*المشروع الروسي في مواجهة المشروع الأمريكي*

بدء بواسطة amo falahe, ديسمبر 19, 2011, 12:42:10 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

amo falahe

المشروع الروسي في مواجهة المشروع الأمريكي.



كتب: المحامي محمد احمد الروسان
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

تنبع أهمية الأنتخابات البرلمانية الروسية الأخيرة، من كونها تجيء على ضوء تطورات نوعية وكمية غاية في الدقة، ان لجهة الداخل الروسي وبناه الأجتماعية والأقتصادية والسياسية والثقافية، وتنامي الشعور الوطني والقومي، وان لجهة الخارج الروسي، على المستويين الأممي والأقليمي، وعلى وجه الخصوص في منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة الأتحاد الأوروبي، حيث الأخيرتان، تعانيان من اضطرابات متعددة.
لا شك أنّ هناك، وقائع ومعطيات حديثة، جاءت كنتيجة لأفرازات الأنتخابات الروسية البرلمانية، لجهة الداخل والخارج على حد سواء، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوّة هنا هو:- هل ستكون وتتمحور تموضعاً، افرازات نتائج الأنتخابات الروسية الديمقراطية الأخيرة، باتجاه علاقات التعاون، أم باتجاه علاقات الصراع؟
النظام البرلماني الديمقراطي الروسي - يتكون من:
1 - مجلس الدوما، ويختص في اصدار القوانيين والتشريعات، وعدد اعضائه 450 عضواً، وحسب نصوص الدستور الفدرالي الروسي.
2 – المجلس الفدرالي الروسي، وعدد أعضائه 166 عضواً، والأخير مهمته تنحصر في متابعة ومراقبة الآداء التنفيذي، لجهة الحكومة ومؤسساتها المختلفة على المستويين الداخلي والخارجي، وفي شتّى المجالات والأوجه، ولجهة عمل الدوما، حيث مهمة الدوما – كما أسلفنا – اصدار القوانيين والتشريعات – منظومات تشريعية متعددة ومختلفة، تحكم نظام عمل الدولة الروسية الفدرالية الديمقراطية.
أمّا لجهة عمل وتوجهات موسكو السياسية، ازاء الداخل الروسي بمجمله، وفي السياقات الأقتصادية الشاملة، تقوم على دعم القطاع الخاص، مع تخليها عن مركزية سيطرة الدولة على الأقتصاد بتدرج، مع تعزيز العمل الديمقراطي، وتداول السلطة، حيث تقوم الدولة على التعددية السياسية والحزبية، أمّا لجهة السياسة الخارجية، تسعى موسكو وبقوّة، الى نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب رأسمالي، يحترم سيادات الدول، ويقوم على أسس المساواة والعدالة، لأحداث توازن دولي وللحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، واحترام القانون الدولي والعمل على انفاذه.
في حين نجد أنّ الولايات المتحدة الأمريكية، وان كانت وفي السياقات الأقتصادية الشاملة، تدعم القطاع الخاص ومجالاته الحيوية، والتخلي عن مركزية سيطرة الدولة، على جل الأقتصاد وبشكل منفتح دون ضوابط، فانّ العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، تسعى الى نظام عالمي جديد ديمقراطي وتعددي رأسمالي، يقوم على أساس اعتبار، خضوع الجميع الآخر، للهيمنة الولاياتية المتحدة الأمريكية.
الفدرالية الروسية، تعتمد على مواردها الداخلية، مع اعتماد مبدأ التعاون مع الآخرين، من أفراد الأسرة الدولية الواحدة، في مشارق الأرض ومغاربها، بينما نجد أمريكا تسعى دائماً وابداً، للأعتماد على موارد الآخرين، من أفراد الأسرة الدولية، وتعمل بقوّة على ابتزازهم، وابتزاز مواردهم والسيطرة عليها، لأنفاذ توجهات مشاريع الهيمنة الأمريكية الديكتاتورية- الديمقراطية على العالم، وعبر ديكتاتوريات الديمقراطيات الحاكمة، وحسب المصالح الأمريكية.
