تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

المواطن العراقي والفانوس!.

بدء بواسطة يوسف ابو يوسف, أغسطس 18, 2021, 02:50:35 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

يوسف ابو يوسف

تحية وأحترام:

في ليلة آبية قل نظيرها, غاب بدرها, أشتد قيضها, أنقطع تيارها الكهربائي, نهض (محصور) العراقي الأصيل من فراشه مستغفراً ربه على هذا الحال الذي طال, لا ليله ليل ولا نهاره نهار!, التقط المصباح الصيني الذي يعمل على بطاريات الشحن لينير له دربه وسط هذا الظلام الدامس والحر القاتل, فضغط على المفتاح فأنطلق شعاع الضوء فتنفس السيد محصور الصعداء, لكن *(يا تمة ال ما فرحت :D ) سريعاً ما خفت ضوء المصباح لأن صاحبنا نسى أن يستغل قدرة الزائر الخفيف الظل المتمثل بالتيار الكهربائي الوطني عند توفره لشحن المصباح!! فرفع محصور عيناه الى السماء قائلا (من خ-ه بهل عيشة, الى متى ياربي يبقى العراق والعراقيين بهذا الحال؟), عندها تأبط محصور (الخاولي الذي يمسح به عرقه ويهفي به) وتوجه الى المطبح باحثا عن عود ثقاب ليشعل به أحد مسلتزمات البيت العراقي الحديث الذي لا غنى عنه, الا وهو الفانوس وما أدراك ما الفانوس والخدمات الجليلة التي يقدمها الفانوس! تخيلوا معي يا سادة يا كرام, آب اللهاب مع فانوس يبث حرارته مع ضيائه (والسالفة يعوزها بس كلاص جاي يغلي وتكمل الكعدة بجهنم)  :'( , المهم وصل السيد محصور يشق طريقه وسط الظلام بسلام الى عود الثقاب فتهلل فرحاً بهذا الأنجاز الذي يعجز عنه أمهر المشاركون ببرنامج عرب آيدل بمثل هذه الظروف, فألتقط الشخاط وأشعل أول عود ثقاب وتوجه الى الرف ليتناول المنقذ من العتمه السيد فانوس الذي لحظتها يُعتبر نعمة! فضغط محصور على المقبض الصغير للفانوس ليرفع الزجاجة ليدخل عود الثقاب ليلامس (الفتيلة) بقبلة فيطلق شرارة اللهب فيكون الضياء المُرتقب, وهكذا كان وأنتشر الضياء في المكان لكن سرعان ما خفت, حيث لا نفط في الفانوس منذ آخر استخدام له نهاية الشتاء الماضي, عندها اختلجت المشاعر عند صاحبنا محصور وتضاربت, لا يعلم هل يعاتب الفانوس أم يعاتب الحظ أم يعاتب نفسه أم يعاتب العراق أم يعاتب الشعب أم يعاتب رب العالمين, لسان حاله يقول رضينا بالفانوس والفانوس ما رضى بينا سنة 2021 !!فجاءه الرد الصاعق: (شبيك يول تدردم وتخيط تخربط  >:( ) صاحبنا محصور من شدة الخوف من هذا الصوت بالليلة الظلماء (هم زين ما سواها على روحه) من الرعب الذي أصابه!, منو ؟ شنو؟ منين؟ سترك ياربي!! أنت منو؟ أخذ يصيح محصور مرعوباً, فناداه الصوت: أنا الساكن الجديد في فانوسكم! أطلب الراحة والهدوء فلماذا تزعجني بهذا الليل؟ فأجاب محصور والله ما كنت أعلم أنك ضيفي يا سيدي لكن كما ترى الحال ظلام الليل والحر والبق يقرصني وآخرها الفانوي يكلمني!! فأشفق ساكن الفانوس عليه وقال, بما أن حالك يُرثى له فسأعطيك فرصة العمر أن تطلب طلباً واحد فقط أحققه لك, فتفضل ألقي بطلبك لكن بحكمة, فما كان من صاحبنا محصور إلا أن لمعت فكرة في رأسه بعد ان عاد لرشده أن يطلب قصرا كبيرا بمولدات ضخمة تنتشله من هذا الواقع والحال, فقال لصاحب الفانوس هذا مطلبي, فقال له صاحب الفانوس (يول كتلك طلب بيه حكمه وفائدة الك مو نقمه عليك!) فأستغرب محصور من كلام ساكن الفانوس! قائلا له (ليش نقمة؟), فأجابه, ألم تفكر عند حصولك على هذا القصر المطلوب المزود بالكهرباء بواسطة المولدات أين ستذهب من عصابات الخطف والميلشيات ودفع الفديات لهذا وذاك, تخرج من فدية لتدفع بعدها الاخرى!), فما كان من محصور إلا أن أنتبه أن كلام ساكن الفانوس صائب 100% وكله حكمة, فحدثته عندها نفسة والهمتهُ : أطلب الخير لكل العراق فيرتاح كل من في العراق وترتاح عندها أنت معهم, فشكر الله لحكمة نفسهُ وقال لساكن الفانوس: عزيزي ساكن الفانوس بعد التفكير وجدت الصواب في كلامك وسأبتعد عن المطالب الخاصة وعليه أترجى منك تحقيق طلباً يخص كامل البلاد والعباد, فتعمل على تقوية بناء دولة القانون والمواطنة، وإعادة المصالحة بين الأطراف المتنازعة, وتُفعل حركة الإصلاح من توفير الخدمات أولا، وإصلاح القوانين ثانياً، وأصلاح قيادة البلاد، وأخيراً خلق بيئة ملائمة للانتخابات لإفراز حكومة مخلصة نزيهة تبني العراق بعيداً عن المصالح الضيقة لهذه الجهة وتلك, ليكون هناك عراق معافى وموحد ليصبح دولة قوية ومتقدمة كي يرتاح الجميع وأرتاح أنا معهم!, فنظر ساكن الفانوس مستغرباً الى السيد محصور وقال له: جماعتي قالوا لي ذات مرة عند زيارتهم للعراق أن بعض أصلاء سكانه وأحفاد بناته لا يحسنون التفكير وضاعت عليهم الموازين! (أنت سويتها لو طخه لو أشلع مخه!!) أقول لك طلباً حكيماً تحدثني عن أصلاح حال العراق!! يا سيد محصور أنت تتحدث عن ما يقارب الأربعين مليون شخص لهم أربعين مليون فكرة وأتجاه كل منهم يبكي على ليلاه, مقسمين بين كلداني وسرياني وآشوري وأرمني وعربي وكردي ويزيدي وصابئي ويهودي وتركماني وغيرهم الكثير, أصول غالبيتهم لا علاقة لها بالعراق! وتريد مني أن أجعلهم يتفقون على كلمة سواء؟؟!! يابشر (كول غيرها) وأطلب طلب معقول, فقلت له اذا صعب عليك أمر توحيد أربعين مليون أذن سأخفف الأمر عليك طالباً منك أن توحد أصلاء العراق الذين تعدادهم اليوم فيه يقارب النصف مليون, بدأً من رجال الدين وأصحاب الكراسي وتوحد الكنائس ورعيتها الى آخرهم, ليرتاح ضمير محسوبك محصور الذي فضل أخوته على نفسه, عندها لا أعلم لماذا أحسست وكأن الكهرباء أنطفأت عند ساكن الفانوس وترنح مائلا للسقوط, أحسست بهذا من حركات الفانوس وسمعت صوت قيئ بعدها كلمني بصوت متقطع مملوء غضباً قائلاً: (لا والله مو صوجك,وكررها لا والله مو صوجك, صوج اللي أنقهر على حالك وراد يسويلك معروف!) ترتاح به من هذا الواقع المرير فتتبين سبيلك وتكمل الباقي من حياتك بحال أفضل مما أنت عليه, لكن الى هنا وأنتهى الأمر, طلبك مرفوض لأنك أفسدت فرصتك الوحيدة للخروج من هذا الوضع المشؤوم وبسببك سأغادر هذا الفانوس وأترك لك العراق بما حمل, فقلت له (وين يمعود) خذني معك, فقال كان عليك أن تطلب هذا الشئ مني أول الامر, (لكن خليك حالك حال غالبية الشعب دايخ ما تندل راسك من رجليك), وأنقطع الصوت وحل محله الصمت الممزوج بالظلام ورائحة العرق المُتصبب من السيد محصور وفجأة صاح الديك عند الفجر معلناً قدوم يوم جديد يحمل ما يحمل معه من واقع ومعاناة لا تختلف عن حال باقي الأيام في العراق الجديد العظيم, فتطلع محصور من الشباك الى خيوط الفجر التي أنقذته من الظلام وشكر ربه على هذه النعمة داعياً أياه أن يحفظ العراق وأهل العراق, ونام محروس من شدة تعبه مع بعوضه وعرقه الذي بلل فانيلته وبجامته حاله حال غالبية أبناء وطنه من الذين لعب الزمان بهم لعبته ولا زالوا لليوم نائمين فرحين بما آتاهم الله من القيادات الحليمة الحكيمة!.

                                           ظافر شَنو
* (يا فرحة ال ما تمت)