تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

التاريخ يتحرك مرة أخرى

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, أكتوبر 19, 2011, 03:23:40 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

التاريخ يتحرك مرة أخرى

مصطفى هميسي

اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين لبحث أزمة الديون في أوروبا وأمريكا، جاءن معها ككل مرة مظاهرات واحتجاجات عالمية. هذه الاحتجاجات عرفت هذا العام مزيدا من القوة والتوسع.

فأكثر من 950 مدينة في أكثر من 80 دولة نظمت وستنظم مظاهرات واحتجاجات عارمة على النظام المالي الرأسمالي العالمي، بدءا من مدريد وإلى غاية نيويورك وواشنطن.

الناقمون، كما يسميهم الإعلام الغربي، والثوريون ضد النظام العالمي، كما يمكن أن نسميهم، ازدادت صفوفهم قوة وتأكدت تخوفاتهم من الرأسمالية المتوحشة، مع الأزمات العميقة والخادة التي يعيشها النظام الراسمالي برمته.

كل ذلك يؤكد شيئا أساسيا، نحن نعيش على وقع تحول تاريخي هام بشائره واضحة أمامنا أكثر من أي وقت مضى. معاقل الرأسمالية تعرف " الربيع العالمي"، إنها تعيش ثورة هادئة ولكن عميقة. هل هي بداية انهيار الرأسمالية أو الراسمالية المتوحشة على الأقل؟

سبق أن كانت هناك دعوات لإقامة نظام إقتصادي عالمي جديد ـ لست أدري هل يعرف شبابنا أن جزائر هواري بومدين هي التي كانت تقود هذه الدعوة ـ هذه الدعوة تولاها اليوم المستضعفون في الدنيا إنهم العمال والكادحون إنها المعارضة التي بدأت تكبر ضد الرأسمالية العالمية وعلى نظامها الفاسد والمفسد.

منذ سقوط الأنظمة الشيوعية دخل العالم ما أسميه " حمى الديمقراطية" ولكن الغرب المتباهي بانتصار الرأسمالية بشكل خاص، في الوقت الذي كان يدعو إلى " ديمقراطية مجتمع الدولة وتعدديته " راح يتجه نحو " الأحادية على مستوى المجتمع الدولي". وهنا ولدت رأسمالية متوحشة واتجهت تدريجيا للابتعاد عن الانتاج ودخول مرحلة المضاربة والربح السريع والوهمي.  لقد فقدت الرأسمالية صوابها كما قال الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد الأمريكي جوزيف ستيغليتز.

فرنسيس فوكوياما تسرع عندما أعلن بلهجة فيها الكثير من الزهو " نهاية التاريخ والانتصار الحاسم والنهائي للرأسمالية والليبرالية" لكن يبدو أن التاريخ يتحرك أمامنا بشكل يطرح علامات استفهام أساسية بل هي أسئلة وجودية منها: أي مستقبل للرأسمالية؟ ومع هذا التساؤل هناك تساؤلات أخرى لا تقل أهمية وهي متصلة هذه المرة بالحضارة الغربية هل هي تعيش بداية تراجع دورها في العالم؟

في عام 1988 كتب سمير أمين كتابه " ما بعد الرأسمالية" ورأى في مقدمته التي راجعها في 2003  أن " .. للرأسمالية [ مستقبلا] إلى أن تنضج قوى اجتماعية قادرة على تقديم بديل اشتراكي وكسب الجماهير الواسعة على هذا الأساس وإقامة تنظيم فعال مؤات للغرض. وفي الوقت نفسه لا يزال يبدو لي أن الرأسمالية عاجزة عن حل مشكلة التخلف .."

ليس سمير أمين هو الوحيد الذي كتب في الموضوع وتوقع سقوط الرأسمالية أو أنها ستعيش مصاعب، فهذا الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد جوزيف ستيغليتز، كما سبقت الإشارة، يكتب تحت عنوان فيه الكثير من الإحاءات وهو: " عندما تفقد الرأسمالية صوابها " وقد تساءل فيه بالخصوص عن : " .. هل انتقلنا من انتصار الرأسمالية المزعوم على الطريقة الأمريكية ـ والقائمة على قواعد غير أكيدة ـ إلى انهيار مثبط لها..؟"

أما الكاتب الأمريكي اللاتيني هرناندو دي سوتو فقال في كتابه سر رأس المال " .. استنفدت الرأسمالية بانتصارها على الشيوعية استنفذت جدول أعمالها القديم .. وتحتاج إلى مجموعة جديدة من الالتزامات. وليس هناك من معنى للاستمرار في الدعوات لاقتصادات مفتوحة بدون مواجهة حقيقة أن الإصلاحات الاقتصادية الجارية لا تفتح الأبواب إلا لنخب صغيرة تمت عولمتها وتستبعد معظم البشرية ..". الرأسمالية اليوم، وبالنسبة للكثيرين، سبب في مزيد من الأزمات ومزيد من تراجع الديمقراطية والحريات.

أكثر من هذا فإن البعض أكد مثل بيار بيارناس: " أن القرن 21 لن يكون أمريكيا" وذهب ايمانيال تود حد الحديث عن سقوط الإمبراطورية الأمريكية لأنها تعيش عالة على العالم  وذلك في كتابه " ما بعد الإمبراطورية" بل وذهب حد الحديث في كتابه الأخير عن " ما بعد الديمقراطية"!! وتحدث فرانسوا هايزبورغ في صيغة تساؤل عن " نهاية الغرب"!

فهل نعيش اليوم ملامح بدايات انهيار النظام الرأسمالي وأي نظام سيقوم بعده؟ هل هناك تهديد للديمقراطية، أم أن النظام الحالي يمثل سطوا مغلفا من قبل أصحاب المال والنفوذ على الديمقراطية التمثيلية واستطاعوا تدجينها تماما ولا بد من " تطهير" الديمقراطية مما علق بها من انحرافات؟

في كل الأحوال فإن السذاجة التي تعاملت بها بعض النخب في العالم الثالث، وحتى عندنا في الجزائر، في أن الخلاص هو في الانتقال الكلي نحو الليبرالية السياسية والاقتصادية وأن رجال الأعمال ( إن وجدوا طبعا) هم من يقود التنمية وحتى النهضة. هذه الخرافة كلفتنا الكثير من الوقت الضائع ومن الثروة المنهوبة بلا أي فائدة تذكر.

التاريخ يبدو أنه يتسارع الآن مع هذه المظاهرات وهذه الاحتجاجات التي وصلت معاقل الرأسمالية في وول ستريت وفي اليابان وفي أوروبا. الناس تحتج عبر المعمورة بشكل عارم على هذا النظام الفاسد والمفسد فأي انعكاس لذلك؟ في كل الأحوال الرأسمالية مشكلة وليست حلا. والغريب أن بلدان العرب والبربر لم تعرف برمجة أي مسيرة ولو رمزية لمشاركة البشرية المعذبة نضالها من أجل التغيير وهو أمر سيعود بالفائدة على كل شعوب المعمورة.
فهل يمكن أن تعرف الرأسمالية مرحلة مراجعات نظرية كبرى أم لا مجال لإصلاحها وأن الانهيار هو مآلها مثل كان مآل الشيوعية منذ عشرين سنة؟

      http://www.lanation.info/التاريخ-يتحرك-مرة-أخرى_a378.html

لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير