مشاكسة.. أحذيــــــة عابــــــرة القـــــــــــارات/ مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مارس 17, 2013, 02:55:02 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة
أحذيــــــة
عابــــــرة القـــــــــــارات



مال اللــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com


فجأة حلقت فردة حذاء نسوية في اجواء البرلمان ,لتوقظ الفيلسوف اليوناني الكبيرافلاطون (428- 348 ق . م)   من احلامه الفلسفية المستقبلية حول المدينة الفاضلة التي حاول وضع اسسها قبل اكثر من الفين واربعمائة عام ليشهد ربما عبر ذلك الحدث المتفرد المتجدد والفريد العتيد احدى ابرز التطبيقات العملية لقيم مدينتة الحضارية , من خلال فردة ذلك الحذاء الذكي الذي كان موجها لهدفه المحدد بدقة ربما تنافس دقة صواريخ كروز وذكائها وهو يحمل مفردات رسالة فلسفية حضارية شفافة تنضح بعصارة افرازات وقيم وتفاعلات ودروس وعبر ومضامين حضارة وادي الرافدين التي تمتد لاكثر من سبعة الاف عام في عمق التأريخ.
وسواء اصاب ذلك الحذاء الذكي هدفه ام لا ' وسواء كان ردا  على اعتداء لفظي عنيف ام انه انطلق لايصال رسالة سياسية فورية لا تحتمل التاجيل ' ربما يتوقف عليها مصير شعب او سلامة وطن , فانه في جميع الاحوال وضعنا امام حقائق الانزلاقات الحقيقية لهذا الزمن الذي امسى من خلال بعض وسائل التعبير خارج المقبول والمألوف التي اسست لهما الاطر والتقاليد الحضارية وافرازاتها عبرالاف السنين' وهو ينحدر نحو نزوع متطرف في لغة معظم الخطابات السياسية والبرلمانية والشعبية ,التي باتت تتجه لاستخدام مفردتي العري والاحذية في التعبير عن مواقفها.
  ففي ميدان مخاطبة الرأي العام بلغة العري قامت ناشطات إيرانيات بتعرية صدورهن في وقفة احتجاجية بالعاصمة السويدية ستوكهولم، تعبيرأً عن معارضتهن للحجاب باشراف ناشطات من الحزب الشيوعي الإيراني عبرن عن رفضهن "للعنف" في الجمهورية الإسلامية، لمناسبة يوم المرأة العالمي , حيث كتبت 
  المشاركات في فعالية التعري الاحتجاجية تلك على أجسادهن "إقبالي على التعري وسيلتي للاحتجاج" و"لا للحجاب"،وكانت الناشطة المصرية علياء المهدي قد سبقتهن باحتجاجاتها العارية ضد دستور بلادها , في وقت حققت فيه ناشطات التعري   
   الاوكرانيات شهرة واسعة بعد مشاركتهن بعدد من وقفات التعري احتجاجا  ورفضا لبعض الظواهر السائدة في عدد من الدول من بينها السياحة الجنسية والتمييز على أساس الجنس ووكالات الزواج وغيرها ' مما ينذر بانتشار ثقافة التعري في     
مختلف البلدلن بالاخص بعد مبادرتهن بافتتاح مقرات لجمعيتهن في باريس وعدد من العواصم الاوربية، وهن يخططن لافتتاح فروع ومكاتب لهن في عدد من المدن الكبيرة، منها نيويورك ومونتريال وسان باولو.
وفي العودة الى ثقافة الحذاء فقد دخل حذاء الاعرابي حنين تاريخ الامثال الشعبية حيث يضرب فشل الخائبين بالحصول على مبتغاهم بـ (خفي حنين) 'كما استوطن حذاء (سندريلا) الشابة الفقيرة مخيلات الاطفال وهي تتزوج الامير الذي استدل عليها من خلال فردة حذائها التي سقطت منها بعد منتصف الليل' في حين دخل حذاء رئيس مجلس السوفييت الاعلى والسكرتير العام للحزب الشيوعي الروسي الرئيس نيكيتا خروشوف بوابة التاريخ السياسي عندما قام بنزعه من قدمه والضرب به على منصة الامم المتحدة للفت الانظار اليه في عام 1960 ' وفجر الهرج والمرج في قاعة المنظمة الدولية مما حدا برئيس الوزراء البريطاني هارود مكميلان الرد على تلك الاهانة باهانة اعمق واشد تأثيرا  وهو يخاطب الحاضرين (اعتذر لعدم فهمي اللغة الروسية , ارجو ترجمة ما قاله الرئيس السوفييتي) ' ويبدو ان ذلك الموقف كان ربما احد اسباب عزل خروشوف فيما بعد اذ لم تشفع له سياسته الاصلاحية وتحسين الاوضاع المادية والافراج عن المعتقلين السياسيين وتطوير الاقتصاد الزراعي وتقاربه مع الرئيس اليوغسلافي تيتو ' وضربته الكبرى خلال المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي باعلانه الحرب على الاستالينية وانتهاجه مبدأ التعايش السلمي ' فتم الاطاحة به عام 1964 ' ليترك حذاءه بصمة على  صفحات السياسة الدولية.
الى ذلك وفي الوقت الذي تغرق فيه البلاد بالازمات المركبة والمتداخلة ويكاد تغرق وسط تحديات الفقر والبطالة والفوضى السياسية والانهيارات الامنية والفساد والشهادات المزورة  والجريمة المنظمة وانتشار ظاهرة التسول وزيف شعارات الامن والرفاهية والتوزيع العادل للثروات واضطرار مئات الالاف من العوائل على العيش في اكواخ الطين والصفيح وعلى فضلات مكبات الطمر الصحي في الوقت الذي يطفو فيه بلدهم على بحر هائل من النفط ' فان بعض (نواب الشعب) ما زالوا غارقين بعقدهم ومشاحناتهم الشخصية وحروبهم السياسية بدل الالتفات لهذه التحديات ووضع الحلول المناسبة لها.
وكأن الشعب الذي منحهم الرواتب الخيالية والمميزات والتسهيلات المنوعة والحمايات وقطع الاراضي السكنية وتعيين ابنائهم في الملحقيات الدبلوماسية والجوازات الدبلوماسية والمخصصات المختلفة وغيرها الكثير الكثير من الامتيازات المنظورة وغير المنظورة انما فعل ذلك ليتبادل بعضهم الشتائم والمسبات والشجار واللكمات ومن ثم التراشق بالاحذية الصاروخية ' وربما نسي البعض نفسه وظن انه جالسا وسط فوضى (خان جغان) وليس في محراب البرلمان.
ان هذا التطور السريع والمذهل في صيغ (الحوار البرلماني) لدى البعض من النقاش الى الصراخ الى الشتائم الى الصفعات الى اللكمات الى الاحذية عابرة القارات , ربما سيدفع اغلبية الحكومات والبرلمانات الى اصدار قوانين وتعليمات صارمة ترغم المسؤولين والبرلمانيين على  نزع احذيتهم الذكية والغبية قبل المشاركة في الاجتماعات الدورية.   
ان امام رئاسة البرلمان مسؤولية التصدي (لثقافة الاحذية الطائره) قبل ان تتحول الى ظاهره , و قبل ان تفتح الابواب امام ربما ثقافات اخرى اشد تطرفا واكثر (خزيا واثارة ووضوحا) في التعبير عن اهدافها حتى لا يختلط الحابل بالنابل ويضيع الخيط والعصفور .