الإصرار على البقاء في الحكم، جريمة بحق وحدة الشعب العراقي واستمرار للصراع

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, يونيو 27, 2014, 08:27:13 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

الإصرار على البقاء في الحكم، جريمة بحق وحدة الشعب العراقي واستمرار للصراع الطائفي!
كاظم حبيب

خرج علينا المستبد بأمره رئيس وزراء العراق نوري المالكي يوم أمس بعنجهيته المعهودة ووجهه المتجهم دوماً ليعلن على الملأ رفضه تشكيل حكومة إنقاذ وطني، إذ قال : "كما انه ليس خافيا على العراقيين جميعا الأهداف الخطيرة التي تقف خلف ووراء الدعوة لتشكيل حكومة إنقاذ وطني كما يسمونها، فهي بكل بساطة محاولة من المتمردين على الدستور للقضاء على التجربة الديمقراطية الفتية ومصادرة آراء الناخبين والالتفاف على الاستحقاقات الدستورية"، ثم أضاف: "إن الدعوة لتشكيل حكومة إنقاذ وطني تمثل انقلابا على الدستور والعملية السياسية". (راجع: موقع نوري كامل المالكي-رئيس الوزراء، مقتطف من نص خطابه يوم الأربعاء المصادف 25/6/2014).
كيف يُقرأ هذا النص؟ ابتداء أشير إلى إن خطابه يعبر بوضوح عن طبيعة وشخصية نوري المالكي غير المتوازنة.
1 . إن هذا النص يؤكد بما لا يقبل الشك إصرار نوري كامل المالكي على تكريس النظام السياسي الطائفي المحاصصي وأنه لم يتعلم من دروس السنوات العشر المنصرمة أو حتى من دروس وعبر ومعاناة الشعب العراقي من سيرة وسلوك عبد السلام محمد عارف، الطائفي العراقي الأول بامتياز، أو من الطائفيين والشوفينيين الذين جاءوا بعده، أو من سياسة إبراهيم الجعفري وسياسته الغاشمة.
إن من حق كل إنسان عراقي يدرك ما حصل وسيحصل بالعراق إن يقول بأن الأغبياء والمغامرين الطائفيين السيئي السيرة والسلوك هم وحدهم الذين لا يريدون الخير لهذا الشعب ووحدته وازدهاره، وهم وحدهم من يصر على تكريس نظام المحاصصة الطائفية وممارسة التمييز بين أتباع الديانات والمذاهب، وهم وحدهم من يعتقد بأن تشكيل حكومة إنقاذ وطني، حكومة تمثل الشعب العراقي كله لمواجهة الإرهاب الداعشي-البعثي وكسر شوكة الزاحفين صوب المدن العراقية الأخرى ودحرهم وتنظيف العراق منهم بعد عزلهم عن سكان الموصل والمحافظات الغربية المنتفضين على ما جرى ويجري بحقهم من ظلم واضطهاد وعنت وتصحيح المسيرة المعوجة، هو انقلاب على العملية السياسية وعلى الدستور العراقي وعلى الشرعية.
2 . إن الشرعية الدستورية يا نوري المالكي لا تتم بالانتخابات وحدها، فهي وجه واحد من أوجه الديمقراطية والشرعية الدستورية، وهتلر كما هو معروف قد وصل إلى السلطة عبر الانتخابات أيضاً، ولكن هذه الشرعية الدستورية انتهكها هتلر بنهجه الفاشي وشوه العملية السياسية ودفع بها صوب الشوفينية والعنصرية والتمييز ضد الساميين والحرب. العملية السياسية السليمة لا تبرز بالانتخابات وحدها بل بالنهج الفكري والسياسي الذي يمارسه من وصل إلى السلطة، في الممارسات اليومية للحكم وفي العلاقات مع مكونات الشعب القومية والجماعات الدينية والمذهبية ومدى التزامه بمبدأ المواطنة الحرة والمتساوية ومدى ابتعاد من بيده الحكم عن استخدام هوية فرعية واحدة باعتبارها العامل الحاسم في ممارسة الحكم وممارسة سياسة إبعاد بقية الهويات الفرعية عن المشاركة الفعلية في حكم البلاد. إن الشرعية الدستورية تُحترم أو تُنتهك في موقف الحكم والحاكم من التمييز أو عدم التمييز بين أبناء وبنات القوميات الأخرى أو أتباع الديانات والمذاهب العديدة بالعراق وفي الموقف من المرأة والرجل، وفي الموقف من المجتمع المدني الديمقراطي الحديث. إن الشرعية الدستورية تبرز أو تختفي في الموقف من مواد الدستور ذاته، فهل كان المالكي، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الأمن الوطني والمسؤول الأول عن قيادة عمليات بغداد التي تأسست خارج الشرعية العراقية، هل التزم ببنود الدستور العراقي طيلة الفترة المنصرمة وهو وحده يحتل كل تلك المناصب ويمارس لوحده صلاحيات مجلس الوزراء؟ وهل التزم المالكي بتعيين قادة الجيش العراقي على وفق ما ثبته الدستور العراقي وعبر مجلس النواب؟ وهل التزم بالدستور في منح المرأة حقها في الحصة المحددة لها دستورياً في حقائب مجلس الوزراء؟ وهل.. وهل.. وهل..الخ؟
إن رئيس وزراء العراق نوري المالكي هو أول من تجاوز على الدستور العراقي وعلى الشرعية الدستورية وانتهكهما بفظاظة شديدة ودفع إلى حرب بين القوى الطائفية وليس بين المواطنات والمواطنين من أتباع المذهبين السني والشيعي، بل هم جميعاً ضحايا هذا الصراع الدموي المشين للطائفيين. والسؤال العادل الذي يفترض أن يطرحه كل مواطن عاقل: من المسؤول عن انهيار الجيش العراقي وقوات الشرطة والأمن الداخلي أمام عصابات داعش والبعث ومن لف لفهما من تنظيمات إرهابية وتخريبية؟ أليس رئيس وزراء العراق هو المسؤول الأول باعتباره القائد العام للقوات المسلحة وهو الذي عين هؤلاء القادة العسكريين، وهو المسؤول عن حماية البلاد وشعب العراق؟
3 . والآن، كيف وصل المالكي إلى الولاية الثانية، هل وصل عبر الاستحقاق الانتخابي فعلاً، أم كان الاستحقاق الانتخابي السابق للدكتور أياد علاوي، إذ تآمر المالكي مع رئيس القضاء الأعلى لتشويه الدستور وعلى النص الواضح فيه من جهة، كما كان في الولاية الثانية مرشح الحكومة الإيرانية وليس الشعب العراقي ووافقت عليه الولايات المتحدة دون أي حق شرعي لها بذلك. كل ذلك قد تم بطهران وليس ببغداد، وهو تجاوز جديد ومذل للشعب العراق أن يتم اختيار رئيس وزراء عراقي بقرار إيراني، كما تم رفض خلعه في منتصف ولايته الثانية بقرار وطلب من الدولة الإيرانية توجهت به إلى رئيس الجمهورية العراقية والذي لم يرد طلبها، وكانت بالضد من إرادة غالبية أعضاء مجلس النواب الذين أرادوا خلعه على وفق الشرعية الدستورية.
