كتاب جديد " مسيحيو العراق "/هنري بدروس كيفا

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أغسطس 19, 2018, 03:11:44 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

كتاب جديد " مسيحيو العراق "     
         

برطلي . نت / متابعة

هنري بدروس كيفا


لقد وقع نظري مؤخرا على كتاب أصدره الأب سهيل قاشا سنة ٢٠٠٩ حول مسيحيي العراق . كتاب قيم جمع فيه معلومات حول العلماء
و الأدباء في تاريخ العراق القديم و الحديث .
لا شك أن الأب سهيل قاشا قد بذل جهدا كبيرا لتأليف هذا الكتاب:
له كل الشكر لأنه كان أمينا لهوية هؤلاء المسيحيين إذ ذكر حرفيا
" كانوا من بقايا الآراميين ".
بعض الملاحظات :
أولا - " و سموا منذ أول النصرانية سريانا أي مسيحيين "
من المؤسف أن الأب قاشا يردد هنا " نظرية كاترومير" التي نقلها
بعض اللغويين في مقدمات قواميسهم في نهاية القرن التاسع عشر .
هذه النظرية التي تدعي - بدون أية براهين - أن الآراميين أجدادنا
قد قبلوا بالتسمية السريانية عندما قبلوا الديانة المسيحية . المطران
يعقوب منا قد أكد أن التسمية السريانية منذ الأجيال الأولى قد أصبحت
مرادفة لمعنى مسيحي و التسمية الآرامية لمعنى وثني ! كلام غير صحيح لأن التسمية السريانية لم تكن تشير الى المسيحي في الأجيال
الأولى ولكن الى الآرامي ... اليوم صارت التسمية السريانية - مثل
التسمية الأرمنية و القبطية - تحمل معنى المسيحي - و لكن المعنى
الأول هو الإنتماء الى الشعب السرياني الآرامي .
للأمانة ليس الأب قاشا وحده يردد هذا الإدعاء بأن التسمية السريانية
تعني المسيحي منذ إنتشار الديانة المسيحية و لكن أغلبية رجال الدين
لأنهم إطلعوا على هذه الفكرة الخاطئة في قاموس المطران أوجين منا .
ملاحظة مهمة : لقد أطلق الفرس إسم " بلاد بابل " على بلاد أكاد
القديمة التي إستوطنتها القبائل الآرامية منذ نهاية الألف الثاني و إستطاعت أن تصهر بقايا الشعوب ضمن الآراميين . أغلبية آباء
الكنيسة السريانية النسطورية كانوا محافظين على التسمية القديمة
بيث آرامايا التي كانت تشمل القسم الأكبر من العراق و بيث آرامايا
تعني بلاد الآراميين و ليس بلاد الوثنيين !
ثانيا - " و قد أطلق عليهم المسلمون بعد الفتح العربي اسم ( النبط )
على انهم من ولد نبيط...بن نوح و قيل إنهم سموا بذلك لإستنباطهم
الأرضين و المياه "
أ - يحق لك عربي أن يستخدم هذه التعابير " الفتح العربي " و " الفتح
الإسلامي " ... و لكنهم لا يستخدمون تعبير " الفتح الإسرائيلي " لأنه
يعتبرون الإسرائليين محتلين غرباء ! السؤال هو لما المفكرين السريان
يستخدمون هم أيضا هذا التعبير " الفتح العربي " ؟ فهل العرب المسلمون حرروا مناطق عربية في سوريا و العراق أم إحتلوا أراضي
سريانية آرمية ؟
ب - تعبير " قد أطلق عليهم المسلمون بعد الفتح العربي اسم النبط "
هو غير دقيق و قد يوحي أن العرب هم الذين أوجدوا تسمية النبط
للإشارة الى السريان الآراميين أجدادنا . التسمية نبط أو أنباط هي
تسمية قديمة جدا و قد ورد ذكر " نبطو " ضمن ٣٦ قبيلة في كتابة أكادية من عهد الملك الأشوري تغلت فلأسر الثالث ٧٤٥- ٧٢٤ ق٠م
و قد أكد هذا النص أن جميع القبائل المذكورة هي آرامية .
الأنباط هم آراميون سريان قبل أن تذكرهم المصادر العربية بأكثر من
١٦٠٠ سنة !
ج - السريان في العراق و سوريا و لبنان و فلسطين كانوا في أوج
حضارتهم بعكس العرب الذين إحتلوا ( و ليس فتحوا ) مواطن السريان.
التفسير الذي نقله الأب قاشا عن المسعودي و مفاده " قيل إنهم سموا بذلك لإستنباطهم الأرضين و المياه " هو تفسير خاطئ لأن التسمية
النبطية موجودة قبل المسلمين العرب بمئات السنين .
ملاحظة مهمة جدا :
إسم ( النبط ) لم يأت من اللغة العربية و من فعل " إستنبط " بمعنى
إخترع و أوجد و لكن مهم جدا : إن فعل " إستنبط " في اللغة العربية
قد جاء من " النبط و نبط " نظرا لتطور العلوم و المعارف عند أجدادنا
السريان الآراميين . و هنالك كتاب شبه مفقود اسمه " الزراعة النبطية "
و هو ترجمة عربية عن نص سرياني مفقود يتكلم عن الزراعة.
ثالثا - الهجرات العربية .
لقد كتب الأب قاشا " ثم كانت الهجرات العربية الى العراق و مشارف
الشام , و ذلك بسبب الجدب , و كثرة عددهم , و الحروب العديدة
التي مزقتهم فخرجوا الى الشام و البحرين ".
أ - الأب سهيل قاشا يضخم حجم ما يسميه " الهجرات العربية "
و القارئ سيظن أن القبائل العربية قد سكنت في العراق و سوريا قبل
إحتلال العرب المسلمين لتلك المناطق . القبائل العربية كانت تتنقل
بين الجزيرة العربية و البادية السورية و لكنها لم تستوطن مدن العراق
أو سوريا .
ب - هنالك فرق كبير بين تعبيري " مشارف الشام " و " الشام ".
* لقد طلب البيزنطيون من الغساسنة أن يحرسوا أطراف الباديا السورية
من غارات بعض القبائل العربية خاصة من اللخميين . و كانت قبائل
الغساسنة تسكن في المناطق الواقعة شرقي الأردن في أطراف البادية
و ليس في مدن دمشق و بيروت و حمص و حلب !
* تعبير " الشام " قد أطلقه العرب على سوريا بشكل عام : المصادر
العربية التي دونت في القرون التاسع و العاشر لم تميز بين سوريا
الرومانية المحددة جغرافيا و بين تعبير " بلاد الشام " المبهم .
ج - الهجرات العربية لم تكن في مدن العراق و لكن في مشارف العراق
و في المنطقة التي تقع بين نهر الفرات و شرق الباديا السورية .
رابعا : " كانوا من بقايا الآراميين ".
أتمنى من القارئ ألا يظن أن هذه اللفظة " بقايا " تعني أن المسيحيين
المشارقة المتحدرين جميعهم من الآراميين كانوا " أقلية " في العدد أو
قليلي الأهمية : إنهم كانوا يشكلون أكثرية السكان في شرقنا و حتى بعد
إحتلاله من قبل الجيوش العربية المسلمة . صحيح إنه اليوم أن المسيحيين
المشارقة يتنكرون لهوية آبائهم و يتجاهلون هويتهم الآرامية و يا للأسف
لا يدافعون إلا عن مفاهيمهم التاريخية الخاطئة و لكننا نحن من خلال
رابطة الآكادميين الآراميين سندافع عن تاريخنا العلمي و لن نجامل أحد
و لذلك نؤكد أن أجدادنا الآراميين كانوا أقدم شعب لا يزال يعيش في
شرقنا الحبيب .
العرب المسلمون :
أ - بالرغم من إحتلالهم الطويل لأراضي و أوطان الآراميين ...
ب- بالرغم من إحتلالهم لنصف العالم القديم و وصولهم الى جنوب أوروبا
و فرنسا بالذات ...
ج- بالرغم من دخول نسبة كبيرة من الآراميين و الأقباط و الأمازيغيين
في الدين الإسلامي...
د- بالرغم من الأمويين قد جعلوا من مدينة دمشق الآرامية المسيحية عاصمة لإمبراطوريتهم و عاصمة الخلافة ...
العرب كانوا و ظلوا " أقلية " في شرقنا الحبيب إلى مجئ حملات الفرنج
التي كانت من أهم أسباب تحول الآراميين من أكثرية عددية الى " أقلية"
تجهل أهمية جذورها الآرامية .
الخاتمة
ليت الأب قاشا لم يستخدم تعابير " نصارى العراق " و " الفتح الإسلامي" و لم يتأثر بالمصادر العربية التي لم تكن دقيقة لجغرافية
المنطقة . إن تعبير " الهجرات العربية " قد توحي أن عدد العرب في
العراق و سوريا كان كثيفا و لكن من يطلع على تاريخ التواجد الفعلي
للعرب في الشرق سيجد انهم ظلوا " أقلية " في الشرق لفترة طويلة
جدا بعد إحتلالهم لشرقنا الحبيب : فترة طويلة هي أكثر من ٦٠٠ سنة!