"منطقة حماية دولية" لأقليات نينوى/ميخائيل بنيامين

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مارس 16, 2016, 07:38:13 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

   "منطقة حماية دولية" لأقليات نينوى
ليس لحمايتهم فقط، بل كمفتاح الحل لأزمة كل المنطقة !!
   



برطلي . نت / بريد الموقع

ميخائيل بنيامين
نائب رئيس
مركز نينوى للبحث والتطوير
ناشط في قضايا الاقليات 


آخر تقرير صدر قبل نهاية العام المنصرم عن جمعية كاثوليكية "مساعدة الكنيسة المتألمة"، مقرها لندن، حذرت من أن المسيحيين يمكن أن يختفوا من العراق في غضون خمس سنوات !! وربما بصيص الامل الضعيف الذي تضمنه التقرير لتغيير النتيجة، كانت عبارة تقول :" إذا لم تتوافر مساعدة طارئة على مستوى دولي ونطاق واسع جداً".
السؤال الصعب : عن أية مساعدة نتحدث ؟ ما نوعها وشكلها ؟؟...
المساعدة الطارئة التي قد تبقي المسيحيين – الاشوريين (من الكلدان السريان الاشوريين) كخصوصية اثنية ودينية، باعتبارهم أحد أقدم الشعوب الاصلية في المنطقة، الى جانب الايزيديين وبقية الاقليات، وخصوصا في نينوى التي تعتبر نموذج للتنوع الاثني، الثقافي والديني لكل العراق؟
مع سيطرة "داعش" على نينوى وسهلها وبقية المناطق في حزيران 2014، تصاعدت المطالبات بإيجاد "منطقة آمنة تحت الحماية الدولية" للأقليات في سهل نينوى كأحد الحلول المنقذة، لكن المؤسف ان المطلب والى اليوم، بقى دعوة اعلامية أكثر من ان يكون مشروعا جادا وخارطة طريق واضحة  من جانب مختلف الاطراف التي دعت لتحقيقه.
في "مركز نينوى للبحث والتطوير" قدمنا في ايلول 2015 رؤية لخارطة الطريق هذه، مستندين الى دراسة نظرية، وأخرى ميدانية قام بها المركز شملت أكثر من (4000) مهجر تم استطلاع آرائهم، أظهروا عدم استعداد غالبيتهم للعودة الى مناطقهم الاصلية دون توفر ضمانات وشكل من أشكال الحماية الدولية، وعلى ضوء الدراستين تم صياغة مشروع للمنطقة الآمنة المقترحة وخطوات تنفيذها، وقد تبنى المقترح عدد كبير من الاحزاب السياسية (خصوصا المسيحية)، لكن على ما يبدوا ان المشروع لم يغادر ادراج مكاتبهم، ولم توضع له اية خطة مناصرة لدفعه الى الأمام من قبل تلك الاحزاب وغيرها من المؤسسات، بينما اقتصرت الجهود على عدد محدد من المنظمات والشخصيات فقط.
نعود اليوم، لنعيد ذات المطلب، ليس لأننا نعتقد بان القناعات قد تغيرت بعد مضي أكثر من عام ونصف العام، سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي الدولي. فما زال هذا الطرح يجابه بحساسية كبيرة، وتثار حوله قائمة طويلة من الاسئلة الصعبة، ليس من غير المقتنعين به وممن يرفضونه جملة وتفصيلا، ويرونه غير واقعي فحسب، بل وحتى ممن يجدونه ضروريا ويطالبون به، نراهم يشككون بإمكانية تحقيق اية خطوة في هذا الطريق الصعب، مما يؤثر في عدم جديتهم بالمطالبة به والاكتفاء بالتصريح للإعلام واستخدامه ذريعة لكسب التعاطف الشعبي، والتباكي ليس الا !!
في الحقيقة، نحن لن نختلف مع الذين يرون ان المطلب مسألة حساسة، صعبة ومعقدة، خصوصا اذا ما بقي الجميع يطرح ويعتقد بأن تنفيذ المطلب هو فقط (لأجل سواد عيون الاقليات) ومن أجل انقاذهم ليس الا !!
واذا استمر الجميع يفكر بأن الحل وتنفيذ المشروع يتحقق فقط ومرتبط بإنزال عدة آلاف من الجنود الدوليين في المنطقة !!
واذا تصورنا إن النتيجة الحتمية للمنطقة المقترحة ان تتحول الى مساحة معزولة عن كل المحيط الجغرافي !! مما سيزيد الحساسية والعداء من الأغلبيات تجاه هذه الاقليات !!
واذا لم نمتلك تصورا واضحا عن شكل الحماية المطلوبة !!
واذا ما ظل الغموض والضبابية يكتنفان رؤيتنا لآليات انشاء هكذا منطقة ؟ وعدد السنوات المفترض ان تستمر؟ وأهميتها العامة لكل نينوى والعراق والمنطقة عموما !!
نعم ، نحن نتفق مع كل هؤلاء، فليس من دولة لها المصلحة لتضع بضع مئات من جنودها على ارض المنطقة؟ ومقابل ماذا ؟ فهل تشكل هذه الاقليات اي رقم في معادلة الكبار !!
وبالنسبة للاقليات نفسها، كيف لها ان تعيش في غيتو؟ والى مدى غير محدد من السنوات ؟؟    
بينما تحيط بها أغلبيات أصبح التعايش في وسطها وكأنها مغامرة معروفة النتائج ؟
فكيف اذا كانت قد تحولت منطقة الاقليات والشعوب الاصلية هذه الى منطقة تتنازع فيها مصالح القوى المتنفذة محليا، أقليميا ودوليا ؟
مع كل ذلك، في رؤيتنا منظور آخر مختلف للموضوع، من ناحية القراءة للواقع على الارض، الهدف، كيفية التنفيذ والنتائج المتوقعة ! ويمكننا تلخيصها بالاتي :

الامس، اليوم وغدا
موطن تاريخي للاقليات .. تتنازعه الاغلبيات
الواقع ان هذه المنطقة ومنذ 2003، أصبحت منطقة تنازع بين (اقليم كوردستان، وقوى ممثلة للحكومة المحلية في الموصل والحكومة الاتحادية في بغداد)، كان هذا سببا كافيا لتنازع السلطات والارادات فيها، وبقائها منطقة صراع يدفع ضريبته في الغالب سكان المنطقة الاصليين من ابناء الاقليات، ومن ثم جميع الاطراف وأخيرا عملية السلام والاستقرار بشكل عام. وكان مفترضا ان يحل النزاع وفق المادة 140 من الدستور العراقي بانتهاء العام 2007، لكن المدة انقضت دون ان تنفذ اية فقرة من هذه المادة، ولم يتغير شيء على الارض يخفف من حدة هذا النزاع، وبقيت المنطقة تعاني ومهملة  تنمويا، بل الامور اخذت تزداد سوءا يوما بعد آخر، الى ان تم حسم الامر بتدخل وسيطرة داعش على جميع هذه المناطق.
يرى أغلب المحللين المهتمين، ان النزاع في المنطقة مرشح للاستمرار لمدة طويلة، حتى بعد طرد داعش، فواضح اصرار السلطات الكوردية من جهة على ضم اغلب هذه المناطق الى الاقليم، في مقابل اصرار القوى الممثلة (للسنة العرب) ويتفق معهم في هذا (الشيعة ايضا) على اعتبارها تاريخيا وجغرافيا مناطق تتبع نينوى، وبينهما تبرز ارادات للأقليات بين مؤيد لهذا ورافض لذاك، فيما يقف وسط هذه الانقسامات من يعلنون بوضوح من ابناء المنطقة الاصليين رفضهم لأي ضم والحاق والمطالبة بان تترك لهم ادارة شؤون مناطقهم.
وما حدث بعد تحرير سنجار في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر الماضي 2015، مثالا واضحا يعكس الواقع في هذه المناطق. فما ان تحررت المنطقة من عصابات التنظيم الارهابي (داعش) حتى بدأت مرحلة أخرى من النزاع  والنقاشات حول مصيرها بين القوى الكوردية والايزيدية ذاتها وبينها وبين الحكومة الاتحادية من ناحية اخرى. ناهيك عن التدخلات الخارجية.
ففيما أكد السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان في تصريح له بعد تحريرها "انه لن يرفع علم فوق مباني القضاء سوى العلم الكوردي"، وانه سيعمل مع الحكومة المركزية لتحويلها الى محافظة تابعة للاقليم، وتحدث عن حدود جديدة "ترسم بالدم". فان ذلك اثار ردود فعل متباينة، بعضها رفضت بوضوح هذه التصريحات، ومنها حديث للمتحدث باسم حركة" عصائب اهل الحق" نعيم العبودي وهو أحد الاجنحة العسكرية للحشد الشعبي : ان فرض واقع او "تمدد من قبل الكرد" على حساب بقية المكونات امر مرفوض من جميع العراقيين, فيما خاطب رئيس الاقليم بإنه "لا يمكن رسم الحدود بالدم وسنجار ستبقى عراقية". 
أما أثيل النجيفي، محافظ نينوى السابق والمقال، في لقاء تلفزيوني مع قناة "دجلة" أجرته معه خلال ديسمبر الماضي، قال: "نسعى الى استفتاء اهالي المحافظة عن تشكيل" اقليم الموصل" بعد تحريرها من "داعش" والصراع او المنافسة ستكون بيننا وبين الكورد عن اقناع الاقليات (المسيحيين وغيرهم) لإختيار اقليم الموصل او اقليم كردستان" ..!!
من هنا، واضح مدى التنازع الموجود بين عدة ارادات في المنطقة، وما خفي قد يكون أعظم، وهذا ما يكشف ان هكذا صراع لا بد وان يمتد طويلا وربما بأشكال مختلفة ويصعب حله، ومن الطبيعي ان يكون مكلفا وذات ضريبة عالية للجميع بشريا وماديا، وبالتالي سيتسبب بافتقاد السلام وحالة اللاستقرار المستمرة في المنطقة، لتصبح بؤرة توتر دائمة، وهل يستبعد ان تمتد تداعيات ذلك أبعد لتشمل العراق وكل المنطقة ؟؟
يقول ناشط مدني خلال ورشة عمل نظمها "برنامج الامم المتحدة الانمائي" في دهوك خلال شهر ديسمبر 2015 وهو يتفق مع الفكرة : "نعم، فحتى اذا ما قبل أحد الاطراف اليوم بأي حل يفرض عليه كأمر واقع، فغدا سيعود للمطالبة بالمنطقة التي تنتزع منه دون ارادته، عندما يرى نفسه قويا ومستعدا". 
الهدف والنتيجة : حماية شريط التنوع حفاظا للتوازن والاستقرار
تمثل منطقة سهل نينوى، ابتداءا من شرق الموصل وصولا الى سنجار في الغرب مع الحدود السورية، وهو شريط يمتد من قضاء الحمدانية مرورا ببعشيقة وتلكيف والشيخان وسنجار وتلعفر "نموذج العراق المصغر"، من ناحية التنوع الحضاري، الاثني، اللغوي والديني الذي تمتاز به، كونها تضم خليط المكونات العراقية الاصلية وغيرها (تحولوا الى أقليات)، وهذا التنوع هو الصورة الحقيقية المعبرة عن خصوصية وهوية المنطقة على مدى قرون، وهو ما حفظ والمفترض ان يحفظ فيها توازنها واستقرارها.
ان بقاء المنطقة عرضة لعمليات الشد والجذب بين أطراف متنازعة، لابد وان يتسبب بإبقائها منطقة غير مستقرة ومتوترة، وهو ما يستتبع ان تستمر لتكون بيئة طاردة بشكل كبير لمكوناتها الاصلية واقلياتها التي تمثل التعددية وبالتالي انهاء التنوع، ومن نتائج ذلك ان يقود بمرور الزمن لخلق بيئات احادية الالوان لتكون في مواجهة مباشرة مع بعضها، والاسوأ ان اللاستقرار والتوتر الدائم سيساهم في توسيع وامتداد دائرة اللون الواحد (الاسود) الممثل لفكر داعش الارهابي لمناطق أبعد ، لأن النتيجة الطبيعية للتوتر وعدم التطور والتنمية في اية منطقة هي زيادة الفقر والبؤس وهو ما يزيد من العنف والتطرف. 
فاذا كان هناك (مثلا) ربع مليون انسان مصاب بهذا المرض (التشدد)، فان الرقم سيتضاعف، وسيكون سببا لطرد ما يعادل عشرة أضعاف من المعتدلين، ومن تداعيات ذلك، تفريغ المنطقة من المعتدلين ليحل محلهم المتطرفين المتشددين، ومن ناحية أخرى ندفع بالملايين (ليس الاقليات فقط) للهجرة الى اماكن أخرى بينها الدول المجاورة (تركيا، اردن ولبنان) والبعيدة كأوربا وأمريكا واستراليا وغيرها... اليس في هذا تداعيات تؤثر في وضع كل المنطقة والعالم ايضا ؟؟
في مؤتمر صحفي لوزير خارجية أميركا جون كيري يوم 4/12/2015 قال : "ان حل أزمة اللاجئين في اوربا يكمن في حل الازمة السورية "، ونحن نضيف : "ان الحل يكمن أيضا في حل ازمة نينوى والعراق وكل الشرق الاوسط" !!
ان حماية هذا النموذج والتنوع الذي فيه، عدا كونه مسؤولية قانونية، تاريخية واخلاقية تتحمله الحكومة الوطنية والولايات المتحدة الأمريكية مع كل المجتمع الدولي، كونه البرهان الابرز لباروميتر الديمقراطية والتغيير المنشود في العراق، فقد يكون مفتاح الحل للصراع الذي قد يغرق كل المنطقة.
الطريق الى منطقة آمنة ومتطورة .. مقاربة مختلفة :
بمجرد المطالبة بتوفير منطقة آمنة (منطقة حماية دولية) للأقليات في سهل نينوى، فأول ما يتبادر الى ذهن الجميع، هي المسائل الحساسة والصعبة التي يحتاجها هكذا قرار وطني ودولي معقد، وهي فعلا تعكس الحقيقة. ولكن وفق رؤيتنا فان الموضوع قابل للتفكير بمقاربة أخرى، ليست سهلة ومتيسرة ولكن منطلقات تحقيقها أقوى، وقد تكون مقبولة لأغلب الاطراف في حال اقتناعهم بأهدافها التي تخدم ليس قضية الاقليات وحدهم  بل كل العراق والمنطقة عموما.
المقاربة ترتكز بشكل اساس، بإيجاد حل للنزاع القائم بين القوى الكبيرة المتنفذة في المنطقة، وابعادها عن التصارع على منطقة الاقليات وفيها، ومن خلال جعلها تلتزم جغرافيا بعدم التدخل في مناطقهم، وكذلك سياسيا واقتصاديا بعدم التدخل في ادارة شؤونهم لمرحلة انتقالية محددة، هذا الحل يفضل ان يكون بتدخل وضمانات دولية، والافضل ان يكون من خلال الامم المتحدة، والاكثر مقبولية وسهولة هو اصدار قرار أممي يقضي بتوسيع مهام بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق - اليونامي (UNAMI) - لتشمل اضافة الى مهامها الحالية، حل النزاع في نينوى وبناء السلام وحفظه وما يستتبع كل هذه المهام.
على هامش حلقة حوارية مخصصة لمناقشة التحديات التي تواجه الاقليات مع الجامعة الامريكية في دهوك، قال لي أحد الاصدقاء الامريكان وهو من الناشطين والمهتمين بقضايا الاقليات "اتفق معك كثيرا على أهمية وجود منطقة آمنة تحت الحماية الدولية للأقليات كأفضل الحلول، لكنني أراه صعب التحقيق، لذلك، علينا ان نفكر في أي من الحلين يمكن تحقيقه: هذا، أم نفرض على الحكومة ان تتحمل مسؤوليتها في موضوع الاقليات ؟؟ ".
قلت له : نعم، أنا أيضا اتفق معك في ان الاول معقد وصعب التحقيق، ولكنني أضم صوتي للغالبية التي فقدت ثقتها بهكذا حكومة وقد فشلت أن تتحمل مسؤوليتها ليس لحماية الاقليات فحسب، بل ولحماية نفسها ومواطنيها جميعا مع اراضيها، ووفق المعطيات الحالية لوضع الدولة وحكومتها (حيث لا دولة ولا حكومة بالمعنى الحقيقي)... من يمكنه ان يتنبأ بمصير الاقليات الى ذلك اليوم الذي تصبح هكذا حكومة مستعدة لتحمل مسؤوليتها ؟؟ إضافة الى صعوبة التفكير بإمكانية التوصل الى حل للمناطق المتنازع عليها وبالذات التي تخصّ الاقليات في المدى المنظور بالاعتماد على المساعي الداخلية والارادات المحلية، في حال وجدت.
وأضفت القول، ثالثا : من المهم أيضا ان يفهم جميع أصحاب المصلحة والمجتمع الدولي شكل وآليات المنطقة الآمنة التي نطالب بها !! لأن مفهوم، آليات وهدف هذه المنطقة ليس بالصورة التي  يتم تصويرها.
في نفس الورشة قال احد الممثلين الايزيديين المؤيدين لضم المنطقة الى كوردستان : عيب علينا وعلى الدولة ان تقبل بحماية من غيرها على مناطق داخل حدودها. فرد عليه مشارك آخر : ولماذا لا تخجل حكومة هذه الدولة من عدم تحمل مسؤوليتها التي تسببت بمقتل وسبي وخطف الآلاف من ابناء الاقليات وغير الاقليات، وتسببت وما زالت، بتهديد وجودهم على هذه الارض ؟ ثم أضاف : أين وكيف ومتى تتوقع ان تكون جاهزة لتحمل هذه المسؤولية ؟؟ ثم أكمل : "حديثي هذا يشمل الجميع، من الحكومة الفيدرالية وكذلك البيشمركة، لأن الجميع تخلى عن حماية هذه المناطق، ومجتمعات الاقليات هي من دفعت أكثر الضرائب".
المقاربة تلخص الفكرة:  منطقة الحماية الدولية = التدخل والمساعدة الدولية لبناء عملية السلام
خارطة الطريق المقترحة
عليه وباختصار، فان خريطة "المنطقة الامنة" المقترحة، ينظر اليها ان تتم بالشكل ووفق المقومات والآليات الآتية :
-   الحل المقترح، يبدأ وجوبا بتحمل العراق والمجتمع الدولي لمسؤوليتهما في انهاء سيطرة داعش وطردها من كل مناطق الاقليات وكل محافظة نينوى.
-   الحل يستوجب تدخل دولي للمساعدة في التوصل لحل النزاع الحالي بين اقليم كوردستان وحكومة المركز على المناطق المتنازع عليها الواقعة بشكل عام في مناطق الاقليات ضمن "الشريط الاخضر" الفاصل بين الاقليم ومركز مدينة الموصل. وابعاد الاقليات ومناطقها عن هكذا صراع.
-   الحل يستوجب اتفاقية بضمانات دولية تلتزم بها حكومتي المركز والاقليم، تقضي بعدم تدخلها الاداري، الامني، السياسي  والاقتصادي واي شكل آخر من التدخل في شؤون ومناطق "الشريط الاخضر".
-   الحل يستوجب وجود قوات دولية بعدد محدود وبتفويض من الامم المتحدة، تتولى مهام الاشراف والمراقبة لعملية السلام وحفظه. ويمكن ان تتوفر لهذه القوات مساندة جوية للحماية، في حالة تعرضها او تعرض عملية السلام او منطقة الاقليات للخطر من خلال قاعدة جوية قريبة سواء داخل العراق او في احدى دول الجوار وحسب الظروف المؤاتية والاتفاقات الدولية.
-   الحل المقترح يكون لـ "مرحلة انتقالية" قد تمتد بين (15 - 10) سنة، يتفق عليها بمساعدة الخبراء الدوليين المختصين بهذه القضايا، هدفها تطبيع الاوضاع بشكل عام لمنح المنطقة وسكانها فرصة بنائها وتطويرها وحماية الوجود في ظروف مهيئة.
-   في نهاية المرحلة الانتقالية يصار لإجراء استفتاء بين سكان المنطقة ليختاروا بإرادتهم الحرة ويقرروا شكل نظام الحكم السياسي والاداري الذي يلائم مناطقهم، خصوصياتهم واحتياجاتهم، وكذلك شكل العلاقة التي تربطهم بالحكومة المركزية او مع اقليم كوردستان أو أية صيغة أخرى وفق الدستور العراقي.
-   خلال المرحلة الانتقالية، يستوجب القيام بجملة اجراءات وتدابير لدعم بناء وتطوير وتنمية المنطقة، وصولا لمرحلة الاستفتاء، يكون من بينها :
•   تأسيس "صندوق للاغاثة والتنمية " من ميزانية الحكومة العراقية ومساهمات الدول المانحة.
•   اعادة المهجرين، بعد تعويضهم عن مختلف الخسائر وتهيئة ظروف عيشهم الكريم.
•   إعادة الاعمار وبناء البنية التحتية المدمرة واقامة المشاريع وتوفير فرص العمل لكل محافظة نينوى وليس للمنطقة المشمولة في "الشريط الاخضر" فقط.
•   ان تشمل عمليات البناء أيضا، بناء وهيكلة المؤسسات الحكومية والادارية باختلاف أنواعها، وتدريب الموظفين والعاملين وتطوير قدراتهم ومهاراتهم المهنية وبناء قدرات وامكانيات المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية.
•   بناء وتدريب ودعم قوات عسكرية من (الجيش والشرطة والامن) من أبناء المنطقة تكون مهمتها حماية الحدود وحفظ الامن والاستقرار لهذه المناطق.
•   تبني برنامج واسع بمساهمة الامم المتحدة والمنظمات الدولية المختصة، يهدف لعملية المصالحة والحوار وبناء السلام والتعايش السلمي بين مختلف المجتمعات والمكونات في كل محافظة نينوى.
•   خلال المرحلة الانتقالية لابد من الاتفاق على اليات معينة لتشكيل مجالس محلية منتخبة يراعى فيها تمثيل كل المكونات تقوم بتشكيل الادارات التنفيذية والقضائية ومختلف الاجهزة التي تتولى مهام ادارة وحكم هذه المناطق.
ملاحظات لا بد منها :
•   مع الحديث عن المطالبة بـ "منطقة الحماية الدولية"، يقحم الكثيرين بديل الحكم الذاتي أو المحافظة وغيرها كحلول ممكنة لضمان حقوق هذه الاقليات، لكن وجهة نظرنا ان أي بديل وأي شكل من أشكال الحكم الذي من الممكن ان يمنح للأقليات، لابد وان تأتي بعد تحقيق "المنطقة الامنة" المقترحة وفق المنظور الذي جرى الحديث عنه، لأنها بمثابة عملية الانعاش لشخص يحتضر، فما جدوى ان تجرب معه عملية ثانوية لعضو من أعضاء جسده بينما لا تنقذ مصيره المحتوم ؟؟ ولأن الحديث عن البدائل الاخرى سيكون كذر الرماد في العيون، ولو تحقق جزء منها بغير الشروط المذكورة، فستأتي مشوهة ومنقوصة وتكرر ذات التجارب التي اصبحت تتكرر لعقود مضت. فالظروف الحالية غير مهيئة قطعا للأقليات لتمارس هكذا حق بحرية، ودون تدخل من الاطراف المتنفذة ومحاولة تسيير الامور بما يحقق مصالحها وليس مصالح هذه الاقليات.
•   واحد من أكثر الاخطاء خطورة، إستمرار المسيحيين بطرح مشكلتهم كقضية مكون ديني مختلف فقط، أكثر من التركيز وتقديمها باعتبارها قضية مكون قومي ايضا، وشعب أصيل، ومجتمع ذات خصوصية وهوية اثنية ولغوية مختلفة، فالكلدان السريان الاشوريين الى جانب الايزيديين من أقدم الشعوب الاصلية في المنطقة ويمتد تاريخهم لأكثر من سبعة آلاف سنة.
لأن الحل الممكن لمشكلة أقلية دينية قد يختلف تماما عن مشكلة شعب من اقدم الشعوب الاصلية، فمن الدوائر الدولية ومن صانعي القرار من يبسط (يسهل) الموضوع، ويرى ممكنا تهجير كل هؤلاء المسيحيين الى اية  دولة اوربية أو غربية طالما كان ممكنا اعادة ادماجهم في مجتمعات هي مسيحية على الاقل، بينما يختلف الموضوع من المنطلق الاخر، لطالما ترتبط حماية وجودهم الاثني والحضاري بالبيئة والاراضي التاريخية التي يسكنونها والتي تعكس الكثير من خصوصيات هويتهم، لغتهم، عاداتهم، وتقاليدهم... الخ. وهذا ما ينطبق على الايزيديين وكل الاقليات ذات الخصوصية الاثنية المختلفة.
•   المؤكد ان هكذا فكرة، تثير حفيظة الآلاف ممن يئسوا من الاوضاع وفقدوا الثقة بأي حل، لذا نراهم يطالبون بالهجرة الجماعية والبعض يسميها بهجرة منظمة، للمسيحيين وأقليات اخرى، وينظرون لهذه الآراء وغيرها من قبيل الخيال وغير الواقعية، وبينهم من يدعو لمعرفة اعداد ممن هم فعلا مستعدين للعودة في حال تحقق المطلب ؟؟ ونحن نتفهم ذلك ونحترم أراءهم كون الاوضاع مأساوية والمحنة كبيرة، بل الواجب ان يؤخذ رأيهم بنفس الجدية بحثا عن حل لوضعهم، طالما هو قرارهم. ولكن مسؤوليتنا تقتضي أيضا احترام الرأي الاخر، رأي اولئك الذين لا زالوا مصرين على البقاء والعودة وأيًّا يكن عددهم.
هل الموضوع صعب ؟ بكل تأكيد . لكن هل من المقبول والمنطق ان نسلم الراية ؟ لا، سيما ونحن نتحدث عن تهديد بإنهاء شعب من الوجود، وجود حضاري يمتد لأكثر من سبعة الاف عام، وليس عن حماية لنوع من الطيور النادرة ؟؟ فهل من بديل يتوافق مع حجم هكذا محنة ؟؟ وأي بديل آخر متوفر ؟؟ فالحديث عن فكرة المواطنة مثلا، هي أرقى ما يكون !! ولكن متى يمكن ان تتحقق ؟؟ هل سيكون لهذه الاقليات وجود في انتظار انجاز هذا المشروع ومتى ؟؟...
•   انشاء منطقة آمنة للأقليات تحت الحماية الدولية، لا ينظر اليها ان تكون بديلا لاستمرار جهود المطالبة بتشريع وتغيير الكثير من القوانين الضامنة لحقوقهم، ولا معالجة السلبيات في ممارسة تلك الحقوق، اداريا، سياسيا، ثقافيا، تربويا وغيرها، ولا ينظر اليها ان تكون على حساب أي برامج تتعلق بعملية المصالحة وبناء الثقة والتعايش بين المكونات في كل محافظة نينوى والعراق، أو البرامج الخاصة بإصلاح المناهج التربوية وتغيير المنظومة الفكرية بشكل عام. لا بل يجب ان يجري تنفيذها وإتمامها بالتوازي مع بعضها البعض. وللاقليات ان تتوافق وتوحد رؤيتها تجاه المطلب وخطوات المطالبة به وتنفيذه.
•   الاوضاع الدولية والاقليمية الاخيرة، وبينها التدخل العسكري التركي في أطراف الموصل، والتحرك الروسي، وبداية تبلور الصراع الاقليمي المتوقع منذ سنوات عدة، والذي من ابرز ملامحه النزاع (الشيعي - السني)، وهو يستقطب محاور دولية ايضا. من الواضح ان نينوى وكما كانت عبر كل تاريخها الموغل بالقدم، ستكون محور الأحداث القادمة في هذه المنطقة، والواضح ايضا ان قضية تحريرها من داعش ليس متوقفا على الحل العسكري واللوجستي أكثر من علاقته بالحل السياسي، الذي يحتاج للتبلور بين مختلف الاطراف الوطنية والاقليمية والدولية، وليس فيما يتعلق بالمحافظة وحدها، وانما لكل القضية العراقية حيث فشلت النخب السياسية منذ 2003 في ارساء نظام حكم ناجح، بل الاعتقاد السائد بان يكون لهذه المدينة المهمة، الدور البارز، ضمن الحديث عن انتهاء اتفاقية سايكس – بيكو واعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة.
من هنا، نحن نرى، من الممكن جدا ان يكون لأقليات نينوى في مناطقهم التاريخية الاستراتيجية، والفاصلة بين اقليم كوردستان والموصل (مركز المحافظة) دورا في هذه المعادلة، وان يشكلوا رقما لا يستهان به، اذا ما أحسنوا ادارة شؤونهم، ووحدوا رؤياهم ومواقفهم تجاه المطالبة بهذا الحل، ورفض أي اجراء آخر لا يعتبرهم الا دمى وادوات في تحقيق اهداف غيرهم من القوى المتنفذة والمتنافسة على مناطقهم، بينما عليهم دائما ان يدفعوا الضريبة وان يكونوا الضحية...   




متي اسو

المقال فيه الكثير من النقاط والرؤى الايجابية ، لكنه يفتقر ( حسب رأي ) الى معالجة "جوهر المشكلة " التي تهدد الوجود المسيحي في مناطقهم التاريخية وفي العراق عموما .
ان سيطرة داعش على سهل نينوى لا يمكن ان يستمر الى الابد ، وقد ظهرت بوادر هزيمته واضحة جليّة ، والمسألة هي مسألة وقت فقط ... لكن مشروع " اجتثاث الوجود المسيحي " سبقت داعش ، بدأت ب " التغيير الديمغرافي " في البلدات المسيحية ، وهذا المشروع الشيطاني سيستمر بعد ان تتهيأ الفرص السانحة مجددا ، وستكون قاسية وسريعة إذا لم نفعل شيئا لحماية مناطقنا .
لا ادري كيف نغفل جوهر المشكلة ونتحدث عن " منطقة آمنة " فقط ... نعم ستكون منطقة آمنة تحفظ " سلامة المسيحي " الى حين ان يسهّل الله امره ويهاجر  !!!!
كيف نطالب المجتمع الدولي بحل مشكلة النزاع بين العرب والاكراد وجعل نزاعاتهم بعيدة عن سهل نينوى ، ونحن ( والأمر بيدنا ) لا نستطيع ان نوّحد صفوفنا ، ولو آنيا (  لن اطلب الكثير )؟؟  لتكون قوتنا في وحدة كلمتنا . كاتب االمقال ، للأسف الشديد ، يقترح عدم التركيزعلى قضية " مكوّن ديني " فقط واعتبارها قضية " مكوّن قومي " أيضا !!!!
الكاتب المحترم يعلم جيدا ، ونحن جميعا أيضا نعلم ، بأن مثل هذا الطرح ليس صحيحا ابدا لأن الاضطهاد " ديني " وليس " قومي " ... وان هذا الطرح في هذا الوقت بالذات سينسف اي مشروع للتضامن المسيحي الذي نحن بأمس الحاجة اليه ... تحت اية عباءة قومية ؟؟؟ اعتقد بأن الكاتب كان واضحا في " غموض تسميته " .
وكما يُقال ، نحن واقفون على حافة سكة حديد والقطار قادم بسرعة جنونية ، وعوض ان ينصحنا احد بالأبتعاد خطوة ، يطلب منا القفز الى الامام خطوة .
فهل نحن بصدد مكاسب حزبية ، ام بصدد الدفاع عن الوجود المسيحي ؟؟؟