تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

الربيع العربي والشتاء الأمريكي

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, نوفمبر 20, 2011, 03:07:05 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي



الربيع العربي والشتاء الأمريكي



آرون ديفيد ميلر
ترجمة ــ سناء عبدالله
يقول يوليوس قيصر في مذكراته التي كتبها عن حروبه الاوربية ان بلاد الغال في أوربا تنقسم الي ثلاثة أجزاء. أما بالنسبة للأمريكيين، فإن العالم العربي، حتي الآن، ينقسم الي جزأين من النظم الاستبدادية العربية يحكمهما خصوم ومذعنون. لقد شهدت الأشهر الثمانية الأخيرة تغيرات عميقة انقرض خلالها المستبدون العرب، الراغبون منهم وغير الراغبين.
لم يتبق حاليا سوي دول عربية من دون زعماء أقوياء أو ذوي سلطة. وتمر هذه الدول في خضم تحولات فوضوية طويلة، وممالك تحاول أن تساير الأوضاع وأن تجهض التحولات الجذرية القادمة (كالسعودية والمغرب والأردن)، فضلا عن لاعبين غير حكوميين ما برحوا في حرب ضد أنفسهم (كحزب الله والفلسطينيين) ــ وهي تركة تكفل للولايات المتحدة بيئة مضطربة ومعقدة. في هذا السياق، يبادر قلة من المعنيين بتقديم مقترحات لسياسات أمريكية باتت مستهجنة علي نطاق واسع في المنطقة.
وقد يأتي هذا القوس الواسع من الربيع العربي بمزيد من الشفافية، والمساءلة، والمساواة بين الجنسين، وبالتأكيد، ببعض من الديمقراطية الحقيقية. غير أن المدي القريب لا يعد بأي شيء من هذا القبيل، بل يبشر بأجواء أقل ترحابا بالولايات المتحدة التي شهدت تراجعاً في مصداقيتها.
لقد تعاملت الولايات المتحدة لنحو خمسين عاما مع نمطين من الزعماء العرب: الخصوم (سوريا وليبيا والعراق) والمذعنون (مصر وتونس والسعودية والمغرب والأردن وبعض دول الخليج العربي الرئيسية). ولعب أيضا، في أوقات أخري، كل من أولئك الخصوم دور الشريك لفترة زمنية قصيرة: كالعراق ضد ايران، وسوريا في عملية السلام، وليبيا في التخلي عن أسلحة الدمار الشامل مقابل انهاء عزلتها. غير أن النمور لا تغير طباعها. ان النهاية الدموية لصدام حسين ومعمر القذافي، وربما في مرحلة ما لبشار الأسد الأصغر منهما سنا، دليل واضح علي ما أشرنا اليه.
ولقد ساهم هؤلاء القادة العرب المستبدون، في أغلب الأحيان، بالحفاظ علي المنطقة في اطار أوضاع مستقرة يمكن التنبؤ بأحداثها حيث شهدت المصالح الأمريكية ازدهارا شمل احتواءً ناجحا للاتحاد السوفيتي السابق، الحصول علي النفط بأسعار عادلة، تحقيق الأمن لاسرائيل، علاقات وثيقة مع المذعنين بل حتي تحقيق تقدم في عملية صنع السلام بين العرب واسرائيل. لقد تركت هذه الأوضاع لأمريكا دورا فهمته وأجادته في آن واحد. وبطبيعة الحال، لم تكن الصورة وردية دائما، فقد شهدت العلاقة أوقات متكدرة من نزاع عربي-اسرائيلي تمخضت عنه بعض الحروب، وأزمات نفطية، وثورة ايرانية رافقها تطرف اسلامي، وبعض المآسي التي جلبتها أمريكا علي نفسها مثل عملية حرية العراق. غير أن الولايات المتحدة حصلت، بشكل عام، علي تقدير عال من المستبدين المذعنين مقابل تقدير متدنٍ من شعوبهم.
ولمَ لا؟ لقد عقدت أمريكا صفقة مع الشيطان: فمقابل منح الأصدقاء المستبدين رخصة لادارة بلادهم والتصرف في مجالات حقوق الانسان (والتعرض الي الخصوم في بعض الأحيان)، تمكنت من ضمان تعاونهم في طيف من القضايا. بيد أن واشنطن قد تجد اليوم نفسها في موقف غريب لا تحصل فيه لا علي الديمقراطية ولا الاستقرار. لقد بلغت قيمة الأسهم الأمريكية في المنطقة أدني مستوي لها علي الاطلاق، فقد ذهب شركاء أمريكا، وذهب معهم رفاق السوء المعروفون، ولا يُعرف علي وجه اليقين من وماذا سيحل محل أولئك الشركاء. اننا نواجه اليوم ليس مجرد ربيع عربي بل طيفاً واسعاً من الاحتمالات الغامضة وهي علي درجة كبيرة من التعقيد قد تتواصل لسنوات عديدة مقبلة.
وتقدم تونس، حيث ابتدأ فيها كل ذلك، علي نحو مناسب، أفضل فرصة لقيام ديمقراطية قادرة علي البقاء. ويرجع بعض ذلك الي حجم البلاد الصغير وعدم أهميتها. وفي مصر وليبيا، حيث كانت الآمال كبيرة، فان الأوضاع هناك تدعو الي التأمل. وتعد مصر أقل حرية وازدهارا وأمنا قياسا بما كانت عليه في فترة حكم حسني مبارك، ومن المتوقع أن تمضي نحو مستقبل شبيه بتركيا، لكن قبل عقدين من الآن. أما ليبيا، التي تبلغ مساحاتها قدر مساحة منطقة ألاسكا، ويبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة فقط مع الكثير من النفط، فينبغي أن تلقي نجاحا. غير أن ليبيا ليست أوربا الغربية. ان المليشيات المتناحرة والاسلاميين المتطرفين والتدخلات الخارجية وغياب تقاليد الادارة الذاتية والخبرة من شأنها جميعا أن تكلف ليبيا وقتا شاقا وطويلا.
في هذه الأثناء، تبدو الأوضاع في مناطق أخري أسوأ بكثير. ففي سوريا، لا يعرف أحد كيف ستتطور الأحداث: حيث تتراوح السيناريوهات بين تكرار التجارب الأخري الي الحرب الأهلية مرورا بانقلاب علوي ضد الأسد- بل حتي امكانية (أرجو ألا تغضبوا عليّ) حدوث تدخل عسكري خارجي من نوع ما في حال ارتفعت حدة اراقة الدماء الي درجات كبيرة. وبوسعنا أن نكون علي درجة عالية من الثقة بأنه مهما سيتكشف، فان ذلك سيكون طويلا ومعقدا ودمويا. وفي اليمن، حيث لا يفهم معظم الناس (وأنا من بينهم) ما يجري حقا، فالوضع هناك ليس واضحا. غير أن الأمور هناك لا تبشر بخير.
ورغم غرابة الأمر، يبدو أن النظم الملكية تحظي بأفضل الحظوظ قدر تعلق الأمر بتجنب مثل هذه التحولات المؤلمة. لقد ساهمت عوامل مشتركة، وبدرجات متفاوتة، جمعت بين المال والشرعية التي يوفرها الاسلام وبعض القيادات المتنورة بتجنب وقوع التحولات تلك (السعودية والمغرب والاردن وعُمان). لكنه ليس من الواضح تماما كم سيتسمر الحال علي هذا المنوال. فعند مرحلة ما، ان لم يتمتع هؤلاء الحكام بما يكفي من الذكاء لاجراء الاصلاحات اللازمة، بل حتي لو امتلكوه، فقد تُقرع الأجراس للملوك أيضا.
أعرف بأن الناس يقولون، كن صبورا، فأن قوس الربيع العربي يمتد طويلا وقدپيجلب معه السعادة. وقد يكون هذا الأمر حقيقة بالنسبة للعرب، فهم يتولون بالفعل زمام السيطرة علي مصائرهم وسوف يتاح لهم أخيرا، كما كان ينبغي أن يحصل، أن ينظموا حياتهم بأنفسهم.
غير أن الأمر قد لا يكون بهذه البهجة بالنسبة للأمريكيين. ان سياساتنا، التي تلقي معارضة من أدني المنطقة الي أقصاها، لا يتوقع لها أن تتغير. لقد شهدت قدرتنا علي احراز النجاح في كسب الحروب وصنع السلام، وهي المقياس الحقيقي للاحترام والاعجاب (رغم ما حدث في ليبيا)، تضاؤلاً وكذلك كان حال مصداقيتنا في الشارع العربي. فنحن غير قادرين علي ايجاد حل للقضية الفلسطينية، ولا نستطيع منع ايران من الحصول علي القنبلة، ولا نستطيع ايجاد طريق لتحقيق الانتصارات في العراق وأفغانستان، ولا زلنا متورطين في صفقة شيطانية مع السعودية والبحرين. نبدو علي شبه كبير من شخصية (جاليفر) المعاصرة وهو مشدود بحبال قبائل الأقزام التي تمثل أوهامنا، أكثر مما تمثل ذكاء وقوة وعدالة قوة عظمي.
يتعين علينا، ان كان بوسعنا، أن نفك هذا التشابك وأن نبذل مزيدا من الوقت والموارد علي دارنا المتهرئة، ولكننا للأسف غير قادرين علي ذلك. وهنا تكمن معضلة أمريكا اليوم: عالقون في منطقة (مع قلة من الأصدقاء) لا نستطيع البقاء فيها أو الرحيل عنها.

http://www.azzaman.com/index.asp?fname=2011\11\11-18\778.htm&storytitle=
صحيفة لوس انغلس تايمس
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

د.عبد الاحد متي دنحا

شكرا استاذ ماهر على الموضوع والذي يحلل سياسة امريكا بموضوعية

مع تحيات

عبدالاحد
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير

ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة