العراق: هل يعني تراجع العنف حياة أفضل للأقليات؟

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 09, 2011, 03:45:22 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

العراق: هل يعني تراجع العنف حياة أفضل للأقليات؟





شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين/(

على الرغم من انخفاض معدل العنف بصفة عامة في العراق، فإن مستوى تهديد والهجوم على الأقليات الدينية لا يزال مرتفعاً، وهذا ما يؤدي إلى زيادة النزوح، حسبما أفاد تقرير جديد.

"هناك شعور بأن العراق يتحرك ببطء نحو الاستقرار، ولكن الأقليات تشعر بأنها مستثناة من الحياة العامة، وأن العراق الجديدة ليس مناسباً لهم،" كما أفاد كريس تشابمان رئيس برنامج منع النزاعات في الفريق الدولي لحقوق الأقليات، وهي منظمة تعمل في مجال الدعوة والبحوث وتتخذ من لندن مقراً لها، وهي التي أصدرت التقرير. وأضاف تشابمان "إنهم يشعرون بأنهم يتلقون رسالة مفادها أن العراق ليس بلدهم وأنهم غير مرحب بهم فيه.... وأنه وطن للسنة والشيعة والأكراد، ولكن ليس لهم".
وذكر التقرير أنه "في بعض الحالات يؤدي [النزوح] إلى تدمير المجتمعات لدرجة تعرضها لخطر التلاشي تماماً من موطنها القديم".
ففي ذروة التمرد ضد القوات الأمريكية التي غزت العراق في عام 2003، كانت الهجمات ضد الأقليات موثقة جيداً.
ولكن تلك الهجمات لا تزال مستمرة حتى الآن بعد أن خفت حدة العنف. وكانت أكثر تلك الهجمات دموية هي الهجمات الانتحارية التي وقعت ضد كنيسة في بغداد في أكتوبر 2011 وخلفت 56 قتيلاً وأدت إلى فرار أكثر من 1,000 عائلة من بغداد خلال شهرين. كما وقع حوادث أخرى عديدة تصل إلى درجة العنف الموجه والتهديدات والترهيب، وصفها تقرير لجنة الحريات الدينية التابعة للحكومة الأمريكية (USCIRF) بأنها "ممنهجة ومستمرة وفظيعة".
وقال تشابمان أنه بالرغم من انخفاض معدل العنف قليلاً في عام 2011 مقارنة بعام 2010، كانت هناك عدة هجمات على كنائس، وهجوم على حزب سياسي تركماني، كما وقعت اعتداءات متكررة على أفراد من أقليات الشبك واليزيدين والمندائيين، شملت عمليات خطف وقتل، حسبما ذكرت منظمات محلية غير حكومية. كما استهدفت الهجمات المحال التي تقدم السلع والخدمات التي تعتبر غير إسلامية، بما في ذلك محلات بيع الخمور التي يمتلكها المسيحيون واليزيديون، حسبما أفاد تقرير لجنة الحريات الدينية.
وذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقريرها لعام 2011 عن العراق أن "الهجمات التي وقعت ضد الأقليات كان لها تأثير عميق لأنها استهدفت البنية التحتية الاجتماعية لمجتمعاتهم وهو ما جعل الضحايا وغيرهم يخشون متابعة حياتهم اليومية". ويقول الكثيرون من الأقليات أنهم يشعرون بأن الهدف من تلك الهجمات هو إجبارهم على الخروج من العراق نهائياً.
وطبقاً لمركز رصد النزوح الداخلي، فإن تلك الأقليات الدينية التي تعتنق أدياناً أخرى غير الإسلام السني أو الشيعي تمثل نسبة تتراوح بين 3 و5 بالمائة من سكان العراق، ولكنهم يمثلون 10 بالمائة من النازحين داخلياً، كما يمثلون نسبة تتراوح بين 17 و22 بالمائة من اللاجئين العراقيين، وفقاً لإحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال حنين القادو الذي يرأس مجلس الأقليات بالعراق وهو منظمة غير حكومية: "ليس هناك شك في أن الأقليات في العراق تعيش في ظروف سيئة للغاية، فهم يتوقعون مستقبلاً مظلماً وغامضاً، وهم قلقون حيال ذلك".

تنوع السكان

بخلاف العديد من الشعوب الأخرى في المنطقة، هناك تنوع في سكان العراق من حيث العرق والدين. فبالإضافة إلى المجموعات الإسلامية الكبرى من الشيعة والعرب السنة والأكراد، يوجد بالعراق مجتمعات أخرى مثل الأرمن والكلدان والسريان والأشوريين والشركسيين والبهائيين والعراقيين السود والغجر والأكراد الفيليين والصابئة والمندائيين والشبك والتركمانيين واليزيديين واليهود والفلسطينيين. يتم استهداف المسيحيين في العراق حتى بعد أن هدأت حدة القتال.

وذكر القادو وهو زعيم بارز في مجتمع الشبك أن حوالي 1,200 شخص من أفراد مجتمعه لقوا حتفهم منذ عام 2003. كما ذكر تقرير لجنة الحريات الدينية لعام 2011 أن هناك اعتقاد بأن ما لا يقل عن نصف أفراد الطائفة المسيحية الذين كانوا موجودين قبل عام 2003 قد غادروا البلاد "وحذر الزعماء المسيحيون بأن عواقب هذا الهروب قد تكون نهاية الوجود المسيحي في العراق". كما أبلغ المندائيون لجنة الحريات الدينية الأمريكية أن أكثر من 90 بالمائة من سكان مجتمعهم إما لقوا حتفهم أو فروا من العراق.
ونفى علي الموسوي المتحدث باسم الحكومة العراقية أي استهداف للأقليات في العراق قائلاً أن إحدى أولويات حكومته هي ضمان أمن الأقليات وممارستهم للشعائر الدينية.
وذكر الموسوي أن "الهجمات الإرهابية لا تستهدف فقط الأقليات بل العراقيين جميعاً، فالإرهابيون لا يفرقون بين الأقليات وغيرهم من العراقيين. والحكومة تعطي أولوية لحماية الأقليات وحقوقهم أكثر من القطاعات الأخرى للشعب العراقي".
وأضاف قائلاً "نحن فخورون بوجود الأقليات في العراق ولا نستطيع التخلي عنهم ونعتبرهم دليلاً على التعايش السلمي بين الشعب العراقي كما نفخر بحضاراتهم والتنوع في مجتمعاتهم".
ولكن منظمات حقوق الإنسان تقول أن السلطات نادراً ما تحقق في الهجوم على الأقليات أو تعاقب عليها، مما يؤدي إلى خلق "مناخ من الإفلات من العقوبة".

التهميش
ذكرت فوزية العطية أستاذة علم الاجتماع بجامعة بغداد أن المشاحنات السياسية والعرقية منذ عام 2003 هي الدافع وراء التمييز والتهميش الذي تتعرض له الأقليات في العراق.

وأضافت أن "هذه المشكلة لم تكن موجودة في الماضي، ولكن بعد عام 2003 أصبحت الانتماءات السياسية والدينية والعرقية – التي تتعارض مع المواطنة - من الركائز الأساسية في تشكيل الحكومة.

وقالت أيضاً أن ذلك "أدى إلى اشتعال التنافس والصراع ليس فقط ضد الأقليات أو بين الطوائف الكبرى لكن حتى داخل كل طائفة. فعملية تسييس القبيلة أو الطائفة أصبحت ثقافة في مجتمعنا من أجل الحصول على مكاسب".

وذكر تشابمان عضو الفريق الدولي لحقوق الأقليات أن التحيز والتطرف الديني قد تصاعد نتيجة للصراع وبصورة جزئية بسبب الربط بين الأقليات والقوات المتعددة الجنسيات.
"ولكن جزءاً منه هو ببساطة أن النزاع قد سمح بتفجير التوترات إلى درجة الصراع الشامل بين المجموعات الدينية. وأدى هذا إلى خلق الانقسامات التي كانت موجودة من قبل إلى حد ما، ولكن لم يُسمح لها بالاشتعال إلى هذا الحد في السابق".
الحصول على الخدمات العامة
كما تواجه الأقليات في العراق صعوبة وتمييزاً ضدها عند الحصول على وظائف وتعليم ورعاية صحية، وفقاً لتقرير الفريق الدولي لحقوق الأقليات.
وذكر يوناديم حنا وهو نائب برلماني مسيحي أن "هناك تمييز وتحيز وتهميش".
وذكر تقرير الفريق الدولي لحقوق الأقليات أن هذا الوضع منتشر بصفة خاصة في المناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان – حيث تعيش العديد من الأقليات – لأن كلا الطرفين لا يرى أن من مصلحته الاستثمار في مجال الخدمات هناك.
وأفاد القادو أن الأقليات تعاني كثيراً في تلك المناطق، كما شدد على أنه ينبغي على الحكومة السيطرة على تلك المناطق وحماية الأقليات المقيمة بها.
وأفاد التقرير أن حصول الأقليات على الخدمات الأساسية قد تأثر أيضاً بالصراع الدائر في المنطقة، فالهجوم الذي شنته قبيلة من إقليم كردستان على قرية الشبك في يوليو 2011 حرم ما يقرب من 12,000 شخص من المياه، ولم تعالج السلطات تلك القضية.
وأضاف التقرير أن قبائل الصابئة المندائيين والأكراد الفيليين قد اشتكوا من عدم قدرتهم على الحصول على التعليم بلغتهم في أجزاء من البلاد.
كما تتعرض نساء الأقليات للتحرش الجنسي واللفظي، وغالباً ما تخفين هويتهن خارج منازلهن.
استند التقرير المكون من 40 صفحة والصادر بعنوان "الأقليات في العراق: المشاركة في الحياة العامة" إلى 331 مقابلة أجريت مع أعضاء من 11 أقلية في الإقليم الكردي بشمال العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي، وفي ست محافظات أخرى في عام 2010.
ذكر أقل من نصف من شملتهم الدراسة أنهم يشعرون بالأمان عند زيارتهم لأماكن العبادة، كما قال 87 بالمائة منهم أن المناهج الدراسية لم تصور الأقليات بطريقة إيجابية أو لم تذكرهم على الإطلاق. وذكر 38 بالمائة أنهم واجهوا التمييز عند الحصول على الوظائف الحكومية.

التوصيات

يوصي تقرير الفريق الدولي لحقوق الأقليات بإجراء عدد من التغييرات القانونية والسياسية من خلال إشراك جميع الأقليات في صياغة مسودة قانون مكافحة التمييز.
كما يوصي التقرير أيضاً بإصدار بطاقة هوية وطنية جديدة لا تشير إلى العرق أو الدين، وإلغاء شرط أن تكون اللغة العربية هي اللغة الوحيدة المستخدمة في جميع مجالات العمل، وتوفير التعليم بلغتين للأقليات في المناطق التي يشكلون فيها نسبة كبيرة من السكان.
وأفاد تشابمان أن " العديد من أفراد الأقليات في العراق يجدون أنفسهم معزولين فعلياً، حيث يتم استبعادهم من مجالات كاملة من الحياة العامة. كما يجب استمرار الحوار والمصالحة ووضع إطار قانوني شامل حتى يحدث تغيير حقيقي".

ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة