تفسير الاصحاح 17 من سفر الرؤيا

بدء بواسطة باسل البرطلي, ديسمبر 24, 2011, 01:28:30 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

باسل البرطلي

الآصحاح السابع عشر
أجل الوحى الحديث عن معركة هرمجدون التى سمعنا عنها فى نهاية الإصحاح السابق، ليعود ويحدثنا عنها فى نهاية الإصحاح التاسع عشر. أما فى هذا الإصحاح فيحدثناعن توقيت ظهور الوحش ثم فى الإصحاح الثامن عشر يحدثنا عن خراب مملكة الشر فى العالم، لإظهار غلبة المسيح على أعدائه وهى نهاية محتومة. وفى بداية إصحاح 19 نرى تهليل السمائيين بغلبة المسيح وظهور مجده وقداسته وعدله وإنتصاره، وفرح شعبه معه فى السماء.



أية 1 "ثم جاء واحد من السبعة الملائكة الذين معهم السبعة الجامات و تكلم معي قائلا لي هلم فاريك دينونة الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة".

ثم جاء واحد من السبعة الملائكة = هؤلاء الذين يسكبون جامات الغضب. هذا أتى ليوحنا ليريه أن الآشرار المكنى عنهم بالزانية العظيمة، هم يستحقون هذه الضربات. ويسميها هنا بالزانية = لأنها تنحرف بالناس بعيدا عن الله. ويسميها العظيمة = من فرط قوة تأثيرها على الناس. والكتاب يسمى عبادة الأصنام زنا روحى. الجالسة على المياه الكثيرة = من أية 15 نفهم أن المياه الكثيره هى شعوب وجموع وأمم وألسنة بخيراتها التى وهبها لها الله لتمجده، فإستخدمت الخيرات لتستمتع بها بعيدا عن الله، بل إستخدمتها فى الشر هذه الزانية هى مانسميه فى الروحيات العالم، فالله خلق العالم لنستخدمه، فصار:

1.     إلها نتعبد له كالمال والجنس.

2.     صار إستخدامنا له فى الشر.



أية 2 "التي زنى معها ملوك الارض و سكر سكان الارض من خمر زناها".

التى زنى معها ملوك الآرض= ربما يعنى بملوك الأرض، الملوك فعلا، فهم أكثر إنغماسا فى الملذات، ولكن غالبا فالمقصود بملوك الآرض، الناس الآشرار الذين يستمتعون بالخطايا المحرمة. وقارن هذا بأولاد الله الذين أسماهم ملوكا وكهنة (رؤ6:1) فملوك الأرض هؤلاء إمتلكوا ملذات وشهوات العالم الخاطئة وظنوا أنهم إمتلكوا كل شىء، وفى الحقيقة هم إمتلكوا أوهام فالعالم  باطل الأباطيل...

أما أولاد الله الملوك الحقيقيين هم إمتلكوا إرادتهم وتحكموا فى شهواتهم فما عادت هذه الشهوات تستعبدهم، بل هم ككهنة قدموا أجسادهم ذبيحة حية وصلبوا أهوائهم فحصلوا على الحرية الحقيقية التى للملوك، وما عادوا عبيدا لملذات وشهوات الأرض. هم كملوك ما عاد يسيطر عليهم شىء من شهواتهم. سكر سكان الأرض من خمر زناها = فالخطية كالخمر ينتشى بها الإنسان للحظات ثم يكتشف أنها دمرت حياته.



آية 3 "فمضى بي بالروح الى برية فرايت امراة جالسة على وحش قرمزي مملوء اسماء تجديف له سبعة رؤوس و عشرة قرون".

فمضى بى بالروح إلى برية = هنا يحدثنا عن مملكة الشر فى العالم ويصورها كإمرأة موجودة فى برية أى قحط روحى وجفاف وخراب، فالعالم مهما بدا أنه حافل بالملذات والخيرات إلا أنه برية قاحلة لا يشبع النفس أو يرويها.

وقارن مع (رؤ1:12) تجد أن عروس المسيح أى الكنيسة مشبهة هى الأخرى بإمرأة. وحين رآها يوحنا قال " ظهرت آية عظيمة فى السماء متسربلة بالشمس ".