4 . وليخبرنا المالكي: من تجاوز على الدستور العراقي حين ضرب المظاهرات الشعبية للقوى الديمقراطية التي طالبت في العام 2011 بتغيير المسيرة المعوجة المناهضة لمصالح الشعب في سياسات النظام السياسي الطائفي المحاصصي، وخاصة الفساد المالي والإداري والإرهاب ونقص الخدمات..، ووجه كامل قوات العراق لشل الجماهير عن الحركة واتهامها زوراً وبهتاناً بالبعثية والعداء للديمقراطية، في حين كان هو من ناهض الديمقراطية وانتهك حق الشعب في التظاهر واعتقل وعذب الكثير من المتظاهرين والصحفيين وأغتيل بعدها الكاتب هادي المهدي. ومن هو الذي أهمل مجموعة مهمة من المطالب العادلة التي طرحتها غالبية الجماهير الشعبية المنتفضة بطريقة سلمية بالموصل وبالمحافظات الغربية من العراق، ومن وجه لها الاتهامات ودفع بها لكي تقع أجزاء منها فريسة قوى الإرهاب الدموي، قوى داعش والبعث المسلح؟ أليس هو الطائفي بامتياز نوري المالكي ذاته؟
إن الذي يقود الانقلاب على الشرعية الدستورية هو نوري المالكي وحزبه وائتلاف دولة القانون، وليس غيرهم، وهم الذين ينبغي أن يقدم قادتهم إلى المحاكمة. إن من يجب أن يحاكم أولاً هو نوري المالكي قبل غيره باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء والمسؤول الأول عن انهيار الجيش العراقي أمام العصابات المسلحة التي غزت الفلوجة ومن ثم الموصل واحتلتهما ومارست القتل والتعذيب والتهجير وحرق الكنائس والمساجد وتدمير التراث الحضاري للعراق، إنه المسؤول عن كل ذلك وغيره، لأنه لم يلتزم بالقسم الذي أداه في أن لا يكون طائفياً وأن يعامل العراقيات والعراقيين جميعهم باعتبارهم مواطنات ومواطنين عراقيين وليسوا أصحاب هويات فرعية. لقد مارس التمييز الطائفي والقومي معاً، مما أسهم بالقسط الأوفر في توسيع وتعميق الصراع الطائفي بين طائفيي العراق وحاول إيهام كل الشعب العراقي بأن الصراع بين أبناء الشعب وليس بينه، ومعه حزبه وقائمته، وبين قوى وأحزاب طائفية من أمثالهم في صفوف الشيعة والسنة، إضافة إلى سعيه الحثيث لتعميق الصراع القومي بين العرب والكُرد بقطع حصة الإقليم من الميزانية العراقية.
إن مثل هذا الرجل يجب أن لا يبقى على رأس حكومة عراقية، إنه، وكما يبدو بأفعاله، رجل مريض ومصاب بشتى العلل النفسية، مصاب بجنون العظمة والنرجسية والسادية التي لا ترحم في المحصلة النهائية حتى نفسها، إنه مصاب بالاضطراب العقلي Psychopathth الذي لا يرى الأخطاء الفاحشة التي يرتكبها، ويعتقد جازما بأن الآخرين هم من يرتكبون الأخطاء، هم المصابون بالجنون وليس هو. ومثل هذا الرجل يجب أن يوضع في مكان آخر مخصص لأمثاله قبل أن تزداد الأخطاء والجرائم التي ترتكب بالعراق. وكم كان على صواب صديقنا الدكتور رشيد الخيون حين أورد البيتين التاليين للشاعر الأفوه الأودي التي تشير إلى أوضاع العراق بشكل دقيق في مقال له:
لا يَصْلُحُ النَّاسُ فـوضى لا سَراة لهم ولا سَرَاةَ إِذا جُهَّالُـهمْ سـادُوا
تُهْدى الأُمور بأهلِ الرَّأي ما صَلحت فإنْ تَـوَلَّتْ فبالأَشـرارِ تَنـْقـاد
(د. رشيد الخيون، سلطة العراق: لا سنَّة خسرت ولا شيعة كسبت، صوت العراق، في 25/6/2014، الأفوه الأودي، شاعر عاش ومات قبل الإسلام، العباسي، معاهد التنصيص على شواهد التلخيص).
27/6/2014 كاظم حبيب

http://www.faceiraq.com/inews.php?id=2842784
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة