تفسير الاصحاح 10 من سفر الرؤيا

بدء بواسطة باسل البرطلي, ديسمبر 08, 2011, 01:19:46 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

باسل البرطلي

الإصحاح العاشر
هنا نسمع عن الرعود السبعة التى تكلمت ولم نعرف ماذا قالت، فالله منع يوحنا من أن يذكر أو يسجل ما قالته هذه الرعود. ولأنها رعود فهى تشير لأخبار مزعجة وضربات مؤلمة توجه للناس فى نهاية الأيام، وهدف الله من الضربات دائما هو أن يتوب الناس. وحتى لا يضطرب أولاد الله من هذه الأخبار نرى المسيح فى صورة ملاك قوى واضعا رجله اليمنى على البحر واليسرى على الأرض، أى أنه مسيطر تماما على الأحداث فهو ضابط الكل. بل هو مزمع أن يطهر البحر والأرض من إبليس وأتباعه، فنحن سوف نرى فى (رؤ1:13) أن هناك وحش طالع من البحر. وفى (رؤ11:13) نرى وحشا آخر طالع من الأرض والمسيح الملاك القوى مزمع أن يسحق كليهما برجليه اللتين كعمودى نار.

وليس من حق أحد أن يتصور ما قالته الرعود السبعة، فالله لا يريد إعلان ما قالته. ولكن لماذا أعلن ذلك ليوحنا؟

يوحنا هو الأكثر حبا للمسيح، والمحبة قادرة أن تكتشف ما لا يكشف لمن محبته قليلة. لذلك كان يوحنا هو أول من عرف المسيح (يو7:21). وبنفس المفهوم ففى حادثة إحراق سدوم وعمورة لم يخفى الرب شيئا عن إبراهيم. ولاحظ أن محبة يوحنا دفعته أن يتبع المسيح حتى الصليب، لذلك لم يحتاج يوحنا أن يقول له السيد المسيح إتبعنى كما قال لبطرس (يو20،19:21).

والله لم يكشف ما قالته الرعود لنا حرصا علينا من الخوف والذعر، أما يوحنا الحبيب الذى يتبع يسوع شاعرا بمحبة يسوع العجيبة له، وهو قلبه مشتعل بمحبة يسوع فلن يخاف ولن يضطرب بسبب هذه الأخبار المزعجة. بل هو مستعد بسبب محبته أن يقبل من يد المسيح أى شىء مهما كان واثقا فى حبيبه المسيح أنه صانع خيرات، لا يصنع سوى الخير، شاعرا بأمان فى يدى يسوع ضابط الكل، أما ناقصى المحبة فهم لن يحتملوا سماع الأخبار المزعجة.

قالت مريضة بمرض خطير لأب إعترافها فى شهر مارس أنها ستموت يوم 16 أكتوبر (وخبر الموت لمعظم الناس هو رعد كالرعود السبعة). ولما سألها كيف عرفت هذا. قالت له لقد أخبرتنى العذراء بأن آلامى ستنتهى فى هذا اليوم. فأراد الاب الكاهن أن يطمئنها فقال لها إذا ستشفى من آلامك فى هذا اليوم وكان رد المرأة التى أحبت الله " يا أبونا إنت فاكر إن أنا خايفة من الموت، أنا منتظرة هذا اليوم بفارغ صبر، فإذا كنت بأفرح هنا بهذا المقدار فكم وكم سيكون فرحى فى السما، عموما فالراحة من الألم ليس معناها أن أعيش على الأرض ثانية بل أن أذهب للسماء".

ومعنى هذا الرد أن الحب الذى فى قلبها لله جعلها لا تخاف من الرعود السبعة أى خبر الموت لأنها شاعرة أنها فى يدى من تحبه سواء على الأرض أم فى السماء، سواء فى حياة أم فى موت، فى مرض أم فى صحة. لمثل هؤلاء يعلن الله ما تقوله الرعود السبعة، أما لقليلى المحبة فلا يعلن لهم فهم لن يحتملوا.

ولأن هذه الأخبار ستجرى فى الأيام الأخيرة لهذه الأرض، ولأنه فى أيام البوق السادس سيكون المتبقى لهذا العالم هو فترة قصيرة جدا لينتهى نسمع عن السفر الصغير الذى يحوى مقاصد الله نحو العالم فى نهاية الأيام.

ولأن قلب يوحنا مملوء حبا للمسيح وجد حينما أكل هذا السفر أنه كان حلوا فى فمه فمقاصد الله دائما حلوة، وكل ما يعمله هو للخير، ولكن يوحنا شعر بان جوفه صار مرا، وهذه المرارة سببها:

1.     تأثره بسبب ما عرفه من آلام ستحدث للناس.

2.     حزنه بسبب ما عرفه عن خطايا الناس وعنادهم فى تلك الأيام.



آية 1 " ثم رايت ملاكا اخر قويا نازلا من السماء متسربلا بسحابة و على راسه قوس قزح و وجهه كالشمس و رجلاه كعمودي نار".

ملاكا:- ملاك معناها رسول أو مرسل، ولطالما أطلق الكتاب المقدس على المسيح "ملاك العهد" والمسيح كان يقول "الآب الذى أرسلنى" (يو30:5) وهنا نفهم أن رسالته لنا نحن المؤمنين "لا تخافوا فانا ضابط الكل".

قويا = فمهما كانت قوة الأشرار فهو الأقوى فلماذا الخوف.

نازل من السماء = فهو السماوى الذى أتى إلينا على الأرض، وصعد للسماء ليعد لنا مكانا. إذا فمكاننا معه فى السماء، فلماذا لا نحتمل بعض الآلام التى يسمح بها خصوصا أن ما تبقى من أيام على الأرض قليل.

متسربل بسحابة = لأننا لا نستطيع أن نعاين مجده، فالآن إذ نحن مازلنا فى الجسد، لا نرى مجده. ودائما نرى أن السحاب يلازم حضورمجد الرب (راجع خر35،34:40) + (1مل11،10:8) + (أع9:1) + (مت30:24).

وعلى رأسه قوس قزح = قوس قزح كان علامة أن الله يريد ألا يهلك الإنسان. والمعنى هنا أن الله يعلن أن هذا مازال فكره، فهو يريد أن الجميع يخلصون... وتكون لهم حياة ابدية.

ووجهه كالشمس = هذا ما رآه يوحنا فى (رؤ16:1) والمسيح هو نور من نور.

ورجلاه كعمودى نار = يدك بهما أعداؤه، وبهما ندك نحن العثرات، وكلما تلاشت محبة الخطية فينا نلتهب بمحبته.



آية 2 "و معه في يده سفر صغير مفتوح فوضع رجله اليمنى على البحر و اليسرى على الارض".

سفر صغير = لأن نهاية الأيام قد إقتربت والدينونة قد إقتربت. وهذا السفر فيه أحكام وإعلانات وأخبار ستحدث فى نهاية الأيام وهذا السفر ليس كالسفر المختوم من داخل ومن وراء. فهذا يعنى أنه مملوء أحداثا، فهو تاريخ الكنيسة منذ نشأتها، أما هذا فسفر صغير.

مفتوح = وليس مختوم رؤ1:5 فالأمور أصبحت واضحة لأولاد الله الذين سيفهمون تماما فى هذه الأيام مقاصد الله وخطة الله، هؤلا قال عنهم دانيال "والفاهمون يضيئون"  (دا3:12).



آية 3،4 "و صرخ بصوت عظيم كما يزمجر الاسد و بعدما صرخ تكلمت الرعود السبعة باصواتها. و بعدما تكلمت الرعود السبعة باصواتها كنت مزمعا ان اكتب فسمعت صوتا من السماء قائلا لي اختم على ما تكلمت به الرعود السبعة و لا تكتبه".

صرخ بصوت عظيم = هى صرخة إنذار أخيرة لهؤلاء الذين لا يريدون أن يرتدعوا، وهذه تعنى قداسة الله التى لا تقبل الخطية، وتشير لحب الله الذى لا يريد هلاك البشر. وها هو يسمح بآلام تعلنها هذه الرعود السبعة لعل الناس تتوب.



آية 5 "و الملاك الذي رايته واقفا على البحر و على الارض رفع يده الى السماء".

رفع يده = هى صورة القسم وفى هذا إشارة لخطورة ما يعلنه وهو نهاية الأيام، ونهاية الشر، ونهاية الصراع بين الكنيسة وقوى الشر، وإنتهاء فرص التوبة، وخضوع كل الخليقة لله.



آية 6 " و اقسم بالحي الى ابد الابدين الذي خلق السماء و ما فيها و الارض و ما فيها و البحر و ما فيه ان لا يكون زمان بعد".

أن لا يكون زمان بعد = هذه تعنى إما أن أيام الأرض إنتهت والدينونة ستبدأ أو أن الأحداث التى فى السفر الصغير ستحدث سريعا دون أن يطيل الله أناته على البشر.



آية 7 " بل في ايام صوت الملاك السابع متى ازمع ان يبوق يتم ايضا سر الله كما بشر عبيده الانبياء".

البوق السابع يعلن نهاية الأيام ونهاية دولة الشر والدجال.



آية 8 " و الصوت الذي كنت قد سمعته من السماء كلمني ايضا و قال اذهب خذ السفر الصغير المفتوح في يد الملاك الواقف على البحر و على الارض".

هو صوت ملاك كان يرافق يوحنا.



آية 9 " فذهبت الى الملاك قائلا له اعطني السفر الصغير فقال لي خذه و كله فسيجعل جوفك مرا و لكنه في فمك يكون حلوا كالعسل".

كله = أى يدرك ويستوعب ويعرف ما فيه ليعلنه للبشر.



آية 10 " فاخذت السفر الصغير من يد الملاك و اكلته فكان في فمي حلوا كالعسل و بعدما اكلته صار جوفي مرا".

فكان فى فمى حلوا كالعسل = كلمة الله حلوة ومقاصده دائما حلوة فهو صانع خيرات. وسبق كل من أرمياء وحزقيال وداود أن قالوا نفس الشىء (أر16:15) + (حز1:3-3) + (مز103:119). فكل ما يسمح به الله دائما هو للخير، وهذا هو ما يفهمه كل من يحب الله ويدرك مقاصده. وحتى هذه الآلام التى تحدثت بها الرعود السبعة، أو الموجودة فى السفر الصغير إنما هى لخير البشر، أى هدفها توبتهم.

بعدما أكلته صار جوفى مرا = هناك كما قلنا إحتمالين: الأول هو تأثر يوحنا بما سمعه من آلام ستحدث للبشر، والإحتمال الثانى هو تأثره بعناد الناس وإصرارهم على عدم التوبة (رؤ20:9).



آية 11 " فقال لي يجب انك تتنبا ايضا على شعوب و امم و السنة و ملوك كثيرين".

بعد أن فهم يوحنا ما فى السفر الصغير عليه أن يعلن ما فهمه وما سيحدث فى الأيام الأخيرة. وهذا ما سيفعله فى بقية السفر.



الإصحاح