تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

الجيتو العراقي

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, نوفمبر 26, 2011, 09:14:03 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

الجيتو العراقي






26/11/2011


محمد الكاظم
في الوقت الذي تتقارب فيه دول العالم عبر الدخول في احلاف وشراكات دولية تركز على المشتركات وتحاول تذليل العقبات وتجاوز مشكلات التاريخ والجغرافية والعرق واللغة والدين والهوية، يعيش العراق حالة استعداء الاخر كأن الذهنية العراقية التي اعتادت على منطق الشك والريبة في الاخر لاتزال حاضرة دون اعطاء الاخر والذات فرصة لتحقيق نقلة في العلاقات الثنائية على مستوى الدولة والافراد.
فعلاقة العراق لاتتسم بالايجابية المثالية مع كل دول المنطقة رغم الحديث المستمر عن السعي لتصحيح الأوضاع.. واذا كانت دول المنطقة تتحمل جزءا من هذا الشرخ العراقي الاقليمي فالعراقيون يتحملون ايضا الجزء الاخر فهناك سوء تعاط مع ملف العلاقات الخارجية وهناك رأي عام ممانع للانفتاح على الآخر الاقليمي نتيجة لتراكمات السياسة والاحتقانات المعتادة، والدبلوماسية الشعبية لاتزال معطلة مع الجميع. والاعلام فاقد للبوصلة التي تحركه، ومنظمات المجتمع المدني غائبة
فنحن لدينا سلسلة مشاكل مع الجار الكويتي وازمة ميناء مبارك تذكي الخلاف القديم بين البلدين. وتنمي مشاعر الضغينة التي صنعها النظام الدكتاتوري السابق باحتلاله الكويت. ومع ايران هناك مشاعر اكثر دموية واكثر صخبا تقوم على مشاعر ريبة ولدها العامل الطائفي وتركة حرب السنوات الثمان. هناك ايضا ارتياب من السعودية الطرف الآخر في صراع القوة الطائفي وهناك مشاعر عدائية نجمت عن مواقف سعودية مضادة للعملية السياسية قابلتها مواقف عراقية حادة.
العلاقات مع تركيا ليست بأحسن حالاتها في ظل استمرار القصف التركي للحدود. ومخاوف من ان تدخل تركيا  في اللعبة الطائفية وهي المتمترسة بشعارات الدولة العثمانية الجديدة
سوريا ايضا بيننا وبينها ماصنع الحداد رغم القرار العراقي الاخير بعدم التصويت على القرار بايقاف عضوية سورية في الجامعة العربية. في محاولة عراقية لتحييد الموقف السوري  لكن ذلك
لايلغي موقف نظام البعث  السوري
من الجماعات الارهابية التي تدخل العراق. ومع الاردن هناك تراث من المواقف الممتدة من المساندة الاردنية للنظام الدكتاتوري السابق الى استضافة الاردن للمناوئين للعملية السياسية مرورا بالمنحة النفطية العراقية التي تثير غصة العراقيين.
وللاسف لم يفلح العراقيون في حلحلة الاشكالات مع دول الجوار، او تحييد بعضها او اقامة شراكات او تحالفات معها في ظل بقاء ملف العلاقات الخارجية باهت المعالم يسوده التخوف من البدء بصفحة جديدة مع هذه الدول او بعضها خشية انعكاس اي تطور في العلاقات الخارجية مع احدى هذه الدول على الوضع الداخلي والتوازانات المحلية المعقدة. لأن هناك انقساما في الرأي الداخلي في طبيعة التعامل مع  كل دولة على حدة. نتيجة لشيوع منطق العصبيات ومؤسسات ماقبل الدولة وتأثيرها على صناعة السياسة الخارجية، ومن الواضح ان تلك الدول تعاملت مع التجرية العراقية تعاملا سبب ردة الفعل العراقية تلك.
  لكن من المفترض ان لايستسلم العراق لعمليات الاقصاء المتعمدة. وينزوي الى "جيتو" يقوم على عقدة اضطهاد تستمد بقاءها من فكرة تهديد مستمر من الآخر. والاستمرار في اعادة انتاج فكر الضحية، كأننا نستسلم اختياريا للعزل. وننغلق ثقافيا جاعلين الآخرين في خانة "الأغيار" الواجب اجتنابهم او وضعهم في خانه الاعداء الدائمين.
فكما ان في كل ثقافة منغلقة هناك أغيار من خارج الجيتو أو الجماعة، فقد تعاظم الاحساس بالاضطهاد والريبة من هؤلاء الاغيار ونمت كراهية الآخر. خاصة اذا كان من مذهب اخر.او من بلد اخر.او يتبنى خطابا مغايرا.
هذا الأمر الذي استمر طوال السنوات الماضية ساهم في تكريس حالة التوجس من الآخر على الصعيد الاقليمي ثم انعكس على الصعيد الداخلي فصار هناك جيتو شيعي وآخر سني وثالث كردي ورابع تركماني الخ .
تتحرك هذه "الجيتوات" في اطار جيتو كبير اسمة الجيتو العراقي, المنغلق على ذاته عاكسا حالة من الارهاب غيرالمبررة
وربما آن الاوان لأن  يتفهم العراقيون مصالح الدول الاخرى، وربما ريبتها وشكوكها في التجربة العراقية الناشئة،ومواقفها المتضادة بتضاد الفرقاء الداخليين. وعليهم ان ينفتحوا اكثر على دول الاقليم محاولين ايجاد مشتركات تضمن مصالح الطرفين وتحقق أمن الطرفين.
وتوظيف الاختلاف الداخلي على مستوى المكونات في دعم السياسة الخارجية الموحدة للبلاد بدل التحول الى وكلاء محليين للمنتج السياسي الاقليمي الذي استغل وجود مناطق رخوة في الخطاب العام فساهم في تعقيد شبكات العلاقات المحلية, فالاخرون يلعبون على التناقضات العراقية والعراقيون لايحولون هذه التناقضات الى عناصر قوة ونفاذ الى عقل الاخر وسياسته.
نحتاج الى علاقة بعيدة عن منطق الاستعداء والتشنج الذي غرسه النظام الدكتاتوري السابق والتخفيف من سلوك الضحية المتداولة في الجيتو العراقي وعدم تحويل ملف العلاقات الخارجية الى ساحة للتوظيف السياسي والمكاسب الفئوية.
اقول ختاما.من غير الطبيعي ان يكون الجميع اعداء لنا ،فالاردن عدوتنا لانها تاخذ نفطا مجانيا، والكويت عدوتنا لانها تريد بناء ميناء مبارك، وايران عدوتنا لان السنة لايحبونها، والسعودية عدوتنا لان الشيعة لايحبونها، وتركيا عدوتنا لان الكرد لايحبونها. وسوريا عدوتنا لان نظامها بعثي، الامر ينسحب على قطر التي تدعم القاعدة والبحرين التي تقمع الشيعة  واليمن التي تستضيف البعثيين وهكذا الأمر مع بقية الدول. نحن مطالبون بترميم علاقتنا مع بعضنا البعض وبالتالي ترميمها مع الاخرين.. فاذا كان كل هؤلاء اعداء لنا فمن هم اصدقاؤنا إذن؟؟
http://www.alsabaah.com/ArticleShow.aspx?ID=17516
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة