ما مستقبل تنظيم الدولة الإسلامية بعد مقتل قائده؟

بدء بواسطة jerjesyousif, أكتوبر 28, 2019, 01:34:07 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

jerjesyousif

ما مستقبل تنظيم الدولة الإسلامية بعد مقتل قائده؟


بي بي سي/ 27/10/2019



خلال أقل من شهر، طرأ متغيران متناقضان بشأن مستقبل تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط: فمع بدء العملية التركية، برزت مخاوف من إمكانية هروب عناصر التنظيم المعتقلين لدى قوات حماية الشعب الكردية، ومن ثم عودة نشاط التنظيم في شمالي سوريا.
واليوم، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، أبو بكر البغدادي، خلال عملية أمريكية في شمالي سوريا، أسفرت أيضا عن مقتل عدد من قيادات التنظيم.
ويثير هذان المتغيران الكثير من الأسئلة بشأن مستقبل هذا التنظيم وما هي الاستراتيجيات والآليات القتالية التي سيلجأ لها بعد خسارته لقائده و"دولة خلافته"؟ وهل سيسعى التنظيم للاستفادة من معطيات العملية التركية الأخيرة في شمالي سوريا؟
الشتات الإرهابي بعد دولة الخلافة

إن أي نظرة فاحصة في طبيعة السيناريوهات المستقبلية للتنظيم لابد من أن تنطلق من النظر إلى طبيعية الهيكلية التنظيمة فيه مقارنة بالتنظيمات الجهادية الأخرى وطبيعة العناصر المنتمية إليه.
ويرى عدد من الباحثين أن تنظيم الدولة الإسلامية شكل ذروة تطور غير مألوفة في نشاط الجماعات "الجهادية" العالمية، وبدت مبتكرة في العديد من خصائصها واستراتيجياتها.

ومن الباحثين المتبنين لهذا الرأي كولين كلارك، الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية، والاستاذ المساعد جامعة كارينغي ميلون الأمريكية، ومؤلف كتاب "ما بعد الخلافة: تنظيم الدولة الإسلامية والشتات الإرهابي"، الذي ينطلق في نظرته تلك من المقارنة بين استراتيجية تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.
ويرى كلارك أن واحدة من الاختلافات الأساسية بين التنظيمين "الجهاديين" أن تنظيم الدولة الإسلامية تبنى منذ بدايته هيكلا تنظيميا صارما ومنضبطا من أعلى قياداته إلى أصغر مراتبه، ولم يكن يتمتع بالحرية النسبية في اتخاذ القرار للقيادات الفرعية التي كانت تميز الكثير من عمليات القاعدة.
وقد تمكن، بحسب وثائق التنظيم، من جمع نحو 43 ألف مقاتل أجنبي من 120 بلدا، ويتسم 5 في المئة منهم فقط بأنهم على معرفة متقدمة بالشريعة الإسلامية،ويوصف نحو 70 في المئة منهم بأن لهم معرفة أولية بسيطة بالتعاليم الإسلامية.
ويلمح كلارك في كتابه، مستندا إلى جدل عدد من الباحثين بشأن طبيعة المقاتلين المجندين في التنظيم ومن بينهم الباحث البلجيكي، ريك كولسيت، الذي يرى أن "الانضمام الى تنظيم الدولة الإسلامية مجرد تحول آخر إلى شكل من أشكال السلوك المنحرف، كنوع من السلوك الذي يأتي بعد الانخراط في عصابات الشوارع وأعمال الشغب والاتجار بالمخدرات وجنوح الاحداث".
وتبرز قدرة أعضاء التنظيم على تمويل عملياتهم من ممارسة عمليات الابتزاز والنهب، مقارنة بالتصور المثالي عن المتشدد الديني "الجهادي" الذي يستند إلى تصور مثالي عن الخلافة من الماضي الإسلامي، مقابل "خلافة حديثة"، كانت تتوفر على موارد تقدر بستة مليارات دولار في ذروتها، إذ جنت من الضرائب وعمليات الابتزاز نحو 360 مليون دولار، فضلا عن نحو 500 مليون أخرى من سرقة مصارف مدينة الموصل العراقية، وما يقدر من 500 مليون دولار من تهريب النفط والغاز، فضلا عن إيرادات أخرى.
وكان كلارك قد أجمل، في شهادة قدمها أمام لجنة الأمن القومي في الكونغرس الأمريكي، في يوليو/تموز 2017، توقعات لثلاثة توجهات لمقاتلي التنظيم عند تفككه. الأول يتعلق بالمقاتلين المتشددين في ولائهم للتنظيم، والذين يفضلون البقاء في سوريا والعراق، والعمل بشكل سري، وإعادة تنظيم صفوفهم.
والاحتمال الثاني يتعلق بالمقاتلين الذين أطلق عليهم اسم "المرتزقة"، وهؤلاء سيبحثون عن التنظيم الأقوى في أي منطقة أخرى ويتوجهون للانضمام إليه، حتى إذا كان تنظيم القاعدة المنافس الأكبر لتنظم الدولة الإسلامية.
أما الاحتمال الثالث، فهو تشرذم مجموعة من المقاتلين في محاولتهم العودة إلى بلادهم أو أي بلد آخر يمكنهم تنفيذ عملياتهم فيه، وربما الانضمام إلى (أو تكوين) مجموعات جهادية أصغر.
مخاوف بعد العملية التركية

على الرغم من خسارة تنظيم الدولة الإسلامية لآخر معاقله في قرية باغوز بشرق سوريا في مارس/أذار 2019 الماضي، الأمر الذي اعتُبر آنذاك النهاية الرسمية لدولة الخلافة التي أعلنها البغدادي عام 2014، لكن الخبراء والمسؤولون العسكريين لم يكونوا على نفس درجة الاطمئنان، نظرا للتهديد الذي يشكله أفراد التنظيم المنتشرين حول العالم، وقدرتهم على شن هجمات جديدة.
وكان من بين المشككين الجنرال جوزيف باتل، قائد المنطقة العسكرية الوسطى الأمريكية، الذي قال إنه من الضروري الاستمرار في مطاردة التنظيم بقياداته ومقاتليه وتسهيلاته وموارده وأيديولوجيته.
كما تنبأ عسكريون في وزارة الدفاع الأمريكية ببعث جديد للتنظيم خلال 6-12 شهرا إذا لم يتواصل الضغط عليه ومطاردة أفراده، إذ مازال الآلاف من مقاتليه على قيد الحياة، وليسوا جميعا في السجون، وقد أقسموا على مواصلة القتال من خلال ما وصفوه بـ "حرب استنزاف"، آملين بذلك أن يدحروا أعداءهم من خلال سلسلة من الهجمات التي يخطط لها في الخفاء.
وهناك خطران أساسيان هنا. أولهما وأهمهما في الوقت الحالي هو احتمال فرار مقاتلي التنظيم من المحتجزين في سجون قوات سوريا الديمقراطية، الذين يقدر عددهم بنحو 12,000 مقاتل، بالإضافة إلى 70,000 من ذويهم في مخيمات تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية أيضا، مثل مخيم الهول.
وهناك مخاوف متزايدة داخل أجهزة الاستخبارات الغربية بأنه في حال نجح مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في الفرار من سجون قوات سوريا الديمقراطية، فإن بعض المتشددين منهم سيعودون إلى أوروبا بطريقة ما، ويخططون لهجمات أخرى مثلما حدث في لندن وباريس وبرشلونة وأماكن أخرى.
ومع بدء العملية التركية في شمال سوريا، أشار الأكراد مرارا إلى خطر عودة التنظيم مع استهداف الجيش التركي لقواتهم.
وأصبحت الآلية الكردية لمطاردة التنظيم مهددة بسبب انشغال القوات الكردية في مقاومة الجيش التركي، خاصة مع انسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا قبيل بدء العملية التركية.
وقال فرانك غاردنر، مراسل الشؤون الأمنية في بي بي سي إنه للوهلة الأولى، يمكن أن يعود عناصر تنظيم الدولة الإسلامية إلى نشاطهم، كون الجماعات الجهادية تنتعش حين تسود الفوضى والاضطرابات.
ويعزو البعض انتصار التحالف الغربي على تنظيم الدولة الإسلامية إلى تعاون القوات الكردية على الأرض، والتي وجدت نفسها مسؤولة عن حراسة آلاف السجناء من أفراد التنظيم الذين رفضت دولهم استردادهم.
وأوضح غاردنر أن التحالف الغربي فشل في التخطيط لتبعات هزيمة التنظيم بشكلٍ كافٍ، فليس هناك آلية مقبولة دوليا لتوجيه التهم ومحاكمة المتبقين من أفراده الذين اعتقلوا في المعارك.
وبدلا من وجود تلك الآلية، وُضع المعتقلون في سجون مكتظة، وفي ظروف أدانتها منظمات حقوق الإنسان، مع غياب أي احتمالية لمحاكمتهم.
ويمكن من هنا استنتاج أن يُحدث مقتل البغدادي اضطرابا في صفوف التنظيم لحين اختيار قيادة جديدة، أو اندماج ما تبقى منه مع تنظيم أكبر (مثل القاعدة أو الكيانات الموالية لها). أو ربما انشقاقها لتصبح مجموعات جهادية أصغر.
لكنه قد يصبح ذريعة للثأر أيضا، خاصة حال هروب المقاتلين من السجون الكردية التي عاشوا فيها ظروفا غاية في السوء، ليتعزز بذلك التنظيم عدديا ومعنويا.
ودأبت قيادات التنظيم الهاربة على الإعلان من آن إلى آخر عن عودة التنظيم إلى القتال. وفي العراق، وقبل الهجوم التركي بكثير، كانت هناك دلائل بالفعل على إمكانية إعادة تجمع التنظيم، وشن هجمات على نطاق صغير على مراكز للحكومة العراقية.
ويرى غاردنر أن النتيجة النهائية لهذا المشهد هي أنه من المحتمل أن يتزايد عدم الاستقرار في المنطقة في المستقبل، حتى تتوقف القوى المتناحرة عن التنافس، تاركة للشعوب الفرصة للحصول على شيء هي في أمس الحاجة إليه، وهو الحكم الرشيد.
النموذج العراقي

واستعان الخبراء في هذا التحليل بخبرة سابقة مع نهاية التنظيم في العراق، حيث أعلنت الحكومة العراقية في ديسمبر/كانون الأول 2017 انتصار قواتها على التنظيم واستعادة الأراضي التي سيطر عليها.
لكن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قدم تقريرا لمجلس الأمن في فبراير/شباط 2019، جاء فيه أن التنظيم تحول إلى العمل السري في العراق.
وقال غوتيريش في تقريره: "إنهم في مرحلة انتقالية، انتقلت فيها مهام القيادات الرئيسية لخلايا التنظيم في الأقاليم".
كما جاء في التقرير أن "هذه الخلايا تخطط لأنشطة للتهوين من سلطة الحكومة، وخلق انفلات أمني، وتخريب المصالحة المجتمعية، ومضاعفة كلفة إعادة البناء ومكافحة الإرهاب. وتتضمن هذه الأنشطة الخطف مقابل فدية، واغتيال القيادات المحلية، وشن هجمات ضد مؤسسات الدولة".
وينشط مقاتلو التنظيم في المناطق المعزولة ذات التضاريس الصعبة "ما يسهل حركتهم وتخطيطهم لشن هجمات، مثل صحراء الأنبار ومناطق بمحافظة نينوى والجبال التي تحيط بكركوك ومناطق بمحافظتي صلاح الدين وديالى".
وتوقع الخبراء أن يتبع التنظيم نفس النهج في سوريا إذا لم يعمل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على اجتثاث جذوره في المنطقة.
فتقرير غوتيريش قدّر أعداد مقاتلي التنظيم في العراق وسوريا بما يتراوح بين 14-18 ألف مقاتل، بجانب ثلاثة آلاف من المقاتلين الأجانب.
وذكر جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا، أن هناك ما يتراوح بين 15-20 ألفا من مقاتلي التنظيم النشطين في المنطقة، من بينهم خلايا نائمة.
وبحسب تقرير لوزارة الدفاع الأمريكي، يستطيع مقاتلو التنظيم الوصول للأسلحة الثقيلة، وتنفيذ تفجيرات واغتيالات في أنحاء البلاد. هذا بجانب القدرة التنظيمية الممتازة للقادة.
أين ينشط أفراد تنظيم الدولة الإسلامية حول العالم؟

وينشط عناصر من تنظيم الإسلامية وموالون له في بقاع مختلفة من العالم، ويعلنون مسؤوليتهم عن الكثير من الهجمات عبر منصاتهم الإعلامية.
وتُظهر البيانات التي جمعها قسم المتابعة الإعلامية في بي بي سي (والذي أعدته مينا اللامي) أنه رغم خسارة التنظيم للكثير من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق بنهاية عام 2017، إلا أنه كان وراء 3670 هجوما حول العالم في عام 2018 (حوالي 11 هجوم يوميا).
هذا بالإضافة إلى 502 هجوم في أول شهرين من عام 2019، أثناء حصار باغوز.
ورُصدت طفرة في عدد العمليات التي تبناها التنظيم في سبتمبر/أيلول 2018. وغالبا ما ترتبط بالعملية التي شنتها قوات سوريا الديمقراطية، بدعم أمريكي، مطلع نفس الشهر على قرية هجين، أحد معاقل التنظيم إلى الشمال من قرية باغوز.
وعادة ما يُصعّد التنظيم من هجماته ردا على ما يتعرض له من هجمات، سواء في المناطق المحاصرة أو في مناطق أخرى حول العالم لتشتيت الانتباه والموارد بعيدا عن منطقة الحصار.
ورغم أن العراق وسوريا يصيبهما نصيب الأسد من العمليات التي ينفذها التنظيم، إلا أن العمليات تتواتر كذلك في أفغانستان والصومال والفلبين ونيجيريا وشبه جزيرة سيناء في مصر.
وأعلن التنظيم وجوده رسميا في هذه الدول والمناطق:

