أُكلنا يوم أُكل الثور الإيراني - إيران وقتل السفير السعودي

بدء بواسطة صائب خليل, أكتوبر 14, 2011, 10:49:21 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

قال الأمريكيون أنهم أفشلوا عملية إرهابية باسم "عملية التحالف الأحمر"، تديرها "جهات مسؤولة عليا" في إيران تستهدف قتل " عادل الجبير"، السفير السعودي في واشنطن، وكذلك تفجير السفارتين السعودية والإسرائيلية في واشنطن وبوينس آيرس البرازيل، واحتمال قتل مئات الأمريكيين إن تطلب الأمر.
وحسب القصة الأمريكية الرسمية فأن أمريكياً إيراني الأصل باسم "منصور اربابسيار" قد اتصل لحساب غلام شكوري من حرس الثورة الإيرانية بكارتل كبير لتجارة المخدرات في المكسيك والمعروف باسم منظمة "زيتا" ، وعرض عليهم مبلغ مليون ونصف مليون دولار مقابل قتل السفير. لكن الرجل الذي اتصل به اربابسيار، كان في الحقيقة مخبر يعمل لـ "إدارة محاربة المخدرات" الأمريكية (DEA). وتقول القصة الأمريكية أن اربابسيار حول مرتين خلال 10 أيام ، مبلغا مقداره 49 الف و 960 دولار في كل مرة، إلى بنك يديره سراً مكتب التحقيقات الفدرالي- الـ إف بي آي. وقال التقرير أن الرجل الإيراني الأصل اخبر العميل السري بأن الحكومة الإيرانية مستعدة لتجهيزهم بـ "أطنان من الأفيون".(وهنا قرار الإتهام(1) )
وهاتف اوباما السفير السعودي عادل الجبير وأعرب له عن تضامن بلاده معه ضد المؤامرة. وقالت كلنتون أن واشنطن تريد زيادة عزلة إيران بعد المؤامرة التي "تشكل انتهاكا للمعايير الدولية". وقال جو بايدن نائب الرئيس الاميركي إن إيران ستحاسب على المؤامرة وإن إدارة  الرئيس باراك أوباما تعمل على توحيد الرأي العالمي وراء رد  أميركي محتمل (2). كذلك اعلنت الجمعيات اليهودية في اميركا والأرجنتين بترحيبها بالموقف الأمريكي، وأكدت ان الرواية صحيحة ومتناغمة مع طبيعة العنف للجمهورية الإسلامية. (3)
وادعى الرئيس السابق للاستخبارات السعودية بوجود "ادلة دامغة" على ان ايران تقف وراء "مخطط قتل السفير السعودي في واشنطن" واضاف : انه لا بد "ان تدفع ايران الثمن"، بينما قالت المتحدثة عن السفارة السعودية أنها غير مطلعة على موضوع المؤامرة. (4)

من جهة أخرى نفى كل من حرس الثورة الإيراني (5) ووزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي القصة. وقال الوزير ان الشعب الايراني واع، ويتحرك في اطار الحكمة والمصلحة ولايرحب بالمواجهة ابدا، وعلل الموضوع بالمشاكل الكبيرة التي تعاني منها الادارة الاميركية حاليا في الداخل الاميركي.(6) ، وقالت بعثة إيران في الأمم المتحدة أن التهمة استخفاف بعقول الناس في العالم كله (7).
هذ ملخص القصة وبعض المواقف منها، ولمن يريد أن يصدق على الثقة ليصدق، ومن يريد أن يكذب على عدم الثقة فليفعل ومن يريد أن يرى "براهين دامغة" قبل ان يصدق فهو خيار معقول أيضاً، بل هو الخيار الأكثر معقولية.

لكن معظم الناس حسمت موقفها بدرجة أو بأخرى مما تقدم من أدلة ومؤشرات. فقال الكاتب السعودي جمال خاشقجي لـ "راديو سوا" في هذه المرة اعتقد أن الشعرة قطعت وسوف تتخذ المملكة إجراءات حاسمة في أكثر من مكان تحصل فيها مواجهة مع إيران كسوريا والبحرين ولبنان، لأن المملكة مقتنعة بأن وجود هذا النظام في المنطقة وتركه يتمدد هو خطير جدا على المصالح الإستراتيجية."
ودعا خاشقجي شيعة الخليج إلى النأي بأنفسهم عن إيران "أنا أتمنى أن الأخوة في منطقة الخليج واعني الشيعة تحديدا، أن ينأوا بأنفسهم عن هذا التوجه أو التصعيد الإيراني وهم أبناء الوطن ولا يعنيهم ما تقدم عليه إيران. (8)
وعن الهدف من المؤامرة قال خاشقجي: "هو سفير مهم جدا مقرب من خادم الحرمين الشريفين وجرأة إيرانية لو قبلنا بها في المملكة يعني أن الإيرانيين سيتجرأون على من هو أهم من عادل الجبير، والجبير بحد ذاته شخصية مهمة. وأتوقع رد سعودي قوي جدا تجاه إيران". واعتبر أن استهداف السفير عادل الجبير يأتي باعتباره دبلوماسياً مهماً جداً يعرف واشنطن بشكل جيد وعلاقاته ممتازة مع الإدارة الأمريكية، وبالتالي هو هدف مهم جداً للإيرانيين.(9) وأضاف: "لم يكن الهدف من العملية المزمعة دافعاً انتقامياً، ولو كان الأمر كذلك لقاموا باغتيال دبلوماسي سعودي في كراتشي، ولكن الإيرانيين اختاروا مكاناً صعباً جداً، مما يعني أنهم كانوا يستهدفون شخص الجبير لأهميته".

بغض النظر عن ما تثيره السيدة كلنتون من مشاعر وهي تتحدث غاضبة على "إنتهاك المعايير الدولية"، فأن القصة لا تبدو بهذا الوضوح والمصداقية للجميع ولأسباب كثيرة. أولاً لأنها مفيدة جداً لسياسة صاحب القصة، الإدارة الأمريكية، وثانياً لأن هذا "الصاحب" ، هو أيضاً أكثر أصحاب السوابق بلا منازع في الكذب واستعماله لتبرير الحروب، إضافة إلى ثغرات كثيرة في الرواية نفسها. فهي تبدو كما وصفها قارئ أمريكي لإحدى المقالات عن الموضوع "أن القصة تبدو كما قال مدير مكتب التحقيقات الفدرالي مرة: كأنها صفحات من سيناريو فلم هوليوودي".
لا بأس بأنتظار "البراهين الدامغة" لكني أراهن أنها لن تكون أفضل من براهين كولن باول "ألدامغة" على امتلاك صدام حسين اسلحة الدمار الشامل في كلمته في الأمم المتحدة، وهو يحمل قنينة "أنثراكس" ويقدم صوراً لمربعات ودوائر سوداء يفترض بالعالم ان يصدق انها مصانع كيمياوية متنقلة، وهو ما أعلن خجله منه وأسفه عليه لاحقاً، وقال أنه "لطخة أبدية في سجله".(10)

قصة المؤامرة صعبة الهضم، ليس فقط لأن ليس لإيران سجل اغتيالات للدبلوماسيين، على العكس من سجل متهميها الحافل به، وإنما أيضاً لأنه لا يمكن تخيل سيناريو ما يمكن أن ينفع فيه مثل هذا العمل إيران، خاصة في وضعها الحالي، الذي يفترض بها أن تتجنب أية إثارة، على الأقل حتى تحصل على سلاحها النووي، كما يتهمها الغرب به. ثم ما أهمية قتل سفير سعودي شاب لإيران؟ إنها مغامرة كبيرة لو صحت واكتشفت قد تكلف إيران رأسها، فما الذي يمكن أن تجنيه إيران من قتل هذا الرجل، ليبرر ركوبها مثل هذه المجازفة؟
السفير كما قيل كان مستشاراً للملك عبد الله، وأنه قاد حملة دفاع عن بلاده بعد 11 سبتمبر. فأما قصة سبتمبر، فلا بد أن إيران كانت سعيدة بدفاع السعودية عن نفسها فيها، وأما عن المستشار، فما هي أهمية قتل مستشار سابق للملك؟ بل ما أهمية قتل مستشار حالي للملك؟ هل سيضيع الملك بعد ذلك لخسارته الإستشارة ولن يعرف كيف يحارب إيران؟ (11).
إن عبارات خاشقجي أعلاه عن أهمية الجبير وخطورته تبدو وكأنها محضرة مسبقاً لسد بعض ثغرات هذه القصة المشبوهة، والإجابة عن أسئلة محرجة يعلمون أنها ستطرح.

