تفسير الاصحاح 11 من سفر الرؤيا

بدء بواسطة باسل البرطلي, ديسمبر 08, 2011, 01:21:44 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

باسل البرطلي

الإصحاح الحادى عشر
نسمع هنا فى آية 7 ولأول مرة عن الوحش الصاعد من الهاوية، ثم نعود ونسمع عنه فى إصحاحات 17،13 بالتفصيل. وهذا الوحش هو ما نسميه ضد المسيح، وأسماه بولس الرسول إنسان الخطية (2تس3:2) وهذا الوحش سيقاوم الله، بل يجلس فى هيكل الله كإله مظهرا نفسه أنه إله (2تس4:2) وهذا سيبطله المسيح بمجيئه ويبيده (2تس8:2) وهذا الوحش سيكون مكان عمله أورشليم، وسيخدع الناس ويضطهد الكنيسة إضطهادا مرا. ولكن الله لن يترك نفسه بلا شاهد، بل سيرسل شاهدين هما غالبا إيليا وأخنوخ ليشهدا لله وسيكون مكان خدمتهما فى أورشليم نفسها مركز عمل الوحش.

هنا نجد يوحنا قد بدأ كما أوصاه السيد المسيح يتنبأ على شعوب وأمم وألسنة وملوك كما سمعنا فى (رؤ11:10)هنا بدأ يوحنا يكشف ما سمعه وتذوقه من السفر الصغير.

كان الإسم الأول لمدينة أورشليم (وأورشليم تعنى نور السلام) هو يبوس وتعنى يدوس (أى4:11). وكان هذا وقت أن كانت فى ايدى الأمم (اليبوسيين) سكان الأرض، قبل أن يأتى داود وياخذها منهم. وصارت بعد داود مدينة أورشليم التى ظهر فيها السيد المسيح وأتم فداءه للبشرية  فظهر منها نور السلام.

لكن للأسف ستصبح ثانية مدوسة من الأمم أى ضد المسيح وأتباعه، ويتخذها ضد المسيح مركزا لبث أفكاره الشيطانية. وغالبا فاليهود ذوى الأفكار الضيقة الذين يريدون ان يبنوا لهم هيكلا يقدمون فيه ذبائح حيوانية إنتهى عهدها بمجىء المسيح الذبيحة الحقيقية هؤلاء اليهود هم الذين سيقبلون ضد المسيح على أنه المسيح، فهم مازالوا حتى الآن ينتظرون مجىء المسيح. فإذا أتى هذا بخداعاته الشيطانية سيقبلونه. وهذا ما قاله لهم المسيح بنفسه "إن أتى آخر بإسم نفسه فذلك تقبلونه" (يو43:5). وقد يبنى اليهود لهم هيكلا فى أورشليم يقولون أنه بإسم الرب، ويكون مركزا للوحش. ولن ينخدع وراءه اليهود فقط بل كل المسيحيين الذين يجهلون الكتاب المقدس  (مت23:24) "حينئذ إن قال لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا" ولكن المسيحيين الحقيقيين لن ينخدعوا بهذا الوحش ولا بخداعاته، حقا سيعانون من الإضطهادات، ولكن الله لن يتركهم بدون معونة، بل سيرسل لهم الشاهدين ليثبتوا إيمانهم ويشددونهم.



آية 1 "ثم اعطيت قصبة شبه عصا و وقف الملاك قائلا لي قم و قس هيكل الله و المذبح و الساجدين فيه".

هيكل الله والمذبح والساجدين فيه = هو ليس هيكل اليهود أو هيكل سليمان فى أورشليم، ففى وقت رؤيا يوحنا، كان هذا الهيكل قد تم تخريبه فتيطس هدم هذا الهيكل سنة 70 م ورؤيا يوحنا كانت حوالى سنة 95 م إذا الهيكل المشار إليه هنا فى هذه الآية له مفهوم روحى أو هو كيان روحى. وكلمة هيكل هنا لا تشير للهيكل كله بل لما يقال له البيت أى الجزء المقدس من الهيكل وهذا إشارة للمؤمنين الحقيقيين، فبولس أطلق إسم هيكل الله على المؤمنين (1كو16:3) وكذلك بطرس (1بط5:2). والمذبح هو رمز للصليب الذى قبله المؤمنون بالمسيح، هؤلاء الذين صلبوا أهوائهم مع شهواتهم وقبلوا الإضطهاد لأجل المسيح هؤلاء  المؤمنون الحقيقيون قال عنهم السيد المسيح أنهم الساجدون بالروح والحق (يو23:4).

