سهيل سامي نادر: خلف الاستيلاء على عقارات المسيحيين.. قريبا من "ما بعد داعش"!

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, ديسمبر 09, 2015, 05:29:21 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

سهيل سامي نادر: خلف الاستيلاء على عقارات المسيحيين.. قريبا من "ما بعد داعش"!


أعادتني مقالة سعد سلوم التي نشرت في موقع "واي نيوز" تحت عنوان (15 حقيقة عن الاستيلاء على عقارات المسيحيين في بغداد) إلى مقالتين نشرتا لي في موقعين مختلفين باسم آخر تناولت فيهما ما حدث للمسيحيين منذ عام 2008. أود هنا العودة إليهما في خطة تتكامل مع مقالة سلوم المركزة التي تهتم بذكر الحقائق في موضوع محدد وتوسعة لها.

تشكل عمليات إيذاء المسيحيين وتهجيرهم حكاية  كاملة، اشترك فيها الإرهاب المنظم (القاعدة وداعش)، والمليشيات الشيعية، وأحزاب السلطة وتياراتها ولصوصها، وسياسات كردية غامضة.

أشير في البداية إلى لحظة أظن أنها شكّلت الظهور السياسي الضعيف للمسيحيين والتي سرعان ما جرى تبديدها والتحايل عليها، ألا وهو مشروع تقدمت به بعض الجهات المسيحية لتحويل قضاء سهل نينوى إلى منطقة حكم ذاتي او محافظة مستقلة. كانت عدوى المناطقية قد وصلت إلى بعض السياسيين المسيحيين من أقرانهم المسلمين، مع الفارق أن الأخيرين تطوّق رؤوسهم هالات السلطة والرسالية الإسلامية المحمية بالرشاشات، والأولين فقراء لا يكترثون لأي مجد غير الأمن في وطنهم.

ههنا مربط فرس واحد على أية حال. لقد ذكر مصدر مسيحي لموقع "نقاش" في عام 2008 ما يأتي: (مواقف بعض الأحزاب المسيحية المطالبة بحكم ذاتي في سهل نينوى التابع للموصل ومناطق أخرى في أربيل ودهوك تابعة لإقليم كردستان ربما كانت السبب وراء قتل وتهجير مسيحيي الموصل).

"ربما".. هكذا يتحدث المسيحيون لأنهم يخشون التحديد والتشخيص، فهذا يفتح عليهم غضب قوى محددة ومُشخّصة تمتلك الأسلحة وسوء الأدب.

نفس المصدر اعتبر أن (تلك المطالب تهدد المصالح الكردية في السيطرة على بعض المناطق المتنازع عليها خارج حدود الاقليم).

والآن ماذا حدث بعد قيام بعض السياسيين المسيحين بإبداء القليل من الجرأة؟ لقد خضع مشروع سهل نينوى لمداورة وتأجيل وألعاب. فبعد أن وقعت جريمة التهجير الأول التي سوف أراجعها، قام بعض السياسيين الأكراد ودولة القانون بتأييد ما طلبه ممثلون عن قوى سياسية مسيحية باستحداث محافظة جديدة في منطقة سهل نينوى تضم المسيحيين. جرى هذا منتصف عام 2011، بعد أن باتت مدينة الموصل مضغة في فم القاعدة، وفم جيش المالكي الفاسد. لقد تأخروا سنتين.. وسيتأخرون أكثر.

بعد 3 سنوات أخرى، وعلى وجه التحديد في 21 من كانون الثاني / يناير 2014، أصدر مجلس الوزراء قراراً بتحويل قضاء سهل نينوى إلى محافظة. إذن بعد أن باتت مدينة الموصل بأقضيتها في قبضة داعش منذ العاشر من حزيران 2014 تكرم مجلس الوزراء بتحويل سهل نينوى إلى محافظة. وحسب النائب يونادم كنا في المقابلة التي أجراها معه موقع المونيتور، اتُخذ هذا القرار "على أساس عدد السُكان الذي قُدّر حتى قبل سيطرة داعش عليها بنصف مليون شخص، ولم يكن على أساس ديني أو عنصري، كما أن سهل نينوى يتمتع عند المسيحيين بميزة رمزية خاصة بوصفه جزءاً مما تبقى من نينوى القديمة".

هذا القرار الاعتباري جدا، الذي لم يعد بالإمكان تنفيذه بسبب داعش، ولا توجد قاعدة تحتية جاهزة لتجعل منه ممكنا، لا يُعدم أن يكون هدفه لجم الاندفاع الكردي لمرحلة ما بعد داعش، أي أن المسيحيين يستخدمون فيه كدريئة. هذا ما أرجّحه بعد تغيّر ميزان القوى، والأداء المخزي الخياني للجيش الذي أداره المالكي.

لقد انقلب التسويف إلى موقف ايجابي عندما بات الموضوع يخدم هدفا سياسيا. ما الذي نصدق؟ لا شيء يمكن الركون إليه في الحياة السياسية العراقية التي تتحكم فيها الغرائز الطائفية والمصالح المادية والاعتبارية. كل شيء مثقوب ويخرّ لتظهر بواطنه السوداء. إن أفق ما بعد داعش ظهر من الآن، ولاسيما أن المعركة تجري في ما يعرف بـ(المناطق المتنازع عليها) بين الحكومة وإقليم كردستان. إن لمسة جماعة 2003 تحوّل كل خطأ إلى كارثة، وبركة مياه ضحلة إلى بحيرة طين مهروس.     

ثمة حدث مهم بدأت بعده جرائم القتل والتهجير، فالمسيحيون تظاهروا ضد إلغاء المادة 50 من قانون الانتخابات الذي يمنح الأقليات حق التمثيل النسبي، لكن الرد لم يتأخر على جرأتهم في التظاهر وصياغة مطالبهم هذه المرة، إذ (قتل على الفور 14 مسيحيا في مناطق يسيطر عليها الأكراد، ونزحت مئات العوائل المسيحية من الموصل حيث تسيطر قوات البشمركة الكردية) حسب ما قاله نفس المصدر.

الأمر المثير أن أخبار هذه المجازر والنزوح لم نسمعها من الإدارة الكردية القريبة من الحدث، ولا من الجيش الذي كان ينفذ ما تبقى من عملية أم الربيعين الفاشلة، ولا من حكومة الموصل المحلية التي يديرها تاجر الخيول، بل من الفضائيات العربية التي طالما اتهمت بالانحياز. والحقيقة أن الكرد لم يعلنوا عن الأحداث إلاّ بعد يومين أو ثلاثة، فلماذا تأخروا؟

هناك الكثير من الغموض، ففي تلك الفترة شهدت الموصل توترا بين النواب الأكراد والعرب في مجلس محافظة الموصل. في ما بعد اتهم أسامة النجيفي الأحزاب الكردية بالقيام بهذه العمليات من أجل زعزعة الأمن في المدينة، كما نفى متحدث في وزارة الدفاع العراقية تورط تنظيم القاعدة في الأمر، كأنه يمتلك معلومات مؤكدة. اثنان اتهما القاعدة والجماعات المتطرفة وهما: محافظ المدينة دريد كشمولة ونائبه خسرو كوران، غير أن جورج إسحق قيادي الحركة الديمقراطية الآشورية في الموصل أكد أن الجماعات المتطرفة ما هي إلا أداة بيد أطراف داخلية بعدها مرتبط بالخارج.

ماذا يقصد؟ علينا أن نقرأ ونحن نتلمس طريقنا في أزقة ضيقة مظلمة ملتوية.

توجد في الموصل قوى سياسية واجتماعية في حالة صراع وتداخل، تستعرض قواها عن طريق الاتهامات، وهناك كما يبدو عدة أطراف مستفيدة من الأحداث الإجرامية، وكل طرف يمتلك أجندة سياسية مرتبطة بدولة من دول الجوار، ومعنية بالسلطة والاستمتاع بالمال العام وبيع الضمير، وما زاد الأمر غموضا أن الضحايا المفجوعين مخوفون من أية شجاعة أو جسارة تخرج من جهتهم.

أخبرني عدد من المسيحيين أنهم يعيشون في خوف دائم لأنهم واثقون من أن لا أحد يستجيب لشكاواهم أو ينتبه لمخاوفهم وهواجسهم، وأن السلطات بطيئة ومشغولة وفي حالة دفاع عن النفس على نحو دائم، وتقف إزاء المسيحيين بوصفهم عبئا إضافيا عليها وهي لا ترى فيهم غير قوم مختلفين عنهم في الدين وينتمون الى الغرب!

قال لي أحدهم: لا نستغرب كل هذا من سلطات تطيع قادتها الطائفيين سواء كانوا سنة أو شيعة أو كردا. إن وطنية السلطات في مناطق المسيحيين تتمثل بالشعارات، وجلّ أفرادها لا يؤمنون بها وغير مؤهلين سياسيا وإنسانيا وأخلاقيا لتبنيها في التطبيق. إن توقع إنسانيتها وتفهمها في ظروف الأزمات والصراع يعدّ ترفا.

أكثر من هذا أن رجال الدين نصحوا رعاياهم دائما بالتعقل والانسحاب وإحكام إغلاق أبوابهم ما يضاعف من مخاوفهم. أما قادتهم السياسيون فقد أضاعت الحلبة السياسية في مدينة الموصل صوابهم في حين اضطر من يناضل في البرلمان "البغدادي" إلى الدخول في تحالفات هزيلة تعرضه للابتزاز والإذلال. استمرارا لهذا قال لي أحدهم إنه سأل رجل دين في منطقتهم عن إمكانية أن يتسلح المسيحيون للدفاع عن أنفسهم والرد على الاعتداءات، فطلب منه أن ينسى هذه الفكرة المجنونة ، بل إنه قال له الكلمات المخيفة الآتية: عندها سنعطي حتى للقوى الصديقة الحجة بذبحنا جميعا!

لم يمثل المسيحيون منذ بداية الحكم الوطني 1921 أية قيمة سياسية تذكر. كانوا مندمجين في مجتمع لا يمتلك مواطنوه تقريبا حقوقهم السياسية، ما جعل قضايا حقوق الأقليات ثاوية تحت مجموعة كبيرة من قضايا الحرية السياسية والديمقراطية والتنمية بوجه عام. فيما عدا أقلية صغيرة من المسيحيين الأغنياء الذين عاشوا في المدن، بغداد والموصل والبصرة بوجه خاص، كان المسيحيون من الناحية الاجتماعية جماعة ريفية فقيرة عانت من فقر الريف العراقي واضطرابه الاقتصادي الدائم، وقد وجدت في الهجرة إلى العاصمة ومن ثم إلى الخارج، ولاسيما إلى الولايات المتحدة حلا لفقرها. وبوجه عام لم تطرح قضايا الحقوق والتنظيم المدني والسياسي على المسيحيين إلا بعد نيسان 2003 بعد أن ضعفوا عدديا بسبب الهجرة، واجتماعيا بسبب انقسامهم الطبقي الواضح. من هنا لا يشكل المسيحيون في السياسة العراقية الحالية الغارقة بمشكلات كبيرة وخطرة أهمية خاصة، فلا قوات الاحتلال ولا الحكومة حمتهم من الإرهابيين والمليشيات وجماعات الجريمة المنظمة ما اضطر الكثير من سكان المدن منهم إلى الهجرة إلى دول الجوار على أمل الانتقال النهائي إلى أوربا أو أميركا بمساعدة مفوضيات اللاجئين.           

لنعد إلى الوقائع القديمة: ففي الظاهر تشكلت أزمة سياسية صغيرة من إلغاء المادة رقم 50 من قانون الانتخابات المحلية والمحافظات. لماذا ألغى البرلمان العراقي هذه المادة؟ كل ما سمعته من أسباب حتى الآن (المقصود نهاية عام 2008  وبداية عام 2009) يبدو غامضا ومليئا بالمغالطات الوقحة. الأمر الواضح، والذي أستطيع أن أصدقه، هو حدوث سهو. نعم .. سهو، وسبحان من لا يسهو! لكن ما حصل بعد ذلك يحتاج إلى إمعان النظر. فالمسيحيون تظاهروا دفاعا عن المادة 50، ورفعوا شعارات من أجل إعادتها، وأكدوا أنهم مع الديمقراطية، مع إعطاء الحقوق للجميع ، وعلى الجملة مارسوا حقهم في التظاهر والاحتجاج والتنظيم. فهل أغضب هذا التحرك المنظم من هم سريعو الغضب، أو أغضب أولئك الذين اعتادوا خلط الأوراق لكي يتسللوا وينفذوا مآربهم؟ ربما حصل هذا. بيد أن الاعتداءات على المسيحيين بدأت قبل هذا التاريخ حسب بعض المصادر، وهو ما يجعلنا نشير إلى مسؤولية الحكومة، ومسؤولية السلطات المحلية في الموصل.

لاحظوا أن البرلمان أعاد "الخطأ" و"السهو" بحق المسيحيين في هذا العام 2015، إذ صادق على قانون البطاقة الوطنية في 27 تشرين الأول، وهو قانون لا علاقة له بالطوائف والدين من حيث الوظيفة، لأنه يخدم العراقيين كافة ويوحّد المعاملات التي يحتاجونها ببطاقة واحدة. لكن مجموعة المرضى وأدعياء الديمقراطية في البرلمان وضعوا سمومهم في المادة 26 التي منه أجازت تغيير الفرد لدينه من طرف واحد. فغير المسلم يمكنه أن يصبح مسلما ولا يجوز العكس، كما أن الأولاد يتبعون الطرف المسلم من أبويه قسرا، بمعنى أنه إذا أسلم أحد الأبوين فإن القانون يعدّ الأولاد مسلمين تلقائيا.

هذا القانون المخالف للدستور ينضاف إلى تاريخ سيء من الممارسات الطائفية المعادية للوحدة الوطنية، والاثنان أسهما، مع اللامبالاة الكريهة بمصير المسيحيين، في وصولنا إلى ما نحن عليه الآن من انقسام مجتمعي، وتحتل داعش ثلث أراضينا، ويفتح حدودنا الشرقية عنوة نصف مليون زائر في أكبر عرض قوة بشري يتستر باسم مناسبة دينية.

كنت قد شعرت بمخاوف أصدقائي المسيحيين عندما سألتهم عمن يتهمونه بقتل اكثر من 12 مواطنا، وحرق خمسة من الدور، وتهجير أكثر من الف عائلة مسيحية – بعد الأيام الأولى من التهجير - ولماذا الخوف من تشخيص القتلة؟ قال لي أحدهم: لأن القتلة يتظاهرون بأنهم ليسوا هم! وأضاف: هل فهمت؟

فهمت ولم أفهم. إنني أكره الألغاز مع إدراكي لماذا نلجأ اليها. من كثر الألغاز لم نعد نعرف من هو الصادق والكاذب، من نحن ومن هم، وما معنى هم إزاء نحن. إن العراق مليء بانقسامات تشير إلى من هم هناك ومن هم هنا. أليس غريبا أن شعبنا بات أكثر تلغيزا من قبل؟ كانت الدكتاتورية تجعلنا نتحدث بالرموز، أما الآن فهم يتركونك تتخبط بالتكهنات، وعندما تيأس تشعر أن محدثك المخادع يقول لك بالاشارات أنك غبي لا تفهم. وعندما تلحّ تتأكد أن محدثك يخاف وأنك غبي لأنك لم تخف بعد أو أنك ربما تتظاهر بالغباء من دون أن تدري.

بعد عام 2006 ظهرت نكتة سوداء من صميم الحرب الأهلية القذرة تقول إن أحد الضحايا المختطفين راح يصرخ قبل أن يقتل: ولكنني منكم؟ فرد عليه القتلة: ولكننا منهم!

فهل فهمتم أيها القراء؟

رئيس أساقفة الكلدان في كركوك وصف حملات "التصفية" التي يتعرض لها المسيحيون في العراق بأنها تجري "وفق مخططات اقليمية وداخلية". إنها كلمات تردد ما هو شائع. حتى الحكومة حين لا تريد أن تسمي بوضوح ما يأتينا من بلاوي جيراننا تلجأ إلى كلمات من مثل: مخططات اقليمية أو قوى اقليمية، أما (المخططات الداخلية) فهي تحصيل حاصل. وأوضح الأسقف لويس ساكا "لا أستبعد أن تتم تصفيتنا وفق خطط إقليمية وداخلية لأنها جزء من مشروع الفوضى الذي يراد للعراق الذي تحول وللأسف الى ساحة للتصفيات بحيث الوضع بات معقدا للغاية وشديد التداخل". وحذّر من أن "استمرار الانتهاكات واستهداف المسيحيين في العراق والموصل خاصة ستعبث بالوحدة الوطنية التي نسعى جميعا إلى بنائها لاسيما أن العراق ما يزال تحت الاحتلال". وأضاف "ما نتعرض له من اضطهاد وملاحقة وبطش أهدافه سياسية". وتابع "إن من يستهدفنا يبحث عن مكاسب والهدف هو إما دفع المسيحيين إلى الهجرة أو إجبارنا على التحالف مع جهات لا نريد مشاريعها".

إن كلمات الأسقف الموقر تنفتح على الحقائق السياسية السائدة اليوم، وعلى الشروط التي يصبح فيها الجميع منقسمين بين أن يكونوا حلفاء وبين أن يكونوا أعداء.

في تلك الأيام تقدمت بالسؤال الآتي: "والآن ما الذي يفعله المسيحيون بين فاشيين جدد تعلموا من فاشيين قدامى غير أن يصبروا ويقفلوا أبوابهم بإحكام، أو أن يصمتوا، أو أن يمارسوا الحذر، وأن لا ينغمسوا بأي اهتمام سياسي يعاقبون عليه، أو أن يهاجروا إلى أبعد من سهل الموصل، بل إلى أبعد بكثير؟".

لقد أجبت على هذا السؤال بالآتي: "أنا لا أنصحهم بهذا، لكن من ينصحهم بغيره، كأن ينصحهم بمواصلة النضال الديمقراطي من أجل حقوقهم من دون أن يعدهم بالحماية ولا بالنجدة إنما يريد أن يكرر الهزيمة السابقة القديمة للديمقراطية العراقية التي لم يسمح لرشيمها الصغير بالنمو".

أنا لا أتوقع جوابا قويا في سياق إمكانات بخيلة يقدمها واقع مريض. لكن العدو الجذري لأي طموح مدني ديمقراطي، ولأي استقرار يهيء مناخا للتنمية ونشر التعليم والثقافة، راح ينسف حتى بقاء هذه الخيارات.

في العاشر من حزيران عام 2014  قدّمت داعش جوابا حاسما باحتلال الموصل وفرار جيش المالكي الفاسد، وتحطيم كنائس المسيحيين وأديرتهم ومقابرهم.

الصفحة الثانية من الجواب هو أن الحكومة لم تحدد حتى الآن مجرمي تسليم الموصل دون قتال، وبالعكس، سلمت الرمادي الى داعش.

الصفحة الثالثة من الجواب أن المليشيات وجماعات سياسية نافذة استولت على بيوت المسيحيين في بغداد بالاغتصاب، ولقد وصف طرقهم المتبعة الناشط سعد سلوم الذي بدأنا منه هذا المقال. لكن سعد وصف آليات الاستيلاء ولم يقدم أرقاما، فاسمحوا لي أن أستعين بالنائب يونادم كنا الذي يقدم رقما في لقائه بالمونيتور: "خلال العامين الماضيين جرى الاستيلاء على 50 منزلاً مسيحيّاً في بغداد، وهذا الرقم هو الذي توصّلت إليه بنفسي عبر متابعة شاقّة. أمّا المنازل التي لا أعرف قضيّتها فهي أكثر".

ويرد يونادم أعمال السلب هذه إلى "الجماعات ذات الفكر الشوفيني المتطرّف التي سعت خلال السنوات الماضية إلى إفراغ العراق من المسيحيّين"، "وهي نفسها تسعى الآن، عبر شخصيّات ومسمّيات جديدة، إلى الاستيلاء على منازل المسيحيّين في بغداد". "إنّها عصابات وميليشيّات تستقوي ببعض الأحزاب السياسيّة وتقوم بكسر منازل المسيحيّين الذين لا يوجدون فيها. أمّا إذا كان المنزل مشغولاً، فتخضع العائلة الشاغلة إلى التلاعب في الأوراق الأصوليّة في دائرة التسجيل العقاريّ عبر متنفّذين فيها".

لا توجد إحصاءات لأنه لا توجد دولة، ولا حتى سلطة تعرف واجباتها. نحن لا نعرف الكثير مما حدث في البصرة على سبيل المثال التي قتل فيها رجال الفضيلة أكثر من 100 امرأة، ومن بينهن نساء مسيحيات لأنهن سافرات. أتذكر أن هؤلاء فجّروا عددا من محال بيع الخمور للمسيحيين، وبعضها سُرق محتوياتها لكي يعود السارقون بيعها عملا بآخر توصلات الإسلام السياسي: المال والسلطة!

والآن نعرف بوجود صفحة رابعة للجواب، وهي تبدو جوابا حقا ـ إيجابيا في الظاهر، لكنه ينسف نصائح الأسقف الذي طالب رعاياه بـ "عدم الانجرار والانصياع لقوى الشر والظلام" . فبعد أن خسر المسيحيون كل شيء، دُفعوا دفعا لإثبات وطنيتهم، بتشكيل فصائل مسلحة لتحرير مناطقهم من داعش. لقد جرى ابتزازهم دائما، وهاهم يشكلون فصائلهم المسلحة موزعة حسب القسمة السياسية التي أنتجت نظامنا السياسي الحالي، وبأمرة قادتها: أي بين شيعية الحشد الشعبي، وكردية البيشمركة!

خاص بـ "واي نيوز"

http://ynewsiraq.com/?aa=news&id22=850#.VmhkJbh97IX
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة