مشـــاكســـة/بيـــن حانـــــة ومانـــــة.ضــــاعت لحانــــــا/ مال اللـــــه فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, نوفمبر 12, 2015, 03:53:11 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
  مشـــاكســـة
بيـــن حانـــــة ومانـــــة... ضــــاعت لحانــــــا 


برطلي . نت / بريد الموقع

  مال اللـــــه فـــــرج
Malalah_faraj@yahoo.com

ضربت الفوضى السياسية والبرلمانية والحكومية باعصار تناقضاتها البلاد بشدة وجعلت اركان واسس وهياكل الستراتيجيات والخطط والبرامج المختلفة تهتز ذات اليمين وذات الشمال، وما عدنا ندرك في ظل تشابك المواقف وتضادها وتناقض التصريحات لاسيما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من جهة، وفي ظل الافتراق بين اركان واعمدة السلطة الواحدة من جهة اخرى، لا مواقع اقدامنا ولا مسارات الاحداث واتجاهاتها، في دولة من اغنى بلدان المنطقة التي باتت تضطر للتسول من هذه الدولة او تلك تارة، ومن صندوق النقد الدولي تارة اخرى بعد ان عصفت باركانها اعاصير اعتى موجات الفساد المالي المحمية بمظلات الفساد السياسي، لنصبح ليس مضربا للامثال امام الرأي العام بتسولنا للشفقة والاحسان حسب، وانما لنمسي مثارا للهزء والسخرية، وخصوصا بعد انحدارنا الدراماتيكي من دولة مانحة في زمن الدكتاتورية كانت تقدم الكثير من المساعدات للاشقاء والاصدقاء الى دولة تستجدي القروض والمساعدات في زمن الديمقراطية، لتنفق على حمايات المسؤولين الافذاذ فقط، الذين اوصلونا بتناقضاتهم وبفساد بعضهم وبترفهم الى افاق (الجنة) الحالية التي نعيش في كنفها، (6) مليارات دولار وهو ما يعادل تقريبا ثلاثة ارباع الميزانية السنوية لدولة عربية مجاورة، حيث كان من ثمار (جنة التناقضات السياسية) هذه، موت (58) مواطنا صعقا بالتيار الكهربائي الذي ضربته هو الاخر كما يبدو فايروسات التناقضات السياسية، ففشل في اضاءة بيوتنا لكنه نجح في صعق مواطنينا واغتيالهم بهذه الطريقة البشعة امام اطفالهم واسرهم جراء اهمال المسؤولين المعنيين الذين اهتم بعضهم بالفساد وجني الحصص والنسب المئوية من الصفقات المشبوهة ومن العقود الفاسدة واهمل القيام بواجباته المهنية تجاه البلاد والعباد.
فمنذ ان اشتعل الشارع الشعبي بالتظاهرات الجماهيرية الغاضبة احتجاجا على سوء الخدمات وانعدامها غالبا وفساد المسؤولين والبطالة والفقر والتهجير القسري وغياب الامن والمطالبة بالتغيير ونزاهة القضاء، دافعا رئيس الحكومة الى الاسراع لمحاولة احتواء الغضب الجماهيري العارم ذاك بحزمة الاصلاحات التي بقي معظمها حبرا على ورق بسبب الكثير من التحديات التي واجهها باستثناء اوامر وكتب وتوجيهات تنتظر التطبيق ومشروع هجيني لسلم رواتب غير منصف فجر الحنق والرفض والادانة، تصاعدت في خضم ذلك، الاصوات والتصريحات والبيانات السياسية والبرلمانية الداعمة للاصلاحات من جهة والمبادرة الى منح السيد العبادي التفويضات اللازمة لتنفيذ تلك الاصلاحات ومطالب الجماهير من جهة اخرى والتي كان في مقدمتها كشف ملفات الفساد وضرب بؤره واحالة الفاسدين الى القضاء ومحاسبة المسؤولين عن كارثة سقوط الموصل بايدي الارهابيين القتلة وفتح ابواب المنطقة الخضراء سيئة الصيت امام المتظاهرين، لكن مالذي حدث فعليا؟
مواقف مزدوجة وعمليات تسويف وتمييع، ووقوع الجماهير وقضاياها ومطاليبها العادلة بين فكي كماشة التأييد الشكلي والرفض الفعلي فقد بادر السيد العبادي على سبيل المثال الى فتح احد منافذ المنطقة الخضراء ربما لساعات وصياغة حملة اعلامية حول ذلك (الحدث الاصلاحي التاريخي المجيد)  ليتم غلق منافذها بعد ذلك امام المتظاهرين، ولتجد الاصلاحات تبعا لذلك وبمرور الوقت نفسها في غرفة الانعاش وهي تكاد تلفظ انفاسها الاخيرة وخصوصا بعد ان قرر البرلمان سحب تفويضه من رئيس الوزراء وتمسك السيد المالكي بمنصبه كنائب لرئيس الجمهورية عادا قرار رئيس الحكومة بالغاء مناصب نواب الرئاسات غير دستوري وبالتالي فهو غير معني او ملزم بتنفيذه، في حين أكد مصدر في رئاسة الوزراء، أن نواب رئيس الوزراء ونواب رئيس الجمهورية قد تمت إقالتهم وإيقاف رواتبهم منذ شهر آب الماضي، مشيرا الى أنهم لا يمارسون أي صفة حكومية بعد سحب مكاتبهم وإقالتهم، فيما شدد على أن الإصلاحات مستمرة ولن توقفها محاولات سحب التفويض و(عراقيل الفاسدين)، وان(اي ادعاء خلاف ذلك هو مجاف للواقع)، وبذلك فقد اصبحت البلاد والعباد بين مطرقة اصلاحات السيد العبادي وسندان رفض السيد المالكي، وبين موقف البرلمان وموقف الحكومة المتضادين، والخاسر الوحيد بين هذا وذاك هو الشعب المبتلى بهذه التناقضات ومصالحه ومطالبه، بل وحقوقه المشروعة وفي مقدمتها اجتثاث الفساد الذي القى بالبلاد الى هاوية الافلاس، وبذلك اصبحت احوالنا واوضاعنا كما يقول المثل الشعبي (بين حانة ومانة ضاعت لحانا).
اما قصة هذا المثل اعزاءنا فتتعلق برجل تزوج بامرأتين... إحداهما  كان اسمها (حانة) والثانية كان اسمها (مانة)، وكانت حانة شابة صغيرة لا تتجاوز العشرين بخلاف مانة التي كانت قد تعدت الخمسين والشيب قد لعب برأسها، وكان كلما دخل الى حجرة (حانة) تنظر الى لحيته وتنزع منها كل شعرة بيضاء فيها مبررة ذلك بالقول: (يصعب علي ان أرى الشعر الابيض يغزو هذه اللحية الجميلة فانت ما زلت شابا)، وعندما يذهب الرجل الى حجرة (مانة) كانت تمسك بلحيته هي الأخرى وتنزع منها الشعر الأسود مبررة ذلك بالقول:( يكدرني أن أرى شعرا اسودا في لحيتك  فأنت رجل كبير السن جليل القدر وقور واللحية البيضاء تزيدك وقارا امام الاخرين)، وهكذا اسلم ذلك الرجل المسكين لحيته الى زوجتيه المتناقضتين الى ان نظر صدفة في المرآة يوما ففوجئ بمنظر لحيته التي تكاد شعيراتها القليلة ان تختفي فامسك بها وهزها بعنف وصرخ بعبارته الشهيرة التي ذهبت مثلا مذ ذلك الحين (بين حانة ومانة ضاعت لحانا).
واللبيب من (الحانة والمانة) يفهم .. قبل ان يغرقه العلقم... وعندها لاتنفع الحسرات ولا الندم.