قس = القياس معناه الحيازة والإمتلاك، فهؤلاء المؤمنون هم شعب المسيح، هم جسده ولن يتركهم بل يحميهم إذ هم فى يده (يو12،11:17) + (رؤ16:1) + (أش16:49) والقياس معناه أن الله يعرف المؤمنين واحدا واحدا بأسمائهم ويحفظهم.

ويعرف نوعية سجودهم وعبادتهم وهل هى من القلب أم لا.

شبه عصا = أى قصبة قوية وثابتة، والقياس غير مهتز، فالذين يقيسهم يوحنا معروفون لدى الله بأنهم مؤمنين عابدين لا يطلبون ماديات هذا العالم. والله قادر أن يحميهم من ضلالات ضد المسيح.

والقياس عموما يستخدم فى تقسيم الأرض للميراث. وفى هذا قال المرنم "الرب هو نصيب ميراثى. حبال المساحة وقعت لى فى أرض عزيزة، وإن ميراثى لثابت لى" (مزمور 6،5:16). بحسب ترجمة الأجبية أى الترجمة السبعينية " والمرنم يقصد أنه فى التقسيم بالحبال للقياس

(والعصا أثبت من الحبل)، كان الله نصيبه.

ومن هنا نفهم أن قول الله ليوحنا قس هيكل الله أن هؤلاء المؤمنين هم ميراث الله، الذين يفرح بهم الله. وهذا ما قاله بولس الرسول " لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه فى القديسين" (أف18:1) هؤلاء هم نصيب الرب.



آية 2 "و اما الدار التي هي خارج الهيكل فاطرحها خارجا و لا تقسها لانها قد اعطيت للامم و سيدوسون المدينة المقدسة اثنين و اربعين شهرا".

الدار التى هى خارج الهيكل = هذه ترمز لمن ساروا وراء الوحش طالبين ملذات هذا العالم وشهواته. هؤلاء هم الخارجون عن الكنيسة.

لا تقسها = هذه مثل " إذهبوا عنى لا أعرفكم" (مت23:7)  فهم حين رفضوا المسيح الحقيقى لن يعرفهم الرب كأبناء أخصاء له.

فإطرحها خارجا = هذه تعنى رفض السماء لهم.

لأنها قد أعطيت للأمم = كما أطلق الوحى لفظ الهيكل على المؤمنين أطلق لفظ الأمم على المرفوضين. فالأمم قبل المسيحية كانوا مرفوضين من الله لنجاساتهم ووثنيتهم وهؤلاء سيكون لضد المسيح سلطان عليهم ويضللهم بضلالاته، وهم سيتبعونه.

سيدوسون المدينة المقدسة = هذه متفقة مع نبوة المسيح (لو24:21) وهذه تعنى مدة سيادة الدجال على أورشليم وعلى الأمم، ولكنها سيادة مؤقتة محددة بمدة. إثنين وأربعين شهرا = أى 3.5 سنة. وهذه نفس المدة التى عبر عنها دانيال بقوله زمان وزمانين ونصف زمان. والمقصود ب 3.5 سنة أنها نصف رقم 7. ورقم 7 هو رقم كامل، أى أن وضع الدجال أو الوحش وسيادته هو لمدة مؤقتة، وإنتصاره مؤقت (دا7:12) وهذه المدة ال 42 شهرا هى نفس فترة هروب المرأة للبرية كما سيأتى فى (رؤ6:12).



آيات 4،3 "و ساعطي لشاهدي فيتنبان الفا و مئتين و ستين يوما لابسين مسوحا. هذان هما الزيتونتان و المنارتان القائمتان امام رب الارض".

الله لا يترك نفسه بلا شاهد (أع17:14) لذك فالله لن يترك الوحش دون مقاومة، بل سيرسل له فى عقر داره شاهدين، فبحسب الشريعة فالشهادة تكون بفم إثنين والشاهدين هما غالبا إيليا وأخنوخ. فإيليا وأخنوخ لم يموتا بعد بل إختطفا حيين إلى السماء. ونحن نعلم من نبوة ملاخى أن إيليا سيأتى قبل أن يأتى المسيح (ملا5:4). والشاهدين يتنبآن = أى يعظان عن المسيح   

الحقيقى، ويكلمان المؤمنين وغير المؤمنين عما سيأتى من أحداث ويكشفا كذب الوحش.

ألفا ومئتين وستين يوما = ونلاحظ أن مدة ال 42 شهرا هى 1278 او 1279 يوما. وبهذا الفارق بين موت الشاهدين ونهاية الأيام 18 أو 19 يوما.

لابسين مسوحا = كما كان إيليا والأنبياء يفعلون، والمعنى أنهما لن يطلبا أمجاد هذا العالم، بل سيكونوا زاهدين فى أمور هذه الدنيا، ليقاوما ذاك الذى ينصب نفسه ملكا متمتعا بما فى هذا العالم من رفاهية وملذات حسية.

الزيتونتان = راجع (زك11:4-14) حيث تقرأ عن الزيتونتان وهما زربابل ويشوع اللذان قاما ببناء هيكل الرب، وهنا نسمع عن زيتونتان آخريان عملهما الحفاظ على هيكل الرب (رد النفوس الضالة وتثبيت النفوس المؤمنة). وشجرة الزيتون نحصل منها على الزيت رمزالروح القدس، فهذين الشاهدين مملوئين من الروح القدس، وكل كلمة ينطقان بها هى بإرشاد منه، وكذلك كل قوتهما مستمدة منه. كما قيل فى (زك6:4). "لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحى قال رب الجنود". والشاهدين سيدعوا العالم ليعرف المسيح تاركا الوحش ومن يستجيب يؤمن بالمسيح ملك السلام سينعم بالسلام الداخلى.

المنارتان = بوعظهما وتعليمهما وحياتهما والنعمة التى فيهما سيكونان نورا للعالم،يشهدان لله. وهما يستمدان نورهما من زيت النعمة الذى يملأهما، أليسوا هما زيتونتان أى مملوئين من زيت النعمة (كانت الإضاءة فى ذلك الوقت تتم عن طريق منارة مملوءة زيتا ولها فتيل يتم إشعاله).



آية 5 "و ان كان احد يريد ان يؤذيهما تخرج نار من فمهما و تاكل اعداءهما و ان كان احد يريد ان يؤذيهما فهكذا لا بد انه يقتل".

هذا ما فعله إيليا قبل ذلك. والمعنى أن الشاهدين سيكون لهما قوة جبارة.



آية 6 "هذان لهما السلطان ان يغلقا السماء حتى لا تمطر مطرا في ايام نبوتهما و لهما سلطان على المياه ان يحولاها الى دم و ان يضربا الارض بكل ضربة كلما ارادا".

نصفها الأول فعله إيليا من قبل والنصف الثانى فعله موسى فى مصر. ولكن بسبب أن فى سلطانهما أن يحولا الماء إلى دم كما فعل موسى، قال البعض أن الشاهدين هما إيليا وموسى وهذا لا يعقل، فموسى مات والكتاب يشهد على موته، فما معنى أن يقوم ليموت ثانية، وبولس الرسول يقول "وضع للناس أن يموتوا مرة" (عب27:9). إذا لا معنى أن يموت موسى مرتين. الأكثر منطقا أن يكون الشاهدين هما إيليا وأخنوخ اللذان لم يموتا حتى الآن، لأنهما متى تمما خدمتهما سيموتا  آية 7. ونلاحظ أن الشاهدين سيكون لهما قوة غير عادية وسيقوما بعمل معجزات غير عادية، فهما أمام قوة شيطانية جبارة، ولابد لمقاومتها من قوة غير عادية يعطيها الله لهما.

فأولا : الله لا يبقى نفسه بلا شاهد.

وثانيا:  كما يقول بولس الرسول "حيث كثرت الخطية إزدادت النعمة جدا" (رو20:5).

وقد تكون النار التى تخرج من فمهما نارا حقيقية وقد تكون قوة إقناع بفساد الوحش ومن يتبعه. هما سيكون لهما سلطان عظيم فى عقوبة الأشرار حتى يمكن أن يقنعوا البسطاء الجهال. وقد يكون تحويل الماء لدم حقيقى ليعطش الناس فيعودوا لله.



آية 7 "و متى تمما شهادتهما فالوحش الصاعد من الهاوية سيصنع معهما حربا و يغلبهما و يقتلهما".