    العراق
    سوريا
    ليبيا
    مصر
    اليمن
    المملكة العربية السعودية
    الجزائر
    خراسان (منطقة أفغانستان وباكستان)
    "القوقاز"
    "شرق آسيا": وينشط غالبا في الفلبين
    الصومال
    "غرب أفريقيا": وينشط غالبا في نيجيريا

وفي بعض هذه المناطق، مثل الجزائر والسعودية، بالكاد يُرصد فيها أي نشاط. ومناطق أخرى، مثل القوقاز، نادرا ما يتبنى التنظيم أي هجوم فيها.
كما أعلن التنظيم مطلع هذا العام عن خططه زيادة نشاطه في تونس، التي نفذ فيها من قبل هجومين على متحف ومنتجع شاطئي عام 2015. وأعلن كذلك لأول مرة عن وجوده في بوركينا فاسو.
ويشير هذان الإعلانان، حتى لو كانا على سبيل الدعاية، إلى حرص التنظيم على الإبقاء على شعاره "البقاء والتوسع".
ومن غير المستغرب أن يكون العراق وسوريا هما المسرح الأكبر لعمليات تنظيم الدولة الإسلامية، حيث تتوفر له أفضل الموارد.
ومن بين الهجمات التي وقعت عام 2018، كان نصيب العراق منها 1767 هجوما (48 في المئة)، و1124 هجوم في سوريا (31 في المئة).
كما شهد العام الماضي زيادة ملحوظة في نشاط الجماعات المرتبطة بالتنظيم. وكأنه يحاول تعويض خسائره في العراق وسوريا، ويُذكر الناس بنشاطه خارج منطقة الشرق الأوسط.
ففي عام 2018، تبنى التنظيم 316 هجوما في أفغانستان، و181 هجوما في شبه جزيرة سيناء، و73 في الصومال، و44 في نيجيريا، و41 في اليمن، 27 في الفلبين.
وشهد مطلع هذا العام زيادة ملحوظة في عدد الهجمات التي تبناها فرع التنظيم في غرب أفريقيا في نيجيريا، والتي استهدفت الجيش بشكل أساسي، في محاولة للحصول على السلاح وتعزيز قدراته.
وتبنى التنظيم 44 هجوما في نيجيريا خلال أول ثلاثة أشهر من العام، وهو ما يساوي إجمالي الهجمات التي نفذها في البلاد خلال عام 2018.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أصدر فرع التنظيم في غرب أفريقيا بيانا يطالب فيه المسلمين بالهجرة إلى المنطقة والانضمام إليه، في إشارة إلى استعداده لاستقبال مجندين أجانب.
وفي 22 مارس/أذار، أعلن فرع التنظيم للمرة الأولى عن وجوده في بوركينا فاسو، حيث نفذ تنظيم القاعدة (المنافس الأكبر للدولة الإسلامية) عدة هجمات بالفعل.
كذلك زاد عدد العمليات التي تبناها التنظيم في الفلبين، حيث يدير عملياته عن طريق المجموعات الموالية التي تقاتل من أجل تأسيس دولة إسلامية مستقلة في الجنوب منذ عقود. لكن الهجمات، التي تستهدف الجيش بالأساس، ما زالت على نطاق محدود.
ورغم الدعوات المستمرة التي بثها داعمو التنظيم، إلا أنه لم يتبن أي هجمات كبرى في الغرب خلال عام 2018.
وفي عام 2017، تبنى التنظيم أربعة هجمات في المملكة المتحدة، من بينها تفجير مانشستر، وهجمات برشلونة في أسبانيا، وإطلاق النار في لاس فيغاس في الولايات المتحدة.
لكن يبدو أن بعض هذه الإعلانات مجرد انتهاز للفرصة، خاصة أن التنظيم لم يقدم دليل على تنفيذه هذه الهجمات.
وفي عام 2018، تبنى التنظيم سبع هجمات محدودة في الغرب، يبدو وكأنها مستلهمة من فكر التنظيم. شملت أربع هجمات بالسكين أو الذخيرة في فرنسا، وهجوم واحد في كل من بلجيكا وكندا وأستراليا.