تفسير الاصحاح 15 من سفر الرؤيا

بدء بواسطة باسل البرطلي, ديسمبر 24, 2011, 01:26:20 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

باسل البرطلي

الإصحاح الخامس عشر
آية 1 "ثم رايت اية اخرى في السماء عظيمة و عجيبة سبعة ملائكة معهم السبع الضربات الاخيرة لان بها اكمل غضب الله".

فى السماء = أوامر إلهية بتوجيه ضربات شديدة لمملكة الشر فى العالم، حتى يرى المؤمنين المترددين آلام الأشرار فلا يشتهوا شرورهم، وربما يتوب البعض من الأشرار. عظيمة وعجيبة = لقد تصور الناس أن قوة الوحش جبارة ولا نهائية ولكنهم وبتدبير الله عن طريق ضرباته سيكتشفون خداعه وزيف إدعاءاته بل ضعفه وأنه لا شىء وغير قادر على شىء.

سبعة ملائكة = رقم 7 هو رقم الكمال، والسبعة الملائكة يشيرون لأن الضربات التى سينفذها هؤلاء الملائكة السبع هى كاملة فى تنفيذ هدف الله من الضربات. الضربات الأخيرة = فنحن الآن فى نهاية الأيام. هذه هى ضربات الأيام الأخيرة. على أننا رأينا ضربات الله للتأديب لم تتوقف عبر العصور إبتداء من ضربة الطوفان، لذلك قيل أن بها أكمل غضب الله = فهذه هى ضربات الله النهائية التى بدأت بالطوفان. وهذه تأتى فى نهاية الأيام وقبل الدينونة النهائية. وقوله أكمل أى لن تأتى ضربات ثانية على الأرض إلا الدينونة النهائية.



آية 2 "و رايت كبحر من زجاج مختلط بنار و الغالبين على الوحش و صورته و على سمته و عدد اسمه واقفين على البحر الزجاجي معهم قيثارات الله".

كبحر من زجاج مختلط بنار = رأينا فى (رؤ6:4). أن أمام العرش بحر من زجاج شبه البلور، فهو يعكس مجد الله وهو مجد حقيقى. وكان هذا رمزا لأولاد الله المولودين من المعمودية ويعكسوا مجد الله. ولكننا نسمع هنا قوله كبحر = إذا هؤلاء ليسوا أولاد الله وليست لهم أمجاد حقيقية بل لهم أمجاد عالمية زائفة يحيا فيها أشرار العالم. وقوله مختلط بنار فهذا إشارة لفقدانهم السلام الذى يتمتع به أولاد الله، ولألامهم النفسية، فلا سلام يقول الله للأشرار (أش22:48) فلا سلام حقيقى خارجا عن المسيح ملك السلام. والنار أيضا تشير لضربات الله ضدهم لإضطهادهم أولاده.. نجد أولاد الله واقفين على هذه الـ (كبح) إشارة لإحتقارهم لأمجاد وملذات هذا العالم، وعدم إهتمامهم بالإضطهادات الموجهة إليهم، وهذا الإضطهاد نتيجة لرفضهم سمة الوحش. ونتيجة لذلك صارت حياتهم صعبة فهم لا يستطيعوا أن يبيعوا أو أن يشتروا لكن نرى معهم قيثارات الله = والقيثارة تستخدم فى التسبيح، فالله وضع فى قلوبهم فرحا وسلاما ووضع فى أفواههم التسبيح.

وهنا يثور سؤال.. أين هم هؤلاء المسيحيين، هل هم فى السماء أم على الأرض؟

الكنيسة نصفها فى السماء (الكنيسة المنتصرة) ونصفها على الأرض (الكنيسة المجاهدة) وهى كنيسة واحدة، صفتها الأساسية أنها كنيسة مسبحة لله، سواء كانت الكنيسة المنتصرة أو الكنيسة المجاهدة، ولكن بفارق واحد، أن الكنيسة المنتصرة لا تتألم، ونحن هنا أمام كنيسة واقفة على (كبحر) من زجاج مختلط بنار، إذا فى هذا إشارة على أن الكنيسة منتصرة على أمجاد هذا العالم، أى لا تشتهى بل تحتقر أمجاد هذا العالم، كما أنها منتصرة على آلامه وإضطهاداته التى هى كنار، أى لا ترهبها إضطهاداته وآلامه. وبهذا يكون الأكثر منطقية أن الكنيسة المقصودة هنا هى الكنيسة المجاهدة، وما يبدأ هنا من فرح وتسبيح كهبة من الله لمن يدوس على أمجاد هذا العالم، ما هو إلا مجرد عربون لما سنحصل عليه من فرح وتسبيح فى السماء.



آية 3 "و هم يرتلون ترنيمة موسى عبد الله و ترنيمة الخروف قائلين عظيمة و عجيبة هي اعمالك ايها الرب الاله القادر على كل شيء عادلة و حق هي طرقك يا ملك القديسين".

ترنيمة موسى = لأنهم منتصرين ومتحررين من عبودية إبليس، كما تحرر موسى من عبودية فرعون هو وشعبه فسبحوا. وترنيمة الخروف = أى يسوع الذبيح المنتصر على إبليس بصليبه.

عظيمة = اعمال الله فى فدائه الذى جعل به الإنسان وارثا للأمجاد.

عجيبة = هل كان أحد يتصور أن الله يتضع ويخلى ذاته ويصلب ويموت.

عادلة وحق = الله فى قداسته رفض أن يسامح على الخطايا، دون أن يتحمل أحد عقوبتها، فتحملها إبنه. وأحكامه فى تأديب الأشرار هى حق.



آية 4 "من لا يخافك يا رب و يمجد اسمك لانك وحدك قدوس لان جميع الامم سياتون و يسجدون امامك لان احكامك قد اظهرت".

وحدك قدوس = ليست هناك قداسة خارجا عنه لأن جميع الأمم سيأتون ويسجدون أمامك. هنا يتحدث بصيغة المستقبل حين يخضع الكل له (عب8:2) + (1كو24:15-28)

لأن أحكامك قد أظهرت = نحن الآن لا نفهم حكمة الله فى كل الأمور، ولكننا فى السماء سنفهم كل شىء. كما قال السيد المسيح لبطرس لست تعلم الآن ما أنا أصنع ولكنك ستفهم فيما بعد (يو7:13).



آية 5 "ثم بعد هذا نظرت و اذا قد انفتح هيكل خيمة الشهادة في السماء".

هيكل خيمة الشهادة = من هنا خرج السبع الملائكة المكلفين بتنفيذ الضربات وخيمة الإجتماع أطلق عليها خيمة الشهادة لأن بها لوحى الشهادة وعليهما الوصايا، وكانا موضوعين فى تابوت العهد المغطى بدم الكفارة.  والمعنى أن الضربات ستنصب على الأشرار لمخالفتهم الناموس والغير المؤمنين بالمسيح وفدائه.



آية 6 "و خرجت السبعة الملائكة و معهم السبع الضربات من الهيكل و هم متسربلون بكتان نقي و بهي و متمنطقون عند صدورهم بمناطق من ذهب".

شكل الملائكة هنا يشبه شكل المسيح كما رأيناه فى (رؤ13:1) وكان يشير للمسيح كديان (هذه ملابس القضاة) فالقضاة يتمنطقون عند صدورهم. وعمل الملائكة الآن فى ضرباتهم هو عمل دينونة. والمنطقة كانت من ذهب إشارة لأن الأحكام سمائية، فالذهب رمز للسمائيات. وكونهم متسربلين بكتان نقى لونه أبيض، فهذا إشارة لأن الأحكام التى ينفذونها كلها بر وحق وعدل، فالأشرار حكموا على أنفسهم إذ رفضوا كل الإنذارات الإلهية.



آية 7 "و واحد من الاربعة الحيوانات اعطى السبعة الملائكة سبعة جامات من ذهب مملوة من غضب الله الحي الى ابد الابدين".

وواحد من الأربعة الحيوانات = الأربعة الحيوانات هم طغمة الكاروبيم والكاروبيم رأيناه ولأول مرة على باب جنة عدن ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة (تك24:3). وكان الكاروبيم هنا شاهدا على عدل الله وبر أحكامه. ورأينا ملاكين كاروبيم على تابوت العهد، وكانا شاهدين على مراحم الله تجاه الإنسان، فالدم يكفر عن خطية الإنسان ومخالفته لوصايا لوحى الشهادة. فالكاروب جعله الله شاهدا على بره تجاه الإنسان وعدل أحكامه ورحمته تجاه الإنسان. إذا حين يعطى الكاروبيم السبعة الملائكة، سبعة جامات مملوءة من غضب الله فهذا يعنى أن الكاروبيم شاهد على عدل الله تجاه البشرمن الأشرار، الذين لم يستفيدوا من رحمة الله وفدائه.

جامات = هى أوانى مسطحة وواسعة منها ينسكب غضب الله دفعة واحدة وبلا رحمة كما سبق وقال " سيشرب من خمر غضب الله المصبوب صرفا فى كأس غضبه (رؤ10:14). وهى من ذهب إشارة لأن هذه الأحكام سمائية وبمعايير سمائية وليست أرضية، فالمعايير الأرضية البشرية معرضة للخطأ والإنفعالات البشرية، وهى ليست وليدة الصدفة أو أى معايير خاطئة مستندة على أحداث أرضية.



آية 8 "و امتلا الهيكل دخانا من مجد الله و من قدرته و لم يكن احد يقدر ان يدخل الهيكل حتى كملت سبع ضربات السبعة الملائكة".

إمتلأ الهيكل دخانا = إشارة لأن غضب الله قد وصل للذروة، وأيضا يشير الدخان لعدم إدراك البشر لأحكام الله خصوصا مع عنف الضربات التى ستنصب على البشر فى تلك الأيام.

من مجد الله = فاللهمم قدوس لا يحتمل الخطية.

ومن قدرته = فالأشرار ظنوا طول أناة الله عليهم ضعفا (2بط4:3).

لم يكن أحد يقدر أن يدخل الهيكل = إنتفت الشفاعة، والرحمة قد إستوفت زمانها. ولابد أن ضربات الله تنصب على الأشرار.  فالأحكام صدرت ولا راد لها.