اذاً ببساطة متناهية، نحن أمام مشروع روسي بنّاء، يعتمد على موار الفدرالية الروسية الذاتية، مع استراتيجيات الألتزام بالتعاون مع الآخرين، مقابل مشروع أمريكي ديمقراطي – ديكتاتوري، يعتمد على موارد الآخرين والعمل بقوّة على ابتزازها والسيطرة عليها، واعتبار الآخرين أتباع لواشنطن، لا حلفاء وشركاء معها، وهذا ما قاله تماماً رئيس الوزراء الروسي فلادمير بوتين، والعائد الى الكرملين بثبات ورويه.
أمّا "ربيع " جون ماكين على حسابه على تويتر بقوله: أنّ روسيا قد تشهد ربيعاً مشابهاً للربيع العربي، قول يجافي الحقيقة، ويجانب جادة صواب المنطق والواقع، فروسيا ينتظرها ربيعاً بنّاءً، وتوافق روسي بين السلطة والمعارضة، فالمعارضة الروسية، معارضة حقيقية بنّائه، لا تقف ضد نفسها ودولتها، فالخطر الخارجي يوحد الروس، ويزيد شعورهم الوطني والقومي، وهذا ما قد تجهله العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي.
الولايات المتحدة الأمريكية، تسعى الى تنحية الفدرالية الروسية جانباً، وفي ركنها بعيداً، لكي لا تعمل على انفاذ مشروعها الديمقراطي- الذهبي، لعالم متعدد الأقطاب ليحكم المعمورة، فموسكو بمؤسساتها الديمقراطية، ونهجها القويم والسليم، مصدر قلق وتوتر واستفزاز للغرب، وتثير ضيق العاصمة واشنطن دي سي، وديمقراطية قتلت بدم بارد جدّاً، وسحلت العقيد القذّافي، هي ديمقراطية الديكتاتورية، لم يشهد مثيل لها التاريخ حتّى الأن.
هذا وقد حصل حزب روسيا المتحدة – الحزب الحاكم الان على 238 مقعداً، بنسبة 53 % من اجمالي القوّة التصويتية، داخل مجلس الدوما فحلّ أولاً، في حين الحزب الشيوعي حصل على 92 مقعداً، فحلّ ثانياً وبنسبة 50 , 20 % من اجمالي القوة التصويتية داخل الدوما، حزب روسيا العادلة حصل على 64 مقعداً، بنسبة 50 , 14 % من القوّة التصويتية داخل الدوما فحلّ ثالثاً، وأخيراً الحزب الليبرالي الديمقراطي، وهو سياسيّاً بمثابة حصان طروادة للولايات المتحدة الأمريكية، في الداخل الروسي المتصاعد في شعوره الوطني والقومي، حصل هذا الحزب على 56 مقعداً، بنسبة 50 , 12 % من القوّة التصويتية، داخل مجلس الدوما فحلّ رابعاً.
وتتحدث المعلومات، أنّ هذا الحزب الليبرالي الديمقراطي، ذو توجهات داعمة للتوجهات السياسية الأمريكية، ازاء بلاده روسيا، وازاء المنطقة الأقليمية المحيطة بموسكو، وازاء العالم وما يجري تحديداً في الشرق الأوسط، والشرق الأدنى، وأسيا الوسطى، وفي شبه القارة الهندية، فهو بمثابة وكما أسلفنا – حصان طروادة لواشنطن، داخل مفاصل وفواصل الدولة الروسية الصاعدة، والعائدة بقوّة كلاعب منافس على المسرح الأممي الشامل.
وتشير معلومات أخرى، أنّ هذا الحزب الليبرالي، بقي أكثر اهتماماً لدعم النموذج الأمريكي، ومشاريعه التوسعية، وله ارتباطات بجماعات اللوبي – الأسرائيلي الصهيوني، ان لجهة الداخل الروسي، وان لجهة الخارج الروسي، ومعظم رموزه من النخب الروسية المتأمركة والمتأطلسة - نسبة لحلف الناتو.
وكل المؤشرات السياسية، ولأعتبارات عديدة، ولقواسم مشتركة، تشترك فيها كل من حزب روسيا المتحدة، والحزب الشيوعي، وحزب روسيا العادلة، ولكي يتمتع حزب روسيا المتحدة، بزعامة كل من (بوتي وميدو)، بنسبة وقوّة تصويتية تتجاوز الأغلبية الميكانيكية العادية التي حصل عليها، الى قوّة تصويتية للقرارات الحاسمة الأستراتيجية، فسوف يسعى حزب روسيا الموحدة أو \ والمتحدة، الى تعزيز قوته عبر تشكيل الائتلاف الحاكم، امّا عبر تحالفه مع حزب روسيا العادلة، مما يتيح لدعم توجهات الدولة الروسية، المتعلقة بدعم الرفاهية، وتعزيز مستوى الدخل، ولأصلاحات في الأقتصاد الروسي الداخلي.
