش وأخواتها، من مصير مظلم، تتحول فيه الهويات كلها، تحت لافتة الإسلام الظلامي، الى وقود لجحيمٍ يأتي على الجميع بنيرانه وأتونه، سوى أن هوية الواحد منا تصبح وقود محرقة الآخر.
ان الانتظار السلبي، لانكشاف الوجه القبيح لداعش، لتنضج ظروف النهوض الجماهيري في التصدي لها، ليس علامة عافية وطنية، مثلما يصبح عبئاً أشد وطأة على البلاد ومستقبل التعايش بين مكوناته، الركون الى التجييش المجرد، المبني على "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، دون استكمال عناصر هذه القوة المطلوبة في كل الاتجاهات، وعلى جميع المستويات، السياسية والعسكرية والاقتصادية والنفسية، وكل ما يجعل من القوة مظهراً من مظاهر وعوامل معافاة وطنية متظافرة.
العراقيون، يئسوا من المنظومة السياسية التي قادتهم الى ما هم فيه الآن من مهانة وطنية، ولا غرابة في أن التذمر سمة عابرة للطوائف والهويات الفرعية. لكن تصحيح المسار، لا سبيل لتحقيقه بتجاوز التوازنات والتوافقات، رغم ما أصابهما من انكسار وخللٍ، وما تعرضت له العملية السياسية من استعصاءاتٍ بلغت حداً، خلق وضعاً مريباً، وحالة من الشك في إمكانية المواصلة، في عمل مشترك، هو والعبث بالمقدرات والمستقبل سواء.
لكننا الآن أمام واقعٍ يطرح افتراضاتٍ لا علاقة لها بما نرغب، وما نريد، في إطارٍ مصبوبٍ بماء الذهب وموشّى بالياقوت والألماس، يتوسطه عراقٌ يتباهى بالماضي التليد، والمجد الغابر. إن ما نواجهه اليوم واحد من أمرين، لا ثالث لهما: أن نبقى ونكون، أو نهاية مفتوحة على سبي الجهالة والانحطاط وضروب التكفير ومرابع الجاهلية..
لا يتوهم من يرى بعين نواياه لا بعين الواقع وما يفرضه من تمنيات، أن من الممكن، تسييل العملية السياسية، وترويضها، بالانفراد في معالجة الأزمة المستفحلة، لا لاستعادة عافية الوطن ودرء الأخطار المحدقة به، وإنما لإجراء تغييرٍ في المعادلة القائمة وموازين القوى، باعتماد المغامرة بالسلامة الوطنية، وتقويض ما تبقى من شبه الدولة بأنقاضها. كما ليس علينا أن نركن للإبقاء على أسباب الانتكاسة، أو حافة الهزيمة.
داعش وأخواتها هي الخطر المحدق المباشر، الذي يؤثر علينا جميعاً، وعلى السنَّة بوجه خاص، لأنها تستهدف تجريدهم من قيمهم الدينية، وقسرهم على التخلي عن معتقداتهم، وعلى الشيعة والكرد والتركمان والمسيحيين والأيزيديين، ولهذا فإننا أمام خيار مُلِحٍ مباشر، يتمثل في محاصرتها، والإجهاز على ملاذاتها، وخنق مشروعها.
بالوعي والعقل والحكمة والإرادة الوطنية الموحدة، بإمكاننا دون شك، إجراء انعطافة على كل المستويات، نستعيد بها مساراً يفضي الى ما كنا نريد، من عراق جديد، ديمقراطي، اتحادي، إنساني النزوع والهوية.






Matty AL Mache