جالسة على وحش قرمزى = الكنيسة كانت متسربلة بالرب يسوع، هو نورها ولها سماته، هى قد لبست الرب يسوع. وهى تحيا فى السماء. أما مملكة الشر فهى جالسة على الشيطان، يوجهها ويحملها ويدعمها وهو العامل فيها. وهو قرمزى، لأن الشيطان كان قتالا للناس منذ البدء (يو44:8).

مملوء أسماء تجديف فهو يدعى الألوهية، وهو مقاوم لله ويسب ويجدف على الله.

له سبعة رؤوس = هى سبعة ممالك كبيرة فى التاريخ، قاومت الله.

وعشرة قرون = هم 10 ملوك يأتون فى آخر الزمان ليؤيدوا الوحش (ضد المسيح).



آية 4 "و المراة كانت متسربلة بارجوان و قرمز و متحلية بذهب و حجارة كريمة و لؤلؤ و معها كاس من ذهب في يدها مملوة رجاسات و نجاسات زناها".

الأرجوان والقرمز والذهب = هو لباس الملوك. فعروس الوحش تتزين لتخدع البسطاء وتجذبهم إلى سمومها، تتزين بالزمنيات فهى بلا جمال حقيقى، عكس الكنيسة التى تتزين بالرب يسوع نفسه (فهى متسربلة بالشمس).

معها كأس من ذهب فى يدها = تروى منه أتباعها ماء مالحا من يشرب منه يعطش، هى تقدم الملذات لتابعيها ولكنها لا تستطيع أن ترويهم.

مثال :- أغنى بلاد العالم نجد فيها الجنس مباح تماما، ولكننا نجد بها أعلى نسبة للإنتحار والأمراض النفسية. فالإنسان ليس جسدا ونفس فقط. بل الإنسان له روح وهى نفخة من الله وبهذا فهو لا يرتاح راحة حقيقية سوى بمعرفته لله وبعده عن الخطية. فهؤلاء نسوا أن فيهم روح وظنوا أن فى إشباع أجسادهم الكفاية، لكنهم لم يشبعوا أو يرتووا، بل إنتحروا. وعلى العكس نرى رهبانا تركوا العالم وعاشوا فى البرارى دون طعام أو شراب ودون عواطف بشرية ودون ملذات حسية، لكنهم فى قمة الفرح، مملوئين سلاما، فالروح مرتوية بالله.



آية 5 "و على جبهتها اسم مكتوب سر بابل العظيمة ام الزواني و رجاسات الارض".

وعلى جبهتها سر بابل = كانت العاهرات فى المجتمع الرومانى يحملن أسمائهن مكتوبة على جباههن كنوع من الدعاية لأنفسهم. وفى هذا منتهى الوقاحة وهذا ما نراه الآن فما عاد الأشرار يخجلون من زناهم ولا من شذوذهم الجنسى بل يفتخرون به. وقوله سر أى أن إسم بابل هو إسم رمزى لمملكة الشر فى العالم، المعاندة لله، فكما أن الكنيسة تدعى أورشليم أو صهيون بكونها مدينة الرب، هكذا صارت بابل رمزا لمدينة إبليس ورمزا للزنا الروحى وعناد الله.

هناك عريسين وعروستين :-

العروس الأولى هى الكنيسة                          وعريسها هو الرب يسوع تلتحف به

العروس الثانية هى بابل = مملكة الشر              وعريسها الذى يحملها هو إبليس

أم الزوانى = أى ينبوع الرذائل.



آية 6 "و رايت المراة سكرى من دم القديسين و من دم شهداء يسوع فتعجبت لما رايتها تعجبا عظيما".

سكرى من دم القديسين = هى إضطهدت شعب الله وقتلتهم وهذا بطريقتين :

1.     من كانوا قديسيين وأغوتهم فسقطوا وهلكوا، وصارت مسئولة عن دمائهم، وهى الآن سكرى أى فرحة من دمائهم أى بسقوطهم.

2.     قتل وإضطهاد القديسيين = ومن دم شهداء يسوع.

تعجبت =

1.     من طول أناة الله على هذه المرأة الشريرة بابل.

2.     ممن أغووا بغوايتها وهم عالمين بنهايتهم المؤلمة.



آيات 8،7 "ثم قال لي الملاك لماذا تعجبت انا اقول لك سر المراة و الوحش الحامل لها الذي له السبعة الرؤوس و العشرة القرون. الوحش الذي رايت كان و ليس الان و هو عتيد ان يصعد من الهاوية و يمضي الى الهلاك و سيتعجب الساكنون على الارض الذين ليست اسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة منذ تاسيس العالم حينما يرون الوحش انه كان و ليس الان مع انه كائن".

الوحش = هو الشيطان

كان = كان له سلطان على البشر، وكان يشتكى عليهم ويأسرهم، ويأخذ نفوسهم للجحيم عند موتهم

وليس الآن = فالمسيح بصليبه قيده ألف سنة (رؤ2:20) وما عاد له سلطان علينا بعد أن حررنا المسيح بفدائه (لو17:10-19) + (كو15،14:2). إذا المؤمن الآن صار له سلطان على إبليس، وليس لإبليس سلطان عليه وهو عتيد أن يصعد من الجحيم = فى نهاية الألف سنة لابد أن يحل إبليس زمانا يسيرا (رؤ3:20) وسيكون هذا فى مدة ضد المسيح والنبى الكذاب.

ويمضى إلى الهلاك = حين يطرح فى البحيرة المتقدة بالنار (رؤ10:20).

سيتعجب = أولاد الله لهم سلطان على إبليس وعلى شهواتهم ويحتقرون ملذات هذا العالم. وهذا الموقف سيجعل الآخرين = الذين ليست أسماؤهم مكتوبة فى سفر الحياة = هؤلاء سيتعجبون من هذا السلطان، فمن لا يعرف سر الصليب سيتعجب من سلطان أولاد الله.



آية 9 "هنا الذهن الذي له حكمة السبعة الرؤوس هي سبعة جبال عليها المراة جالسة".

السبعة رؤوس هى سبعة جبال = هذه السبعة رؤوس هى سبعة ممالك قوية عبر التاريخ، إضطهدت شعب الله. لكن رقم 7 هو رقم كامل. والمعنى أنه ربما نستطيع أن نحدد أسماء سبع ممالك فعلا قامت بإضطهاد شعب الله. ولكن المعنى أن شعب الله دائما مضطهد عبر العصور وفى كل مكان... "فجميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى فى المسيح يسوع يضطهدون"  (2 تى 12:3).

عليها المرأة جالسة  = أى أن هذه الممالك دعمت الشر وإضطهدت شعب الله. وسمعنا أن هناك شيطان كان مخصصا لملك فارس ليغويه على الشر (دا13:10).

وكان إسمه رئيس مملكة فارس. ولا حظ قوته فهو قاوم جبرائيل الملاك 21 يوما إلى أن أتى ميخائيل لمعاونته. وتشبيه الممالك بالجبال كان لأنها راسخة وقوية كالجبال، ولكن يأتى عليها وقت وتنهار ليأتى غيرها مكانها.



آية 10 "و سبعة ملوك خمسة سقطوا و واحد موجود و الاخر لم يات بعد و متى اتى ينبغي ان يبقى قليلا".

سبعة ملوك خمسة سقطوا وواحد موجود = الممالك هى :-

1.     مصر :- التى أذلت شعب الله.

2.     أشور :- التى سبت عشرة أسباط سنة 722 ق.م.

3.     بابل :- التى سبت يهوذا سنة 586 ق.م.

4.     فارس:- التى عطل بعض ملوكها بناء الهيكل.

5.     اليونان :- أشهر ملوكها الذى إضطهد شعب الله إضطهادا عنيفا ودنس الهيكل وذبح خنزيرة عليه كان هو أنطيوخس إبيفانيوس.

ووقت الرؤيا التى رآها يوحنا اللاهوتى كان هؤلاء الملوك الخمسة قد سقطوا فهذه الرؤيا كانت فى أيام الدولة الرومانية التى قامت على أنقاض الدولة اليونانية، كما قامت كل دولة من الدول الخمسة السابقة على أنقاض من كان موجودا قبلها.

6.     الرومان :- هؤلاء من قيل عنهم وواحد موجود فالرؤيا كانت أيامهم.

والرومان كان لهم 10 ملوك إضطهدوا المسيحية بعنف.

