الأصغر سنًّا بين أترابه رئيسًا لليسوعيّين في الشرق... الأب داني يونس: كلما خاف

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يناير 11, 2017, 12:43:53 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

  الأصغر سنًّا بين أترابه رئيسًا لليسوعيّين في الشرق... الأب داني يونس: كلما خاف المسيحيون خسروا أكثر   

 
      
برطلي . نت / متابعة
النهار /هالة حمصي
11 كانون الثاني 2017

انه رئيس كل اليسوعيين في اقليم الشرق الأدنى والمغرب العربي، الكاهن الأصغر سنّا بين أترابه الذين نذروا نذورهم الاحتفالية في الاقليم... "علامة" أرادتها الرئاسة العامة للرهبنة اليسوعية عن قصد عبر تعيينه. "الله ينتظر منا الكثير"، يقول رئيس الاقليم الأب داني يونس لـ"النهار". في منطقة غارقة في الدماء والمعاناة، يؤمن اليسوعيون بـ"التدبير الالهي"، بأن "الرب يطلب منا رسالة"، بـ"رفض منطق الخوف الذي يوصل الى العنف او الغاء الآخر".
في الإقليم، "شعور مشترك يجمع بين 130 يسوعي"، وينسحب على كل اليسوعيين في مختلف أرجاء العالم، على ما "اكتشف" يونس أخيراً في المجمع العام للرهبنة. انه شعور "بأن الرّب اعطانا الكثير، وينتظر منا الكثير". شهادة كشهادة الأب فرانس فاندرلوخت الهولندي الذي استشهد في حمص عام 2014 يَقرأ فيها "أكثر من مجرد حدث مؤلم، أو فخراً بأخ لنا بذل نفسه بهذه الطريقة. انها ايضاً رسالة. الرب يطلب منا رسالة".

"تدبير الهي"
الرسالة الربانية يترصدها الآباء اليسوعيون عن كثب، يستشعرونها. في رسالة وجهها يونس الى الرهبان، شدّد على وجوب "عدم الخضوع للتيارات الداعية الى الحرب والتفرقة، وأيضاً للهوية القاتلة وفقاً لتعبير الكاتب أمين معلوف، وعدم الرضوخ لهذه التأثيرات، لأن أسهل شيء في الحرب هو أن ننغلق على بعضنا البعض ونشكّل جبهة".
مرّ أكثر من عامين على استشهاد الأب فرانس، ولا يزال يُلهم الكثير. "قوّته تكمن في انه اعطى نفسه في قلب الخطر، كأن الآخر ليس عدواً". الفكرة اذًا جلية: "رفض منطق الخوف الذي يوصل الى العنف او إلغاء الآخر". لقاء الآخر، أياً يكن، بالمحبة والعمل الإنساني واليد الممدودة ... وكأن ما آلت اليه الظروف هنا وهناك من مبادرات وخطوات يسوعية لم تكن مجرد مصادفة.

"إغاثة اللاجىء، اياً يكن"
في عام 2010، كلّفت الرئاسة العامة للرهبنة، الإقليم بإنشاء مكتب للهيئة اليسوعية لإغاثة اللاجئين. الإنطلاقة كانت مع العراقيين. "وعندما بدأت الأزمة في سوريا عام 2011، كنا على الأرض. هذا الأمر تدبير إلهي، لانه كنا وجدنا أنفسنا عاجزين عن القيام بأي شيء، لو لم نجهز أنفسنا يومذاك"، يقول يونس.
العام 1980، تأسست الهيئة. وتشمل خدمتها حالياً نحو 600 ألف شخص في أكثر من 55 بلداً، لا سيما في الأميركيتين وأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا. ووفقاً للأرقام، يتركز نحو 200 الف (33,3%) من المستفيدين في اقليم الشرق الأدنى والمغرب العربي، وتحديداً في 5 بلدان، هي سوريا والعراق وتركيا والأردن ولبنان (المقر الرئيسي للهيئة).
الأزمة الإنسانية في المنطقة ضخمة. والرهبنة تحمّلت من البداية المسؤولية "بلا تخطيط". "حصلت ضغوط كبيرة لإغاثة المسيحيين أولاً. لكن كان رفض شامل من الجميع في الرهبنة لهذه الفكرة. ما نؤمن به هو إغاثة اللاجىء، أياً يكن"، يؤكد يونس.

"صدقية موضع شك"
تحد آخر كبير: "عدد الآباء اليسوعيين يقل في الإقليم، في وقت تزداد رقعته". الاقليم يشمل 8 بلدان: تركيا، سوريا، لبنان، الأردن، الأراضي المقدّسة، مصر، الجزائر، والمغرب. "وقد ينضم اليه العراق قريباً". العدد الحالي للآباء في الاقليم يصل الى 130، في مقابل 220 عندما كان يضم 3 بلدان فقط. ويتدارك يونس: "ربنا يساعدنا".
يُقال ان اليسوعيين يخططون كثيراً. "صح. نجلس لنخطط ونفكر كثيراً. لكن ما يحصل لاحقاً يختلف عما خططنا له. ونكتشف أن التخطيط تجهيز داخلي. ولا نطبق الخطة، لأنها لا تطبق. ولأننا وضعناها، نكون أصبحنا جاهزين لتركها وراءنا، ونذهب الى شيء آخر جديد. ما يأتي لا نكون توقعناه".
تراجع العدد ليست مسألة محلية فحسب، إنما ايضاً ظاهرة تطال كل الرهبنة. "مجموع الرهبان يبلغ حالياً نحو 16 الفا" يتوزعون على نحو 83 اقليماً، في مقابل "66 الفاً في الستينات من القرن العشرين". والتوقعات أن ينخفض هذا العدد "الى 12 ألفا" في السنوات المقبلة، علماً أن الرهبنة تشهد ارتفاعاً في الدعوات في مناطق معينة، مثل فيتنام وإفريقيا والهند...
عوامل عدة وراء هذا الانخفاض، منها إيجابية و"تتمثل بارتفاع الدعوات في رهبنات وطنية، الى جانب النمو في القيادة العلمانية"، يشرح يونس. ومن المؤثرات السلبية أن "صدقية قيادات روحية باتت موضع شك، لأنها لم تعرف أن تواكب العصر الجديد". يتوقف عند الفرق بين "أبوة الكنيسة التي ينادي بها البابا فرنسيس والأبوية"، ليضيف: "هناك إرادة طيبة ورغبة إيجابية، لكن ليس مؤكداً أن هناك جرأة كافية لترك نظام قديم وراءنا يجعل من قائد طائفة قائداً سياسياً".

الرئيس الاصغر سناً
من "ابوة الكنيسة" وغيرها يستلهم يونس. أن تُعَيِّنه الرئاسة العامة للرهبنة رئيساً للاقليم- وهو الكاهن الاصغر سناً بين أترابه الذين نذروا نذورهم الاحتفالية في الاقليم - علامة فارقة. ما تريده بهذا التعيين هو "أن يضع كل اعضاء الرهبنة أيديهم بأيدي بعضهم، والتعاون معاً. هكذا يعمل اقليمنا. وهناك بالتأكيد نية طيبة ورغبة تعاون"، يقول.
شعوره "إننا ننتقل من ثقافة يضطلع فيها الرئيس بدور أوّلي الى مرحلة أخرى يكون فيها مسهّلا ومعاوناً ومشجعاً. والقيمة تنبعث من الأشخاص حيثما وجدوا، وليس من الرئيس". منذ توليه المسؤولية، يتملكه شعور آخر، "اندهاش عميق"، تجاه تعامل كبار الاقليم معه، "إذ قبلوني ويستقبلونني بترحاب. ولم القَ منهم سوى تشجيع ومساندة".
الهموم باتت من يومياته، هموم الرهبنة والناس، ومواكبة عودة المسيحيين الى أراضيهم التي هجروا منها. العراق وسوريا في البال يومياً. "حلب لم نتركها يوماً. وحضورنا اليوم فيها هو مع الأفقر والأبسط من كل الأديان". على مضض، هُجِّرت الرهبنة من مناطق استعرت فيها المعارك، "لكننا عدنا اليها كلها. ونعد بالعمل بقدر المستطاع. اقتناعنا هو أن البناية تحتاج الى أساسات عميقة كي تثبت. هذا ما نسعى الى تحقيقه مع الناس: الحفر في الأساسات من أجل بناء متين".
في البال أيضاً، الأب باولو دالوليو اليسوعي الذي "لم يرد الينا اي خبر عنه" منذ خطفه في سوريا عام 2013. في الأشهر الأخيرة، سمعت الرهبانية "أخباراً متناقضة عنه". اليوم، "ندرك انه لا يمكن القيام بأي شيء من دون أي اثباتات متينة. الحكومة الإيطالية تتابع الموضوع. ونصلي دائماً من أجله"، يقول يونس.

"كلما خاف المسيحيون..."
بانتخاب الرئيس العام الجديد الأب أرتورو سوسا، كأن الرهبنة تتطلع الى "إجراءات وآليات عملية لتطبيق كلمة الله"، يقول يونس، مع متابعة أولوياتها الرسولية التي كان الرئيس العام الراحل الأب بيتر هانس كولفنباخ حدّدها، إضافة الى أولويات العمل الفكري والبحثي، وتعزيز "البيوت الرومانية" لتنشئة الكهنة.
عين الرهبنة على اقليم الشرق والمغرب، "لأنه يشهد عنفاً كبيراً وخطراً وخوفاً". وبالنسبة الى يونس، "دعم الحضور المسيحي يكون بدعم الحضور الإنجيلي، أي بتشجيع المسيحيين على فتح أبوابهم وعدم الخوف". ويتدارك: "كلما خاف المسيحيون، خسروا أكثر... فلنلق على بعضنا البعض نظرة رحمة. الجميع يحتاج اليها أكثر من أي وقت مضى".

hala.homsi@annahar.com.lb