الوحش الصاعد من الهاوية = أى بقوة الشيطان الذى من الهاوية بعد أن تم حله (رؤ3:2). يغلبهما = أى يتمكن من قتلهما بعد أن كانوا هم لهم الغلبة عليه ونلاحظ أن الله سيحفظهما كما حفظ المسيح حتى تمم عمله. وبعد أن تمم المسيح عمله أسلم للصلب، هكذا هذين النبيين سيسلمان للموت بعد أن ينهيا عملهما. وموتهما لا يعنى ضعف الله، وإنما الله بموتهما وقيامتهما أمام الجميع سيعلن قوته بالأكثر ويدين من قتلهما، وهذا ما حدث فى قصة إقامة لعازر، فالمسيح لم يشفه حتى يقيمه من الموت، وتصير قصة إقامته من الموت فيها إعلان عن ألوهية المسيح.



آية 8 "و تكون جثتاهما على شارع المدينة العظيمة التي تدعى روحيا سدوم و مصر حيث صلب ربنا ايضا".

من وحشية الوحش وأتباعه أنهم سيتركون جثتى الشاهدين فى الشارع ليراهما الجميع، ففى هذا إعلان عن قوة الوحش وسيادته وإنتصاره.

على شارع المدينة العظيمة.. حيث صلب ربنا أيضا = إذا هى أورشيلم جغرافيا التى تدعى روحيا سدوم = سدوم ليس إسمها الحقيقى، بل إن الخطية السائدة فيها هى خطية سدوم أى الشذوذ الجنسى. ومن المعروف أن خطية الشذوذ الآن هى خطية منتشرة جدا. ونفهم من (دا37:11) أن ضد المسيح سيكون غالبا من الشواذ جنسيا إذ قيل عنه أنه "لن يبالى بشهوة النساء"

ومصر = خطايا مصر

1.     الكبرياء.

2.     إضطهاد شعب الله وإذلاله.

3.     العناد فى كبرياء مع إزدياد الضربات. فمع كثرة ضربات الله ضدها بيد موسى لم تتب. وخطايا الوحش وأتباعه هى هى نفسها فقد قيل عنه ذلك فى رؤ 21،20:9 وهذا يعنى عدم الإستفادة من الضربات وهو سيضطهد شعب الله فى كبرياء.



آيات 10،9 "و ينظر اناس من الشعوب و القبائل و الالسنة و الامم جثتيهما ثلاثة ايام و نصفا و لا يدعون جثتيهما توضعان في قبور. و يشمت بهما الساكنون على الارض و يتهللون و يرسلون هدايا بعضهم لبعض لان هذين النبيين كانا قد عذبا الساكنين على الارض".

الإنسان الخاطىء لا يطيق من ينبهه إلى أخطائه، وهذان النبيان كانا فى شهادتها للحق، يشهدان ضد الخطاة، فكان الخطاة بهذا يتعذبون بعذاب الضمير = عذبا الساكنين على الأرض. لذلك تركوا جثتيهما ليشمت بهما الناس. وعدم دفن الحثث هو نوع من التحقير لهما والشماتة بهما. ولقد قيل عن يهوياقيم ملك يهوذا الشرير أنه يدفن دفن حمار إذ لن يجد من يدفنه (أر19:22).

من الشعوب والقبائل والألسنة والأمم = هذا كان لا يمكن فهمه قبل ظهور التليفزيون والأقمار الصناعية، وهذه تنقل الصورة من أى مكان فى العالم لكل مكان فى العالم. ونلاحظ أن أتباع الوحش سيكونون فى كل مكان فى العالم. وأتباع الوحش سيرتاحون راحة مؤقتة لمدة 3.5 يوم.

(ومرة ثانية نصادف رقم 3.5 رمزا لأن الراحة مؤقتة). وهذه الراحة إلى حين. ونلاحظ أن مقتل النبيين سيكون فى أورشليم فالسيد المسيح سبق وقال "لا يمكن أن يهلك نبى خارجا عن أورشليم" (لو33:13).

يرسلون هدايا = فهم إستراحوا ممن عذبهم بأخبار الدينونة المزمع أن تقع عليهم إذا آمنوا بالوحش.



آيات 12،11 "ثم بعد الثلاثة الايام و النصف دخل فيهما روح حياة من الله فوقفا على ارجلهما و وقع خوف عظيم على الذين كانوا ينظرونهما. و سمعوا صوتا عظيما من السماء قائلا لهما اصعدا الى ههنا فصعدا الى السماء في السحابة و نظرهما اعداؤهما".

حتى لا تكون قيامتهما محل شك أو أنها بفعل شيطانى، سمح الله بصعودهما إلى السماء أمام الجميع. وبقيامتهما وصعودهما للسماء إنتهت راحة الأشرار المؤقتة بل دخلهم رعب، وتشدد إيمان المؤمنين الذين خارت قواهم إذ رأوا مقتل النبيين. وستكون هذه الأحداث معلنة للجميع = ونظرهما أعداؤهما إذا لن يستطيع أحد الإنكار. 3.5 يوما = وضع مؤقت فلن يظلوا أموات هكذا.



آية 13 " و في تلك الساعة حدثت زلزلة عظيمة فسقط عشر المدينة و قتل بالزلزلة اسماء من الناس سبعة الاف و صار الباقون في رعبة و اعطوا مجدا لاله السماء".

هنا نرى عقوبة فورية للأشرار بزلزلة وموت كثيرين لعل من سار وراء الوحش (ضد المسيح) يفهم حقيقة الأمور ويقدم توبة. ولكن يبدو أن هذا لن يحدث فهم صاروا فى رعبة...

وأعطوا مجدا لإله السماء = أى أنهم نسبوا لإله السماء قوة فيما صنع دون أن يؤمنوا به كإله لهم ينتسبون إليه. هم صاروا يرهبونه لكنهم لا يحبونه. وفهم البعض أن من أعطى مجدا لإله السماء هم بقية اليهود الذين يؤمنون بالمسيح الحقيقى فى نهاية الأيام.



آية 14 "الويل الثاني مضى و هوذا الويل الثالث ياتي سريعا".

الويل الثالث هو البوق السابع (آية 15). وهو إعلان عن نهاية الأيام ونهاية دولة الشر. ودولة الوحش، ونهاية تمرد الأشرار على الله وبدء الدينونة. لذلك هذا الويل الثالث هو ويل أبدى. وبهذا نفهم أن الوحش سيكون ميعاد ظهوره بين البوق السادس والبوق السابع.



آية 15 " ثم بوق الملاك السابع فحدثت اصوات عظيمة في السماء قائلة قد صارت ممالك العالم لربنا و مسيحه فسيملك الى ابد الابدين".

البوق السابع = يعلن عن الأحداث الأخيرة الخاصة بمجىء الرب يسوع على السحاب ومجد القديسين معه. ونرى أنه بعد إرتفاع إيليا وأخنوخ للسماء سادت السماء أناشيد الفرح لأن الكل قد خضع للمسيح، إذ كان فى السابق مازال البعض ليس خاضعا له (عب 8:2) بل متمردا عليه مضطهدا لقديسيه.

الآن وضع الأشرار فى بحيرة النار التى يستحقونها وتمجد الأبرار.



آية 16 "و الاربعة و العشرون شيخا الجالسون امام الله على عروشهم خروا على وجوههم و سجدوا لله".

والأربعة والعشرون شيخا = وصحة الترجمة الأربعة والعشرون قسيسا. هؤلاء يسجدون لله شاكرين إحسانه وأنه قد حقق رجاءهم.



آية 17 "قائلين نشكرك ايها الرب الاله القادر على كل شيء الكائن و الذي كان و الذي ياتي لانك اخذت قدرتك العظيمة و ملكت".

القادر على كل شىء = هو الضابط الكل الذى أخضع كل أعداءه تحت قدميه.

الكائن = كائن بذاته، لم يوجده أحد، كائن دائما. هو خالق الكل لم يخلقه أحد.

الذى كان = هو الأزلى الذى كان موجودا منذ الأزل وقبل كل خليقة.

والذى ياتى = أى الأبدى وتعنى أنه سيأتى ليدين العالم. وقد نفهم قوله الذى كان  أى الأزلى والذى ياتى = أى يأتى متجسدا إلى العالم وقدأخلى ذاته، ثم يصعد ليجلس عن يمين أبيه، ثم يأتى للدينونة.

لأنك أخذت قدرتك العظيمة وملكت = هذه تساوى جلس عن يمين الآب.



آية 18 " و غضبت الامم فاتى غضبك و زمان الاموات ليدانوا و لتعطى الاجرة لعبيدك الانبياء و القديسين و الخائفين اسمك الصغار و الكبار و ليهلك الذين كانوا يهلكون الارض".

وغضبت الأمم = لطالما تمردت الأمم على الله ورفضوا طاعة وصاياه. قال أحد الفلاسفة "إن الله يجلس فى برج عاجى فى السماء ليعطى وصايا إفعل ولا تفعل" ولم يفهم هذا الفيلسوف أن الوصايا هى لسعادته وفرحه إن التزم بها، فقداسةالإنسان لن تزيد من قداسة الله وشر الإنسان لن ينجس الله. ووصل غضب الأمم وجهلهم أن قال أحد الفلاسفة " إن كان هناك إله حقا فكيف أطيق أن لا أكون إلها ". لقد غضب الأمم (أمم كناية على من يحيوا فى نجاسة وتمرد على الله).على الله ورفضوه، وكان هذا لدينونتهم وخزيهم، يوم يغضب الله = فأتى غضبك ليجازى كل واحد بحسب عمله.



آية 19 "و انفتح هيكل الله في السماء و ظهر تابوت عهده في هيكله و حدثت بروق و اصوات و رعود و زلزلة و برد عظيم".

فى خيمة الإجتماع أو هيكل سليمان كان قدس الأقداس لا يحتوى سوى تابوت العهد الذى يظلله كاروبان رمزا للعرش الإلهى فى السماء. وكان مجد الله يظهر بين الكاروبين (ويسمى الشكينة وبالعربية السكينة فمن يرى هذا المجد الذى يقال أنه كان كنور فسفورى كان يمتلىء سكينة وسلام). وكان من يصرح له بدخول قدس الأقداس هو رئيس الكهنة ولمرة واحدة فى السنة رمزا لأن المسيح دخل السماء أى الأقداس مرة واحدة بجسده كسابق لنا وليعد لنا مكانا أبديا. والآن فالأبرار صار لهم أن يروا الشكينة أى مجد الله. ولملاحظ أن كلمة هيكل هنا وردت بمعنى قدس الأقداس. إذا لقد صار للإنسان أن يرى الله فى مجده ويعيش للأبد، بعد أن كان يقال "لا يرانى الإنسان ويعيش" (خر20:33) وذلك لأن القديسين صار لهم جسد ممجد يرون به الله. أما الجسد القديم فقد قيل عنه "لحما ودما لا يقدران أن يرثا ملكوت الله" (1كو50:15) لقد دخلت الكنيسة إلى بيت الزيجة "إلى العرس الأبدى والفرح الأبدى" (2كو18:3) + (1كو12:13) + (1يو2:3).

إنفتح هيكل الله فى السماء وظهر تابوت عهده = هذه تعنى :-

1.     صار للإنسان أن يعاين مجد الله (الشكينة) للأبد ويحيا ولا يموت ثانية.

2.     هذا يحدث لنا بالجسد الممجد وليس بالجسد الحالى.

3.     تابوت العهد فى قدس الأقداس يشير بأبعاده وطريقة عمل التابوت من خشب مغلف بالذهب أننا دخلنا للسماء، قدس الأقداس، فى المسيح عريسنا. هو إشارة لشركة العروسة (الكنيسة) مع عريسها المسيح، شركة ابدية فى أمجاد السماء.

ويرجى مراجعة تفسير خيمة الإجتماع فى سفر الخروج.

وحدثت بروق وأصوات ورعود وزلزلة وبرد عظيم = وهذه الآية متفقة مع قول السيد المسيح "تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين فى القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو29،28:5). فالآن أصبح هناك مكانين، مكان للأبرار ومكان للأشرار والأبرار سيكون لهم بروق = وعود بأمجاد أكثر وأفراح أكثر. وهم سيكون لهم إستجابة على هذا بأصوات = تسابيح وفرح بما حصلوا عليه. أما الأشرار ففى رعبهم سيكون لهم زلزلة = هذا سيكون شعور قلوبهم من الرعب ومن غضب الرب قيل أنهم سيسمعون رعود = أى ويلات. وتم التعبير عن غضب الرب بقوله برد = تعبيرا عن الضربات التى سينالونها. وفى هذا الإصحاح سمعنا بإيجاز عن دور الوحش، وفيما يلى سنسمع عن الوحش بأكثر تفصيل، سنرى قصة الكنيسة وصراع الشيطان معها منذ ولادتها وأن الوحش هو آخر فصول إضطهاد الشيطان للكنيسة، كنيسة المسيح، التى ستخرج منها منتصرة وللأبد.



الإصحاح الثانى عشر
نرى هنا صو