وامّا عبر تحالفه مع الشيوعيين، مما يتيح ويمنح قوّة لتوجهات الدولة الروسية الفدرالية المناهضة لسياسات أمريكا.
انّ افرازات نتائج الأنتخابات البرلمانية الروسية الأخيرة، باعتقادي وتقديري، لها كل الأثر على جل توجهات السياسة الخارجية الروسية، ازاء العالم وتحديداً الشرق الأوسط، والشرق الأدنى، وأسيا الوسطى، وشبه القارة الهندية، كون القوى الرئيسية – حزب روسيا المتحدة، الحزب الشيوعي، حزب روسيا العادلة - في الدوما الروسي، هي قوى مناهضة لتمدد النفوذ الأمريكي، وأحسب أنّ السياسة الخارجية الروسية، الشرق أوسطية الجارية الآن، لجهة الملف السوري، والملف الأيراني، وملف أزمة الأتحاد الأوروبي، سوف تشهد تفاقم وتصاعدات، في مواجهات دبلوماسية، على خطوط البيت الأبيض – الكرملين، وتزايد حدة التنافسات بينهما، والتي قد تذهب الى صراعات هنا وهناك، مما يقود ذلك حتماً الى المزيد من الأستقطابات والأصطفافات، داخل مجلس الأمن الدولي – والذي صار مجلس الحرب الدولي بسبب الفعل الأمريكي.
هذا وقد سارعت الولايات المتحدة الأمريكية، والغرب الأوروبي، واسرائيل، لجهة القيام، بعمليات التضخيم السياسي والأعلامي، لفعاليات الحدث السياسي الأحتجاجي الروسي، والذي انطلقت وقائعه وتداعياته المحدودة، عقب اعلان نتائج الأنتخابات البرلمانية الروسية الأخيرة، فعملت واشنطن، وأوروبا، واسرائيل، على توظيف الجماعات السياسية الليبرالية الروسية، لجهة القيام بالأحتجاجات، باعتبار أنّ الأنتخابات غير صحيحه، وأنّها مزورة، بسبب التلاعبات في مراحل التسجيل والأقتراع وفرز الأصوات.
كما تعمل واشنطن، وفرنسا، وبريطانيا، واسرائيل، على توظيفات محددة لتأثير الطبقة الوسطى الروسية ودفعها، لكي تشترك بقوّة في الأحتجاج السياسي، باعتبارها طبقة، يمكن الرهان عليها لأحداث التغيير في روسيا، مستغلةً واشنطن ما عانته هذه الطبقة الهامة، في المجتمع الروسي، من سياسات خصخصة الأقتصاد، وتزايد نفوذ رجال الأعمال الروس، حيث ألحق كل ذلك الضرر بأفرادها، فمشاركة هذه الطبقة الوسطى الروسية، في ملفات الأحتجاج السياسي، يزداد زخم المشاركون في الأحتجاجات، مع توظيفات للشبكة العنكبوتية، ووسائل التواصل الأجتماعي، لتحريكات الدعاية السياسية، وعمليات الشحن، والتعبئة السلبية الفاعلة، وعبر التويتر، والفيس بوك، والأوروبكس، ...الخ.
كما تدفع وتوظف، العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، الأنخراط الكبير للجماعات الدينية المتطرفة الروسية، وجماعات التيار القومي الأجتماعي الروسي، ليقود ذلك الى تصاعد في أعمال العنف المادي والرمزي، ضد الأقليات الروسية، وضد الغرباء والأجانب، هذه الفوضى التي تسعى اليها واشنطن وحلفائها، من الأوروبيين وعلى رأسهم فرنسا وبريطانيا، لكي يعيق ذلك صعود وتنامي الفدرالية الروسية وأدوارها الشاملة، لتشكيل عالم دولي جديد متعدد الأقطاب، تسوده روح العدالة والمساواة، واحترام سيادات الدول الأعضاء من الأسرة الدولية.
في حين نجد ألمانيا مثلاً، ورغم الصراع الروسي – الألماني غير المعلن، ومعها بعض دول شرق أوروبا السابقة، المنضوية ضمن الأتحاد الأوروبي، سعت الى المطالبه بضرورة تحرك موسكو السريع، من أجل احتواء الأزمة، عن طريق معالجة الخلل الأنتخابي، هذا وقد استجابت موسكو سريعاً، وتقوم باجراء التحقيقات اللازمة، لجهة التدقيق في نتائج الأنتخابات، وخاصةً في الدوائر الأنتخابية التي أشارت اليها أصابع الأتهام، بأنّها شهدت تزويراً مثلاً.

منقول للفائدة
مع تحيات
ابوميلاد