7.     والآخر لم يأتى بعد ومتى أتى ينبغى أن يبقى قليلا = على أنقاض المملكة الرومانية قام ملك آخر، غالبا هو حكم الملوك الآريوسيين الذين أنكروا ألوهية السيد المسيح وإضطهدوا الكنيسة إضطهادا عنيفا، وهذا الإضطهاد سيستمر فترة طويلة. وهو مستمر للآن فى هرطقات مثل شهود يهوة والأدفنتست.



آية 11 "و الوحش الذي كان و ليس الان فهو ثامن و هو من السبعة و يمضي الى الهلاك".

المملكة الثامنة هى مملكة الوحش الذى يدعمه إبليس = الذى كان وليس الآن وهو من السبعة = أى له نفس الروح العدائية لشعب الله أى الكنيسة، والشيطان يحركه كما كان يحرك السبعة وذكره وحده فيه إشارة إلى أن إضطهاده للكنيسة سيكون أعنف وبصورة لم تحدث مع السبع الممالك الآخرى.



آية 12 "و العشرة القرون التي رايت هي عشرة ملوك لم ياخذوا ملكا بعد لكنهم ياخذون سلطانهم كملوك ساعة واحدة مع الوحش".

سيقوم عشرة ملوك أيام الوحش ليدعموه.

ساعة واحدة = أى مدة قليلة، فلقد إقتربت الأيام.



آية 13 "هؤلاء لهم راي واحد و يعطون الوحش قدرتهم و سلطانهم".

لهم رأى واحد = أى يعقدون حلفا مشتركا سياسيا وعسكريا.

ويعطون الوحش قدرتهم = يساندون الوحش عسكريا، ويقاوم الجميع الكنيسة.



آية 14 "هؤلاء سيحاربون الخروف و الخروف يغلبهم لانه رب الارباب و ملك الملوك و الذين معه مدعوون و مختارون و مؤمنون".

من المؤكد أن النصرة ستكون للمسيح ولكنيسته، فالمسيح يحارب لأجلها ولن يتركها للنهاية... ولكن كيف يغلب الحمل هؤلاء المتحالفين ضد كنيسته؟.

هذا ما سيشرحه فى الآيات القادمة.



آيات 15-18 "ثم قال لي المياه التي رايت حيث الزانية جالسة هي شعوب و جموع و امم و السنة. و اما العشرة القرون التي رايت على الوحش فهؤلاء سيبغضون الزانية و سيجعلونها خربة و عريانة و ياكلون لحمها و يحرقونها بالنار. لان الله وضع في قلوبهم ان يصنعوا رايه و ان يصنعوا رايا واحدا و يعطوا الوحش ملكهم حتى تكمل اقوال الله. و المراة التي رايت هي المدينة العظيمة التي لها ملك على ملوك الارض".

هؤلاء الملوك العشرة تصوروا أن تحالفهم مع ضد المسيح سيكون سببا فى زيادة غناهم ومجدهم  ولكنهم سيدخلون حروبا مدمرة تخرب مدنهم.  سيجعلونها خربة وعريانة = ولاحظ أن هذا بسماح من الله ضابط الكل. الله وضع فى قلوبهم أن يصنعوا رأيه = الله سيترك الشر يفسد نفسه بنفسه. يأكلون لحمها ويحرقونها بالنار = إشارة لشدة التدمير الذى سيحل بهذه الممالك. ولاحظ أن كل ما يفعلونه سيكون لحساب المسيح وكنيسته، حتى وإن كانوا يفعلونه بدوافع شخصية. ويعطوا الوحش ملكهم = هم تضامنوا مع الوحش وسخروا له كل قدراتهم العسكرية. وكان تضامنهم مع الوحش سبب خرابهم.

المدينة العظيمة =

8.     قد تكون بابل مملكة الشر فى العالم.

9.     وقد تكون أورشليم التى بوجود الوحش فيها خضع لها ملوك العالم = لها ملك على ملوك الأرض.

مقارنة:

قيل عن المرأة المتسربلة بالشمس أن المرأة هربت إلى البرية حيث لها موضع معد من الله لكى يعولوها ويقصد بالبرية أنه مكان معلوم ومعد من الله. أما هذه المرأة الشريرة بابل فهى فى برية وبدون (ال) التعريف فالمقصود بها كل مكان فى هذا العالم يحيا فى الخطية. والخطية خراب ودمار وتيه كما سنرى فى الإصحاح القادم.