من جانب آخر تثير شخصية "منصور اربابسيار" الذي يعمل بتجارة السيارات المستعملة ويعاني من ضوائق مالية وحياتية، الكثير من الشكوك الإضافية. فأنظمة الأمن الغربية كثرما تستغل أمثال هؤلاء لأجندتها وبشكل غير سليم في كثير من الأحيان، كما علمتنا المراقبة لأحداث "الإرهاب" في هولندا، وربما كتبنا عنها مستقبلاً، وهناك مادة كثيرة متوفرة عن الموضوع في دول مختلفة. السؤال الذي يخطر في البال، كيف يمكن أن تعتمد حكومة إيران على شخص متقلب وغير مستقر، لتنفيذ عملية خطيرة مثل هذه؟ كيف تترك لمفلس، التصرف بمليون ونصف مليون دولار؟ (12).
ربما يقول المرء: أنها تمثيلية لكي لا يلفت المتهم نظر السلطات. لكن هذه النظرية لا تصمد أمام الوقائع، فـ "منصور" لفت بالفعل نظر السلطات الأمريكية واحتك بها اكثر من مرة ، لمشاكله العائلية وقيادته السيارة بدون رخصة وغيرها.



لا يبقى لتبرير مثل هذه المؤامرة المزعومة إلا افتراض أن إيران "مجنونة" ولا تسير وفق المنطق...وهو ما يذكرني بأجوبة المدافعين عن أميركا، عندما يحرجون في سبب إقبال "القاعدة" على القيام بعمليات تخدم اميركا ولا تؤذيها، وفي الأوقات المناسبة لتلك الأجندة. يقولون "إنهم مجانين" "إنهم خارج المنطق". هذا هو التبرير الذي يعطيه دائماً كل من يعجز عن تبرير الربط بين جهة والتهمة المتهمة بها، ولن نأخذها بنظر الإعتبار.
لكن هذا الإتجاه يجد من يتخذه هنا ايضاً، مثل المدافع المتحمس عن مشاريع الحروب دائماً، كين بولاك، الذي لا يجد سوى أن يذكرنا بأن "إيران ليست دولة طبيعية بأي مدى يمكن للخيال أن يصله". وما يفهم حقيقة من هذا أن بولاك يقول  " أن قصة المؤامرة غير معقولة، ولذا لا أجد للدفاع عنها سوى هو افتراض أن من قام بها، غير معقول أيضاً!" (13)

لامعقولية قصة المؤامرة أثارت عدداً كبيراً من الكتاب في أميركا نفسها، وبقية العالم، وإلى درجة الغضب.
كتب الكاتب جستين رايموندو مقالة قيمة بعنوان: "قصة مؤامرة إيران الإرهابية، مزيفة مزيفة مزيفة!" (14) وقال أن القصة "ليست حتى كذبة جيدة". ويرى رايموندو أن ما نشر في نيويورك تايمز  (15) بأنه "خلال كل العملية كانت مصادر الحكومة السرية تقاد من قبل قوات إتحادية"، كما بين النائب العام في الولايات المتحدة للجزء الجنوبي "بريت بهارارا" وأنه "لذلك فلم يتم وضع أية متفجرات في أي مكان ، ولم يتعرض أحد للخطر"، اعتبر أن هذا يدل على أن القصة كلها ملفقة من البداية إلى النهاية، وانها ليست سوى واحدة من "القصص المختلقة الكثيرة (16) عن "الإنتصارات" الوهمية (17) التي حققتها قوات فرض القانون الأمريكية، حيث ترتب الشرطة الإتحادية شخصاً ما (18) ، وتفبرك "جريمة" من لاشيء، ثم تقوم بحل (19) مشكلة قصة لم تحدث أساساً (20)، وهذا هو الشكل النموذجي للعمليات "المضادة للإرهاب" في الولايات المتحدة منذ بدايتها."
ويشير رايموندو أيضاً إلى غرابة "الصدفة" في ان لا يجد "الإرهابيين" الإيرانيين من مهربي المخدرات إلا عميل لإدارة مكافحة المخدرات (DEA)! واعتبر مصداقية القصة قريبة من الصفر..
وتساءل رايموندو قائلاً: "لنفرض أن الإيرانيين أرادوا أن يقتلوا السفير السعودي، وعلى الأراضي الأمريكية، فلماذا يعطوا المهمة إلى المافيا المكسيكية، ويرسلوا لها كل الحوالات المالية التي لا يصعب كشفها ومتابعتها (من قبل الإدارة الأمريكية)؟ أليس من الأفضل لهم ان يرسلوا متطرفاً يقوم بها ليس مجاناً فقط، وإنما يفجر نفسه (ويزيل الأدلة).!
ويسخر رايموند من عدم عناية الحكومة الأمريكية حتى بقواعد الروايات الخيالية (21) في قصتها. القواعد التي تقول أن عليك أن تخلق شخصية تقوم بأفعال قابلة للتصديق، ويبدو انها كانت تأمل ان الشعب الأمريكي منشغل بالصمود والبقاء على قيد الحياة (22)  هذه الأيام، ولن يطرح الكثير من الأسئلة.
أخيراً يرى رايموندو ان القصة مخيفة جداً، ليس لأنها حقيقية، بل لأنها تعني أن اميركا مصممة على خوض الحرب مع إيران مهما كانت النتائج.

ويكتب "كلين كرينوالد"، ساخراً وغاضباً في الوقت ذاته:"الصعوبة الكبرى في الكتابة عن "المؤامرة الإيرانية" التي تم الكشف عنها أمس، هو أن تقنع نفسك بأخذها على محمل الجد لكي تقوم بتحليلها". (23)
"هل يستطيع أحد على سطح هذا الكوكب أن لا يذهل وهو يستمع إلى هؤلاء المسؤولين الأمريكان المدمنين على القتل من الجو، وهم يستنكرون بوجه بارد، العملية "غير القانونية" بدخول أراضي دولة أخرى للقيام بعملية اغتيال؟"
ثم يشير إلى مفارقات أخرى، "المثير للإستهجان هنا إدخال البعض موضوع "الحرب على الإرهاب". فـ "عدونا الكريه" هنا، إيران، بلد لا علاقة له بأي شكل من الأشكال بـ 11 سبتمبر. بينما "حليفنا العزيز"، الضحية التي غضبنا من اجلها أشد الغضب، السعودية العربية، ليست فقط أكثر الدول دكتاتورية وعدوانية، وإنما كان منها 15 من الـ 19 الذين قاموا بعملية 11 سبتمبر، ولهم علاقة واسعة وغير معروفة بدقة، بالهجوم الذي حدث على الأرض الأمريكية."
ويسخر الكاتب أيضاً من الإحتجاج على "وحشية الإرهابيين الإيرانيين" الذين حسب الرواية الأمريكية قالوا للقاتل المأجور المفترض: نفضل أن لا يقتل أحد غير السفير، لكن إن لم يكن من بد، فليس هناك مشكلة. ويبين النفاق في منطق الساسة الأمريكان، مبتكروا عبارة "أضرار جانبية" (collateral damage) التي برروا بها قتل الآلاف من الأبرياء أثناء مطاردتهم واغتيالهم لأهدافهم، في بغداد وليبيا (وأفغانستان) وكدسوا جثث الأبرياء بشكل منهجي. "لا يفترض أن يذهب المرء إلى عاصمة دولة الآخرين لينسف أحداً"!! يقول توم كين الرئيس السابق للجنة 11 سبتمبر. (24) وأخيراً يتساءل الكاتب: "لا أفهم لماذا يصحو الإيرانيين من نومهم ليقرروا قتل دبلوماسي سعودي على الأرض الأمريكيية بينما يستطيعون أن يفعلوا ذلك بسهولة أكبر في اي مكان آخر؟".

هذه الأسئلة المنطقية التي لا تستطيع الرواية الأمريكية الإجابة عنها، وكذلك طبيعة النظام الإيراني، جعلت الخبراء في القضايا الإيرانية يضعون علامات الإستفهام ويؤكدون عدم منطقية العملية (25) بالنسبة لسياسيي إيران المعروفين بحذرهم، وعدم تلاؤمها مع "شخصية الدولة الإيرانية" (26) . و تكتب مجلة كريستيان ساينس مونيتور "أن الخبراء في الشؤون الإيرانية ... يقولون ان القصة غير متلائمة" (27) بينما تؤكد مقالة نشرتها رويترز على الثغرات في الادلة والمعلومات لدى أميركا.(28) كذلك عبر خبراء وصحفيون عرب عن عدم تصديقهم الرواية (29).
ولكن رغم ذلك فلا غرابة أن يتصدر نائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن" الذي يفخر بصهيونيته والذي طالما جاء لبغداد كلما أراد تسليط الضغط لمشاريعه الصهيونية التقسيمية للبلاد أو لإبقاء جيوشه فيها، قائمة المطبلين والمهددين والمؤكدين على وجود الأدلة القاطعة على الجريمة وضلوع قادة إيران بها (30)

تذكّرني هذه الرواية وهذه "الإعترافات" بقصص جرائم إرهابية في العراق تحتوي أيضاً ثغرات كبيرة كتبت عن بعضها  وكان فيها أيضاً "معترفين" بارتكاب الجريمة، ولم أجد تفسيراً لها خير من ان هؤلاء المجرمين المعترفين قد تم ابتزازهم ثم طمأنتهم بأنهم إن قدموا الإعترافات المطلوبة، فسوف يتم إنقاذهم من حبل المشنقة وتسفيرهم إلى مكان آخر، وربما تقديم أشخاص آخرين للإعدام مكانهم دون أن يعلم أحد بشيء، خاصة وأن تلك الأحداث تجري في اماكن للأمريكان فيها سلطة أما تامة أو كبيرة جداً على الملف الأمني ومن يرأسه (أميركا والعراق) فهل "منصور اربابسيار" واحد من هؤلاء، وأن الجهة المنظمة للقصص والإعترافات هي واحدة؟(31)

الآن ستدور وفود السيدة كلنتون في العالم، تطالب بتعاونه على أساس هذه الكذبة، معتمدة على أنه من الصعب على الدول والمسؤولين أن يقولوا لها بصراحة أننا لا نصدق قصتك، كما أنه من الصعب تبرير رفض التعاون بدون هذا الرد. وحتى حكومة المملكة العربية السعودية لن تصدق كلمة واحدة من ذلك، (وربما كان تعبير ممثلة السفارة السعودية في واشنطن يمثل ذلك)، كما أنها قد لا تريد التورط في مثل هذا الموضوع الخطير، ولذلك فيجب ان تشغل أميركا وإسرائيل، اقلامها من امثال جمال خاشقجي لتسليط الضغط على المترددين في تلك الحكومة، وإجبارها على ان تتورط أبعد مما تريد.

لم تكن هذه القصص الخطيرة ستأتي إلى الحياة، لو ان الذين لم يصدقوا قصة 11 سبتمبر كانوا أقوياء وصريحين في رفضها، وكان لهم من الشجاعة والإصرار بما يكفي لإجبار الإدارة الأمريكية الجديدة - القديمة على التحقيق بها، وكشف حقائقها. لكن من يقف وراء 11 سبتمبر، تلك القصة المليئة بالثغرات الفاضحة، والتي لا تزيد في مصداقيتها عن مصداقية هذه الرواية الرخيصة، ما زال مسيطرا في أميركا، واكتشف أنه يستطيع إنقاذ نفسه حتى في حالة انكشاف كذبة بذلك الحجم، وأن العالم متساهل مع كذابيه، حتى أؤلئك الذين تهدد أكاذيبهم أمن العالم كله.
تساهلنا هذا حطم عملياً القانون الدولي وأسس التعايش السلمي العالمي ، وألغى الدروس التي استخلصتها البشرية من الحروب العالمية المدمرة التي دفعت الأجيال ثمنها من دمائها ودموعها غالياً. لقد جعل هذا التساهل المؤسسات التي أرادتها البشرية درعاً لها من مثل تلك الكوارث، كيانات إعلامية وهمية يرأسها مرتشون وتطير من أول كذبة يقدمها تجار الحروب للعالم، ويجبرونه على ابتلاعها، حتى حين يعلم أن فيها السم لحياته. لقد شعروا أن "الحرب على بُعد كذبة"، فكلما أرادوها قدموا أكذوبة صغيرة للعالم، كما فعلوا مع العراق وسوريا ولبنان وهاهي يقدمونها لإيران.

لقد صرخت منظمات الصهيونية في كل مكان مهلله بكل صراحة بالكارثة الموشكة على منطقتنا والعالم، ورددت الصرخة أبواقها المطيعة مثل جو بايدن وأوباما وغيرهما، وردد صداه الذيول العربية مثل جمال خاشقجي، داعياً إلى الإبتعاد عن إيران وتركها وحيدة أمام هذه المؤامرة عليها، ليبدأوا بها وليمتهم التي لن تقف عندها. وما أشبه صوت خاشقجي بصوت الضباع التي تدعو الثورين للتخلي عن الثور الأبيض وأنها لا علاقة لها به، وأنه سيتم افتراسه وحده دون أذيتها.

هذه هي النماذج الخطرة التي يدعو البعض ممن باعوا ضمائرهم إلى إبقاء قواتها في العراق، تحت غطاء الحماية الكاذبة أو محاربة الإرهاب أو تدريب الجيش، وأجندة أميركا تطلب ضعف العراق وجيشه وتصنع الإرهاب. هذه المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية جاءت لتصفع وجوه "المتفائلين" بأميركا وتغيرها، فمن الواضح أن شيئاً لم يتغير فيها، وأن أجندة بوش وريكان وكيسنجر باقية، وأن المستقبل لن يكون خير من الماضي وأن الحروب قادمة ومستمرة حتى يتم خضوع كل انسان في المنطقة والعالم إلى الإرادة الأمبراطورية بقوة السلاح- أو أن يشعروا بأن هذا الهدف مكلف وغير ممكن، وهو ما على شعوب المنطقة أن تقنعهم به.

لقد دعى خاشقجي شيعة المنطقة إلى الإبتعاد عن إيران والتخلي عنها استعداداً لإفتراسها لوحدها، وها أنا أدعو شيعة المنطقة وسنتها بلا استثناء للوقوف بشجاعة وشرف بوجه هذا الكذب الخطير النوايا بغض النظر عن الموقف من إيران، وإلإنظمام بقوة إلى مثقفي العالم الذين استنكروا هذا الإستخفاف بعقولهم وبسلام عالمهم، وإلا سوف يأتي دورنا ويأتي يوم لا نجد فيه من يردع معنا هذه الوحوش عن المنطقة ويوقفها عند حدها، فنقول بحسرة: أُكلنا يوم أُكل الثور الإيراني!

(1) http://msnbcmedia.msn.com/i/MSNBC/Sections/NEWS/A_U.S.%20news/Security/IranPlotComplaint.pdf
(2) http://www.alalam.ir/news/756474
(3) http://www.jpost.com/JewishWorld/JewishNews/Article.aspx?id=241460
(4) http://forum.rtarabic.com/showthread.php?t=126515
(5) http://www.alalam.ir/news/756814
(6) http://www.alalam.ir/news/756394
(7) http://www.presstv.ir/detail/204337.html
(8) http://www.radiosawa.com/arabic_news.aspx?id=8067006&cid=1
(9) http://www.alarabiya.net/articles/2011/10/11/171347.html
(10) http://www.nytimes.com/2005/09/09/politics/09powell.html
(11) http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDetails.aspx?Id=144184&YearQuarter=20114
(12) http://www.washingtonpost.com/world/national-security/suspect-in-alleged-iranian-terrorism-plot-had-key-connections/2011/10/11/gIQAV6rfdL_story.html
(13) http://www.thedailybeast.com/articles/2011/10/11/iran-s-covert-war-against-the-united-states-shows-tehran-has-no-fear-of-us-military-retaliation.html
(14) http://www.informationclearinghouse.info/article29373.htm
(15) http://www.nytimes.com/2011/10/12/us/us-accuses-iranians-of-plotting-to-kill-saudi-envoy.html
(16) Fear Factory - Fake Terror - Rolling Stone
(17) http://motherjones.com/special-reports/2011/08/fbi-terrorist-informants
(18) http://motherjones.com/special-reports/2011/08/fbi-terrorist-informants
(19) http://harpers.org/archive/2011/08/0083545
(20) http://tpmmuckraker.talkingpointsmemo.com/2011/10/the_five_most_bizarre_terror_plots_hatched_under_the_fbis_watch.php
(21)  http://fictionwriting.about.com/od/crafttechnique/tp/createcharacter.htm
(22) http://gothamist.com/2011/10/10/household_incomes_keep_falling_rece.php
(23) http://www.informationclearinghouse.info/article29388.htm
(24) http://tpmmuckraker.talkingpointsmemo.com/2010/04/gen_mcchrystal_weve_shot_an_amazing_number_of_peop.php
(25) http://www.washingtonpost.com/world/national-security/alleged-plot-is-uncharacteristically-bold/2011/10/11/gIQA7vzpdL_story.html?hpid=z1
(26) http://www.theatlantic.com/international/archive/2011/10/would-iran-really-want-to-blow-up-the-saudi-ambassador-to-the-us/246505/
(27) http://www.csmonitor.com/World/Middle-East/2011/1012/Why-Iran-assassination-plot-doesn-t-add-up-for-Iran-experts
(28) http://www.reuters.com/article/2011/10/12/us-usa-iran-plot-idUSTRE79B7VO20111012
(29) http://www.reuters.com/article/2011/10/12/us-iran-saudi-arabs-idUSTRE79B57H20111012
(30) http://thehill.com/video/administration/186951-biden-iran-plot-an-outrageous-act
(31) http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=8056