تفسير الاصحاح 8 من سفر الرؤيا

بدء بواسطة باسل البرطلي, ديسمبر 01, 2011, 01:55:12 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

باسل البرطلي

الإصحاح الثامن
راينا من قبل الكنائس السبع وكيف أنها تمثل تاريخ الكنيسة. ثم الختوم السبعة وهى علامات تمثل وتشرح ما سيقابل الكنيسة فى مسيرتها. وإبتداء من إصحاح 8 نتقابل مع الأبواق السبعة وهى إنذارات تحث الناس على التوبة ورفض الشر والرجوع إلى الله، وهذه تسبق فترة مجىء " ضد المسيح " والأبواق السبعة تبدأ عندما يفتح الختم السابع ثم نتقابل مع الجامات السبعة وهى أحكام ضد هذا الوحش (ضد المسيح) ومن يتبعه وذلك فى إصحاح 16. إذا:-

الكنائس السبعة هى نظرة شاملة على تاريخ الكنيسة.

الختوم السبع هى نظرة شاملة على ما سيواجه الكنيسة من آلام.

الأبواق السبع هى نظرة مركزة على فترة ما قبل مجىء ضد المسيح.

الجامات السبع هى تركيز على دولة ضد المسيح والضربات على من يتبعه.

وإذا كانت الأختام السبع تمثل ما يواجه الكنيسة من آلام عبر التاريخ، وأنها ستخرج منتصرة، فإن الختم السابع يمثل ايام النهاية. لذلك فعندما فتح الختم السابع نرى السبعة ملائكة الحاملين للسبع أبواق، وهى عبارة عن ضربات يستخدمها الله كإنذارات للناس ليتوبوا قبل مجىء المسيح، فعندما يجىء ضد المسيح فهو لن يستطيع أن يخدع التائبين الذين عرفوا الله حقيقة وإنفتحت عيونهم أما من هم فى خطاياهم، وعيونهم مغلقة فسوف ينخدعوا ويسيرون وراءه.



آية1 "و لما فتح الختم السابع حدث سكوت في السماء نحن نصف ساعة".

حدث سكوت فى السماء نحو نصف ساعة = السكوت هو توقف الأصوات:-

1) أصوات تسبيح السمائيين. هو صمت الأسى لأن السمائيين قد إنكشف لهم كمية الآلام التى ستصيب العالم بسبب شروره. فكما أن السماء تفرح بخاطىء واحد يتوب فهم يحزنون لشرور الناس وإبتعادهم عن الله ومن الضربات التى ستصيبهم وتوقف السمائيين عن التسبيح هو وقت قليل تم التعبير عنه بلغة بشرية بأنه نصف ساعة، فالسكوت حدث فى السماء. لكنهم عادوا لتسبيحهم، فلا شىء يشغل السمائيين عن تسبيحهم أى فرحهم بالله وثقتهم فى عدالة أحكامه التى تصيب البشر.

2) سمعنا عن الأصوات الصادرة من العرش (رؤ5:4) وهى القرارات التى تصدر عن عرش الله. وقد صدر الأمر للملائكة بالإستعداد للضربات، ولا سبيل لتغيير قرار الله. سمعنا مثلا فى سفر أرمياء، أن الله طلب من أرمياء أن يبلغ الشعب رسالة قائلا "لا تنتقص كلمة لعلهم يسمعون ويرجعون كل واحد عن طريقه الشرير فأندم عن الشر الذى قصدت أن أصنعه بهم" (أر3،2:26).

ولكن الحال هنا مختلف، فالقرار صدر ولا أصوات أخرى أى لا قرارات أخرى.



آية 2 "و رايت السبعة الملائكة الذين يقفون امام الله و قد اعطوا سبعة ابواق".

1.     السبعة ملائكة أعطوا سبعة أبواق = الأبواق إستخدمت فى العهد القديم:-

2.     الدعوة للحرب أو إنذار بالحرب، ونحن أمام حرب روحية قائمة بين الله وإبليس.

3.     الدعوة للإرتحال ونحن الآن قرب أيام النهاية.

4.     فى الأعياد، ونحن نقترب من أفراح أورشليم السماوية.

5.     فى المناداة بالملوك، وهذه الحرب الروحية ستنتهى بخضوع الخليقة لملك الملوك.

أعطوا = أى تم تكليف كل ملاك من السبعة الملائكة ليقوم بدوره فى زمن معين.



آية 3 "و جاء ملاك اخر و وقف عند المذبح و معه مبخرة من ذهب و اعطي بخورا كثيرا لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذي امام العرش".

ملاك معه مبخرة = غالبا هو المسيح وقيل عنه مرات عديدة أنه ملاك. فملاك تعنى مرسل والآب أرسل إبنه ليفدى البشرية ويصير شفيعها لدى الآب. وهنا إستعارة من طقوس العهد القديم، إذ يدخل الكاهن ومعه مبخرة مملوءة بخورا أمام مذبح البخور ليشفع فى الشعب فيغفر الله لهم خطاياهم.

وأعطى بخورا كثيرا لكى يقدمه مع صلوات القديسيين جميعهم = فشفاعة المسيح قوية عجيبة، لكنها لا تفيد سوى المؤمنيين التائبين الذين يصلون لله = يقدمه مع صلوات القديسين. فصلواتنا بدون المسيح لا قيمة لها وغير مقبولة. لذلك علمتنا الكنيسة أن ننهى الصلاة الربانية "أبانا الذى فى السموات..." بقولنا "بالمسيح يسوع ربنا". ونلاحظ هنا أن البخور هو صلوات القديسين مع شفاعة المسيح. وشعب الله سيكون محتاجا لهذه الشفاعة القوية مع هذه الضربات القوية ليرحمهم الله ويقويهم خلالها.

مذبح الذهب الذى أمام العرش = كان مذبح الذهب (مذبح البخور) أمام الحجاب فى الهيكل. ومن وراء الحجاب كان تابوت العهد ممثلا للسماء. وحينما إنشق حجاب الهيكل رمزا لموت المسيح (عب20:10)، صار مذبح البخور الذهبى أمام تابوت العهد مباشرة رمزا لدخول المسيح بالجسد للسماء ليشفع فى المؤمنين. لذلك قال بولس الرسول ان ما كان فى المسكن هو شبه السماويات (عب5:8).

وسمى مذبح البخور مذبحا لأنه رمز للصليب الذى قدم عليه المسيح ليشفع فينا بدمه، دمه الذى صار رائحة زكية (بخور) أمام الله وشفاعة كفارية عنا.



آية 4 "فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك امام الله".

فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك أمام الله = أى كانت شفاعته مع صلوات المؤمنين مقبولة أمام الله فهم يطلبون بإسمه (يو24:16).



آية 5 "ثم اخذ الملاك المبخرة و ملاها من نار المذبح و القاها الى الارض فحدثت اصوات و رعود و بروق و زلزلة".

ملأها من نار المذبح والقاها على الأرض = قلنا فى تفسير آية 3 أن المذبح هو الصليب. وبسبب الصليب حل الروح القدس على المؤمنين، وهو حل على التلاميذ على هيئة ألسنة نار. والمعنى هنا أن الروح القدس سيعمل فى الكنيسة من خلال خدامها فى نهضات روحية منذرا قبل أن تبدأ الضربات. ولاحظ تسلسل عمل الله. ففى نهاية الإصحاح السابع تقابلنا مع دم المسيح الذى يغسل ويبيض الثياب ومن لا يحركه منظر دم المسيح الغافر، ربما يتحرك قلبه مع إنذارات وتبكيت الروح القدس. ومن لا يتحرك لهذا أو لذاك، فلعل الضربات التأديبية التى تحدث مع الأبواق تؤدبه فيتوب (رؤ20:9). ونلاحظ أن الضربات دائما تصاعدية، فمن ضربة شديدة إلى ضربة أشد.

أصوات = صوت تعاليم خدام الله وإرشاد الروح القدس. ومن لا يتحرك من التعاليم يسمع رعود = هى تهديدات وإنذارات. وهناك من يأتى بالبروق وهى وعود بالسماء أو هى معجزات بشفاعة القديسين لجذب القلوب المتحجرة زلزلة = قد تفهم روحيا بأن قلوب المؤمنين تتزلزل بعمل الروح القدس ويعودون بالتوبة. كما تزلزل قلب فيلكس الوالى من كلام بولس الرسول ولكنه للأسف لم يتحرك ولا تاب (أع25:24). وقد تفهم أنها وقت تزداد فيه الزلازل والبروق والرعود فعلا ليخاف الناس ويتوبوا، أى يستجيبوا لعمل الروح القدس (نار المذبح) وقد لاحظنا إمتلاء الكنائس وزيادة عدد المعترفين بعد زلزال سنة 1992 الشهير.



آية 6 "ثم ان السبعة الملائكة الذين معهم السبعة الابواق تهياوا لكي يبوقوا".

الملائكة تهيأوا لكى يبوقوا = بعد أن تمت فرصة الإنذارات وتبكيت الروح القدس وعمله، إستعد الملائكة لتنفيذ الضربات.

ونلاحظ فى الضربات أنها كانت تصيب الثلث فقط. إذا لم يكن الغضب شاملا يكتسح الكل، إذ إستطاعت الرحمة أن تفسح مجال الحياة للثلثين(لعلهم يتوبوا). وهذا غير المجاعات، ففى المجاعات، الضربات للكل. فمن سيرفض كل هذه الإنذارات ويستمر فى خطيته بلا توبة، سيضل وراء ضد المسيح حين ياتى. ومثل هذا لا أمل فى تحريك قلبه مرة آخرى بأى محاولة حتى يتوب.



آية 7 "فبوق الملاك الاول فحدث برد و نار مخلوطان بدم و القيا الى الارض فاحترق ثلث الاشجار و احترق كل عشب اخضر".

البوق الأول

ضربة البرد والنار تشير لكرات من البرد تنزل من السماء، وعند إحتكاكها معا يخرج منها السنة لهيب تحرق غذاء الناس (الأشجار) وغذاء البهائم (العشب الأخضر) وكرات البرد المتساقطة هى ايضا تدمر المزروعات وتصيب الناس فيجرى الدم. والدم مع البرد مع النار إشارة لغضب الله (يؤ30:2). وحينما غضب الله على مصر ضربها بكرات البرد والنار وحول الماء إلى دم. إذا البوق الأول هو إنذار بمجاعات، وهذا ما نسمع عنه فى كثير من بلدان العالم خاصة فى إفريقيا.



آيات 9،8 "ثم بوق الملاك الثاني فكان جبلا عظيما متقدا بالنار القي الى البحر فصار ثلث البحر دما. و مات ثلث الخلائق التي في البحر التي لها حياة و اهلك ثلث السفن".

البوق الثانى

البحر بمياهه المالحة ومن يشرب منها يعطش، وأمواجه المتقلبة يشير للعالم.

والجبل العظيم المتقد بالنار = هو قائد عسكرى دموى (أر25:51) يثير حربا فى العالم (حرب عالمية). ومثال على ذلك هتلر الذى فجر الحرب العالمية الثانية التى مات فيها 50 مليونا من البشر. وقد يكون الجبل دولة عظمى أو إمبراطورية عظيمة (رؤ9:17) لها طابع عسكرى وتثير حربا عالمية.

فصار ثلث البحر دما = والحروب هى إنذارات من الله لكى نتوب. وهنا نرى أنه من مراحم الله، أن الله يعطى فرصة للثلثين الباقين أن يحيوا ليتوبوا. وأهلك ثلث السفن = فتقل التجارة ويزداد الغلاء، ولعل الضيقة تدفع البعض لإكتشاف تفاهة الملذات الزمنية. وكيف يسمح الله بموت أولاده فى هذه الحروب ؟ وما المانع، فهم سيذهبون للسماء. وهذه مجرد وسيلة ينتقلون بها من الأرض. هم أنهوا أعمالهم التى خلقوا من أجلها (أف10:2) فذهبوا ليستريحوا.



آيات 11،10 "ثم بوق الملاك الثالث فسقط من السماء كوكب عظيم متقد كمصباح و وقع على ثلث الانهار و على ينابيع المياه. و اسم الكوكب يدعى الافسنتين فصار ثلث المياه افسنتينا و مات كثيرون من الناس من المياه لانها صارت مرة".

البوق الثالث

سقط من السماء كوكب عظيم = هو قائد دينى كانت له سمعته كمصباح ووقع على ثلث الأنهار إشارة لتلويث التعليم الصحيح ومزجه بهرطقات.

كالإفسنتين = هو عشب مر جدا وسام إشارة للهرطقات التى تبعد الناس عن طريق الإيمان الصحيح فيموتون روحيا (أمثلة على ذلك آريوس وشهود يهوة) الذين قالوا أن المسيح ليس هو الله. ولكن لماذا يسمح الله بهلاك مؤمنين بسبب تعاليم فاسدة؟ من يتبع هذه التعاليم الفاسدة فيهلك هم أوراق الشجر الخريفية التى بلا ثمر (يه12) + (رؤ13:6) هم أموات أصلا كأوراق بلا عصارة هبت عليهم رياح الهرطقات فظهر سقوطهم إذ قبلوها.



آية 12 " ثم بوق الملاك الرابع فضرب ثلث الشمس و ثلث القمر و ثلث النجوم حتى يظلم ثلثهن و النهار لا يضيء ثلثه و الليل كذلك".

البوق الرابع

البوق السابق كان يتكلم عن قائد دينى كبير، ولكن هذا البوق يتكلم عن بلبلة تحدث داخل الكنيسة ويغيب التعليم الصحيح، فتصبح صورة المسيح غير واضحة،

ضرب ثلث الشمس = أصبحت لا تجد صورة المسيح الصحيحة داخل هذه الكنائس ثلث القمر = إن كانت الشمس كناية عن المسيح شمس البر، فالقمر كناية عن الكنيسة إذ هى تعكس نوره. والمعنى أن الناس حينما لم يجدوا صورة المسيح فى الكنائس تركوها. وفى أماكن كثيرة باعوا الكنائس لأنه لا يوجد شعب. هذه كانت حالة الكنائس المنشقة. بل أن القيادات الدينية ضربت = ثلث النجوم.     النهار لا يضىء ثلثه = النهار إشارة لمن يريد الله ويبحث عنه، وللأسف فهو لا يستطيع أن يجده، فى هذه الكنائس فى ظل هذه الهرطقات.

والليل كذلك = الليل إشارة لمن هم فى الخطية. وكانت كلمات الكنائس تنير طريقهم للتوبة. وما عادت الكنائس تنير لأحد (هناك كنائس تحولت لصالات ديسكو).



آية 13 " ثم نظرت و سمعت ملاكا طائرا في وسط السماء قائلا بصوت عظيم ويل ويل ويل للساكنين على الارض من اجل بقية اصوات ابواق الثلاثة الملائكة المزمعين ان يبوقوا".

ويل ويل ويل = الضربات السابقة شىء، والآتية أفظع ولا تقارن بما سبق، لذلك أسماها ويلات للساكنين على الأرض.

والله سمح بالآلام السابقة لعل الإنسان يقدم توبة ويرجع إلى الله. ولكن إزداد الناس عنادا، ولذلك أطلق يوحنا على خطية الناس وعنادهم هذا "خطية مصر" (رؤ8:11) مثلما رفض فرعون إنذارات موسى، بل إن مع تزايد عنف الضربات تزايد عناد فرعون. وهذا ما ينبه الله له هنا فى (رؤ20:9) بقوله... فلم يتوبوا. فالهدف إذا من هذه الضربات هو أن يشعر الناس بأن ما إختاروه لأنفسهم من خطايا وأفكار إلحادية وإبتعاد عن الله سبب لهم مزيدا من التعاسة. والله سمح بأن يطلق إبليس على مراحل، وكل مرحلة فيها آلام للبشر أسماها الكتاب هنا الويلات. فالأبواق الثلاثة الأخيرة هم الثلاث ويلات. والله يطلق الشيطان:-

1.     لأن الناس يريدون هذا، الناس يريدون الخطية، ولا يريدون الله. فليكن لهم إذا ما يريدون تطبيقا للآية "ليعطك الرب حسب قلبك ويتمم لك رأيك" (مز4:20) والمقصود، دع الناس يجربون ما أرادوه وما إشتهوه ليفهموا أن ما كانوا يشتهونه لم يسبب لهم فرحا أو سلاما.

2.     لعل البعض حين يشعرون بالآلام الناشئة عن إختيارهم يعودون لله بالتوبة.